أليشع وبنو الأنبياء
السبت مارس 13, 2010 10:51 pm
أليشع وبنو الأنبياء
فذهب خمسون رجلاً من بني الأنبياء ووقفوا قبالتهما من بعيد... (2مل2: 7)
لقد كان لبني الأنبياء قدر من المعرفة لأنهم عرفوا أن إيليا سيؤخذ، لكن لم تكن لهم القلوب ليتبعوا إيليا في رحلته الأخيرة، لذلك وقفوا « من بعيد » لينظروا. رأوا النبي يعبر الأردن، لكنهم لم يكونوا كأليشع الذي عبر معه الأردن. لم يسيروا ولم يتكلموا مع إيليا بعد عبور الأردن، ولم يروا مركبة النار والخيل من نار، ولم يروا النبي وهو يؤخذ إلى السماء، لكنهم أدركوا ـ بقدرٍ ما ـ التأثيرات المباركة على الرجل الذي رأى هذه العجائب كلها فسجدوا له إلى الأرض. وبذا أظهروا أنهم كانوا يرون في أليشع شخصاً على مستوى روحي أعلى منهم، لأنهم لما نظروا إليه قالوا « قد استقرت روح إيليا على أليشع ». نعم، نظروا إلى إنسان معهم على الأرض فرأوا فيه روح وصفات إنسان في السماء.
أليس في هذا صوت لنا نحن المسيحيين؟ ألا نرى في هذا، صورة لمركزنا السامي ومسئوليتنا كمسيحيين؟ هل يرى الآخرون موتنا مع المسيح؟ هل يرون فينا السلوك في قوة الشركة مع المسيح على أساس قيامتنا معه ورؤيته كالإنسان الحي في المجد؟ لقد رأى العالم في بطرس ويوحنا « أنهما كانا مع يسوع » (أع4: 13).
ولم يكن بنو الأنبياء بطيئي القلوب فحسب، بل كانوا بطيئي الإدراك أيضاً، وأكثر من ذلك اتصفوا بعدم الإيمان، وبدأوا يعرضون قوتهم الجسدية فقالوا « هوذا مع عبيدك خمسون رجلاً ذوو بأس فدعهم يذهبون ويفتشون على سيدك لئلا يكون قد حمله روح الرب وطرحه على أحد الجبال أو في أحد الأودية. فقال لا ترسلوا ». إن أفكار الطبيعة لا تعلو فوق مستوى الجبال والأودية، أما الإيمان فيمتد عالياً إلى منظر الإنسان الذي هو في السماء.
من هنا نرى أن عدم الإيمان كان الصفة الأولى التي اتصف بها المشهد الذي بدأ فيه أليشع كشاهد، وهذا ما نراه نحن أيضاً في أولئك المتدينين بالاسم. فالجسد لا يستطيع أن يصدق أن نعمة الله تقدر أن تأخذ إنساناً إلى السماء، ويتصوَّر فقط أن روح الرب يقدر أن يحمل إنساناً ويطرحه إلى الأرض. لقد عرفوا حقاً أن إيليا أُخذ، لكنهم لم يؤمنوا أنه أُخذ إلى السماء. لقد كانت لهم معرفة، لكن لم يكن لهم إيمان.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى