علاقة العذراء مريم بآباء وأنبياء العهد القديم
الإثنين ديسمبر 24, 2012 10:22 am
+
علاقة العذراء مريم بآباء وأنبياء العهد القديم
[ منقول من
كتاب روحانية التسبحة – ج 7 – للقمص بقنتيوس السريانى ]
فى القطعة الثامنة من ثيئوتوكية الأحد تورد
الثيئوتوكية ملحمة جميلة من سلامات العذراء مريم وعلاقتها مع آباء وأنبياء العهد
القديم الذين اشتهوا أن يروا السيد المسيح – المولود من العذراء مريم – ولم يروه
وأن يسمعوا كلمات النعمة الخارجة من فيه ولم يسمعوا ، فماتوا على رجاء الخلاص الذى
سيتممه لهم فى ملء الزمان ، حتى جاء المسيح أو المسيا المنتظر مولودا من العذراء
مريم وتمم كل نبواتهم وأنعم لهم بالخلاص ومسح دموعهم وحول حزنهم إلى فرح .
تخاطب الثيئوتوكية السيدة العذراء قائلة :
+ السلام لك يا مريم خلاص
أبينا آدم :
بعد أن سقط آدم فى المعصية وأكل من ثمرة الشجرة
المنهى عنها ، وتحقق فيه العقاب الإلهى " أنك يوم تأكل منها موتا تموت ( تك 2
: 17 ) لم يتركه الله فى موته أو فى يأسه من الخلاص بل سمع الوعد المبارك بالخلاص
من فم الله وهو يخاطب الحية قائلا : " اضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك
ونسلها ، هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه ( تك 3 : 15 ) " .
ونلاحظ أنه كما تشير النبوة إلى المسيح الذى
سيسحق الشيطان تشير أيضا إلى أمه القديسة فهو "
نسل المرأة " .
" فإذا كنا كلنا
نولد من إمرأة ورجل ، وإذا كان آدم قد جاء لا من إمرأة ولا من رجل ، وإذا كانت
حواء قد جاءت من رجل بلا إمرأة ، فالمسيح جاء من إمرأة دون رجل " ولذلك دعى
" نسل المرأة " .
والذى عزى آدم فى محنته أن هذه المرأة التى
ستلد المخلص الذى سيسحق رأس الحية ويخلصه من سقطته ستكون من نسله هو ، لأن العذراء
مريم هى إبنة آدم مثل كل الناس الموجودين على الأرض .
لقد مات آدم مطمئنا بعد سماعه وعد الله بالخلاص
، وفى ملء الزمان جاء المسيح " آدم الثانى
" مولودا من إمرأة من بنات آدم ليخلص آدم وبنيه من مصيرهم المرعب
، وفعلا لما مات الرب يسوع على الصليب نزلت روحه إلى الجحيم متحدة بلاهوته وأخرجت
آدم الحزين وكل بنيه الذين ماتوا على الرجاء وأدخلتهم إلى الفردوس .
وتقول ثيئوتوكية الأثنين فى هذا الموضوع "
آدم بينما هو حزين سر الرب أن يرده إلى رئاسته ( القطعة 1 الربع 1 ) ولبش الأثنين
يقول : " لأن آدم أبانا الأول بيدى الله الخالق . بمشورة حواء أمنا الأولى
أكل آدم من ثمرة الشجرة . فجاء على جنسنا وكل الخليقة سلطان الموت والفساد . ومن
قبل مريم والدة الإله أرجع آدم إلى رئاسته مرة أخرى ( أرباع 2 – 5 ) " .
وهكذا كما أن ثمرة شجرة معرفة الخير والشر كانت
سببا فى سقوط آدم وموته واغترابه من الله أصبح المسيح – ثمرة بطن العذراء مريم –
وهو الثمرة المحببة أو عنقود الحياة الذى حملته الكرمة الحقانية مريم بدون غرس ولا
سقى ولا تفليح ، أصبح سببا فى خلاص آدم ورجوعه إلى الحياة الأبدية .
+
+ +
+ السلام لك يا مريم تهليل حواء
عندما أخطأت حواء وأطاعت الحية وأكلت من الشجرة
المنهى عنها ، ورفضت الأعتراف بخطيتها وغوايتها جاء إليها العقاب الإلهى قائلا : " تكثيرا أكثر أتعاب حبلك . .. بالوجع تلدين أولادا
( تك 3 : 16 ) " هذا إلى جانب
طردها مع زوجها من الفردوس وذهابها بعد الموت إلى الجحيم مما أثار أشجانها وحرك
حزنها .
ولما جاء المسيح الذى هو من نسل المرأة وصنع
الفداء العظيم على الصليب وسحق رأس الحية حسب الوعد الإلهى : " وأضع عداوة بينك ( الحية ) وبين المرأة ، وبين نسلك
ونسلها ، هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه " ( تك 3 : 15 ) .
نزل المسيح إلى الجحيم وحول حزن حواء إلى فرح
ونقلها مع آدم وجميع الصديقين الذين ماتوا على رجاء إلى فردوس النعيم حيث الفرح
والتنعم ، حيث هرب الحزن والكآبة والتنهد . وفى قطعة " تناف " ، وهى
مديح القيامة فى التسبحة تقول :
" كل الأفراح تليق
بك يا والدة الإله لأن من قبلك أرجع آدم إلى الفردوس ونالت حواء الزينة عوض حزنها
وأخذت الحرية دفعة أخرى من قبلك والخلاص الدهرى " .
وليست حواء – أم العذراء مريم – هى وحدها نالت
الفرح والتهليل بل كل جنس النساء ، فيقول لبش الأثنين
" لأن من قبلها ( أى من قبل مريم ) وجدت النساء دالة أمام الرب ( ربع 11 )
" .
ويحلو لبعض الآباء أن يطلقوا على مريم العذراء
لقب " حواء الثانية " .
+
السلام لك يا مريم فرح الأجيال
كل الأجيال
فرحت ومازالت تفرح بالقديسة مريم ، وفى القطعة السادسة من ثيئوتوكية الخميس تقول :
"
لأنها مكرمة جدا عند جميع القديسين ورؤساء الآباء لأنها أتت لهم بمن كانوا ينتظرونه
"
"
وكذلك الأنبياء الذين تنبأوا من أجله بأنواع كثيرة وتشبيهات شتى بأنه يأتى ويخلصنا
"
"
والرسل معا لأنها والدة الذى كرزوا به فى كل المسكونة " .
"
والشهداء المجاهدين لأنه قد خرج منها واضع جهادهم الحقيقى ربنا يسوع المسيح "
وما زالت
الأجيال وستزال تكرمها وتطوبها مصداقا لقولها :
" هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى لأن القدير صنع بى عظائم واسمه
قدوس ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه " ( لو 1 : 48 – 50 ) .
انها
فرح جميع الأجيال :
أولا : لأنها ولدت المسيح ابن الله الذى خلص
العالم من سلطان الشيطان والخطية والفساد .
ثانيا : لجل شفاعتها المقبولة لدى ابنها
الحبيب ، والمعجزات الكثيرة التى تعملها للمؤمنين من شفاء أمراض وحل مشاكل وانقاذ
من الضيقات ، مما يجعل الناس يفرحون بالعذراء وينذرون لها النذور ويقيمون لها
التماجيد فى كل زمان ومكان .
السلام لك يا مريم فرح هابيل البار :
+ قدم هابيل
للرب قربانا من أبكار غنمه ومن سمانها ، أى قدم ذبائح دموية حيوانية مؤمنا أنه
بدون سفك دم لا تحصل مغفرة ، وشاعرا بإحتياجه الشديد إلى مخلص يكون فى هرق دمه
تكفير وغفران وفى موته تبرير وتطهير .
ولما رأى الله
إيمانه المستقيم وشعوره المتضع قبل ذبيحته "
نظر الرب إلى هابيل وإلى قربانه " ( تك 4 : 4 ) ففرح هابيل لما
قبل الله ذبيحته .
وكما قدم هابيل ذبيحة من أعز ما
عنده ، من أبكار غنمه ومن سمانها ، قدمت العذراء مريم ابنها الوحيد الحبيب ذبيحة
كفارية عن خلاص العالم كله " فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة
" وتنسم الرب رائحة الرضا ، ورفع غضبه وسخطه عن العالم .
+ لما قتل
هابيل ظلما ومات طاهرا انتظر مع الأبرار الآخرين مجىء الفادى والمخلص الذى ولد من
العذراء مريم ، ثم صلب على الصليب ، ومن هناك نزل إلى الجحيم وأزال حزن هابيل البار
من جراء انتظاره الطويل للمخلص ، ثم نقله وكل الأبرار إلى فردوس النعيم مما زاد
فرحه وتنعمه ، ويقول الرسول بولس عن خلاص المسيح ودمه المسفوك على الصليب "
.... إلى وسيط العهد الجديد يسوع وإلى دم رش يتكلم أفضل من هابيل ( عب 12 : 24 )
" – ودم المسيح أفضل من دم هابيل لأن دم هابيل طلب الأنتقام " صوت دم أخيك صارخ إلى من الأرض ( تك 4 : 10 )
" ،
أما دم المسيح
فطلب الصفح والغفران " يا أبتاه أغفر لهم
لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ( لو 23 : 34 ) " .
+
السلام لك يا مريم خلاص نوح :
نقول فى
ذكصولوجية العذراء لرفع بخور باكر " الروح
المعزى الذى حل على إبنك فى مياة الأردن كمثال نوح . لأن تلك الحمامة بشرتنا بسلام
الله الذى صار للبشر ، وأنت أيضا يا رجائنا اليمامة العقلية أتيت لنا بالرحمة
وحملته فى بطنك ، أى يسوع المولود من الآب ولد لنا منك وحرر جنسنا " .
ومعنى ذلك أنه
كما أن الحمامة حينما أطلقها نوح من الفلك رجعت بعد قليل وفى منقارها غصن رمز
السلام والطمأنينة وزوال الخطر بنزوح مياة الطوفان عن الأرض ، مما جعل نوح ينزل من
الفلك هو وكل من معه ويقدم للرب ذبائح شكر وسلامة على خلاصه وخلاص أسرته وكل ما
كان معه من حيوانات وطيور ، ثم عمر الأرض ونما وكثر .
كذلك العذراء مريم الحمامة الحسنة أتت لنا بالرب يسوع المسيح رئيس السلام ،
فصنع فى الأرض سلاما وصالح ذرية نوح مع الله خالقهم صانعا الصلح دم صليبه .
+
نوح بفلكه خلص ثمانى أنفس من الغرق أى هو وأفراد أسرته فقط ، أما العذراء مريم فقد
قدمت المسيح فلك النجاة الذى خلص العالم كله من طوفان بحر الخطية وشرورها التى
تغرق الناس فى العطب والهلاك .
+
السلام لك يا مريم نعمة إبراهيم :
أعطى الله
لإبراهيم نعمة الإيمان بغزارة " آمن إبراهيم
بالله فحسب له برا " ( رو 4 : 3 ) . كان إيمانه قويا يهزأ
بالمستحيلات ويستهين بالمعوقات .
لما أمره الله
بالخروج من أرضه ومن عشيرته ومن بيت أبيه إلى الأرض التى سيريه إياها " خرج وهو لا يعلم إلى أين يأتى ( عب 11 : 8 ) "
ولما وعده الله بميلاد اسحق آمن بوعد الله رغم وجود بعض معطلات الإنجاب لديه ولدى
زوجته سارة لشيخوختهما المتأخرة " وإذ لم يكن
ضعيفا فى الإيمان لم يعتبر جسده وهو قد صار مماتا إذ كان ابن نحو مائة سنة ، ولا
مماتية مستودع سارة ولا بعدم ايمان ارتاب فى وعد الله بل تقوى بالإيمان معطيا مجدا
لله ، وتيقن أن ما وعد به هو قادر أن يفعله أيضا " ( رو 4 : 19 –
21 ) .
ولما أمره
الله بتقديم اسحق ابن الموعد ذبيحة لم يعارض بل قام باكرا وبقلب شجاع عزم على
تنفيذ أمر الله بحذافيره ، ويقول الرسول : "
بالإيمان قدم إبراهيم اسحق وهو مجرب ، قدم الذى قبل المواعيد ، وحيده الذى قيل له
أنه بإسحق يدعى لك نسل إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من بين الأموات "
( عب 11 : 17 – 19 ) .
هكذا كان
إيمان العذراء القديسة مريم . كان إيمانها بسيطا وقويا . بشرها الملاك بأنها ستحبل
وتلد إبنا دون أن تتزوج أو تعرف رجلا ، ورغم غرابة الخبر استفسرت من الملاك
استفسارا بسيطا قائلة " كيف يكون لى هذا وأنا
لست أعرف رجلا "( لو 1 : 34 ) ولما عرفت أن هذه مشيئة الرب
وتدبيره خضعت بإيمان واتضاع قائلة " هوذا أنا
أمة الرب ليكن لى كقولك " ( لو 1 : 38 ) .
لما أمر
الملاك يوسف بأن يأخذ الصبى وأمه ويهرب إلى مصر أطاعت فى اتضاع وتسليم ، ولما
أمرها الملاك بالرجوع إلى فلسطين فعلت نفس الشىء .
كانت العذراء
من نسل إبراهيم ، وكانت نسلا صالحا ، والنسل الصالح يكون سبب نعمة لآبائه وسبب فرح
وسرور لهم حسب قول الحكيم فى الأمثال ( أم 10 : 1 ) ، فالعذراء مريم كانت سبب نعمة
وفرح لأبيها ابراهيم ، وسبب اكرام وتبجيل له على مدى الأيام فنقول فى القطع المعقب العربى فى عشيات شهر كيهك هذا المرد الذى يتكرر
فى كل قطعة :
"
السلام لك ثم السلام لك ونسألك يا أم المحبوب أن تحظينا فى مظال آبائك إبراهيم
واسحق ويعقوب " .
الرب يسوع ابن
العذراء مريم أخرج ابراهيم من الجحيم ونقله إلى الفردوس وجعل حضنه مكان راحة
وتعزية لكل المؤمنين الراحلين ، فتقول الكنيسة فى صلواتها على المنتقلين :
" نيح نفوسهم جميعا فى حضن آبائنا
القديسين ابراهيم واسحق ويعقوب " .
+
السلام لك يا مريم خلاص اسحق القديس :
+ حملت سارة
اسحق ابن الموعد وهى عجوز سنها 90 سنة بعد أن مات مستودعها ( رحمها ) وانقطعت عنها
عادة النساء ، ويقول الرسول فى ذلك " وإذ لم
يكن ( ابراهيم ) ضعيفا فى الإيمان لم يعتبر جسده إذ صار مماتا اذ كان ابن نحو مائة
سنة ولا مماتية مستودع سارة ، ولا بعدم ايمان ارتاب فى وعد الله بل تقوى بالأيمان
معطيا مجدا لله وتيقن أن ما وعد به هو قادر أن يفعله أيضا " ( رو
4 : 19 – 21 ) .
هكذا حملت
العذراء مريم المسيح ابن الله بطريقة إلهية فى مستودعها الصغير البكر دون أن تتزوج
أو تعرف رجلا ، وكلاهما طرقتان للحمل تمجدان الله وتشهدان بقدرته الفائقة وتدبيره
العالى حقا يارب " ما أبعد أحكامك عن الفحص
وطرقك عن الأستقصاء " .
+ عندما ولدت
سارة اسحق وأصبحت أما لأبن الموعد فرحت وابتهجت قائلة : " قد صنع الله إلى ضحكا ، كل من يسمع يضحك لى ، ودعت
اسمه اسحق أى ضحك " .
هكذا العذراء
مريم عندما حملت بالمسيح كلمة الله وتأكدت أنها أصبحت أما للمسيا المنتظر الموعود
به لخلاص الله ، والذى كانت كل فتاة يهودية تتمنى أن تكون أما للمسيا المنتظر ،
عندما تأكدت من ذلك فرحت وابتهجت وطفقت تسبح الرب قائلة : " تعظم نفسى الرب وتبتهج روحى بالله مخلصى .... لأن
القدير صنع بى عظائم واسمه قدوس " ( لو 1 : 46 – 49 ) " .
+ بناء على أمر الله أخذ ابراهيم ابنه الشاب اسحق وذهب به إلى جبل المريا ،
وهناك أوثقه ووضعه على المذبح وهم بذبحه ، وهنا تدخل الله وناداه قائلا " لا
تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئا ... فرفع ابراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراءه
ممسكا فى الغابة بقرنيه . فذهب ابراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضا عن إبنه
" (
تك 22 : 12 ، 13 ) "
لم يذكر الكتاب من أين أتى الكبش ولا
كيف أمسك فى الشجرة بقرنيه ، ونحن نعتقد أنه بمعجزة إلهية أخرجت الشجرة – على غير
طبع الأشجار – هذا الكبش الذى أصعده إبراهيم محرقة بدلا عن ابنه اسحق . والذى يؤيد
نظرتنا هذه أن الكتاب لم يقل أن الكبش كان موثقا أو مربوطا فى الشجرة بقرنيه كأن
يكون مربوطا بحبل أو غيره ، ولكنه قال أن الكبش كان ممسكا فى الشجرة بقرنيه ، أى
أن قرنيه كانا ممسوكين فى الشجرة أو ملتصقين بها .
وكما أخرجت الشجرة الكبش على غير الناموس الطبيعى للأشجار ، هكذا العذراء
مريم ولدت السيد المسيح له المجد بتدبير إلهى وسر لا يدركه العقل ، ولدته وهى
عذراء بدون زرع بشر وذلك على غير طبيعة النساء ، وكما قدم إبراهيم ذلك الخروف
محرقة وفداء عن إبنه هكذا أصعد المسيح ذاته على مذبح الصليب ذبيحة محرقة عن جنس
البشر وصنع على الصليب فداء عظيما كحمل الله الذى يحمل خطية العالم كله .
+
السلام لك يا مريم تهليل يعقوب :
+
بينما كان يعقو هاربا خائفا من أخيه عيسو أدركه الليل فنام فرأى سلما منصوبا على
الأرض ورأسها يمس السماء ، وهوذا ملائكة الله صاعدة ونازلة عليها وهوذا الرب واقف عليها .
فقال : " أنا الرب إله إبراهيم أبيك وإله اسحق ، الأرض التى
أنت مضطجع عليها أعطيها لك ولنسلك .. " ( تك 28 : 12 – 15 ) .
فاطمأن يعقوب
بسبب مواعيد الله الغنية وسار فى طريقه متهللا .
السلم الذى رآه يعقوب يرمز إلى العذراء
مريم التى حل الرب فى بطنها فوصلت بين السماء والأرض بعد قطيعة طويلة ، فقد كان
التجسد بداية الصلح والأتصال بين الله والإنسان .
كانت الملائكة
تسبح الرب وهو طفل مولود فى حجر العذراء مريم كما يشهد بذلك لبش الثلاثاء قائلا : " أفرحى يا مريم العبدة والأم لأن الذى فى حجرك تسبحه
الملائكة ، والشاروبيم تسجد له باستحقاق والسيرافيم بغير فتور ، يرفرفون بأجنحتهم
قائلين هذا هو ملك المجد رافع خطية العالم كعظيم رحمته .
أما تشبيه
العذراء مريم بالسلم فيأتى فى القطعة الثامنة من ثيئوتوكية السبت هكذا : " شبهت بالسلم الذى رآه يعقو مرتفعا إلى السماء والرب
المخوف عليه " .
+ تهلل يعقوب
أيضا عندما رأى من بعيد بعين النبوة مجىء " شيلون ( أى ابن الله الحى ) من
نسل إبنه المحبوب يهوذا قائلا " لا يزول قضيب
من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتى شيلون وله يكون خضوع شعوب ( تك 49 : 10 )
"
ومعروف أن
العذراء مريم والدة ( شيلون ) هى من نسل يهوذا بن يعقوب ، والحكيم يقول " تاج الشيوخ بنو البنين ( أم 27 : 6 ) " .
+ كان ليعقوب
زوجتان : ليئة وراحيل ، كانت ليئة هى الكبرى وكانت عيناها ضعيفتين ، وهى تمثل
العهد القديم بشرائعه وطقوسه الضعيفة التى لا تقدر على رفع الخطايا ، أما راحيل
وهى الصغرى فكانت جميلة ومحبوبة ، وهى تمثل العهد الجديد – عهد النعمة والمحبة –
الذى جاء مكملا لكل نقائص العهد القديم .
هكذا المسيح –
الأسد الخارج من سبط يهوذا بن يعقوب – هو رب العهدين ، أوحى بالعهد القديم
للأنبياء . ثم جاء بنفسه ليعطينا العهد الجديد بدمه لغفران الخطايا . وقال بنفسه " لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت
لأنقض بل لأكمل " ( مت
5 : 17 ) وقال الرسول : " الله بعدما كلم
الآباء بالأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة كلمنا فى هذه الأيام الأخيرة
بإبنه" ( عب 1 : 1 ) .
+
السلام لك يا مريم فخر يهوذا :
السيد المسيح
له المجد هو الأسد الخارج من سبط يهوذا ، والعذراء هى بنت يهوذا أى من نسله . ولما
حصلت العذراء مريم على كل هذا الفخر والتكريم والتمجيد فى جميع الأجيال وفى جميع
الأقطار بسبب أمومتها الطاهرة للمسيح الإله المتجسد لخلاص العالم ، انعكس كل هذا
التكريم على يهوذا أبيها ونال هو قسطا من هذا الفخر والكرامة بسبب أبوته للقديسة
مريم والدة الإله ، ويقول الرسول " فإنه واضح
أن ربنا قد طلع من سبط يهوذا " ( عب 7 : 14 ) ويخبرنا الكتاب أن " يهوذا اعتز على أخوته ومنه الرئيس " ( 1 أى 5 : 2 ) .
+
السلام لك يا مريم كرازة موسى :
+ كان موسى
وديعا وحليما جدا ، لقد قال عنه الكتاب " وأما
الرجل موسى فكان حليما جدا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض " ( عد 12 : 3 ) ولذلك رفعه الله ليكون قائدا
للشعب ونبيا عظيما جدا .
وكان
فى ذلك مثالا للعذراء مريم الحمامة الحسنة الوديعة الهادئة ، التى كانت بحق فى
زمانها وديعة جدا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض ، ولعل من أجل هذا السبب
بالذات أحتارها الله لتكون أما لمخلص العالم مانحا إياها هذا الشرف العظيم مكافأة
لأتضاعها ووداعتها حسب وعد الله المبارك القائل " كل من يضع
نفسه يرفع " ( مت 23 : 12 ) .
+ بينما كان
موسى يرعى غنم يثرون حميه فى برية سيناء جاء إلى جبل الله حوريب ( خر 3 : 1 ) فظهر
له الله فى وسط عليقة ( شجرة صغيرة ) فنظر موسى "
وإذ العليقة تتوقد بالنار والعليقة لم تكن تحترق " ( خر 3 : 2 ) ومن هناك كلفه الرب بمهمة
اخراج بنى اسرائيل من مصر .
العليقة ترمز
إلى العذراء القديسة مريم التى حملت فى داخلها جمر اللاهوت ولم تحترق ، وقد اسهبت
كتب الكنيسة فى عقد هذه المقارنة الرائعة بين عليقة موسى والعذراء مريم . فتقول
ثيئوطوكية الخميس " العليقة التى رآها
موسى النبى فى البرية والنار مشتعلة فيها ولم تحترق أغصانها هى مثال مريم العذراء
غير الدنسة التى أتى وتجسد منها كلمة الآب ، ونار لاهوته لم تحرق بطن العذراء
وأيضا بعد ما ولدته بقيت عذراء " ( القطعة الأولى ) ، وإبصالية
العليقة المشهورة التى تقال فى أيام الخميس من شهر كيهك المبارك نقول فى مطلعها :
" العليقة التى رآها موسى النبى فى البرية والنيران تشعل جواها ولم
تمسها بأذية " .
" مثال أم النور طوباها حملت جمر اللاهوتية تسعة أشهر فى أحشاها وهى
عذراء ببكورية " .
+ صنع موسى
خيمة الأجتماع أو قبة الشهادة كما يسميها حسب المثالات التى أراها الله له فى
الجبل ، وكانت تلك الخيمة مشحونة بالرموز عن السيد المسيح له المجد ، وعن أمه
العذراء القديسة مريم ، وكان ذلك بمثابة كرازة مسبقة من موسى رئيس الأنبياء عن
مجىء المسيح وولادته من العذراء الطاهرة ميلادا عذراويا طاهرا فمثلا :
+ كان أهم جزء فى خيمة الإجتماع هو
قدس الأقداس حيث وضع فيه موسى لوحى العهد المكتوب فيهما الوصايا العشر التى قالها
له الله .
قدس الأقداس يرمز إلى العذراء
القديسة مريم التى حملت المسيح كلمة الله المتجسد .
+ صنع موسى التابوت المصفح بالذهب من كل ناحية ، وهو يرمز إلى العذراء
الطاهرة داخلا وخارجا .
+
صنع موسى قسطا ذهبيا ووضع فيه كمية من المن الذى كان يأكله الشعب فى برية سيناء
كشهادة أبدية على عناية الله بشعه .
كان
القسط الذهبى يرمز إلى العذراء والمن الذى بداخله يرمز إلى المسيح خبز الحياة
النازل من السماء الذى كل من يأكل منه لا يموت إلى الأبد بل تكون له
حياة أبدية .
+
صنع موسى منارة من الذهب النقى ليوضع عليها السراج الذى لا ينطفىء أبدا داخل خيمة
الأجتماع .
المنارة
الذهبية ترمز للعذراء مريم والسراج الذى عليها يرمز للسيد المسيح نور العالم
الساكن فى نور لا يدنى منه ، والذى جاء إلى العالم لينير الطريق للسالكين فى
الظلمة وظلال الموت وكل من يتبعه يسير فى النور ولا يدركه الظلام .
تقول
ثيئوتوكية الأحد
: أنت هى المنارة الذهب النقى الحاملة المصباح المتقد كل حين الذى هو نور العالم
غير المقترب إليه الذى من النور غير المدنى منه ( قطعة 5 ) .
+
صنع موسى مجمرة من ذهب يوقد فيها الكاهن الجمر ويضع عليه البخور بها على مذبح
البخور .
المجمرة
الذهب ترمز للعذراء مريم وجمر النار يرمز إلى لاهوت المسيح الذى سكن فى بطنها تسعة
شهور ولم تحترق أحشاءها كما أن جمر النار لا يحرق المجمرة .
وتقول
ثيئوتوكية الأحد " أنت هى المجمرة الذهب النقى الحاملة جمر النار المباركة
الذى يؤخذ من على المذبح يطهر الخطايا ويمحو الأثام . أى الله الكلمة الذى تجسد
منك ورفع ذاته بخورا إلى الله أبيه ( قطعة 6 ) ثم تضيف نفس القطعة " حينئذ لا
أخطىء فى شىء إذا ما دعوتك المجمرة الذهب " .
+ جمع موسى
عصى رؤساء الأسباط ووضعها فى خيمة الإجتماع أمام الشهادة بناء على أمر الرب ( عدد
17 ) " وفى الغد دخل موسى إلى خيمة الشهادة وإذا عصا هارون لبيت لاوى قد
أفرخت ، أخرجت فروخا وأزهرت زهرا وأنضجت لوزا ( عدد 17 : 8 ) ، وكان ذلك بدون أن
يغرسها موسى فى الأرض أو يسقيها بالماء .
عصا هارون ترمز إلى العذراء القديسة مريم التى ولدت المسيح ثمرة الحياة
بدون غرس ولا سقى أى بدون زرع بشر أو زواج طبيعى وتقول ثيئوتوكية الأحد " عصا
هارون التى أزهرت بغير غرس ولا سقى هى مثال لك يا من ولدت المسيح إلهنا . بالحقيقة
بغير زرع بشر وأنت عذراء ( قطعة 7 ) .
رموز كثيرة جدا صنعها موسى تكرز وتبشر لكل من
يتأملها ويسبر غورها ، تكرز بميلاد المسيح من العذراء الطاهرة بطيقة إلهية إعجازية
وتقول ثيئوتوكية الأحد فى مطلع القطعة " 15 " ( من يقدر أن يصف كرامة
القبة التى زينها النبى لما رآها المعلمون المختارون للكتب المقدسة تعجبوا جدا ) .
وبجانب هذه
الرموز التى صنعها موسى تنبأ نبوة صريحة عن مجىء المسيح وأوصى شعه أن يسمعوا له
قائلا " يقيم لك الرب إلهك نبيا فى وسطك من
إخوتك مثلى له تسمعون " تث 18 : 15 .
وبناء على كل
هذه الرموز والنبوات قال السيد المسيح مرة موبخا اليهود " لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقوننى لأنه هو
كتب عنى " ( يو 5 : 46 ) .
+
السلام لك يا مريم كرامة صموئيل
ولادة صموئيل
النبى وولادة القديسة مريم من والديها يواقيم وحنة متشابهين ، كانت حنة أم صموئيل
عاقرا وصلت إلى الرب أن يعطيها نسلا فتجعله نذيرا للرب ليخدمه فى هيكل قدسه فسمع
الرب صوتها وأعطاها صموئيل ، ولما كبر قليلا أحضرته إلى هيكل الرب وسلمته إلى عالى
الكاهن ليخدم الرب ويخدم الكهنة .
نفس الأمر يتكرر بخصوص القديسة مريم
فقد كانت أمها حنة وهو نفس اسم أم صموئيل النبى كانت حنة عاقرا فصلت إلى الرب
ونذرت نسلها للرب فأستجاب الرب طلبتها وأعطاها إبنة دعتها مريم ولما كبرت قليلا
سلمتها إلى زكريا الكاهن لتعيش فى الهيكل وتخدم الرب وتعبده ، وتخدم الكهنة .
أمر آخر
يتشابه فيه صموئيل النبى والعذراء مريم فقد اختار الرب كلا منهما منذ صغره ليقوم
بمهمة إلهية خطيرة .
بينما صموئيل
صبى صغير وكان نائما فى مخدعه فى الهيكل ناداه الرب صموئيل صموئيل ، ولما تحقق أنه
صوت الرب قال كما لقنه عالى الكاهن معلمه : "
تكلم يارب فإن عبدك سامع " ( 1 صم 3 ) فكلفه الرب بأن يحل محل
عالى الكاهن فى قيادة الشعب وتعليمه وأن يقوم بعمل القضاء للشعب لحل مشاكله .
مريم الصبية
الصغيرة سلمها الكهنة لقريبها البار يوسف الطاهر ليحفظها فى بيته فجاء إليها
الملاك وبشرها بأمر التكليف الصادر من قبل الرب بأن الروح القدس يحل عليها وقوة
العلى تظللها فتحبل وتلد يسوع المسيح مخلص العالم كله فقبلت المهمة بإتضاع وتسليم
وقالت " هوذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك فمضى
من عندها الملاك " ( لو 1 : 38 ) .
لذلك
نال كل منهما كرامة عالية وتشرف بخدمة الرب منذ صباه ، وقام كل منهما بمهمة خطيرة
بتكليف من الرب نفسه ونجحا فى ذلك أعظم نجاح .
+
السلام لك يا مريم فخر إسرائيل :
القديسة مريم
بأمومتها العذراوية الطاهرة للمسيح ابن الله المتجسد أصبحت أشرف نساء العالمين هى
فخر الجنس البشرى عامة ، وفخر إسرائيل خاصة ولو أنه بعد أن حل عليها الروح القدس
وطهرها فحملت المسيح وولدته ثم حل عليها الروح القدس مع التلاميذ فى العلية فى يوم
الخمسين لم تصبح يهودية بل مسيحية وأم جميع المسيحيين ، هى فخر العذارى والمتبتلين
، هى فخر الطهارة والبتولية والعفة . ينسج على منوالها ويقتدى بسيرتها كل من يريد
أن يعيش بتولا وكل فتاة تريد أن تحيا عذراء تأخذ سيرة حياة العذراء قدوة صالحة
ونبراسا منيرا ، ينير لها الطريق ويخفف عنها معاناة الجهاد .
+
السلام لك يا مريم ثبات أيوب البار :
أيوب الصديق
رمز الصبر والثبات فى التجارب حتى أن الرسول يوجه أنظارنا إليه لنتعلم منه فضيلة
الصبر والثبات والأحتمال أمام التجارب المحرقة فيقول : " خذوا يا إخوتى مثالا لأحتمال المشقات والأناة ، الأنبياء الذين
تكلموا باسم الرب . ها نحن نطوب الصابرين ، قد سمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب معه ، لأن الرب كثير
الرحمة ورؤوف " ( يع 5 : 10 – 11 ) .
ولما احتمل
أيوب التجربة واجتازها بثبات ونجاح " رد الرب
سبى أيوب ... وزاد الرب على ما كان لأيوب ضعفا ... وبارك الرب آخرة أيوب أكثر من
أولاه " ( أى 42 : 10 – 12 ) كان أيوب فى تجربته يرى الرب بعين
الإيمان والنبوة آتيا من بعيد كمخلص ومنقذ ولذلك تعزى فى ضيقته . يقول أيوب بروح
النبوة " أما أنا فقد علمت أن وليى حى ويظهر
على الأرض فى آخر الزمان ، وبعد أن يفنى جلدى هذا وبدون جسدى أرى الرب "
( أى 19 : 25 – 27 ) حسب النص القبطى – القديسة مريم شابهت أيوب فى الصبر
والأحتمال ، فقد فقدت والديها منذ صباها وفقدت معهما نعمة حنان الأبوة والأمومة
وكابدت متاعب اليتم المبكر بكل ثقله وحرمانه .
لما ظهرت
عليها علامات الحمل وهى فى بيت يوسف ، ظهرت عليه هو بالتالى علامات الشك والأرتياب
فى سلوكها ، ولو كان رجلا عاديا لهم بقتلها ولكنه إذ كان رجلا بارا أراد تخليتها
سرا ( مت 1 : 19 ) كانت القديسة مريم تشعر بارتياب الرجل فى أمرها ولكنها تحملت فى
صمت وتسليم تاركة الأمر للرب لكى يقنعه بطهارتها ويكشف له الأمر بوضوح وجلاء ، وقد
فعل الرب ذلك إذ فيما كان يوسف متفكرا فى هذه الأمور إذا ملاك الرب ظهر له فى حلم
قائلا يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم أمرأتك لأن الذى حبل به فيها هو من
الروح القدس ( مت 1 : 20 ) فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما أمره ملاك الرب وأخذ
إمرأته ( مت 1 : 24 ) بعد أن استرد ثقته فيها واطمأن إلى طهارة سيرتها ونقاوة
حياتها .
احتملت
العذراء كثيرا فى سبيل إبنها الحبيب فقد هربت به إلى مصر فى رحلة شاقة مخيفة متعبة
، ومكثت ما يقرب من ثلاث سنوات متغربة بالضنك والفاقة حتى أمر ملاك الرب يوسف
بالعودة مع العائلة المقدسة إلى فلسطين .
جاز فى نفس
العذراء سيف الألم كما تنبأ لها سمعان الشيخ ( لو 2 : 35 ) عندما أمسك اليهود
ابنها الوحيد وحاكموه ثم أحضروه لبيلاطس فأيد حكمهم بموته صلبا بعد عذابات شديدة
ومؤلمة على مرأى ومسمع من أمه المباركة بكل ما تحمله من حنان الأمومة ورقة المشاعر
وحساسية الفضيلة ، مما أتعبها جدا وألمها غاية الألم .
كل هذا تقبلته
بصبر واحتمال مثل أيوب البار الذى احتمل التجربة حتى تزكى قدام الله ونال المواعيد
.
+
السلام لك يا مريم ابنة الملك داود :
لما بشر
الملاك العذراء بالحبل الإلهى قال : "
.......... وها انت ستحبلين وتلدين إبنا وتسمينه يسوع هذا يكون عظيما وإبن العلى
يدعى ويعطيه الرب الإله كرسى داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون
لملكه نهاية " ( لو 1 : 31 ) وسمى داود أبو المسيح لأن العذراء
مريم هى إبنة داود أى من نسله وسلالته .
وقال الملاك
مخاطبا يوسف خطيب مريم والذى من عشرتها أى من بيت داود وسلالة يهوذا : " يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم إمرأتك "
( مت 1 : 20 ) لكى يذكره بوعد الرب لداود بمجىء المسيح من نسله بقوله : " أقسم الرب لداود بالحق ولا يحنث أن من
ثمرة بطنك أضع على كرسيك " ( مز 132 : 11 ) .
لقد رأى داود
إبنته مريم من بعيد بعين النبوة وأنها ستكون هى الملكة أم الملك ، فأوصاها بروح
النبوة وبمحبة الأبوة قائلا : " أسمعى يا
إبنتى وانظرى وأميلى سمعك وأنسى شعبك وبيت أبيك فإن الملك قد اشتهى حسنك لأنه هو
ربك وله تسجدين " ( مز 45 : 10 – 11 ) .
وقال فى نفس
المزمور أيضا جلست الملكة عن يمينك بذهب أوفير ( مز 45 : 9 ) لقد سماها " صهيون الأم " ، فقال : " صهيون الأم تقول أن إنسانا وإنسانا ولد فيها وهو
العلى الذى أسسها ، الرب يحدث فى كتب الشعوب أن هذا ولد هناك " (
مز 87 : 5 – 6 ) .
نال الملك
داود عن طريق أبوته للقديسة مريم شرفا وكرامة لم ينلها من ملكه ولا عظمته ولا
جبروته ، أصبح له شرف أن يكون جد المسيح بالجسد .
+
السلام لك يا مريم صديقة سليمان :
لبش الأثنين
يبين العلاقة بين سليمان وبين العذراء مريم فيقول : "
.... وأيضا سليمان الجامعة هكذا يقول فى نشيد الأنشاد " يا أختى وخليلتى
الكاملة رائحة ثيابك هى عنبر " وفى ذكصولوجية رفع بخور عشية الخاصة
بالعذراء نقول : " سليمان دعاها فى نشيد الأنشاد وقال : أختى وصديقتى مدينتى الحقيقية أورشليم ، لأنه أعطى علامة عنها
بأسماء كثيرة عالية قائلا من بستانك أيتها العنبر المختار .
وفى ذكصولوجية
نصف الليل الخاصة بالعذراء نقول " عظمتك يا
مريم العذراء غير الدنسة تشبه النخلة التى تكلم عنها سليمان " .
هذه النصوص
تكشف لنا رموزا جديدة من رموز عروس النشيد التى تغنى سليمان كثيرا بجمالها
وطهارتها .
نحن نعرف أن عروس النشيد ترمز إلى
النفس الإنسانية وترمز أيضا إلى الكنيسة المقدسة عروس المسيح التى اشتراها بدمه .
وهنا يضيف الآباء رمز عروس النشيد إلى العذراء القديسة مريم التى تغنى سليمان
كثيرا بفضائلها العالية وخصالها الحميدة .
فعن طهارتها
قال : " مشرقة مثل الصباح جميلة كالقمر ،
طاهرة كالشمس ، مرهبة كجيش بألوية " ( نش 6 : 10 ) .
وعن بتوليتها
قال :
" أختى
العروس جنة مغلقة عين مقفلة ينبوع مختوم " ( نش 4 : 12 ) .
وعن عبادتها
ونسكها وأصوامها قال :
" معطرة
بالمر واللبان وكل أذرة التاجر " ( نش 3 : 6 ) .
وعن هدوئها
ووداعتها قال :"عيناك حمامتان "
( نش 1 : 15 ) .
وقد تنبأ
سليمان عن مجىء المسيح وميلاده من العذراء مريم بطريقة إعجازية فقال :
" ينزل مثل
المطر على الجزاز ومثل الغيوث الذارفة على الأرض . يشرق فى أيامه الصديق وكثرة
السلام إلى أن يضمحل القمر ويملك من البحر إلى البحر ومن النهر إلى أقاصى الأرض
" ( مز 72 لسليمان 6 – 8 ) .
ويقول أيضا " كل الأمم تتعبد له لأنه ينجى الفقير المستغيث
والمسكين إذ لا معين له .. يشفق على المسكين والبائس ويخلص أنفس الفقراء ... يكون
اسمه إلى الدهر قدام الشمس يمتد اسمه ويتباركون به كل أمم الأرض " (
مز 72 : 11 – 17 ) . وقد مدح السيدة العذراء مريم بروح النبوة قائلا : " بنات كثيرات عملن فضلا أما أنت ففقت عليهن جميعا
" ( أم 31 : 29 ) وتستعمل الكنيسة هذه العبارة فى ألحانها الخاصة
بالعذراء .
+
السلام لك يا مريم خلاص إشعياء
أعطت الكنيسة
إشعياء النبى " لقب النبى الأنجيلى "
وذلك بسبب نبواته الكثيرة عن المسيح فى مختلف مراحل حياته كأنه شاهد عيان للمسيح
المتجسد على الأرض فعن ميلاده البتولى العجيب من العذراء مريم قال : " يعطيكم السيد نفسه آية .. كا العذراء تحبل وتلد إبنا
وتدعو اسمه عمانوئيل .... يرفض الشر ويختار الخير " ( إش 7 : 14 )
.
من كتاب القمص تادرس يعقوب :
يتميز إشعياء بكثرة النبوات عن السيد المسيح :
من جهة ميلاده من عذراء : [ 7 : 14 ] : " ولكن يعطيكم السيد
نفسه آية ، ها العذراء تحبل وتلد أبنا وتدعو اسمه عمانوئيل " .
من جهـــة لاهوتـــــه :
[ 9 :
6 ] : "
ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام " .
من نسل يسى :
[ 11 : 1 ] : "
ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله ،
"
معلن الحق للأمم : [ 42 : 1 ] : " هوذا عبدى الذى
أعضده مختارى الذى سرت به نفسى ، وضعت روحى عليه فيخرج الحق للأمم ، ... " .
يسلك بالوداعة : [ 42 : 2 ] : " لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع فى الشارع صوته
" .
واهب
الرجاء للكل : [ 42 : 3 ] : " قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا
يطفىء ، إلى الأمان يخرج الحق " .
هروبه إلى مصر وإقامة مذبح كنيسة العهد
الجديد هناك : [ 19 ] : "
وحى من جهة مصر ، هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر
من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها ، .... " .
الآمه وصلبه [
50 : 6 ، 53 : 1 – 12 ] .
فتح طريق الفرح للمفديين بقيامته [ 35 : 8 – 10 ] : " وتكون هناك
سكة وطريق يقال لها الطريق المقدسة ، ..... " .
تحدث أيضا عن الروح القدس وعطيته الفائقة فى
العصر المسيانى :
[ 11 : 2 ] : "
ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب
" . وكذلك ما ورد فى
الأصحاحات : [32 : 15 ؛ 40 : 7 ؛ 42 : 1 ؛ 44 ؛ 3 ؛ 61 : 1 ..... الخ ]
ووردت فى العهد الجديد (من كتاب د . أنطون يعقوب ميخائيل )
علاقة العذراء مريم بآباء وأنبياء العهد القديم
[ منقول من
كتاب روحانية التسبحة – ج 7 – للقمص بقنتيوس السريانى ]
فى القطعة الثامنة من ثيئوتوكية الأحد تورد
الثيئوتوكية ملحمة جميلة من سلامات العذراء مريم وعلاقتها مع آباء وأنبياء العهد
القديم الذين اشتهوا أن يروا السيد المسيح – المولود من العذراء مريم – ولم يروه
وأن يسمعوا كلمات النعمة الخارجة من فيه ولم يسمعوا ، فماتوا على رجاء الخلاص الذى
سيتممه لهم فى ملء الزمان ، حتى جاء المسيح أو المسيا المنتظر مولودا من العذراء
مريم وتمم كل نبواتهم وأنعم لهم بالخلاص ومسح دموعهم وحول حزنهم إلى فرح .
تخاطب الثيئوتوكية السيدة العذراء قائلة :
+ السلام لك يا مريم خلاص
أبينا آدم :
بعد أن سقط آدم فى المعصية وأكل من ثمرة الشجرة
المنهى عنها ، وتحقق فيه العقاب الإلهى " أنك يوم تأكل منها موتا تموت ( تك 2
: 17 ) لم يتركه الله فى موته أو فى يأسه من الخلاص بل سمع الوعد المبارك بالخلاص
من فم الله وهو يخاطب الحية قائلا : " اضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك
ونسلها ، هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه ( تك 3 : 15 ) " .
ونلاحظ أنه كما تشير النبوة إلى المسيح الذى
سيسحق الشيطان تشير أيضا إلى أمه القديسة فهو "
نسل المرأة " .
" فإذا كنا كلنا
نولد من إمرأة ورجل ، وإذا كان آدم قد جاء لا من إمرأة ولا من رجل ، وإذا كانت
حواء قد جاءت من رجل بلا إمرأة ، فالمسيح جاء من إمرأة دون رجل " ولذلك دعى
" نسل المرأة " .
والذى عزى آدم فى محنته أن هذه المرأة التى
ستلد المخلص الذى سيسحق رأس الحية ويخلصه من سقطته ستكون من نسله هو ، لأن العذراء
مريم هى إبنة آدم مثل كل الناس الموجودين على الأرض .
لقد مات آدم مطمئنا بعد سماعه وعد الله بالخلاص
، وفى ملء الزمان جاء المسيح " آدم الثانى
" مولودا من إمرأة من بنات آدم ليخلص آدم وبنيه من مصيرهم المرعب
، وفعلا لما مات الرب يسوع على الصليب نزلت روحه إلى الجحيم متحدة بلاهوته وأخرجت
آدم الحزين وكل بنيه الذين ماتوا على الرجاء وأدخلتهم إلى الفردوس .
وتقول ثيئوتوكية الأثنين فى هذا الموضوع "
آدم بينما هو حزين سر الرب أن يرده إلى رئاسته ( القطعة 1 الربع 1 ) ولبش الأثنين
يقول : " لأن آدم أبانا الأول بيدى الله الخالق . بمشورة حواء أمنا الأولى
أكل آدم من ثمرة الشجرة . فجاء على جنسنا وكل الخليقة سلطان الموت والفساد . ومن
قبل مريم والدة الإله أرجع آدم إلى رئاسته مرة أخرى ( أرباع 2 – 5 ) " .
وهكذا كما أن ثمرة شجرة معرفة الخير والشر كانت
سببا فى سقوط آدم وموته واغترابه من الله أصبح المسيح – ثمرة بطن العذراء مريم –
وهو الثمرة المحببة أو عنقود الحياة الذى حملته الكرمة الحقانية مريم بدون غرس ولا
سقى ولا تفليح ، أصبح سببا فى خلاص آدم ورجوعه إلى الحياة الأبدية .
+
+ +
+ السلام لك يا مريم تهليل حواء
عندما أخطأت حواء وأطاعت الحية وأكلت من الشجرة
المنهى عنها ، ورفضت الأعتراف بخطيتها وغوايتها جاء إليها العقاب الإلهى قائلا : " تكثيرا أكثر أتعاب حبلك . .. بالوجع تلدين أولادا
( تك 3 : 16 ) " هذا إلى جانب
طردها مع زوجها من الفردوس وذهابها بعد الموت إلى الجحيم مما أثار أشجانها وحرك
حزنها .
ولما جاء المسيح الذى هو من نسل المرأة وصنع
الفداء العظيم على الصليب وسحق رأس الحية حسب الوعد الإلهى : " وأضع عداوة بينك ( الحية ) وبين المرأة ، وبين نسلك
ونسلها ، هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه " ( تك 3 : 15 ) .
نزل المسيح إلى الجحيم وحول حزن حواء إلى فرح
ونقلها مع آدم وجميع الصديقين الذين ماتوا على رجاء إلى فردوس النعيم حيث الفرح
والتنعم ، حيث هرب الحزن والكآبة والتنهد . وفى قطعة " تناف " ، وهى
مديح القيامة فى التسبحة تقول :
" كل الأفراح تليق
بك يا والدة الإله لأن من قبلك أرجع آدم إلى الفردوس ونالت حواء الزينة عوض حزنها
وأخذت الحرية دفعة أخرى من قبلك والخلاص الدهرى " .
وليست حواء – أم العذراء مريم – هى وحدها نالت
الفرح والتهليل بل كل جنس النساء ، فيقول لبش الأثنين
" لأن من قبلها ( أى من قبل مريم ) وجدت النساء دالة أمام الرب ( ربع 11 )
" .
ويحلو لبعض الآباء أن يطلقوا على مريم العذراء
لقب " حواء الثانية " .
+ + +
+
السلام لك يا مريم فرح الأجيال
كل الأجيال
فرحت ومازالت تفرح بالقديسة مريم ، وفى القطعة السادسة من ثيئوتوكية الخميس تقول :
"
لأنها مكرمة جدا عند جميع القديسين ورؤساء الآباء لأنها أتت لهم بمن كانوا ينتظرونه
"
"
وكذلك الأنبياء الذين تنبأوا من أجله بأنواع كثيرة وتشبيهات شتى بأنه يأتى ويخلصنا
"
"
والرسل معا لأنها والدة الذى كرزوا به فى كل المسكونة " .
"
والشهداء المجاهدين لأنه قد خرج منها واضع جهادهم الحقيقى ربنا يسوع المسيح "
وما زالت
الأجيال وستزال تكرمها وتطوبها مصداقا لقولها :
" هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى لأن القدير صنع بى عظائم واسمه
قدوس ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه " ( لو 1 : 48 – 50 ) .
انها
فرح جميع الأجيال :
أولا : لأنها ولدت المسيح ابن الله الذى خلص
العالم من سلطان الشيطان والخطية والفساد .
ثانيا : لجل شفاعتها المقبولة لدى ابنها
الحبيب ، والمعجزات الكثيرة التى تعملها للمؤمنين من شفاء أمراض وحل مشاكل وانقاذ
من الضيقات ، مما يجعل الناس يفرحون بالعذراء وينذرون لها النذور ويقيمون لها
التماجيد فى كل زمان ومكان .
+
+ +
+ +
السلام لك يا مريم فرح هابيل البار :
+ قدم هابيل
للرب قربانا من أبكار غنمه ومن سمانها ، أى قدم ذبائح دموية حيوانية مؤمنا أنه
بدون سفك دم لا تحصل مغفرة ، وشاعرا بإحتياجه الشديد إلى مخلص يكون فى هرق دمه
تكفير وغفران وفى موته تبرير وتطهير .
ولما رأى الله
إيمانه المستقيم وشعوره المتضع قبل ذبيحته "
نظر الرب إلى هابيل وإلى قربانه " ( تك 4 : 4 ) ففرح هابيل لما
قبل الله ذبيحته .
وكما قدم هابيل ذبيحة من أعز ما
عنده ، من أبكار غنمه ومن سمانها ، قدمت العذراء مريم ابنها الوحيد الحبيب ذبيحة
كفارية عن خلاص العالم كله " فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة
" وتنسم الرب رائحة الرضا ، ورفع غضبه وسخطه عن العالم .
+ لما قتل
هابيل ظلما ومات طاهرا انتظر مع الأبرار الآخرين مجىء الفادى والمخلص الذى ولد من
العذراء مريم ، ثم صلب على الصليب ، ومن هناك نزل إلى الجحيم وأزال حزن هابيل البار
من جراء انتظاره الطويل للمخلص ، ثم نقله وكل الأبرار إلى فردوس النعيم مما زاد
فرحه وتنعمه ، ويقول الرسول بولس عن خلاص المسيح ودمه المسفوك على الصليب "
.... إلى وسيط العهد الجديد يسوع وإلى دم رش يتكلم أفضل من هابيل ( عب 12 : 24 )
" – ودم المسيح أفضل من دم هابيل لأن دم هابيل طلب الأنتقام " صوت دم أخيك صارخ إلى من الأرض ( تك 4 : 10 )
" ،
أما دم المسيح
فطلب الصفح والغفران " يا أبتاه أغفر لهم
لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ( لو 23 : 34 ) " .
+
+ +
+ +
+
السلام لك يا مريم خلاص نوح :
نقول فى
ذكصولوجية العذراء لرفع بخور باكر " الروح
المعزى الذى حل على إبنك فى مياة الأردن كمثال نوح . لأن تلك الحمامة بشرتنا بسلام
الله الذى صار للبشر ، وأنت أيضا يا رجائنا اليمامة العقلية أتيت لنا بالرحمة
وحملته فى بطنك ، أى يسوع المولود من الآب ولد لنا منك وحرر جنسنا " .
ومعنى ذلك أنه
كما أن الحمامة حينما أطلقها نوح من الفلك رجعت بعد قليل وفى منقارها غصن رمز
السلام والطمأنينة وزوال الخطر بنزوح مياة الطوفان عن الأرض ، مما جعل نوح ينزل من
الفلك هو وكل من معه ويقدم للرب ذبائح شكر وسلامة على خلاصه وخلاص أسرته وكل ما
كان معه من حيوانات وطيور ، ثم عمر الأرض ونما وكثر .
كذلك العذراء مريم الحمامة الحسنة أتت لنا بالرب يسوع المسيح رئيس السلام ،
فصنع فى الأرض سلاما وصالح ذرية نوح مع الله خالقهم صانعا الصلح دم صليبه .
+
نوح بفلكه خلص ثمانى أنفس من الغرق أى هو وأفراد أسرته فقط ، أما العذراء مريم فقد
قدمت المسيح فلك النجاة الذى خلص العالم كله من طوفان بحر الخطية وشرورها التى
تغرق الناس فى العطب والهلاك .
+ +
+
+
+
السلام لك يا مريم نعمة إبراهيم :
أعطى الله
لإبراهيم نعمة الإيمان بغزارة " آمن إبراهيم
بالله فحسب له برا " ( رو 4 : 3 ) . كان إيمانه قويا يهزأ
بالمستحيلات ويستهين بالمعوقات .
لما أمره الله
بالخروج من أرضه ومن عشيرته ومن بيت أبيه إلى الأرض التى سيريه إياها " خرج وهو لا يعلم إلى أين يأتى ( عب 11 : 8 ) "
ولما وعده الله بميلاد اسحق آمن بوعد الله رغم وجود بعض معطلات الإنجاب لديه ولدى
زوجته سارة لشيخوختهما المتأخرة " وإذ لم يكن
ضعيفا فى الإيمان لم يعتبر جسده وهو قد صار مماتا إذ كان ابن نحو مائة سنة ، ولا
مماتية مستودع سارة ولا بعدم ايمان ارتاب فى وعد الله بل تقوى بالإيمان معطيا مجدا
لله ، وتيقن أن ما وعد به هو قادر أن يفعله أيضا " ( رو 4 : 19 –
21 ) .
ولما أمره
الله بتقديم اسحق ابن الموعد ذبيحة لم يعارض بل قام باكرا وبقلب شجاع عزم على
تنفيذ أمر الله بحذافيره ، ويقول الرسول : "
بالإيمان قدم إبراهيم اسحق وهو مجرب ، قدم الذى قبل المواعيد ، وحيده الذى قيل له
أنه بإسحق يدعى لك نسل إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من بين الأموات "
( عب 11 : 17 – 19 ) .
هكذا كان
إيمان العذراء القديسة مريم . كان إيمانها بسيطا وقويا . بشرها الملاك بأنها ستحبل
وتلد إبنا دون أن تتزوج أو تعرف رجلا ، ورغم غرابة الخبر استفسرت من الملاك
استفسارا بسيطا قائلة " كيف يكون لى هذا وأنا
لست أعرف رجلا "( لو 1 : 34 ) ولما عرفت أن هذه مشيئة الرب
وتدبيره خضعت بإيمان واتضاع قائلة " هوذا أنا
أمة الرب ليكن لى كقولك " ( لو 1 : 38 ) .
لما أمر
الملاك يوسف بأن يأخذ الصبى وأمه ويهرب إلى مصر أطاعت فى اتضاع وتسليم ، ولما
أمرها الملاك بالرجوع إلى فلسطين فعلت نفس الشىء .
كانت العذراء
من نسل إبراهيم ، وكانت نسلا صالحا ، والنسل الصالح يكون سبب نعمة لآبائه وسبب فرح
وسرور لهم حسب قول الحكيم فى الأمثال ( أم 10 : 1 ) ، فالعذراء مريم كانت سبب نعمة
وفرح لأبيها ابراهيم ، وسبب اكرام وتبجيل له على مدى الأيام فنقول فى القطع المعقب العربى فى عشيات شهر كيهك هذا المرد الذى يتكرر
فى كل قطعة :
"
السلام لك ثم السلام لك ونسألك يا أم المحبوب أن تحظينا فى مظال آبائك إبراهيم
واسحق ويعقوب " .
الرب يسوع ابن
العذراء مريم أخرج ابراهيم من الجحيم ونقله إلى الفردوس وجعل حضنه مكان راحة
وتعزية لكل المؤمنين الراحلين ، فتقول الكنيسة فى صلواتها على المنتقلين :
" نيح نفوسهم جميعا فى حضن آبائنا
القديسين ابراهيم واسحق ويعقوب " .
+
+ +
+ +
+
السلام لك يا مريم خلاص اسحق القديس :
+ حملت سارة
اسحق ابن الموعد وهى عجوز سنها 90 سنة بعد أن مات مستودعها ( رحمها ) وانقطعت عنها
عادة النساء ، ويقول الرسول فى ذلك " وإذ لم
يكن ( ابراهيم ) ضعيفا فى الإيمان لم يعتبر جسده إذ صار مماتا اذ كان ابن نحو مائة
سنة ولا مماتية مستودع سارة ، ولا بعدم ايمان ارتاب فى وعد الله بل تقوى بالأيمان
معطيا مجدا لله وتيقن أن ما وعد به هو قادر أن يفعله أيضا " ( رو
4 : 19 – 21 ) .
هكذا حملت
العذراء مريم المسيح ابن الله بطريقة إلهية فى مستودعها الصغير البكر دون أن تتزوج
أو تعرف رجلا ، وكلاهما طرقتان للحمل تمجدان الله وتشهدان بقدرته الفائقة وتدبيره
العالى حقا يارب " ما أبعد أحكامك عن الفحص
وطرقك عن الأستقصاء " .
+ عندما ولدت
سارة اسحق وأصبحت أما لأبن الموعد فرحت وابتهجت قائلة : " قد صنع الله إلى ضحكا ، كل من يسمع يضحك لى ، ودعت
اسمه اسحق أى ضحك " .
هكذا العذراء
مريم عندما حملت بالمسيح كلمة الله وتأكدت أنها أصبحت أما للمسيا المنتظر الموعود
به لخلاص الله ، والذى كانت كل فتاة يهودية تتمنى أن تكون أما للمسيا المنتظر ،
عندما تأكدت من ذلك فرحت وابتهجت وطفقت تسبح الرب قائلة : " تعظم نفسى الرب وتبتهج روحى بالله مخلصى .... لأن
القدير صنع بى عظائم واسمه قدوس " ( لو 1 : 46 – 49 ) " .
+ بناء على أمر الله أخذ ابراهيم ابنه الشاب اسحق وذهب به إلى جبل المريا ،
وهناك أوثقه ووضعه على المذبح وهم بذبحه ، وهنا تدخل الله وناداه قائلا " لا
تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئا ... فرفع ابراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراءه
ممسكا فى الغابة بقرنيه . فذهب ابراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضا عن إبنه
" (
تك 22 : 12 ، 13 ) "
لم يذكر الكتاب من أين أتى الكبش ولا
كيف أمسك فى الشجرة بقرنيه ، ونحن نعتقد أنه بمعجزة إلهية أخرجت الشجرة – على غير
طبع الأشجار – هذا الكبش الذى أصعده إبراهيم محرقة بدلا عن ابنه اسحق . والذى يؤيد
نظرتنا هذه أن الكتاب لم يقل أن الكبش كان موثقا أو مربوطا فى الشجرة بقرنيه كأن
يكون مربوطا بحبل أو غيره ، ولكنه قال أن الكبش كان ممسكا فى الشجرة بقرنيه ، أى
أن قرنيه كانا ممسوكين فى الشجرة أو ملتصقين بها .
وكما أخرجت الشجرة الكبش على غير الناموس الطبيعى للأشجار ، هكذا العذراء
مريم ولدت السيد المسيح له المجد بتدبير إلهى وسر لا يدركه العقل ، ولدته وهى
عذراء بدون زرع بشر وذلك على غير طبيعة النساء ، وكما قدم إبراهيم ذلك الخروف
محرقة وفداء عن إبنه هكذا أصعد المسيح ذاته على مذبح الصليب ذبيحة محرقة عن جنس
البشر وصنع على الصليب فداء عظيما كحمل الله الذى يحمل خطية العالم كله .
+ + +
+
السلام لك يا مريم تهليل يعقوب :
+
بينما كان يعقو هاربا خائفا من أخيه عيسو أدركه الليل فنام فرأى سلما منصوبا على
الأرض ورأسها يمس السماء ، وهوذا ملائكة الله صاعدة ونازلة عليها وهوذا الرب واقف عليها .
فقال : " أنا الرب إله إبراهيم أبيك وإله اسحق ، الأرض التى
أنت مضطجع عليها أعطيها لك ولنسلك .. " ( تك 28 : 12 – 15 ) .
فاطمأن يعقوب
بسبب مواعيد الله الغنية وسار فى طريقه متهللا .
السلم الذى رآه يعقوب يرمز إلى العذراء
مريم التى حل الرب فى بطنها فوصلت بين السماء والأرض بعد قطيعة طويلة ، فقد كان
التجسد بداية الصلح والأتصال بين الله والإنسان .
كانت الملائكة
تسبح الرب وهو طفل مولود فى حجر العذراء مريم كما يشهد بذلك لبش الثلاثاء قائلا : " أفرحى يا مريم العبدة والأم لأن الذى فى حجرك تسبحه
الملائكة ، والشاروبيم تسجد له باستحقاق والسيرافيم بغير فتور ، يرفرفون بأجنحتهم
قائلين هذا هو ملك المجد رافع خطية العالم كعظيم رحمته .
أما تشبيه
العذراء مريم بالسلم فيأتى فى القطعة الثامنة من ثيئوتوكية السبت هكذا : " شبهت بالسلم الذى رآه يعقو مرتفعا إلى السماء والرب
المخوف عليه " .
+ تهلل يعقوب
أيضا عندما رأى من بعيد بعين النبوة مجىء " شيلون ( أى ابن الله الحى ) من
نسل إبنه المحبوب يهوذا قائلا " لا يزول قضيب
من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتى شيلون وله يكون خضوع شعوب ( تك 49 : 10 )
"
ومعروف أن
العذراء مريم والدة ( شيلون ) هى من نسل يهوذا بن يعقوب ، والحكيم يقول " تاج الشيوخ بنو البنين ( أم 27 : 6 ) " .
+ كان ليعقوب
زوجتان : ليئة وراحيل ، كانت ليئة هى الكبرى وكانت عيناها ضعيفتين ، وهى تمثل
العهد القديم بشرائعه وطقوسه الضعيفة التى لا تقدر على رفع الخطايا ، أما راحيل
وهى الصغرى فكانت جميلة ومحبوبة ، وهى تمثل العهد الجديد – عهد النعمة والمحبة –
الذى جاء مكملا لكل نقائص العهد القديم .
هكذا المسيح –
الأسد الخارج من سبط يهوذا بن يعقوب – هو رب العهدين ، أوحى بالعهد القديم
للأنبياء . ثم جاء بنفسه ليعطينا العهد الجديد بدمه لغفران الخطايا . وقال بنفسه " لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت
لأنقض بل لأكمل " ( مت
5 : 17 ) وقال الرسول : " الله بعدما كلم
الآباء بالأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة كلمنا فى هذه الأيام الأخيرة
بإبنه" ( عب 1 : 1 ) .
+
+ +
+ +
+
السلام لك يا مريم فخر يهوذا :
السيد المسيح
له المجد هو الأسد الخارج من سبط يهوذا ، والعذراء هى بنت يهوذا أى من نسله . ولما
حصلت العذراء مريم على كل هذا الفخر والتكريم والتمجيد فى جميع الأجيال وفى جميع
الأقطار بسبب أمومتها الطاهرة للمسيح الإله المتجسد لخلاص العالم ، انعكس كل هذا
التكريم على يهوذا أبيها ونال هو قسطا من هذا الفخر والكرامة بسبب أبوته للقديسة
مريم والدة الإله ، ويقول الرسول " فإنه واضح
أن ربنا قد طلع من سبط يهوذا " ( عب 7 : 14 ) ويخبرنا الكتاب أن " يهوذا اعتز على أخوته ومنه الرئيس " ( 1 أى 5 : 2 ) .
+
+ +
+ +
+
السلام لك يا مريم كرازة موسى :
+ كان موسى
وديعا وحليما جدا ، لقد قال عنه الكتاب " وأما
الرجل موسى فكان حليما جدا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض " ( عد 12 : 3 ) ولذلك رفعه الله ليكون قائدا
للشعب ونبيا عظيما جدا .
وكان
فى ذلك مثالا للعذراء مريم الحمامة الحسنة الوديعة الهادئة ، التى كانت بحق فى
زمانها وديعة جدا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض ، ولعل من أجل هذا السبب
بالذات أحتارها الله لتكون أما لمخلص العالم مانحا إياها هذا الشرف العظيم مكافأة
لأتضاعها ووداعتها حسب وعد الله المبارك القائل " كل من يضع
نفسه يرفع " ( مت 23 : 12 ) .
+ بينما كان
موسى يرعى غنم يثرون حميه فى برية سيناء جاء إلى جبل الله حوريب ( خر 3 : 1 ) فظهر
له الله فى وسط عليقة ( شجرة صغيرة ) فنظر موسى "
وإذ العليقة تتوقد بالنار والعليقة لم تكن تحترق " ( خر 3 : 2 ) ومن هناك كلفه الرب بمهمة
اخراج بنى اسرائيل من مصر .
العليقة ترمز
إلى العذراء القديسة مريم التى حملت فى داخلها جمر اللاهوت ولم تحترق ، وقد اسهبت
كتب الكنيسة فى عقد هذه المقارنة الرائعة بين عليقة موسى والعذراء مريم . فتقول
ثيئوطوكية الخميس " العليقة التى رآها
موسى النبى فى البرية والنار مشتعلة فيها ولم تحترق أغصانها هى مثال مريم العذراء
غير الدنسة التى أتى وتجسد منها كلمة الآب ، ونار لاهوته لم تحرق بطن العذراء
وأيضا بعد ما ولدته بقيت عذراء " ( القطعة الأولى ) ، وإبصالية
العليقة المشهورة التى تقال فى أيام الخميس من شهر كيهك المبارك نقول فى مطلعها :
" العليقة التى رآها موسى النبى فى البرية والنيران تشعل جواها ولم
تمسها بأذية " .
" مثال أم النور طوباها حملت جمر اللاهوتية تسعة أشهر فى أحشاها وهى
عذراء ببكورية " .
+ صنع موسى
خيمة الأجتماع أو قبة الشهادة كما يسميها حسب المثالات التى أراها الله له فى
الجبل ، وكانت تلك الخيمة مشحونة بالرموز عن السيد المسيح له المجد ، وعن أمه
العذراء القديسة مريم ، وكان ذلك بمثابة كرازة مسبقة من موسى رئيس الأنبياء عن
مجىء المسيح وولادته من العذراء الطاهرة ميلادا عذراويا طاهرا فمثلا :
+ كان أهم جزء فى خيمة الإجتماع هو
قدس الأقداس حيث وضع فيه موسى لوحى العهد المكتوب فيهما الوصايا العشر التى قالها
له الله .
قدس الأقداس يرمز إلى العذراء
القديسة مريم التى حملت المسيح كلمة الله المتجسد .
+ صنع موسى التابوت المصفح بالذهب من كل ناحية ، وهو يرمز إلى العذراء
الطاهرة داخلا وخارجا .
+
صنع موسى قسطا ذهبيا ووضع فيه كمية من المن الذى كان يأكله الشعب فى برية سيناء
كشهادة أبدية على عناية الله بشعه .
كان
القسط الذهبى يرمز إلى العذراء والمن الذى بداخله يرمز إلى المسيح خبز الحياة
النازل من السماء الذى كل من يأكل منه لا يموت إلى الأبد بل تكون له
حياة أبدية .
+
صنع موسى منارة من الذهب النقى ليوضع عليها السراج الذى لا ينطفىء أبدا داخل خيمة
الأجتماع .
المنارة
الذهبية ترمز للعذراء مريم والسراج الذى عليها يرمز للسيد المسيح نور العالم
الساكن فى نور لا يدنى منه ، والذى جاء إلى العالم لينير الطريق للسالكين فى
الظلمة وظلال الموت وكل من يتبعه يسير فى النور ولا يدركه الظلام .
تقول
ثيئوتوكية الأحد
: أنت هى المنارة الذهب النقى الحاملة المصباح المتقد كل حين الذى هو نور العالم
غير المقترب إليه الذى من النور غير المدنى منه ( قطعة 5 ) .
+
صنع موسى مجمرة من ذهب يوقد فيها الكاهن الجمر ويضع عليه البخور بها على مذبح
البخور .
المجمرة
الذهب ترمز للعذراء مريم وجمر النار يرمز إلى لاهوت المسيح الذى سكن فى بطنها تسعة
شهور ولم تحترق أحشاءها كما أن جمر النار لا يحرق المجمرة .
وتقول
ثيئوتوكية الأحد " أنت هى المجمرة الذهب النقى الحاملة جمر النار المباركة
الذى يؤخذ من على المذبح يطهر الخطايا ويمحو الأثام . أى الله الكلمة الذى تجسد
منك ورفع ذاته بخورا إلى الله أبيه ( قطعة 6 ) ثم تضيف نفس القطعة " حينئذ لا
أخطىء فى شىء إذا ما دعوتك المجمرة الذهب " .
+ جمع موسى
عصى رؤساء الأسباط ووضعها فى خيمة الإجتماع أمام الشهادة بناء على أمر الرب ( عدد
17 ) " وفى الغد دخل موسى إلى خيمة الشهادة وإذا عصا هارون لبيت لاوى قد
أفرخت ، أخرجت فروخا وأزهرت زهرا وأنضجت لوزا ( عدد 17 : 8 ) ، وكان ذلك بدون أن
يغرسها موسى فى الأرض أو يسقيها بالماء .
عصا هارون ترمز إلى العذراء القديسة مريم التى ولدت المسيح ثمرة الحياة
بدون غرس ولا سقى أى بدون زرع بشر أو زواج طبيعى وتقول ثيئوتوكية الأحد " عصا
هارون التى أزهرت بغير غرس ولا سقى هى مثال لك يا من ولدت المسيح إلهنا . بالحقيقة
بغير زرع بشر وأنت عذراء ( قطعة 7 ) .
رموز كثيرة جدا صنعها موسى تكرز وتبشر لكل من
يتأملها ويسبر غورها ، تكرز بميلاد المسيح من العذراء الطاهرة بطيقة إلهية إعجازية
وتقول ثيئوتوكية الأحد فى مطلع القطعة " 15 " ( من يقدر أن يصف كرامة
القبة التى زينها النبى لما رآها المعلمون المختارون للكتب المقدسة تعجبوا جدا ) .
وبجانب هذه
الرموز التى صنعها موسى تنبأ نبوة صريحة عن مجىء المسيح وأوصى شعه أن يسمعوا له
قائلا " يقيم لك الرب إلهك نبيا فى وسطك من
إخوتك مثلى له تسمعون " تث 18 : 15 .
وبناء على كل
هذه الرموز والنبوات قال السيد المسيح مرة موبخا اليهود " لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقوننى لأنه هو
كتب عنى " ( يو 5 : 46 ) .
+
+ +
+ +
+
السلام لك يا مريم كرامة صموئيل
ولادة صموئيل
النبى وولادة القديسة مريم من والديها يواقيم وحنة متشابهين ، كانت حنة أم صموئيل
عاقرا وصلت إلى الرب أن يعطيها نسلا فتجعله نذيرا للرب ليخدمه فى هيكل قدسه فسمع
الرب صوتها وأعطاها صموئيل ، ولما كبر قليلا أحضرته إلى هيكل الرب وسلمته إلى عالى
الكاهن ليخدم الرب ويخدم الكهنة .
نفس الأمر يتكرر بخصوص القديسة مريم
فقد كانت أمها حنة وهو نفس اسم أم صموئيل النبى كانت حنة عاقرا فصلت إلى الرب
ونذرت نسلها للرب فأستجاب الرب طلبتها وأعطاها إبنة دعتها مريم ولما كبرت قليلا
سلمتها إلى زكريا الكاهن لتعيش فى الهيكل وتخدم الرب وتعبده ، وتخدم الكهنة .
أمر آخر
يتشابه فيه صموئيل النبى والعذراء مريم فقد اختار الرب كلا منهما منذ صغره ليقوم
بمهمة إلهية خطيرة .
بينما صموئيل
صبى صغير وكان نائما فى مخدعه فى الهيكل ناداه الرب صموئيل صموئيل ، ولما تحقق أنه
صوت الرب قال كما لقنه عالى الكاهن معلمه : "
تكلم يارب فإن عبدك سامع " ( 1 صم 3 ) فكلفه الرب بأن يحل محل
عالى الكاهن فى قيادة الشعب وتعليمه وأن يقوم بعمل القضاء للشعب لحل مشاكله .
مريم الصبية
الصغيرة سلمها الكهنة لقريبها البار يوسف الطاهر ليحفظها فى بيته فجاء إليها
الملاك وبشرها بأمر التكليف الصادر من قبل الرب بأن الروح القدس يحل عليها وقوة
العلى تظللها فتحبل وتلد يسوع المسيح مخلص العالم كله فقبلت المهمة بإتضاع وتسليم
وقالت " هوذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك فمضى
من عندها الملاك " ( لو 1 : 38 ) .
لذلك
نال كل منهما كرامة عالية وتشرف بخدمة الرب منذ صباه ، وقام كل منهما بمهمة خطيرة
بتكليف من الرب نفسه ونجحا فى ذلك أعظم نجاح .
+
+ +
+ +
+
السلام لك يا مريم فخر إسرائيل :
القديسة مريم
بأمومتها العذراوية الطاهرة للمسيح ابن الله المتجسد أصبحت أشرف نساء العالمين هى
فخر الجنس البشرى عامة ، وفخر إسرائيل خاصة ولو أنه بعد أن حل عليها الروح القدس
وطهرها فحملت المسيح وولدته ثم حل عليها الروح القدس مع التلاميذ فى العلية فى يوم
الخمسين لم تصبح يهودية بل مسيحية وأم جميع المسيحيين ، هى فخر العذارى والمتبتلين
، هى فخر الطهارة والبتولية والعفة . ينسج على منوالها ويقتدى بسيرتها كل من يريد
أن يعيش بتولا وكل فتاة تريد أن تحيا عذراء تأخذ سيرة حياة العذراء قدوة صالحة
ونبراسا منيرا ، ينير لها الطريق ويخفف عنها معاناة الجهاد .
+
+ +
+ +
+
السلام لك يا مريم ثبات أيوب البار :
أيوب الصديق
رمز الصبر والثبات فى التجارب حتى أن الرسول يوجه أنظارنا إليه لنتعلم منه فضيلة
الصبر والثبات والأحتمال أمام التجارب المحرقة فيقول : " خذوا يا إخوتى مثالا لأحتمال المشقات والأناة ، الأنبياء الذين
تكلموا باسم الرب . ها نحن نطوب الصابرين ، قد سمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب معه ، لأن الرب كثير
الرحمة ورؤوف " ( يع 5 : 10 – 11 ) .
ولما احتمل
أيوب التجربة واجتازها بثبات ونجاح " رد الرب
سبى أيوب ... وزاد الرب على ما كان لأيوب ضعفا ... وبارك الرب آخرة أيوب أكثر من
أولاه " ( أى 42 : 10 – 12 ) كان أيوب فى تجربته يرى الرب بعين
الإيمان والنبوة آتيا من بعيد كمخلص ومنقذ ولذلك تعزى فى ضيقته . يقول أيوب بروح
النبوة " أما أنا فقد علمت أن وليى حى ويظهر
على الأرض فى آخر الزمان ، وبعد أن يفنى جلدى هذا وبدون جسدى أرى الرب "
( أى 19 : 25 – 27 ) حسب النص القبطى – القديسة مريم شابهت أيوب فى الصبر
والأحتمال ، فقد فقدت والديها منذ صباها وفقدت معهما نعمة حنان الأبوة والأمومة
وكابدت متاعب اليتم المبكر بكل ثقله وحرمانه .
لما ظهرت
عليها علامات الحمل وهى فى بيت يوسف ، ظهرت عليه هو بالتالى علامات الشك والأرتياب
فى سلوكها ، ولو كان رجلا عاديا لهم بقتلها ولكنه إذ كان رجلا بارا أراد تخليتها
سرا ( مت 1 : 19 ) كانت القديسة مريم تشعر بارتياب الرجل فى أمرها ولكنها تحملت فى
صمت وتسليم تاركة الأمر للرب لكى يقنعه بطهارتها ويكشف له الأمر بوضوح وجلاء ، وقد
فعل الرب ذلك إذ فيما كان يوسف متفكرا فى هذه الأمور إذا ملاك الرب ظهر له فى حلم
قائلا يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم أمرأتك لأن الذى حبل به فيها هو من
الروح القدس ( مت 1 : 20 ) فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما أمره ملاك الرب وأخذ
إمرأته ( مت 1 : 24 ) بعد أن استرد ثقته فيها واطمأن إلى طهارة سيرتها ونقاوة
حياتها .
احتملت
العذراء كثيرا فى سبيل إبنها الحبيب فقد هربت به إلى مصر فى رحلة شاقة مخيفة متعبة
، ومكثت ما يقرب من ثلاث سنوات متغربة بالضنك والفاقة حتى أمر ملاك الرب يوسف
بالعودة مع العائلة المقدسة إلى فلسطين .
جاز فى نفس
العذراء سيف الألم كما تنبأ لها سمعان الشيخ ( لو 2 : 35 ) عندما أمسك اليهود
ابنها الوحيد وحاكموه ثم أحضروه لبيلاطس فأيد حكمهم بموته صلبا بعد عذابات شديدة
ومؤلمة على مرأى ومسمع من أمه المباركة بكل ما تحمله من حنان الأمومة ورقة المشاعر
وحساسية الفضيلة ، مما أتعبها جدا وألمها غاية الألم .
كل هذا تقبلته
بصبر واحتمال مثل أيوب البار الذى احتمل التجربة حتى تزكى قدام الله ونال المواعيد
.
+
+ +
+ +
+
السلام لك يا مريم ابنة الملك داود :
لما بشر
الملاك العذراء بالحبل الإلهى قال : "
.......... وها انت ستحبلين وتلدين إبنا وتسمينه يسوع هذا يكون عظيما وإبن العلى
يدعى ويعطيه الرب الإله كرسى داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون
لملكه نهاية " ( لو 1 : 31 ) وسمى داود أبو المسيح لأن العذراء
مريم هى إبنة داود أى من نسله وسلالته .
وقال الملاك
مخاطبا يوسف خطيب مريم والذى من عشرتها أى من بيت داود وسلالة يهوذا : " يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم إمرأتك "
( مت 1 : 20 ) لكى يذكره بوعد الرب لداود بمجىء المسيح من نسله بقوله : " أقسم الرب لداود بالحق ولا يحنث أن من
ثمرة بطنك أضع على كرسيك " ( مز 132 : 11 ) .
لقد رأى داود
إبنته مريم من بعيد بعين النبوة وأنها ستكون هى الملكة أم الملك ، فأوصاها بروح
النبوة وبمحبة الأبوة قائلا : " أسمعى يا
إبنتى وانظرى وأميلى سمعك وأنسى شعبك وبيت أبيك فإن الملك قد اشتهى حسنك لأنه هو
ربك وله تسجدين " ( مز 45 : 10 – 11 ) .
وقال فى نفس
المزمور أيضا جلست الملكة عن يمينك بذهب أوفير ( مز 45 : 9 ) لقد سماها " صهيون الأم " ، فقال : " صهيون الأم تقول أن إنسانا وإنسانا ولد فيها وهو
العلى الذى أسسها ، الرب يحدث فى كتب الشعوب أن هذا ولد هناك " (
مز 87 : 5 – 6 ) .
نال الملك
داود عن طريق أبوته للقديسة مريم شرفا وكرامة لم ينلها من ملكه ولا عظمته ولا
جبروته ، أصبح له شرف أن يكون جد المسيح بالجسد .
+
+ +
+ +
+
السلام لك يا مريم صديقة سليمان :
لبش الأثنين
يبين العلاقة بين سليمان وبين العذراء مريم فيقول : "
.... وأيضا سليمان الجامعة هكذا يقول فى نشيد الأنشاد " يا أختى وخليلتى
الكاملة رائحة ثيابك هى عنبر " وفى ذكصولوجية رفع بخور عشية الخاصة
بالعذراء نقول : " سليمان دعاها فى نشيد الأنشاد وقال : أختى وصديقتى مدينتى الحقيقية أورشليم ، لأنه أعطى علامة عنها
بأسماء كثيرة عالية قائلا من بستانك أيتها العنبر المختار .
وفى ذكصولوجية
نصف الليل الخاصة بالعذراء نقول " عظمتك يا
مريم العذراء غير الدنسة تشبه النخلة التى تكلم عنها سليمان " .
هذه النصوص
تكشف لنا رموزا جديدة من رموز عروس النشيد التى تغنى سليمان كثيرا بجمالها
وطهارتها .
نحن نعرف أن عروس النشيد ترمز إلى
النفس الإنسانية وترمز أيضا إلى الكنيسة المقدسة عروس المسيح التى اشتراها بدمه .
وهنا يضيف الآباء رمز عروس النشيد إلى العذراء القديسة مريم التى تغنى سليمان
كثيرا بفضائلها العالية وخصالها الحميدة .
فعن طهارتها
قال : " مشرقة مثل الصباح جميلة كالقمر ،
طاهرة كالشمس ، مرهبة كجيش بألوية " ( نش 6 : 10 ) .
وعن بتوليتها
قال :
" أختى
العروس جنة مغلقة عين مقفلة ينبوع مختوم " ( نش 4 : 12 ) .
وعن عبادتها
ونسكها وأصوامها قال :
" معطرة
بالمر واللبان وكل أذرة التاجر " ( نش 3 : 6 ) .
وعن هدوئها
ووداعتها قال :"عيناك حمامتان "
( نش 1 : 15 ) .
وقد تنبأ
سليمان عن مجىء المسيح وميلاده من العذراء مريم بطريقة إعجازية فقال :
" ينزل مثل
المطر على الجزاز ومثل الغيوث الذارفة على الأرض . يشرق فى أيامه الصديق وكثرة
السلام إلى أن يضمحل القمر ويملك من البحر إلى البحر ومن النهر إلى أقاصى الأرض
" ( مز 72 لسليمان 6 – 8 ) .
ويقول أيضا " كل الأمم تتعبد له لأنه ينجى الفقير المستغيث
والمسكين إذ لا معين له .. يشفق على المسكين والبائس ويخلص أنفس الفقراء ... يكون
اسمه إلى الدهر قدام الشمس يمتد اسمه ويتباركون به كل أمم الأرض " (
مز 72 : 11 – 17 ) . وقد مدح السيدة العذراء مريم بروح النبوة قائلا : " بنات كثيرات عملن فضلا أما أنت ففقت عليهن جميعا
" ( أم 31 : 29 ) وتستعمل الكنيسة هذه العبارة فى ألحانها الخاصة
بالعذراء .
+
+ +
+ +
+
السلام لك يا مريم خلاص إشعياء
أعطت الكنيسة
إشعياء النبى " لقب النبى الأنجيلى "
وذلك بسبب نبواته الكثيرة عن المسيح فى مختلف مراحل حياته كأنه شاهد عيان للمسيح
المتجسد على الأرض فعن ميلاده البتولى العجيب من العذراء مريم قال : " يعطيكم السيد نفسه آية .. كا العذراء تحبل وتلد إبنا
وتدعو اسمه عمانوئيل .... يرفض الشر ويختار الخير " ( إش 7 : 14 )
.
من كتاب القمص تادرس يعقوب :
يتميز إشعياء بكثرة النبوات عن السيد المسيح :
من جهة ميلاده من عذراء : [ 7 : 14 ] : " ولكن يعطيكم السيد
نفسه آية ، ها العذراء تحبل وتلد أبنا وتدعو اسمه عمانوئيل " .
من جهـــة لاهوتـــــه :
[ 9 :
6 ] : "
ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام " .
من نسل يسى :
[ 11 : 1 ] : "
ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله ،
"
معلن الحق للأمم : [ 42 : 1 ] : " هوذا عبدى الذى
أعضده مختارى الذى سرت به نفسى ، وضعت روحى عليه فيخرج الحق للأمم ، ... " .
يسلك بالوداعة : [ 42 : 2 ] : " لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع فى الشارع صوته
" .
واهب
الرجاء للكل : [ 42 : 3 ] : " قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا
يطفىء ، إلى الأمان يخرج الحق " .
هروبه إلى مصر وإقامة مذبح كنيسة العهد
الجديد هناك : [ 19 ] : "
وحى من جهة مصر ، هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر
من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها ، .... " .
الآمه وصلبه [
50 : 6 ، 53 : 1 – 12 ] .
فتح طريق الفرح للمفديين بقيامته [ 35 : 8 – 10 ] : " وتكون هناك
سكة وطريق يقال لها الطريق المقدسة ، ..... " .
تحدث أيضا عن الروح القدس وعطيته الفائقة فى
العصر المسيانى :
[ 11 : 2 ] : "
ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب
" . وكذلك ما ورد فى
الأصحاحات : [32 : 15 ؛ 40 : 7 ؛ 42 : 1 ؛ 44 ؛ 3 ؛ 61 : 1 ..... الخ ]
بعض الآيات التى اقتبست من سفر إشعياء عن السيد المسيح
ووردت فى العهد الجديد (من كتاب د . أنطون يعقوب ميخائيل )