- الإكليريكي/ مايكل وليمعضو VIP
نظرية التطورمن منظور ايمانى
الأربعاء مايو 14, 2008 4:44 pm
نظرية التطور من منظور ايماني
بقلم يوحنا بيداويد
استراليا / مالبورن
ملاحظة
القيت هذه المحاضرة في اخوية مريم العذراء حافظة الزروع/مالبورن في تاريخ 22/4/2006
المقدمة
ان الغرض من هذه المحاضرة هو الاطلاع على اخر المستجدات في الصراع القائم بين مدرستي الفكر الديني بوجود خالق للكون والفكر الالحادي الداعم لنظرية التطور المبنية على قدر او الصدفة وتقيمهما بصورة ايمانية وعلمية وفلسفية.
ان الثقافة ضرورية لدعم او لتقوية الايمان، كي لا يزول ايماننا بمجرد هبوب اي فكر جديد ، يجب ان تكون معرفتنا الفكرية واسعة في ما يدور الساحة الفكرية في عصرنا.
في نفس الوقت يجب ان نكون شهودا للحقيقة بنفسنا ةبيقين كامل والا يكون ايماننا بصيغة وراثية .
فكرة التطور
تتلخص فكرة التطور على ان اصل جميع الاحياء من النباتات والحيوانات البدائية الى الانسان يرجع الى خلية بدائية نشأت قبل ثلاث ملايين سنة في قعر البحار عن طريق الصدفة ، تطورت هذه الخلية تدريجيا وولدت كائنات اخرى بسبب وجود تاثيرات خارجية عليها.
فكرة التطور عبر التاريخ
ترجع فكرة التطور الى عصر الاغريق ، الى زمن طاليس وانكسيماندر وافلاطون ارسطو .
خلال القرون الخمسة عشر الاولى من بدء المسيحية لم يظهر اي طرح لمفهوم التطور، بسبب وجود ايمان قوي لدى الناس بالكتاب المقدس وكان نفوذ عالي للكنيسة على الحياة اليومية للانسان وكذلك عدم وصول تقدم العلم والتكنولوجبا وتقنيتها (مثل لويس باستور ).
ان الفكرة المتداولة منذ بداية الايمان بوجود الله هي ان هناك خالق واحد لكل الموجودات، هذه الفكرة التي ذكرت في بداية سفر التكوين من الكتاب المقدس
لكن بمرور الزمن تراكمت المعلومات وتطورت طريقة تفكير الانسان في الاختبار والملاحظة ، ظهرت بوادر مفهوم هذه النظرية الى ان جاء تجارلس داروين في منتصف القرن التاسع عشر
لا ننسى نشوء علم التشريح وتصنيف الاحياء والوراثة كان له دور في دعم هذه الفكرة
ان العالم الفرنسي جان لا مارك المعمذاني هو اول عالم حيواني ( علم الحياة ) ياتي بصيغة علمية لهذه النظرية قبل داروين بفترة خمسين سنة اي سنة 1809 م
بنى فكرته على توارث الموجود بين الاجيال لصفات وان الاختلاف يحدث بسبب الامراض او الفساد
داروين ونظرية التطور
تشارلس داريون هو العالم البريطاني الذي وضع النظرية التي تدعى نظرية التطور والف كتاب كبير تحت عنوان ( اصل الانواع Origin of species في سنة 1859
احدثت النظرية في وقتها زوبعة فكرية بين المعارضين والمؤيدين لها
المعارضين كانوا بالاضافة الى رجال الكنيسة عدد كبير من العلماء والفلاسفة وحتى رجال السياسة وقد دُعِي داروين الى مجلس النواب كي يوضح لهم
وحينها قال احد اعضاء مجلس العموم البريطاني (اذا كان داروين يؤمن بان اصل جده هو قرد فانا لا اقبل بان يكون اصل جدي قرد)
وهكذا يقال ولدت فكرة المعارضيين ان داروين قال اصل الانسان قرد، مع العلم هناك مرحلة مفقودة بين الانسان والقرد .
النظرية العلمية لاصل الانسان Homo Species مبينية على نتائج علوم مثل علم الوراثة وعلم اصل الاجناس البشرية وعلم الحفريات تميل الى تأييد فكرة الانتخاب الطبيعي ( هذه يعتمد على ايمان الباحث) على الرغم من وجود حلقة مفقودة بين سجل الحفريات كدلالة واضحة لها ، كي يتم اكمال وضع خط اصل الانسان.
على اي اساس مبنية نظرية التطور ؟
هذه النظرية تقول ان جميع الكائنات الحية هي واحدة اي من خلية واحدة تولدت بالصدفة من عناصر الطبيعة بدون تدخل خارجي اي من العدم ، ولم يتم خلقها من قبل الله
وان الاسباب التي دفعتها الى التطور عن طريق انتخاب الطبيعي الى مرحلة الانسان هي اربعة عوامل
الوراثة ، تغير مناخ الطبيعة وقابلية التأقلم ، الانجاب ، الصراع.
اي في ظروف مثل نقص الغذاء او الماء يتولد صراع بين الكائنات الحية ، القوي ينتخب من قبل الطبيعة والضعيف ربما يزول او ينقرض، وان نتيجة هذه الظروف يكتسب الكائن الحي الخبرة او يتكيف جسمه وينتقل هذا التكيف وهذه الخبرة احيانا الى الاجيال التالية وهكذا تتجدد الامكانية والخبرة لدى الكائنات الحية.
نظرية التطور الحديثة
مع مرور الزمن وزيادة المعرفة الانسانية وامكانيته التكنلوجية في علوم كثيرة خاصة علوم مثل التوزيع الجغرافي وعلم الاجنة والتشريح و علم الاجناس البشرية هذا بالاضافة الى علم الكيمياء الحياتية . تغير (موقف الداروينيين الجدد) الى ان سبب التطور اغلب الاحيان هو الطفرة الوراثية
ان علم الكيمياء الحياتية (مبني على استخدام الطرق علم الكمياء في ايجاد تفسير لعمليات التطور التي حدثت في الطبيعة على المواد العضوية)
يقول انه هناك تشابه كبير في الجزيئة البسيطة اوفي الخلية الحية الاولية وكذلك في طريقة تصرفها او نشاطاتها الحيوية ويخلص الى النتيجة التالية ان درجة التشابه التصاعدي بين الكائنات الحية يجلب الشك ( لاحظ كلمة الشك هنا ) بانها تولدت من نظام التطور بصورة بطيئة.)
(يطرح الداورينيين الجدد فكرة الطفرة الوراثية كي ينقذوا نظرية التطور من الانهيار.)
وان علماء علم الحياة اليوم يؤمنون كثيرا من ان القوة الرئيسية في احداث تغير في التشابه بين الكائنات الحية هي الطفرة الوراثية في الاجنة كتحليل او كبرهان لصحة نظرية التطور. ولكنهم لا يجيبون على السؤال التالي هل الطفرة الوراثية تزيد من القوة او تضعف من قوة الجينات الوراثية ؟
هل نظرية التطور مبرهنة علميا؟
هناك صراع مرير بين مؤيدي ومعارضي ومعدلي هذه النظرية
اولا ان نظرية التطور هي نظرية وليست حقيقة مبرهنة لا علميا ولا مبدأ معتمد كبديهية معترف به
ثانيا لحد الان لا يوجد دليل قاطع بان اصل الانسان منحدر من مجموعة قرود الشمبانزي سوى التشابه.
وان هناك حلقة مفقودة بين الانسان والقرود ربما تقدر مدتها بحوالي 25 الى 30 مليون سنة والسبب اي عدم وجود عند علم الحفريات متحجرات تخبرنا ماذا ؟ و كيف حدث هذا التطور؟
ثالثا لم يوضح داروين كيف ان الخلية الاولى اختلفت مع الخلية التي تشابهها ؟وكيف تتطورت الى ان تصبح كائن اخر (هذه احدى النقاط السلبية المهمة في نظريته) سوى طرح العوامل الاربعة كسبب لولادتها عن طريق الصدفة.؟
رابعا ان علماء الاحصاء يصرحون ان عملية خلق خلية من الطبيعة في عملية صدفة وتطورها الى مرحلة الانسان الذي يملك وعي بدرجة وعي الانسان هي صفر.
ويصفها احدى المعارضين لنظرية التطور ان الايمان بصحة نظرية التطور هو كالايمان من ان هبوب عاصفة على انقاض من حديد المكائن ويتولد منها طائرة بوينك 747 العملاقة.
خامسا لا يمكن ان يتولد من خلية واحدة تولدت بالصدفة هذا النظام المعقد الموجود في الكون ، ولا يمكن فعل اللاانتظام يولد حالة النظام يستمر بلايين من السنين دون حصول فعل حالة لا نظام مرة اخرى يلغي حالة الانتظام الاولى.
سادسا بعدما ادرك مؤيدي داروين ان مبدا انتخاب الطبيعي هو خاطئ و ان مقولة لامارك (ان الصفات لا تنقل الا عن طريق DNA الصيغة الكيميائية لشفرات الوراثة ). ادخلوا مفهوم الطفرة الوراثية .
لكن الابحاث تقول ان الطفرة الوراثية لابد تترك اثر سلبي على الشفرات الوراثية عوضا ان تجلب له صفة وراثية جديدة مفيدة كعامل تقوية. فالاحياء الذين تحصل عندهم الطفرة الوراثية هم مشوهين ضعفاء يزولون بسرعة.
هل قصة الخلق في سفر التكوين صحيحة ام خاطئة؟
ان قصة الخليقة يجب ان تُدرَس او تُفَهم حسب زمن الكاتب والتي بتأكيد يتم وضع حساب للثقافة المجمتع والحضارة التي كان يعيشها وامكانية الكاتب والغرض الجوهري للكاتب من كتابة القصة او السفر.
وكانت الاجوبة ان كاتب سفر التكوين لم يكن عالم جيولوجي يراقب عملية الخلق وانما استنتج الحقيقة، ان للكون خالق واحد ولذلك هناك نظام لكل شيء ولا يمكن ان يكون للصدفة دور في هذا الامر.
الجدال الذي يدور الان حول مصطلح المصمم العاقل
كما قلنا في البداية كان مؤيدي هذه النظرية قلة قليلة لكن بمرور الزمن و تطور العلوم التي وضعت اسس مبادئها على اسلوب البرهان العملي المادي تبنت نظرية التطور.
في علم الاحياء الذي اغلبكم درسه في السادس والخامس العلمي في العراق ،و بقى الصراع بين مؤيدي ومعارضي هذه النظرية في صراعهم لحد الان
في هذه السنة حاول بعض معارضي نظرية التطور في امريكا (ليس هؤلاء من الاكليروس ) لكنهم مؤمنون بالدين ، وضع حل وسطي يشير الى وجود قوة عاقلة او نظام عاقل بصيغة علمية هو مسبب لخلق هذا الكون ودعيت مصدر هذه القوة العاقلة بصيغة علمية بالمصمم العاقل
والسبب في هذه المحاولة يبدو الى العلوم الحالية تعتمد على علوم الطبيعية التي لم تعد تؤمن باي وجود مصدر خارجي بدون برهان مادي, والبرهان المادي مستحيل يجلب لنا برهان عن شيء غير مادي؟!!! اي الله
وعلى ان نظرية التطور كبديل للكل محاولات الانسانية في تفسير سبب ظهور الحياة على الارض.
موقف الكنيسة من موضوع نظرية التطور والمصمم العاقل
باختصار وصريح العبارة ان الكنيسة الكاثوليكية لا تعترف بالصيغة التي تفسر وجود الحياة والنظام والوعي ودرجة التطور الذي وصلها الانسان عن طريق الصدفة، لا باس بان بعض اباء اللاهوتيين يقبلون بجزء من نظرية التطور ولكنهم في نفس الوقت يؤمنون بان كل شيء حدث في هذه الكون بارادة الله وحسب تخطيطه. حتى وان كانت الحياة قد تطورت من خلية الواحدة
لا باس في صيغة المصمم العاقل بانها تشير الى وجود قوة خارج هذا العالم (الزمن والفضاء ) لكن لحد الان الكنيسة لا تتفق معها لانها ستولد مشاكل لاهوتية.
اراء البابا بندكست في نظرية التطور
يبدا البابا بندكتست محاضرته في جامعة السوربون عام 1999 واجزاء منها موجودة في كتابه ( Truth and Tolerance) بتاريخ المعرفة الانسانية ودور مفكري الكنيسة في عملية الفصل بين الفكر الروحي والميتافيزيقي والفكر المبني على علوم الطبيعية)
ينتقد بشدة اصحاب الرأي المبني على علوم الطبيعة والذين اتخذوا من فكرة نظرية التطور كاساس لزعمهم عن كشف كل الحقيقة وكأنها نتائج مسلمة لا تقبل الجدال ،دون اعطاء مجال امام اراء بقية علوم او الدخول في مناقشة افكارهم وارائهم.
من الافضل ان تبقى الفكرة المسيحية عن الله غير علمية، يقول البابا لم يعد هناك اعتراف بوجود الله كما هو موجود في المسيحية ولا حتى في صيغة الديانة اليهودية والاسلامية ولاوجود لمفهوم الروح المحركة لهذا الوجود
لا يمكن ان نتجاهل موضوع الجدال بين المعسكرين المعارضين والمؤيدين لهذه النظرية ، و لايمكن ان نسلم بنظرية التطور كمبدا فلسفي او فكري كاساس لتفسير وجود الحياة.
ولايمكن اهمال فكرة The positive Method التي هي الاكثر قبولا والتي هي وحدها تشير الى نظام المعرفة والعقلانية
اذن النقاش هنا يجب ان يجري بالموضوعية والارادة الحسنة للبحث عن الحقيقة.
لا يمكن لاحد ان يتغاضى عن الشك في صحة نظرية التطور ، ويسال عن براهين علمية عن كيفية تطور الخلايا الاولية Micro-evolutionary process الى مظاهر الحياة في الوقت الحاضر.
كيف انتقلت او تحولت الحياة من خلايا صغيرة حجمها 1/1000000 الى حيوان ضخم مثل الفيل او الانسان ذو عقل متطور.
هل نؤمن بفكرة الملحد ان الحياة تطورت من خلية حية ولدت نتيجة الشرارة الكهربائية؟
هل من المعقول ان يؤدي فعل لاعقلاني الى انتاج موضوع ما يحتاج الى وجود فعل عقلاني او فكري؟؟!!
هذا الموضوع لم يعد يقبل الجدال لانه خارج المنطق؟
اذن فكرة المسيحية عن الله صحيحة
كل شيء يعود الى القوة الخالقة العاقلة
حتى الفلسفة تجد نفسها محدودة الامكانية كي تصل هذه النتيجة احيانا
اذن لم تعد العلوم الطبيعية وحدها من يحدد النتيجة
هل يستطيع الفكر ان يقدم العقلانية على اللاعقلانية
اذن النظرة المسيحية هي الصحيحة اي( كلمة الله ، التي كان عند الله ) يو1/1
في بداية المسيحية كان هناك افكار لدى الاديان القديمة عن الانسان والطبيعة والله والاخلاق كمواضيع خالدة ،سرمدية
لكن مفكري المسيحية الاوائل وضعوها في صيغة التي جلبت الاستنارة للحقيقة .
ان الاستشراق الديني نحو النظرة الواقعية الموضوع ككل، وموضوع الاخلاق جزء مهم جدا من هذه النظرة وموضوع المحبة هو الجزء الاهم فيها ، نعم وجود المحبة والعقلانية هو برهان قاطع لهذه النظرة.
ان فكر العقلاني ليس تماما كفكر الذي يجري في عمليات الرياضيات قثط وانما حب خالق و عطف علينا وقبوله الالام من اجلنا هو الامر الذي يجب نبحثه
ان الفكر الديني للكون ، الذي يبجل ويستنير قوة الخالق وموضوع وجوده وموضوع سر الفداء يندمجون معا ليصبح موضوع واحد. فلا يحتاج الا لبرهان واحد.
اي نظرية او اي فكر يعجز عن توضيح معنى وجود الاخلاق في المجتمع الانساني يكون باطل . في الحقيقة ان نظرية التطور عاجزة لحد الان عن ايجاد معنى لوجود الاخلاق والضمير والاعطفة لدى الانسان
الخلاصة
اننا يجب ان نبحث عن الحقيقة التي بالتأكيد تقوي ايماننا في كل لحظة في هذا العصر الذي امتلا من النظريات التي تحاول تفسير الوجود بطرق مختلفة
ويجب ان نواكب هذه الاحداث وهذه المفاهيم كي لا ننغلق على المفاهيم القديمة التي تصبح احيانا جامدة بمرور الزمن كما حدث ايام طرحت نظرية التطور؟!
ان اطروحات المجمع الفاتيكاني الثاني تؤكد حالة القلق التي يعيشها الانسان من جراء
تراكم المعرفة عن هذا الوجود .
المصادر
1 محاضرة البابا بندكتست في جامعة السوربون/فرنسا
2 مقالات اخرى من انترنيت خاصة من Catholic on line Website
3 Philosophy 100 Essential Thinkers/ Philip Stokes
4 مقالات وافلام من موقع يحي هارون العربية
5 اللاهوت العقائدي /كوركيس كرمو
6 اصل الانواع /تشارلس دارين[/b]
بقلم يوحنا بيداويد
استراليا / مالبورن
ملاحظة
القيت هذه المحاضرة في اخوية مريم العذراء حافظة الزروع/مالبورن في تاريخ 22/4/2006
المقدمة
ان الغرض من هذه المحاضرة هو الاطلاع على اخر المستجدات في الصراع القائم بين مدرستي الفكر الديني بوجود خالق للكون والفكر الالحادي الداعم لنظرية التطور المبنية على قدر او الصدفة وتقيمهما بصورة ايمانية وعلمية وفلسفية.
ان الثقافة ضرورية لدعم او لتقوية الايمان، كي لا يزول ايماننا بمجرد هبوب اي فكر جديد ، يجب ان تكون معرفتنا الفكرية واسعة في ما يدور الساحة الفكرية في عصرنا.
في نفس الوقت يجب ان نكون شهودا للحقيقة بنفسنا ةبيقين كامل والا يكون ايماننا بصيغة وراثية .
فكرة التطور
تتلخص فكرة التطور على ان اصل جميع الاحياء من النباتات والحيوانات البدائية الى الانسان يرجع الى خلية بدائية نشأت قبل ثلاث ملايين سنة في قعر البحار عن طريق الصدفة ، تطورت هذه الخلية تدريجيا وولدت كائنات اخرى بسبب وجود تاثيرات خارجية عليها.
فكرة التطور عبر التاريخ
ترجع فكرة التطور الى عصر الاغريق ، الى زمن طاليس وانكسيماندر وافلاطون ارسطو .
خلال القرون الخمسة عشر الاولى من بدء المسيحية لم يظهر اي طرح لمفهوم التطور، بسبب وجود ايمان قوي لدى الناس بالكتاب المقدس وكان نفوذ عالي للكنيسة على الحياة اليومية للانسان وكذلك عدم وصول تقدم العلم والتكنولوجبا وتقنيتها (مثل لويس باستور ).
ان الفكرة المتداولة منذ بداية الايمان بوجود الله هي ان هناك خالق واحد لكل الموجودات، هذه الفكرة التي ذكرت في بداية سفر التكوين من الكتاب المقدس
لكن بمرور الزمن تراكمت المعلومات وتطورت طريقة تفكير الانسان في الاختبار والملاحظة ، ظهرت بوادر مفهوم هذه النظرية الى ان جاء تجارلس داروين في منتصف القرن التاسع عشر
لا ننسى نشوء علم التشريح وتصنيف الاحياء والوراثة كان له دور في دعم هذه الفكرة
ان العالم الفرنسي جان لا مارك المعمذاني هو اول عالم حيواني ( علم الحياة ) ياتي بصيغة علمية لهذه النظرية قبل داروين بفترة خمسين سنة اي سنة 1809 م
بنى فكرته على توارث الموجود بين الاجيال لصفات وان الاختلاف يحدث بسبب الامراض او الفساد
داروين ونظرية التطور
تشارلس داريون هو العالم البريطاني الذي وضع النظرية التي تدعى نظرية التطور والف كتاب كبير تحت عنوان ( اصل الانواع Origin of species في سنة 1859
احدثت النظرية في وقتها زوبعة فكرية بين المعارضين والمؤيدين لها
المعارضين كانوا بالاضافة الى رجال الكنيسة عدد كبير من العلماء والفلاسفة وحتى رجال السياسة وقد دُعِي داروين الى مجلس النواب كي يوضح لهم
وحينها قال احد اعضاء مجلس العموم البريطاني (اذا كان داروين يؤمن بان اصل جده هو قرد فانا لا اقبل بان يكون اصل جدي قرد)
وهكذا يقال ولدت فكرة المعارضيين ان داروين قال اصل الانسان قرد، مع العلم هناك مرحلة مفقودة بين الانسان والقرد .
النظرية العلمية لاصل الانسان Homo Species مبينية على نتائج علوم مثل علم الوراثة وعلم اصل الاجناس البشرية وعلم الحفريات تميل الى تأييد فكرة الانتخاب الطبيعي ( هذه يعتمد على ايمان الباحث) على الرغم من وجود حلقة مفقودة بين سجل الحفريات كدلالة واضحة لها ، كي يتم اكمال وضع خط اصل الانسان.
على اي اساس مبنية نظرية التطور ؟
هذه النظرية تقول ان جميع الكائنات الحية هي واحدة اي من خلية واحدة تولدت بالصدفة من عناصر الطبيعة بدون تدخل خارجي اي من العدم ، ولم يتم خلقها من قبل الله
وان الاسباب التي دفعتها الى التطور عن طريق انتخاب الطبيعي الى مرحلة الانسان هي اربعة عوامل
الوراثة ، تغير مناخ الطبيعة وقابلية التأقلم ، الانجاب ، الصراع.
اي في ظروف مثل نقص الغذاء او الماء يتولد صراع بين الكائنات الحية ، القوي ينتخب من قبل الطبيعة والضعيف ربما يزول او ينقرض، وان نتيجة هذه الظروف يكتسب الكائن الحي الخبرة او يتكيف جسمه وينتقل هذا التكيف وهذه الخبرة احيانا الى الاجيال التالية وهكذا تتجدد الامكانية والخبرة لدى الكائنات الحية.
نظرية التطور الحديثة
مع مرور الزمن وزيادة المعرفة الانسانية وامكانيته التكنلوجية في علوم كثيرة خاصة علوم مثل التوزيع الجغرافي وعلم الاجنة والتشريح و علم الاجناس البشرية هذا بالاضافة الى علم الكيمياء الحياتية . تغير (موقف الداروينيين الجدد) الى ان سبب التطور اغلب الاحيان هو الطفرة الوراثية
ان علم الكيمياء الحياتية (مبني على استخدام الطرق علم الكمياء في ايجاد تفسير لعمليات التطور التي حدثت في الطبيعة على المواد العضوية)
يقول انه هناك تشابه كبير في الجزيئة البسيطة اوفي الخلية الحية الاولية وكذلك في طريقة تصرفها او نشاطاتها الحيوية ويخلص الى النتيجة التالية ان درجة التشابه التصاعدي بين الكائنات الحية يجلب الشك ( لاحظ كلمة الشك هنا ) بانها تولدت من نظام التطور بصورة بطيئة.)
(يطرح الداورينيين الجدد فكرة الطفرة الوراثية كي ينقذوا نظرية التطور من الانهيار.)
وان علماء علم الحياة اليوم يؤمنون كثيرا من ان القوة الرئيسية في احداث تغير في التشابه بين الكائنات الحية هي الطفرة الوراثية في الاجنة كتحليل او كبرهان لصحة نظرية التطور. ولكنهم لا يجيبون على السؤال التالي هل الطفرة الوراثية تزيد من القوة او تضعف من قوة الجينات الوراثية ؟
هل نظرية التطور مبرهنة علميا؟
هناك صراع مرير بين مؤيدي ومعارضي ومعدلي هذه النظرية
اولا ان نظرية التطور هي نظرية وليست حقيقة مبرهنة لا علميا ولا مبدأ معتمد كبديهية معترف به
ثانيا لحد الان لا يوجد دليل قاطع بان اصل الانسان منحدر من مجموعة قرود الشمبانزي سوى التشابه.
وان هناك حلقة مفقودة بين الانسان والقرود ربما تقدر مدتها بحوالي 25 الى 30 مليون سنة والسبب اي عدم وجود عند علم الحفريات متحجرات تخبرنا ماذا ؟ و كيف حدث هذا التطور؟
ثالثا لم يوضح داروين كيف ان الخلية الاولى اختلفت مع الخلية التي تشابهها ؟وكيف تتطورت الى ان تصبح كائن اخر (هذه احدى النقاط السلبية المهمة في نظريته) سوى طرح العوامل الاربعة كسبب لولادتها عن طريق الصدفة.؟
رابعا ان علماء الاحصاء يصرحون ان عملية خلق خلية من الطبيعة في عملية صدفة وتطورها الى مرحلة الانسان الذي يملك وعي بدرجة وعي الانسان هي صفر.
ويصفها احدى المعارضين لنظرية التطور ان الايمان بصحة نظرية التطور هو كالايمان من ان هبوب عاصفة على انقاض من حديد المكائن ويتولد منها طائرة بوينك 747 العملاقة.
خامسا لا يمكن ان يتولد من خلية واحدة تولدت بالصدفة هذا النظام المعقد الموجود في الكون ، ولا يمكن فعل اللاانتظام يولد حالة النظام يستمر بلايين من السنين دون حصول فعل حالة لا نظام مرة اخرى يلغي حالة الانتظام الاولى.
سادسا بعدما ادرك مؤيدي داروين ان مبدا انتخاب الطبيعي هو خاطئ و ان مقولة لامارك (ان الصفات لا تنقل الا عن طريق DNA الصيغة الكيميائية لشفرات الوراثة ). ادخلوا مفهوم الطفرة الوراثية .
لكن الابحاث تقول ان الطفرة الوراثية لابد تترك اثر سلبي على الشفرات الوراثية عوضا ان تجلب له صفة وراثية جديدة مفيدة كعامل تقوية. فالاحياء الذين تحصل عندهم الطفرة الوراثية هم مشوهين ضعفاء يزولون بسرعة.
هل قصة الخلق في سفر التكوين صحيحة ام خاطئة؟
ان قصة الخليقة يجب ان تُدرَس او تُفَهم حسب زمن الكاتب والتي بتأكيد يتم وضع حساب للثقافة المجمتع والحضارة التي كان يعيشها وامكانية الكاتب والغرض الجوهري للكاتب من كتابة القصة او السفر.
وكانت الاجوبة ان كاتب سفر التكوين لم يكن عالم جيولوجي يراقب عملية الخلق وانما استنتج الحقيقة، ان للكون خالق واحد ولذلك هناك نظام لكل شيء ولا يمكن ان يكون للصدفة دور في هذا الامر.
الجدال الذي يدور الان حول مصطلح المصمم العاقل
كما قلنا في البداية كان مؤيدي هذه النظرية قلة قليلة لكن بمرور الزمن و تطور العلوم التي وضعت اسس مبادئها على اسلوب البرهان العملي المادي تبنت نظرية التطور.
في علم الاحياء الذي اغلبكم درسه في السادس والخامس العلمي في العراق ،و بقى الصراع بين مؤيدي ومعارضي هذه النظرية في صراعهم لحد الان
في هذه السنة حاول بعض معارضي نظرية التطور في امريكا (ليس هؤلاء من الاكليروس ) لكنهم مؤمنون بالدين ، وضع حل وسطي يشير الى وجود قوة عاقلة او نظام عاقل بصيغة علمية هو مسبب لخلق هذا الكون ودعيت مصدر هذه القوة العاقلة بصيغة علمية بالمصمم العاقل
والسبب في هذه المحاولة يبدو الى العلوم الحالية تعتمد على علوم الطبيعية التي لم تعد تؤمن باي وجود مصدر خارجي بدون برهان مادي, والبرهان المادي مستحيل يجلب لنا برهان عن شيء غير مادي؟!!! اي الله
وعلى ان نظرية التطور كبديل للكل محاولات الانسانية في تفسير سبب ظهور الحياة على الارض.
موقف الكنيسة من موضوع نظرية التطور والمصمم العاقل
باختصار وصريح العبارة ان الكنيسة الكاثوليكية لا تعترف بالصيغة التي تفسر وجود الحياة والنظام والوعي ودرجة التطور الذي وصلها الانسان عن طريق الصدفة، لا باس بان بعض اباء اللاهوتيين يقبلون بجزء من نظرية التطور ولكنهم في نفس الوقت يؤمنون بان كل شيء حدث في هذه الكون بارادة الله وحسب تخطيطه. حتى وان كانت الحياة قد تطورت من خلية الواحدة
لا باس في صيغة المصمم العاقل بانها تشير الى وجود قوة خارج هذا العالم (الزمن والفضاء ) لكن لحد الان الكنيسة لا تتفق معها لانها ستولد مشاكل لاهوتية.
اراء البابا بندكست في نظرية التطور
يبدا البابا بندكتست محاضرته في جامعة السوربون عام 1999 واجزاء منها موجودة في كتابه ( Truth and Tolerance) بتاريخ المعرفة الانسانية ودور مفكري الكنيسة في عملية الفصل بين الفكر الروحي والميتافيزيقي والفكر المبني على علوم الطبيعية)
ينتقد بشدة اصحاب الرأي المبني على علوم الطبيعة والذين اتخذوا من فكرة نظرية التطور كاساس لزعمهم عن كشف كل الحقيقة وكأنها نتائج مسلمة لا تقبل الجدال ،دون اعطاء مجال امام اراء بقية علوم او الدخول في مناقشة افكارهم وارائهم.
من الافضل ان تبقى الفكرة المسيحية عن الله غير علمية، يقول البابا لم يعد هناك اعتراف بوجود الله كما هو موجود في المسيحية ولا حتى في صيغة الديانة اليهودية والاسلامية ولاوجود لمفهوم الروح المحركة لهذا الوجود
لا يمكن ان نتجاهل موضوع الجدال بين المعسكرين المعارضين والمؤيدين لهذه النظرية ، و لايمكن ان نسلم بنظرية التطور كمبدا فلسفي او فكري كاساس لتفسير وجود الحياة.
ولايمكن اهمال فكرة The positive Method التي هي الاكثر قبولا والتي هي وحدها تشير الى نظام المعرفة والعقلانية
اذن النقاش هنا يجب ان يجري بالموضوعية والارادة الحسنة للبحث عن الحقيقة.
لا يمكن لاحد ان يتغاضى عن الشك في صحة نظرية التطور ، ويسال عن براهين علمية عن كيفية تطور الخلايا الاولية Micro-evolutionary process الى مظاهر الحياة في الوقت الحاضر.
كيف انتقلت او تحولت الحياة من خلايا صغيرة حجمها 1/1000000 الى حيوان ضخم مثل الفيل او الانسان ذو عقل متطور.
هل نؤمن بفكرة الملحد ان الحياة تطورت من خلية حية ولدت نتيجة الشرارة الكهربائية؟
هل من المعقول ان يؤدي فعل لاعقلاني الى انتاج موضوع ما يحتاج الى وجود فعل عقلاني او فكري؟؟!!
هذا الموضوع لم يعد يقبل الجدال لانه خارج المنطق؟
اذن فكرة المسيحية عن الله صحيحة
كل شيء يعود الى القوة الخالقة العاقلة
حتى الفلسفة تجد نفسها محدودة الامكانية كي تصل هذه النتيجة احيانا
اذن لم تعد العلوم الطبيعية وحدها من يحدد النتيجة
هل يستطيع الفكر ان يقدم العقلانية على اللاعقلانية
اذن النظرة المسيحية هي الصحيحة اي( كلمة الله ، التي كان عند الله ) يو1/1
في بداية المسيحية كان هناك افكار لدى الاديان القديمة عن الانسان والطبيعة والله والاخلاق كمواضيع خالدة ،سرمدية
لكن مفكري المسيحية الاوائل وضعوها في صيغة التي جلبت الاستنارة للحقيقة .
ان الاستشراق الديني نحو النظرة الواقعية الموضوع ككل، وموضوع الاخلاق جزء مهم جدا من هذه النظرة وموضوع المحبة هو الجزء الاهم فيها ، نعم وجود المحبة والعقلانية هو برهان قاطع لهذه النظرة.
ان فكر العقلاني ليس تماما كفكر الذي يجري في عمليات الرياضيات قثط وانما حب خالق و عطف علينا وقبوله الالام من اجلنا هو الامر الذي يجب نبحثه
ان الفكر الديني للكون ، الذي يبجل ويستنير قوة الخالق وموضوع وجوده وموضوع سر الفداء يندمجون معا ليصبح موضوع واحد. فلا يحتاج الا لبرهان واحد.
اي نظرية او اي فكر يعجز عن توضيح معنى وجود الاخلاق في المجتمع الانساني يكون باطل . في الحقيقة ان نظرية التطور عاجزة لحد الان عن ايجاد معنى لوجود الاخلاق والضمير والاعطفة لدى الانسان
الخلاصة
اننا يجب ان نبحث عن الحقيقة التي بالتأكيد تقوي ايماننا في كل لحظة في هذا العصر الذي امتلا من النظريات التي تحاول تفسير الوجود بطرق مختلفة
ويجب ان نواكب هذه الاحداث وهذه المفاهيم كي لا ننغلق على المفاهيم القديمة التي تصبح احيانا جامدة بمرور الزمن كما حدث ايام طرحت نظرية التطور؟!
ان اطروحات المجمع الفاتيكاني الثاني تؤكد حالة القلق التي يعيشها الانسان من جراء
تراكم المعرفة عن هذا الوجود .
المصادر
1 محاضرة البابا بندكتست في جامعة السوربون/فرنسا
2 مقالات اخرى من انترنيت خاصة من Catholic on line Website
3 Philosophy 100 Essential Thinkers/ Philip Stokes
4 مقالات وافلام من موقع يحي هارون العربية
5 اللاهوت العقائدي /كوركيس كرمو
6 اصل الانواع /تشارلس دارين[/b]
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى