8 - تفسير سفر العدد سيامة اللاويّين
الإثنين مارس 28, 2011 7:56 pm
ربط
الوحي الإلهي بين إضاءة المنارة الذهبيّة وسيامة اللاويّين أو تطهيرهم، وكأنه أراد
أن يعلن أن خدامه منارة سماويّة تضيء في العالم.
1.
إضاءة المنارة الذهبيّة 1-4.
2.
سيامة اللاويّين 5-22.
3.
مدة الخدمة 23-26.
1. إضاءة المنارة الذهبيّة:
للمرة
الأولى يقوم رئيس الكهنة هرون بنفسه برفع السُرُج وإضاءتها كأمر الرب. وقد جاء هذا
الطقس قبل سيامة اللاويّين مباشرة لتأكيد حقيقة عملهم أنه ليس مجرد حمل الخيمة
ومساعدة الكهنة في أعمال ظاهرة إنما الاستنارة بالسيد المسيح رئيس الكهنة الأعظم
لكي يضيئوا وسط إخوتهم (مت 5: 15).
المنارة
بسرجها السبع إنما تشير إلى عمل الروح القدس الكامل في حياة الكنيسة (رؤ 4: 5)،
خاصة خلال الأسرار السبعة. وكأن خدام الله إذ يضيئهم السيد المسيح بروحه القدوس
الناري يصيرون سراجًا سماويًا مملوءً بزيت النعمة، ملتهبًا على الدوام ليل نهار،
يحرق الشر وينير النفوس.
في
هذه المنارة يرتبط عمل الكتاب المقدَّس بالسيد المسيح المصلوب والروح القدس في الخدام،
فيقال أن العادة عند اليهود أن الكاهن يقوم بإشعال السِراج الذي في الوسط من نار
المذبح، ومن هذا السِراج تضاء بقية السُرُج. هذه السُرُج كانت تُصنع من ثياب
الكهنة القديمة. إن كانت المنارة الذهبيّة تشير إلى الكتاب المقدَّس الذي هو السِراج
المنير للنفوس، فإن الخادم الحقيقي يختفي في الكتاب المقدَّس أو الوصيّة الإلهيّة
فلا يضيء هو بل كلمة الله هي التي تضيء الطريق في حياة الخادم كما في حياة
المخدومين. يقوم الكاهن بإضاءة السِراج الذي في الذي في الوسط من نار المذبح، وكأن
هذه الاستنارة في حياة المخدومين إنما تتحقق بالمسيح يسوع الكاهن الأعظم الذي يُشعل
قلوبنا الداخليّة بنار روحه القدوس من خلال نار الصليب أو المذبح، إذ يأخذ الروح
مما للمسيح ويخبرنا. يحمل في وسطنا نار الصليب الذي يحرق الشر ويهب استنارة لا
تنقطع، وبهذا تستنير السُرُج المحيطة من هذا السِراج الذي هو في الوسط.
النار
الملتهبة في قلبنا كما في السِراج الذي في الوسط هي نار الروح القدس التي تعلن مجد
المسيح وعمله بكونه مركز الكتاب المقدَّس بعهديه، فينعم علينا بالأسرار الإلهيّة
في المسيح يسوع.
أخيرًا
فإن فتائل السُرُج تُصنع من ثياب الكهنة القديمة، فإن كانت الثياب تشير إلى الجسد،
فإن هذه السُرُج إنما تمثل الأتعاب التي يعيشها الكهنة والخدام حتى تتمزق أجسادهم
وتبلى... لكنها لا تساوي شيئًا في ذاتها بل تكون كثوب قديم بلا ثمن. أما إذا
أشعلها الكاهن بنار الروح المنطلق إلينا خلال الذبيحة تتحوَّل هذه الثياب البالية
سرّ استنارة للكثيرين.
2. سيامة اللاويّين:
في
سفر اللاويّين (أصحاح 8) ورد طقس سيامة الكهنة، وهنا يعرض طقس سيامة اللاويّين. في
هذا الطقس يظهر عمل الله نفسه في تقديس هذه النفوس لكي تتأهل لخدمته المقدَّسة،
لهذا يُقدِّم عنهم ذبيحة خطيّة ومحرقة للرب للتكفير عنهم (ع 12). ويقوم هرون وبنيه
بترديدهم ترديدًا للرب (ع 13). الله هو الذي يتقبلهم كهبة من الشعب، وهو بنفسه
الذي يهيئهم للعمل في بيته.
في
هذا الطقس يشترك اللاويّون أنفسهم، وموسى النبي، وهرون الكاهن، وكل الجماعة (أي
الرؤساء العلمانيّون). كلٌ له دوره وعمله ومسئوليته في هذا الطقس. فمن جهة اللاويّين
يمروا موسى على كل بشرهم ويغسلوا ثيابهم (ع 7)، علامة التزامهم بالحياة المقدَّسة
الطاهرة النقيّة. تمرير الموسى على جسدهم إشارة إلى نزع كل ما تعلق بالجسد من دنس،
وغسل الثياب التي هي رمز الجسد علامة النقاوة. أما موسى النبي مستلم الشريعة وممثل
الوصيّة الإلهيّة فينضح عليهم ماء التطهير أو ماء الخطيّة (ع 7). كأن سرّ تطهير الخدام
هو ارتباطهم بكلمة الله التي تكشف خطيتهم وتسندهم على التوبة. يقوم هرون بدور
رئيسي في الطقس إذ هو وبنوه يتقبلون هؤلاء اللاويّين هبة الشعب لله وفي نفس الوقت
يُعيّنهم الله مساعدين للكهنة (ع 19). أما الشعب أو بمعنى آخر رؤساء الشعب فيضعون
الأيدي على اللاويّين (ع 10) وكأن ما يفعله الشعب إنما يتحمل الخدام مسئوليته أمام
الله، ومن جهة أخرى كأنهم يقدمون اللاويّين عطيّة من الشعب لله بأيديهم، كما يقدم
الابن العطيّة بيديه لأبيه.
وقد
حاول سفر العدد تأكيد أن خدام الله ليسوا فقط هبة من الله لخدمة ورعاية شعبه،
وإنما هم عطيّة الشعب لله الذي يتقبلهم كبكور الشعب فيتبارك الكل بسببهم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في
موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و
التفاسير الأخرى).
لهذا لا
يجوز سيامة بطريرك أو أسقف أو كاهن أو شماس بدون الشعب... إذ يلزم أن يتقدم الشعب
بنفسه لله، يقدمه هبة حب لله ليتقبله من يدي الله هبة منه لشعبه.
إنني
أرى في هذا صورة رمزيّة للخادم الحق "السيد المسيح"، الذي هو عطيّة الآب
للبشريّة لخلاصها، وفي نفس الوقت هو ذبيحة حب تقدم للآب باسم البشريّة يتقبلها
علامة رضا عنا. ففي سرّ الإفخارستيا يتقبل الله قرابين شعبه خلال الصليب، ويتقبل
الشعب من الآب جسد ابنه ودمه سرّ اتحاد معه وتقديس لهم. إنه علامة الحب المشترك
فيه يتلاقى الآب مع البشريّة، ويكون هو تقدمة كل طرف للآخر.
3. مدة الخدمة:
سبق
لنا الحديث عن مدة الخدمة وما تحمله من معنى رمزي أثناء حديثنا عن الأصحاح الرابع.
الوحي الإلهي بين إضاءة المنارة الذهبيّة وسيامة اللاويّين أو تطهيرهم، وكأنه أراد
أن يعلن أن خدامه منارة سماويّة تضيء في العالم.
1.
إضاءة المنارة الذهبيّة 1-4.
2.
سيامة اللاويّين 5-22.
3.
مدة الخدمة 23-26.
1. إضاءة المنارة الذهبيّة:
للمرة
الأولى يقوم رئيس الكهنة هرون بنفسه برفع السُرُج وإضاءتها كأمر الرب. وقد جاء هذا
الطقس قبل سيامة اللاويّين مباشرة لتأكيد حقيقة عملهم أنه ليس مجرد حمل الخيمة
ومساعدة الكهنة في أعمال ظاهرة إنما الاستنارة بالسيد المسيح رئيس الكهنة الأعظم
لكي يضيئوا وسط إخوتهم (مت 5: 15).
المنارة
بسرجها السبع إنما تشير إلى عمل الروح القدس الكامل في حياة الكنيسة (رؤ 4: 5)،
خاصة خلال الأسرار السبعة. وكأن خدام الله إذ يضيئهم السيد المسيح بروحه القدوس
الناري يصيرون سراجًا سماويًا مملوءً بزيت النعمة، ملتهبًا على الدوام ليل نهار،
يحرق الشر وينير النفوس.
في
هذه المنارة يرتبط عمل الكتاب المقدَّس بالسيد المسيح المصلوب والروح القدس في الخدام،
فيقال أن العادة عند اليهود أن الكاهن يقوم بإشعال السِراج الذي في الوسط من نار
المذبح، ومن هذا السِراج تضاء بقية السُرُج. هذه السُرُج كانت تُصنع من ثياب
الكهنة القديمة. إن كانت المنارة الذهبيّة تشير إلى الكتاب المقدَّس الذي هو السِراج
المنير للنفوس، فإن الخادم الحقيقي يختفي في الكتاب المقدَّس أو الوصيّة الإلهيّة
فلا يضيء هو بل كلمة الله هي التي تضيء الطريق في حياة الخادم كما في حياة
المخدومين. يقوم الكاهن بإضاءة السِراج الذي في الذي في الوسط من نار المذبح، وكأن
هذه الاستنارة في حياة المخدومين إنما تتحقق بالمسيح يسوع الكاهن الأعظم الذي يُشعل
قلوبنا الداخليّة بنار روحه القدوس من خلال نار الصليب أو المذبح، إذ يأخذ الروح
مما للمسيح ويخبرنا. يحمل في وسطنا نار الصليب الذي يحرق الشر ويهب استنارة لا
تنقطع، وبهذا تستنير السُرُج المحيطة من هذا السِراج الذي هو في الوسط.
النار
الملتهبة في قلبنا كما في السِراج الذي في الوسط هي نار الروح القدس التي تعلن مجد
المسيح وعمله بكونه مركز الكتاب المقدَّس بعهديه، فينعم علينا بالأسرار الإلهيّة
في المسيح يسوع.
أخيرًا
فإن فتائل السُرُج تُصنع من ثياب الكهنة القديمة، فإن كانت الثياب تشير إلى الجسد،
فإن هذه السُرُج إنما تمثل الأتعاب التي يعيشها الكهنة والخدام حتى تتمزق أجسادهم
وتبلى... لكنها لا تساوي شيئًا في ذاتها بل تكون كثوب قديم بلا ثمن. أما إذا
أشعلها الكاهن بنار الروح المنطلق إلينا خلال الذبيحة تتحوَّل هذه الثياب البالية
سرّ استنارة للكثيرين.
2. سيامة اللاويّين:
في
سفر اللاويّين (أصحاح 8) ورد طقس سيامة الكهنة، وهنا يعرض طقس سيامة اللاويّين. في
هذا الطقس يظهر عمل الله نفسه في تقديس هذه النفوس لكي تتأهل لخدمته المقدَّسة،
لهذا يُقدِّم عنهم ذبيحة خطيّة ومحرقة للرب للتكفير عنهم (ع 12). ويقوم هرون وبنيه
بترديدهم ترديدًا للرب (ع 13). الله هو الذي يتقبلهم كهبة من الشعب، وهو بنفسه
الذي يهيئهم للعمل في بيته.
في
هذا الطقس يشترك اللاويّون أنفسهم، وموسى النبي، وهرون الكاهن، وكل الجماعة (أي
الرؤساء العلمانيّون). كلٌ له دوره وعمله ومسئوليته في هذا الطقس. فمن جهة اللاويّين
يمروا موسى على كل بشرهم ويغسلوا ثيابهم (ع 7)، علامة التزامهم بالحياة المقدَّسة
الطاهرة النقيّة. تمرير الموسى على جسدهم إشارة إلى نزع كل ما تعلق بالجسد من دنس،
وغسل الثياب التي هي رمز الجسد علامة النقاوة. أما موسى النبي مستلم الشريعة وممثل
الوصيّة الإلهيّة فينضح عليهم ماء التطهير أو ماء الخطيّة (ع 7). كأن سرّ تطهير الخدام
هو ارتباطهم بكلمة الله التي تكشف خطيتهم وتسندهم على التوبة. يقوم هرون بدور
رئيسي في الطقس إذ هو وبنوه يتقبلون هؤلاء اللاويّين هبة الشعب لله وفي نفس الوقت
يُعيّنهم الله مساعدين للكهنة (ع 19). أما الشعب أو بمعنى آخر رؤساء الشعب فيضعون
الأيدي على اللاويّين (ع 10) وكأن ما يفعله الشعب إنما يتحمل الخدام مسئوليته أمام
الله، ومن جهة أخرى كأنهم يقدمون اللاويّين عطيّة من الشعب لله بأيديهم، كما يقدم
الابن العطيّة بيديه لأبيه.
وقد
حاول سفر العدد تأكيد أن خدام الله ليسوا فقط هبة من الله لخدمة ورعاية شعبه،
وإنما هم عطيّة الشعب لله الذي يتقبلهم كبكور الشعب فيتبارك الكل بسببهم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في
موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و
التفاسير الأخرى).
لهذا لا
يجوز سيامة بطريرك أو أسقف أو كاهن أو شماس بدون الشعب... إذ يلزم أن يتقدم الشعب
بنفسه لله، يقدمه هبة حب لله ليتقبله من يدي الله هبة منه لشعبه.
إنني
أرى في هذا صورة رمزيّة للخادم الحق "السيد المسيح"، الذي هو عطيّة الآب
للبشريّة لخلاصها، وفي نفس الوقت هو ذبيحة حب تقدم للآب باسم البشريّة يتقبلها
علامة رضا عنا. ففي سرّ الإفخارستيا يتقبل الله قرابين شعبه خلال الصليب، ويتقبل
الشعب من الآب جسد ابنه ودمه سرّ اتحاد معه وتقديس لهم. إنه علامة الحب المشترك
فيه يتلاقى الآب مع البشريّة، ويكون هو تقدمة كل طرف للآخر.
3. مدة الخدمة:
سبق
لنا الحديث عن مدة الخدمة وما تحمله من معنى رمزي أثناء حديثنا عن الأصحاح الرابع.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى