أغسطينوس الأسقف ومعلّم الكنيسة
الإثنين يوليو 02, 2007 6:01 pm
أغسطينوس الأسقف ومعلّم الكنيسة
- (تاجاستا، نوميديا 354 م - هيبون 430 م).
1. لمحة عن حياته
فيلسوف وقديس. أحد أهم آباء الكنيسة ومعلِّميها. ابن لأب وثني ولأم مسيحية، في عام 371 انتقل أوريليوس أغسطينوس إلى قرطاجة لدراسة علم البلاغة. وهناك عاش مع امرأة بصفة غير شرعية لمدة خمس عشرة سنة، وجاءه منها ولد دعاهُ "أديوداتو" أي "عطية الله".
2. أفكاره
عندما كان ابن ثمان عشرة سنة، اكتشف ميولهُ الفلسفية عن طريق قراءته لشيشيرون؛ بعدها بوقت قصير صار مانوياً، وهي ديانة من أصل فارسي انتشرت في شمال افريقيا.
منذ عام 373 عمل مدرّساً للقواعد والبلاغة في تاغاست ثم في قرطاجة. انتقل عام 383 إلى روما حيث كان يأمل بحظ أوفر في عملهِ. في عام 384 ذهب إلى ميلانو حيث نال بفضل مساعدة بعض الأصدقاء المانويين، منصب المدّرس الأول لعلم البلاغة.
كانت هذه الخبرة في ميلانو أحدى أهم خبرات أغسطينوس، حيث التقى بأسقف المدينة أمبروسيوس، و تعلَّم منهُ التفسير المجازي للكتاب المقدس واكتشف كتابات الفلاسفة الأفلاطونيين الجدد، وخاصة أفلوطين. كل هذا أسهم في اهتدائه إلى المسيحية. وهكذا صار أغسطينوس موعوظاً عام 385 ونال سر المعمودية عن يدي أمبروسيوس عام 387.
بتعرُّفهِ على الفلسفة الأفلاطونية الجديدة، فهم أغسطينوس تفوُّق الميتافيزيقية المسيحية، لأنها تفسِّر مشكلة الشر على أنها نقص أو غياب في الكيان، دون أن تعتبره جوهراً قائماً بحدِّ ذاتهِ، كما كان يفعل المانويون.
فالفلسفة إذاً هي معرفة الكيان وهي قادرة على أن توضح منطقياً ما يعتبره الإيمان حقائق مطلقة، هذا يكون بجعل قلب الإنسان ذاتهُ مركز البحث الفلسفي: بحسب أغسطينوس الطريق الذي نسلكه في النفس البشرية لنصل إلى حقيقة الإيمان هو درب الخلاص المسيحي. الدوافع الأساسية لهذا الأسلوب هي الذاكرة والزمن.
يتكلَّم أغسطينوس عن هذه الأمور كخبرة شخصية حميمة في كتابه الشهير الإعترافات (397). يقول بأن الذاكرة التي تحفظ الذكريات الماضية، تحفظ أيضاً الحقائق العلمية الأولى (هذا بحسب الفكرة الأفلاطونية القائلة بأن المعرفة هي تذكُّر)، الإحساسات والإنفعالات (التي اتخذت أشكالها الثابتة عبر الزمن وتجرَّدت من قوتها الإنفعالية الأصلية) فصارت هي ذاتها (الذاكرة) مكان حضور الله في النفس البشرية.
هذا الميل لدى أغسطينوس لجعل البحث أمراً يخص داخل الإنسان بصفة أولى، نراه حاضراً أيضاً في فكرته عن الزمن، الذي لا يعتبره أمراً موضوعياً، بل قائماً فقط في روح الإنسان. الماضي، الحاضر والمستقبل هي أمور تُذكَر في ثلاث مظاهر مختلفة للنفس البشرية ذاتها: حاضر الماضي وهو ذكرى الأمور الماضية؛ حاضر الحاضر، وهو حدس الأمور الحاضرة؛ حاضر المستقبل أي توقُّع الأمور المستقبلية.
3. أغسطينوس الأسقف واللاهوتي
عاد أغسطينوس عام 389 إلى تاغاست وتفرَّغ للدرس والتأمل. في عام 391 سيمَ كاهناً وعام 397 أسقفاً على مدينة هيبون، في زمن اتسم بالفوضى السياسية والمنازعات اللاهوتية: حيث كان البرابرة يهدّدون حدود الإمبراطورية، وكانت الكنيسة مهدّدة بالإنقسام بسبب كثرة البدع.
جاهد أغسطينوس بكل قواه لمحاربة المانوية والدوناطية والبيلاجية، وهذا كان دافعاً له ليصيغَ تعليمه الخاص بالخطيئة الأصلية، بالنعمة الإلهية وبالاختيار المسبق.
لقد حاول أغسطينوس أن يجد حلاً وسطاً بين البيلاجية والمانوية فأكد وجود الخطيئة في الإنسان وضرورة تدخُّل نعمة الله من أجل الخلاص، لكنه لم ينفِ دور إرادة الإنسان الحرَّة في قبول النعمة.
4. أعماله
من أعماله العديدة نذكر أهمها:
- الاعترافات: عبارة عن مذكرات شخصية، لا تخلو من الأفكار الفلسفية. يرسم فيها أغسطينوس الطريق العقلاني الذي يؤول بالإنسان إلى الإعتراف بالحقيقة الحاضرة في أعماق كيانهِ، هذه الحقيقة هي الله ذاته.
- مدينة الله (412 - 426): أحد أهم المؤلفات في تاريخ الفلسفة المسيحية؛ وهوعبارة عن مؤَلَّف دفاعي، يقارن بين الحضارة المسيحية وتلك الوثنية. صاغ أغسطينوس في هذا المؤلَّف نظرتهُ اللاهوتية إلى تطور الحضارة الإنسانية، التي يعتبرها "التحقيق في الزمن لمخطط العناية الإلهية". يضم هذا العمل اثنا وعشرين كتاباً: العشرة الأولى هي نقد لتعدُّد الآلهة، أما ما تبقّى فيبحث في نشوء وتطور الكنيسة (مدينة الله) جماعة الأبرار المُخلَّصين.
- الرسائل: وهي مختلفة التأريخ تغطي الزمن من 386 إلى 429.
- حرية الإرادة (388 ـ 395).
- التعليم المسيحي (397 ـ 426).
- في المعمودية ضد الدوناطيين (401).
- في النعمة ضد بيلاجوس (415).
- في الثالوث (399 ـ 419).
- تفاسير كتابية عديدة وخاصة لكتاب التكوين.
- (تاجاستا، نوميديا 354 م - هيبون 430 م).
1. لمحة عن حياته
فيلسوف وقديس. أحد أهم آباء الكنيسة ومعلِّميها. ابن لأب وثني ولأم مسيحية، في عام 371 انتقل أوريليوس أغسطينوس إلى قرطاجة لدراسة علم البلاغة. وهناك عاش مع امرأة بصفة غير شرعية لمدة خمس عشرة سنة، وجاءه منها ولد دعاهُ "أديوداتو" أي "عطية الله".
2. أفكاره
عندما كان ابن ثمان عشرة سنة، اكتشف ميولهُ الفلسفية عن طريق قراءته لشيشيرون؛ بعدها بوقت قصير صار مانوياً، وهي ديانة من أصل فارسي انتشرت في شمال افريقيا.
منذ عام 373 عمل مدرّساً للقواعد والبلاغة في تاغاست ثم في قرطاجة. انتقل عام 383 إلى روما حيث كان يأمل بحظ أوفر في عملهِ. في عام 384 ذهب إلى ميلانو حيث نال بفضل مساعدة بعض الأصدقاء المانويين، منصب المدّرس الأول لعلم البلاغة.
كانت هذه الخبرة في ميلانو أحدى أهم خبرات أغسطينوس، حيث التقى بأسقف المدينة أمبروسيوس، و تعلَّم منهُ التفسير المجازي للكتاب المقدس واكتشف كتابات الفلاسفة الأفلاطونيين الجدد، وخاصة أفلوطين. كل هذا أسهم في اهتدائه إلى المسيحية. وهكذا صار أغسطينوس موعوظاً عام 385 ونال سر المعمودية عن يدي أمبروسيوس عام 387.
بتعرُّفهِ على الفلسفة الأفلاطونية الجديدة، فهم أغسطينوس تفوُّق الميتافيزيقية المسيحية، لأنها تفسِّر مشكلة الشر على أنها نقص أو غياب في الكيان، دون أن تعتبره جوهراً قائماً بحدِّ ذاتهِ، كما كان يفعل المانويون.
فالفلسفة إذاً هي معرفة الكيان وهي قادرة على أن توضح منطقياً ما يعتبره الإيمان حقائق مطلقة، هذا يكون بجعل قلب الإنسان ذاتهُ مركز البحث الفلسفي: بحسب أغسطينوس الطريق الذي نسلكه في النفس البشرية لنصل إلى حقيقة الإيمان هو درب الخلاص المسيحي. الدوافع الأساسية لهذا الأسلوب هي الذاكرة والزمن.
يتكلَّم أغسطينوس عن هذه الأمور كخبرة شخصية حميمة في كتابه الشهير الإعترافات (397). يقول بأن الذاكرة التي تحفظ الذكريات الماضية، تحفظ أيضاً الحقائق العلمية الأولى (هذا بحسب الفكرة الأفلاطونية القائلة بأن المعرفة هي تذكُّر)، الإحساسات والإنفعالات (التي اتخذت أشكالها الثابتة عبر الزمن وتجرَّدت من قوتها الإنفعالية الأصلية) فصارت هي ذاتها (الذاكرة) مكان حضور الله في النفس البشرية.
هذا الميل لدى أغسطينوس لجعل البحث أمراً يخص داخل الإنسان بصفة أولى، نراه حاضراً أيضاً في فكرته عن الزمن، الذي لا يعتبره أمراً موضوعياً، بل قائماً فقط في روح الإنسان. الماضي، الحاضر والمستقبل هي أمور تُذكَر في ثلاث مظاهر مختلفة للنفس البشرية ذاتها: حاضر الماضي وهو ذكرى الأمور الماضية؛ حاضر الحاضر، وهو حدس الأمور الحاضرة؛ حاضر المستقبل أي توقُّع الأمور المستقبلية.
3. أغسطينوس الأسقف واللاهوتي
عاد أغسطينوس عام 389 إلى تاغاست وتفرَّغ للدرس والتأمل. في عام 391 سيمَ كاهناً وعام 397 أسقفاً على مدينة هيبون، في زمن اتسم بالفوضى السياسية والمنازعات اللاهوتية: حيث كان البرابرة يهدّدون حدود الإمبراطورية، وكانت الكنيسة مهدّدة بالإنقسام بسبب كثرة البدع.
جاهد أغسطينوس بكل قواه لمحاربة المانوية والدوناطية والبيلاجية، وهذا كان دافعاً له ليصيغَ تعليمه الخاص بالخطيئة الأصلية، بالنعمة الإلهية وبالاختيار المسبق.
لقد حاول أغسطينوس أن يجد حلاً وسطاً بين البيلاجية والمانوية فأكد وجود الخطيئة في الإنسان وضرورة تدخُّل نعمة الله من أجل الخلاص، لكنه لم ينفِ دور إرادة الإنسان الحرَّة في قبول النعمة.
4. أعماله
من أعماله العديدة نذكر أهمها:
- الاعترافات: عبارة عن مذكرات شخصية، لا تخلو من الأفكار الفلسفية. يرسم فيها أغسطينوس الطريق العقلاني الذي يؤول بالإنسان إلى الإعتراف بالحقيقة الحاضرة في أعماق كيانهِ، هذه الحقيقة هي الله ذاته.
- مدينة الله (412 - 426): أحد أهم المؤلفات في تاريخ الفلسفة المسيحية؛ وهوعبارة عن مؤَلَّف دفاعي، يقارن بين الحضارة المسيحية وتلك الوثنية. صاغ أغسطينوس في هذا المؤلَّف نظرتهُ اللاهوتية إلى تطور الحضارة الإنسانية، التي يعتبرها "التحقيق في الزمن لمخطط العناية الإلهية". يضم هذا العمل اثنا وعشرين كتاباً: العشرة الأولى هي نقد لتعدُّد الآلهة، أما ما تبقّى فيبحث في نشوء وتطور الكنيسة (مدينة الله) جماعة الأبرار المُخلَّصين.
- الرسائل: وهي مختلفة التأريخ تغطي الزمن من 386 إلى 429.
- حرية الإرادة (388 ـ 395).
- التعليم المسيحي (397 ـ 426).
- في المعمودية ضد الدوناطيين (401).
- في النعمة ضد بيلاجوس (415).
- في الثالوث (399 ـ 419).
- تفاسير كتابية عديدة وخاصة لكتاب التكوين.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى