- fr lukas rasmiعضو مميز
الأحداث الجارية في فكر الكنيسة الكاثوليكية
الإثنين فبراير 07, 2011 4:14 pm
الأحداث الجارية في فكر الكنيسة الكاثوليكية
1- كيف نقيّم قرار سيادة الرئيس مبارك فجر السبت 29 يناير 2011 ؟
ج – أعتقد أنه قرار نبيل وحكيم للغاية . فمن ناحية يستجيب للطلب الأساسي لحركة شباب 25 يناير، معلنا عدم التقدّم للانتخابات الرئاسية في أغسطس القادم ، مفضّلا صالح الوطن والشرعية علي شخصه ، كما أعلن إقالة الحكومة . وأراد أن يبقى في الرئاسة حتى أغسطس ، ليعطي فرصة للإعداد الجيّد لهذه الانتخابات ، وللتحقيق التدريجي والسلمي لباقي الطلبات والتغييرات ، في إطار الشرعية الدستورية . وخصوصا ليمنع وقوع البلاد في فراغ يهدّد الأمن والاستقرار ، مما يعرّض البلاد للفوضى وللانتهازية .
2- وما هو الحكم علي حركة 25 يناير ؟
ج - من تصريحات ومداخلات الكثيرين من الذين كانوا في أساس وبداية هذه الحركة ، يتّضح أنها كانت نابعة من شباب مصر الواعي ، أبناء زمن تكنولوجيا الاتصالات الحديثة . وقد أفاد الذين كانوا في ميدان التحرير في اليومين الأولين بأن كل شيء كان في نظام وتوافق وتضامن وتعاون ، بدون أية تفرقة ، وبدون أية أقوال أو أحداث فيها إساءة أو عنف . فنستطيع أن نقول أنها خلقت حراكا اجتماعيا يقدّم لمصر فرصة إيجابية جيدة للاستماع إلي الشباب ، واستثمار القوة الخلاقة الكامنة فيهم . بدأت الحركة إذاً برغبة صادقة في التغيير ، ومن منطلق حب الوطن ، وطلبا للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وبصورة حضارية في التعبير عن مطالب مشروعة . وإنما كانت تفتقر إلي الخبرة بالعملية السياسية . لذلك افتقدت التنظيم ، واختيار ممثلين يتكلمون ويتفاوضون باسمها، واستغلت مجموعات وقوى أخري هذه الثغرات. فتعكّرت هذه الصورة الجميلة من مساء يوم الجمعة 28 يناير ، بدخول عناصر متنوعة ، أولا من الرافضين لقرارات الرئيس مبارك والحكومة الجديدة المؤقتة ، ثم من المؤيّدين للرئيس . ونعرف ما تبع ذلك من مصادمات مؤسِفة .
3- وما الحكم علي الفراغ الأمني لمدة 72 ساعة في الأيام الأولي ؟
ج – لقد انتقدته بشدّة وإسهاب كل الجهات السياسية والشعبية والوطنية والإعلامية . وهناك افتراضات واتهامات لا يمكن تأكيدها إلا بعد التحقيق فيها وصدور أحكام القضاء بشأنها . والجدير بالذكر أن هذا الفراغ فجّر مبادرة رائعة من شباب ورجال مصر ، علي اختلاف طوائفهم وأعمارهم ، في كل أنحاء البلاد ، في ملحمة متوهّجة من التضامن والصداقة ، فشكلوا تلقائيا "اللجان الشعبية" لحماية المنازل والأملاك من المخرّبين والمجرمين .
4- وماذا عن اشتراك الشباب المسيحي في المظاهرات ؟
ج – فكر الكنيسة الكاثوليكية واضح وصريح بالنسبة إلي العمل السياسي . فالقانون الكنسي (348 ، البند 2) يمنع الاكليروس أي رجال الدين من العمل السياسي ، إذ ينصّ علي أن : "لا يكن لهم دور فعّال في الأحزاب السياسية ، ولا في إدارة الاتحادات النقابية ، ما لم يستوجب ذلك حماية حقوق الكنيسة أو النهوض بالخير العام ، وذلك بحكم الأسقف الإيبارشي ، أو بموجب الشرع الخاص بحكم البطريرك أو أية سلطة أخري " .
أما باقي المؤمنين فيقرّ لهم القانون 402 بحقّهم في : " أن يُعترَف لهم في شئون هذه الدنيا بالحرّية التي يتمتع بها جميع المواطنين " . وعليه ، فمن واجبهم المشاركة في العمل الاجتماعي والسياسي ، والتعبير عن رأيهم ، والإدلاء بأصواتهم في الانتخابات . فهذا يعطيهم الحقّ ويفسح لهم المجال للتعبير عن فكرهم وطلباتهم بصورة مشروعية وسلميّة ، بعيدا عن كل عنف . ويذكّرهم القانون 401 بواجبهم " أن يكونوا في حياتهم الخاصة والعائلية ، والسياسية والاجتماعية ، شهودا للمسيح ، ويعلنوه للآخرين (بأسلوب حياتهم) ، وأن يجاهدوا في سبيل شرائع عادلة في المجتمع ، وأن يساهموا بمثابة خميرة في تقديس العالم ، متألقين بالإيمان والرجاء والمحبة " .
وبالتالي ، علي الرؤساء الكنسيين أن يحرصوا علي تكوين المؤمنين التكوين الصحيح والناضج ، الذي يؤهّلهم لتقييم فكر وبرامج التوجّهات السياسية والاجتماعية المختلفة، من حيث المبادئ المتعلقة بحقوق الإنسان والأخلاقيات ، فينتموا ويشجّعوا فقط تلك التي تلتزم بالمباديء الصحيحة . وعلي كل شخص أن يقرّر لنفسه أمام الله وبكل حرّية ما يتوافق مع ذلك .
5- لقد اشترك شباب كنائسنا في تجمعات الأيام الماضية ، فهل يستمرون فيها ؟
ج – لا مانع من ذلك ، بل كما جاء عاليه ، هذا واجب عليهم ، بشرط أن يكون ذلك لخير الوطن ، وطالما لا يشاركون بأية صورة في أقوال أو أعمال فيها عنف أو تخريب . وإنما يجب أن يعرفوا أن يتوقفوا عن فعلٍ أو مبادرة ، إذا تطلبت مصلحة الوطن ذلك .
6- وما الحكم علي قبول الإخوان المسلمين المشاركة في المفاوضات لحل الأزمة الراهنة ؟
ج – إن التفاوض معهم ، بصفتهم مجموعة من المواطنين المصريين ، مبادرة إيجابية تبشّر بحلّ سلمي للموقف الراهن المتأزّم والخطير . ونأمل أن تأتي المفاوضات بنتائج إيجابية في القريب العاجل .
7- كيف سيكون الوضع بعد الرئيس مبارك ؟
ج – نأمل أن يتحّقق مطلب الشباب ، والغالبية العظمى من المفكرّين والسياسيين ، بأن تقوم دولة مدنية مؤسَّسة علي المواطنة والعدل والمساواة والديموقراطية . وكذلك أن تتمّ الاصلاحات الدستورية والتشريعية والإدارية والاجتماعية التي تحقق ذلك عمليا ، بما يكفل الأمن والأمان للجميع .
8- ألا يوجد تخوّف من أن ينتهز تيّار الإسلام السياسي الفرصة للاستيلاء علي الحكم ؟
ج – البيان الذي أصدره "الإخوان المسلمون" في منتصف ليلة 4 فبراير ، وجاء في الأهرام يوم السبت 5 فبراير ، يعلن أن : " الجماعة ليس لها أية أجندات خاصة بهم ، وأن غايتهم هي خدمة هذا الشعب ، وأنها تمارس هذا منذ أكثر من ثمانين عاما ، ويضحّون من أجل استقراره، ومن أجل حصول أبنائه علي حقوقهم بكل طوائفهم ، كواجب شرعي ديني والتزام وطني . وأنهم ليس لهم تطلع إلي رئاسة ولا مطمع في حكم ولا منصب ، وأنهم يعتمدون منهج الإصلاح السلمي الشعبي المتدرج " . فأملنا أن يكون ذلك تعبيرا حقيقيا عن موقفهم وتوجّههم . وفي هذه الحالة سيكون من الطبيعي أن يلتزموا بالقوانين العامة لتأسيس الأحزاب ، وأن يشتركوا بممثليهم في مجلسي النواب والشوري .
9- ولماذا لا نسمع صوت الكنيسة الكاثوليكية بالكفاية ؟
ج - لقد صنعنا أكثر ما يمكن للوصول إلي وسائل الإعلام . هكذا مثلا ، باسم الكنيسة الكاثوليكية في مصر ، أصدر غبطة البطريرك بيانا في أول يناير 2011 ، علي أثر حادث الاسكندرية الأليم ، ونشرته الصحافة المصرية والمواقع الكاثوليكية . وفي 18 يناير وجّه غبطته نداء إلي جميع الكنائس الكاثوليكية ، للصلاة والعمل علي خلق تيار من الإخاء الديني والقيام بالمبادرات الإيجابية للتقارب والبناء ، وطلب إعلانه في كل الكنائس . ومع بداية الأحداث المؤسفة الأخيرة ، اتصل نيافة الأنبا بطرس فهيم بكل كنائس الإيبارشية البطريركية ، وطلب منها إقامة القدّاس اليومي وصلاة المسبحة أو ساعة سجود لطلب السلام والاستقرار لمصر . وقد قام جميع الآباء المطارنة في كل الكنائس الكاثوليكية بمبادرات مماثلة . كما تخصّص أديرة الراهبات والرهبان ساعة سجود يومية علي هذه النية ، علاوة علي الصلوات الاعتيادية . وفي 4 فبراير أصدر غبطة البطريرك بيانا آخر ، طالبا الصلاة ، وشاكرا القائمين بمعالجة الوضع الراهن ، والشباب والرجال الساهرين علي الأرواح والممتلكات ، ومناديا بالتكاتف والتضامن لعودة السلام والاستقرار والعمل علي استعادة ما فقدته مصر . وقد تجاوبت وسائل إعلام كثيرة معنا ونشرت ما أوصلناه إليها . ولكن غيرها لم تتجاوب .
- ما الذى يمكن ويجب أن تعمله كنائسنا الآن ؟
ج – علينا قبل كل شىء أن نركز علي الصلاة إلي الله ليعيد السلام والاستقرار لبلادنا الحبيبة، ولكل بلاد منطقتنا ، ولسائر البلاد التي تعاني من الاضطرابات وأعمال العنف . وبالفعل تقوم كنائس كثيرة ببرامج صلاة لأجل ذلك ، من قداديس وصلاة المسبحة وساعة سجود . كما تخصّص أغلب أديرة الراهبات والرهبان ساعة سجود علي هذه النية ، علاوة علي برامجهم الروحية الاعتيادية . ونحن واثقون أن الرب سيستجيب لهذه الصلوات . كما أنه من المهمّ أن نعمل علي خلق مناخ جيّد لإخاءٍ وطني وحوار بنّاء ، يزيدان من الوعي الناضج والانتماء الفعلي لبلدنا مصر ، كما جاء في النداء الذي وجّهه غبطة البطريرك لجميع كنائسنا . وعلينا أن نقوّي روح المشاركة الفعلية في الحياة الاجتماعية ، بما في ذلك القيام بواجب الانتخاب وبسائر الواجبات الوطنية . وكما دعا السينودس نعطي مكانا كافيا لتعليم الكنيسة الاجتماعي في برامجنا .
وفي هذا الظرف الراهن ، نشجّع المشاركة مع باقي المواطنين في خدمة اللجان الشعبية ، من أجل حماية الأهالي والأملاك ، والمؤسسات العامة والخاصة فهي كلها أملاك الوطن . وهذا الموقف الوطني الرائع يبني علاقات تعاون وودّ بين كل المواطنين . ويمكن المساهمة في اكتشاف ما تحتاج اليه مناطق السكن ، والقيام بمبادرات أخري من الخدمة الوطنية والشعبية. هكذا مثلا تنظيف الشوارع ، وعمل مجموعات خدمة لمساعدة الأشخاص الخائفين أو غير القادرين علي النزول من منازلهم ، لشراء حاجياتهم أو قضاء مصالحهم الأساسية.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى