- وليم اسكندر ابراهيمعضو VIP
مقابلة مع الانبا كيرلس وليم (2)
الجمعة يوليو 09, 2010 10:00 pm
مقابلة مع الأنبا كيرلس وليم مطران كرسي أسيوط " ليكوبوليس" (2)
حاوره إميل أمين
روما، الجمعة 9 يوليو 2010 (ZENIT.org). – تعد ابرشية أسيوط للأقباط الكاثوليك في مصر قلب الكنيسة القبطية الكاثوليكية النابض وعن حق دون تهوين أو تهويل ، وربما لا يرجع الأمر الى عدد مؤمنيها والذي يتجاوز بحسب أخر إحصائيات أل " خمسين ألف نسمة "، فقط بل يعزى الأمر كذلك الى أنها ابرشية تجمع بين الأصالة الروحية والمعاصرة الشبابية في دينامية مبدعة كان وراءها سيادة المطران كيرلس وليم والذي تولى مهام مطران أسيوط في العام 1990.
في هذا الحوار الذي لا تنقصه الصراحة والمباشرة نفتح مع سيادته أهم الملفات الآنية التي تهم الكنيسة الكاثوليكية في مصر وقبلها نتوقف معه بمزيد من التوضيح الذي يغيب عن عيون معظمنا عن مفهوم أل " سينودس " سيما وان سيادته معروف بقربه من الدوائر الفاتيكانية صانعة القرار ولعل اختيار سيادته مؤخرا كعضو في لجنة سينودس أساقفة إفريقيا دليل على ذلك .
والى القسم الثاني من الحوار :
** عودة الى الشأن المحلي المصري وإشكالية الهوية للكنيسة القبطية الكاثوليكية .. الى أين تمضي في المجتمع المصري في تقدير نيافتكم ؟
الأقباط الكاثوليك هم جزء أصيل من الشعب المصري وكون هويتهم الإيمانية تتحد في شراكة مع كنيسة روما فهذا أمر يعزز من حضورهم على الصعيد الوطني بوصفهم أصحاب جذور ثابتة في الأرض والوطن من جهة ، وفي الوقت عينه يمثلون جسورا منفتحة على الغرب بكل طوائفه وأديانه ومذاهبه الفكرية والدينية .
ولذلك أقول ان لنا خطا مميزا بين أقباط مصر ، يتسم برؤية متسعة وافق بعيد واحترام من الآخرين وللآخرين لدرجة ان البعض قد يرى هذا المفهوم هو بمثابة ذوبان أو ضياع في قوى وثنايا النسيج الوطني المصري ، لكن هذا غير صحيح .
وفي كل الأحوال تحتاج كل مؤسسة روحية أو بشرية من وقت لأخر لإعادة قراءة خريطتها الإستراتيجية ولتحديد رؤيتها لقادمات الأيام على نحو أفضل ، دون مبالغة في جلد الذات ، وكذلك بدون التوارى والتواضع الشديد الذي يختزل من رصيد الحضور الكاثوليكي على الصعيد الاجتماعي والإعلامي والتعليمي المصري .
** صاحب النيافة .. هناك بعض الأصوات من داخل الكنيسة القبطية الكاثوليكية ترى ان هناك تسرب لبعض أبناء الكنيسة الى طوائف أخرى . ما صحة هذا الأمر وكيف تعالجونه إذا كان صحيحا ؟
في حقيقة الأمر نحن نشعر بان هناك بعض حالات التسرب بالفعل ولهذا وحتى تكون لدينا صورة واضحة ومحددة عن أعداد المنتمين للكنيسة القبطية الكاثوليكية وأماكن تواجدهم وحتى يقدر لنا خدمتهم رعويا بضمير مرتاح ، كلف صاحب الغبطة الأب البطريرك الأنبا انطونيوس نجيب نشاط جنود مريم بعمل إحصاء دقيق جدا للطائفة وتبيان كافة تفاصيل الحضور في محافظات مصر من أقصى الشمال الى ادني الجنوب ، من اجل المساعدة في الاهتمام بكل الفئات المنتمية للكنيسة القبطية الكاثوليكية ,.
على ان هناك في اشكالية التسرب بعض الأمور الخارجة عن أيدينا مثل انتشار أبناء الطائفة أو البعض منهم على الأقل في المدن الجديدة التي لا توجد لنا بها كنائس كاثوليكية وهولاء يضحى حالهم كحال بعض أبنائنا في المهجر فإذا كانوا من المهتمين بالطقوس سيذهبون الى اقرب كنيسة أرثوذكسية وإذا كانوا يبحثون فقط عن كلمة الله سيذهبون الى اقرب جماعة مسيحية منهم جغرافيا ولهذا نسعى للحضور في المدن الجديدة لمواجهة هذه الظاهرة من خلال بناء كنائس جديدة للطائفة .
** على صعيد متصل البعض يرى انه ربما حان الوقت لإعادة تقسيم الايبارشيات القبطية الكاثوليكية في محافظات مصر وخلق عدد اكبر من الأسقفيات الجديدة لمواجهة التسرب وزيادة الرعاية .. ماذا عن هذا الطرح ؟
الفكرة بلا شك واردة ، سيما مع تواجد متزايد لكنائس أخرى من حولنا ، وبالفعل عندما تكون الايبارشيات واسعة يضحى الأب المطران والمسؤول بشكل عام غير قادر على التواصل المباشر كما ينبغي ولا يقوم بخدمته بضمير مرتاح ومطمئن ، وكلما كان عدد الرعايا المسؤول عنها محدود ، تضحى خدمته مكثفة وتواجده أكثر وتواصله مستمر .
وسينودس الكنيسة القبطية يشعر بهذه الإشكالية وكل الاحتمالات واردة سيما في ضوء التطور التاريخي الطبيعي للحضور الكاثوليكي المصري ففي عام 1885 وعند إنشاء البطريركية في القاهرة كان لدينا فقط ايبارشيتين هما المنيا وطيبة ( الأقصر ) ، وخلال 125 سنة أصبح لدينا سبع ايبارشيات والفكرة واردة مستقبلا بلا شك .
** الحضور الكاثوليكي المصري كان أكثر إشعاعا في العقود الماضية منه الآن .. هل تشعرون كرعاة للكنيسة ان هناك حاجة ماسة لإعادة تفعيل هذا الدور من جديد؟
نحن أقلية طائفية مذهبية داخل أقلية مسيحية اكبر ، لكن ومع ذلك إشعاع هذه الأقلية واضح ومشهود له ، لدينا رسالة واضحة ونلعب أدوارا متميزة على صعيد خدمة الوطن والمواطنين بشكل عام ، إشعاع الكنيسة الكاثوليكية لا يقتصر فقط على الكاثوليك بل يمتد ليشمل كل المصريين، يحتضنهم ويضئ لهم الطرقات، لدينا انفتاح مجتمعي ينطلق من رؤية إنجيلية للمحبة والسلام ، نحن رسل وئام في وسط إشكاليات الخصام وربما لهذا بدأت كنيستنا في العامين الأخيرين حركة تعرف ب" مسيرة التجديد ".
** ماذا عن هذه المسيرة على وجه خاص وما هي محدداتها ومستقبلياتها في حقل الخدمة ؟
لهذه المسيرة قصة مثيرة ، فقد تلقيت عبر البريد الالكتروني رسالة من إحدى بناتنا المغتربات في دولة عربية وعنوان الرسالة " لماذا ؟" والرسالة مملؤة بغيرة رسولية ومقاربات بين أوضاع الكنائس الأخرى وكنيستنا ، وبالفعل قمت بتحويل الرسالة لصاحب الغبطة الأب البطريرك ، والذي وضعها على جدول أعمال السينودس ، كان ذلك منذ نحو عامين تقريبا وبدأنا مع مجموعة من الآباء الكهنة عددهم 17 يمثلوا الايبارشيات وقطاعات العمل ، مع عدد من الآباء الأساقفة واستمر الاجتماع لمدة ثلاثة أيام كان الحديث فيها عن تجديد المسيرة القبطية الكاثوليكية في مصر عن طريق الاهتمام بالكاهن وروحانيته وتكوينه واحتياجاته ، لاحقا الأمور سارت ببطء على نحو ما ، وان كانت السنة الكهنوتية فرصة طيبة استغلت لمواصلة العمل والبحث في مسيرة التجديد .
** هل من حديث قريب عن بلورة توجه استراتيجي عبر خطط زمنية مجدولة بعناية ودقة لانجاز أهداف بعينها في عدد من السنوات تتعلق بالبشر والحجر على حد سواء ؟
البعض في مسيرة التجديد طالب بهذه الرؤية بالفعل ، قالوا نحتاج لخطة خمسية ، بها جداول زمنية وأهداف واضحة ينبغي السعي في طريق انجازها ، لكن من ناحية أخرى هناك إشكالية الإمكانيات المادية التي تؤثر على العمل والخدمة ولهذا فإننا ندرس الآن أفكارا كثيرة للاعتماد على الذات فالخبرة تعلمنا ان الاستمرار على المعونات والمساعدات أمور لن تبقى طويلا سيما وان الأتقياء من المحسنين كبار السن في الغرب يقضون تباعا ، والأجيال الجديدة من شبابا أوربا وأمريكا ليس لديهم الحس الإيماني القوي كما الأجيال السابقة ، وهنا أود ان أشير الى ظاهرة ايجابية وهي انه رغم الظروف المالية والاقتصادية الصعبة لشعبنا إلا انه يساهم دائما بمجهودات ذاتية تمثل ركنا هاما في أعمال البناء والتشييد لخدمة الكنيسة .
** ما هو الشكل الذي تمضي عليه العلاقة بين الكهنة الايبارشيين والأب المطران في الكنيسة المصرية بشكل عام ؟
كانت تلك العلاقة وستظل مثار ملاحظة وإعجاب من الكنائس والجماعات المسيحية الأخرى لما فيها من البساطة الشديدة فالمطران يعيش في وسطهم ، بخلاف المشهد خارج مصر حيث يعيش المطران بعيدا عن الكهنة ويتعاطى معهم من خلال جهاز إداري ، فنحن عددنا قليل و نعرف بعضنا البعض وجميع الآباء المطارنة والأساقفة في مصر لديهم مبادرات شخصية وجماعية يشعر معها الكاهن في مصر انه في وسط أسرته ، نتبادل الزيارات ومشاكلهم وحياتهم هي الشغل الشاغل للسينودس ، ونسعى دائما لتزويدهم بما يحتاجونه من اجل الخدمة والحياة الكريمة بالمقارنة بكثير من طبقات الشعب لا يمكن للكاهن ان يشتكي من ظروف المعيشة وبالطبع لا نستطيع توفير كل الإمكانيات دفعة واحدة لكن بقدر المستطاع نتدبر الأمور.
** نجحت ايبارشيتكم في تقديم تكوين ديني ولاهوتي متقدم جدا للعلمانيين ودورات تكوين الصيف للشباب شاهد على هذا وامتداد له .. حدثنا نيافتكم في هذا المجال ؟
قناعتي الشخصية هي ان التكوين الخاص بالعلمانيين يمثل مستقبل حضور الكنيسة ، وقد وجد في أسيوط معهد التكوين الديني منذ زمن صاحب النيافة الأنبا الكسندروس في ستينات اقرن المنصرم ، ثم في عهد مثلث الرحمات الأنبا يوحنا نوير استمر العمل بعد توقف لبضعة أعوام ، وقد كان اقل بكثير مما هو عليه اليوم لكن الفكرة كانت عبارة عن وجود معهد في كل ابرشية يرعى تكوين العلمانيين من خلال منهج ديني متقدم .
أما فكرة ندوات الصيف فبدأت سنة 1990 مع مسؤوليتي كمطران للابرشية بعدد حوالي 20 الى 30 فرد اليوم وصل عدد المشاركين في ندوات هذا الصيف الى 500 فرد يناقشون قضية الكنيسة والإعلام .
لدينا أيضا برامج تكوينية خاصة بالأسرة والمخطوبين وفي الإجازات الشتوية والصيفية نعقد دورات خاصة لخدام مدارس الأحد ثم للأطفال المخدومين .
ووصل بنا الأمر الى محاولة آنية لبلورة فكرة وجود معهد لعلوم اللاهوت المتقدمة للشباب الذين ينهون علوم معهد التكوين وهذا يعكس الجوع والعطش للمعرفة الروحية عند شبابنا وهي فكرة قيد البحث والتفكير .
** يبقى بعد التنمية الاقتصادية من الأبعاد التي اوليتمونها نيافتكم اهتماما منذ بداية رعايتكم .. الى أين يمضي هذا النهج الجديد على الكنيسة نسبيا ؟
بحلول العام 1990 وفي اوائله تحديدا كان السينودس قد انتخبني كمطران لأسيوط ولم أكن قد حصلت على السيامة الأسقفية ، وقد تحدث إلي وقتها مثلث الرحمات الكاردينال الأنبا اسطفانوس الثاني عن نية هيئة التنمية الكاثوليكية CRS عمل مجموعات تنمية في أسيوط لتحسين الأوضاع الاقتصادية ، بدأنا بمشروع تجريبي عبارة عن تربية " بط بكيني " في قرية تدعى كمبوها في المحافظة وبعدد أفراد لا يزيد عن ثلاثة ، اليوم يعمل في برامج التنمية نحو 100 شخص ، والمستفيدين عدة آلاف ، هناك ستة برامج احدها اقتصادي يقدم قروض صغيرة لمشروعات صغيرة ، ثم برنامج لمكافحة محو الأمية ، وثالث لمتابعة صحة الأمهات والمرضعات ، ورابع لذوي الاحتياجات الخاصة ، ثم برنامج للشباب والطفولة ، والاستفادة متاحة لكل أبناء الرعايا كاثوليك وغير كاثوليك ، مسيحيين ومسلمين وخاصة في دور الحضانة ومحو الأمية .
** من خلال متابعة أعمال التنمية وجدنا ان ايبارشيتكم ومكتب التنمية فيها على نحو خاص لعبت دورا رائدا على صعيد مواجهة الكوارث والأزمات المجتمعية .. ماذا عن أهم الأدوار في هذا السياق ؟
في العام 1994 ضربت السيول عدة قرى فقيرة في المحافظة ، وساعتها اقترح علي البعض الآباء الكهنة ان نتحرك بشكل ايجابي لمواجهة الازمة ، فشكلنا بالفعل ثلاثي كاثوليكي تمثل في جمعية الصعيد للمدارس والتنمية وهي هيئة كاثوليكية بالأساس ثم كاريتاس مصر ، وأخيرا مكتب التنمية في المطرانية ، ثم نظمنا لجنة من أولادنا لمتابعة الأوضاع وإحصاء الخسائر وعملت بصورة إحصائية دقيقة ، وقد شكرتنا المحافظة في أسيوط على هذه المعلومات التي ساعدت في خدمة المضارين ، بدأنا بتقديم معونة مالية عاجلة تمثلت في مبلغ مالي رمزي " خمس آلاف جنيه " ثم طلبنا من السيد المحافظ أن يحدد لنا قريتين من بين القرى الأكثر احتياجا للعمل فيهما " عرب مطير " ، أبو خرس ، ويذكر هنا ان احد الآباء الكهنة هناك قد استضاف في منزل الكنيسة نحو سبعين فرد من المسلمين المسحيين ، هناك عملنا خيام وكنا نرسل لهم وجبات ساخنة كل يوم لمدة شهر متواصل .
ثم لاحقا قدمنا لهم مع الهيئات المانحة مساعدات عينية ملابس ومفروشات وأغطية ، وأخيرا ساهمنا في بناء 16 وحدة سكنية في قرية المشايعة مركز الغنايم لمن فقدوا منازلهم وشكرتنا المحافظة على هذا الجهد الذي رسخ الحضور الكاثوليكي في صعيد مصر .
** ماذا عن الدعوات الكهنوتية والرهبانية في أسيوط .. وكيف تمضي العلاقة بين الأب المطران الايبارشي والحضور الرهباني هناك ؟
في أسيوط 57 كاهن ايبارشي 47 يعملون داخل المحافظة ، و 10 خارج الابرشية ، لدينا 17 بيت راهبات من 13 رهبنة يخدمها نحو 60 راهبة ، وعدد الكنائس 39 كنيسة .
وهناك لجنة تهتم بالدعوات ومنشطين للدعوات من الآباء الكهنة مهمتهم متابعة الذين يشعرون بدعوة كهنوتية وكل عام نقيم تساعية دعوات تنتقل بالصلوات والمحاضرات والأنشطة في ربوع المحافظة ونلمس الثمار فعلا من خلال تنامي عدد الدعوات .
أما علاقتنا مع الرهبان والراهبات فهي تكاملية ، الرهبان يخدمون كالكهنة الايبارشيين ونشاركهم احتفالاتهم دائما واحرص على زيارة الرهبانيات بشكل دوري كتقدير من الكنيسة في كل عيد لدورهم ونلتقي بالرئاسات الخاصة بهم في وصل وتواصل لا ينقطع .
** جامعة أسيوط هي من اكبر الصروح العلمية في صعيد مصر .. هل من خدمات تقدمونها لأبنائنا هناك ... وماذا عن فكرة إنشاء جامعة كاثوليكية في ارض مصر بشكل عام ؟
علاقتنا بداية مع رئيس جامعة أسيوط وكذلك مع رئيس جامعة الأزهر ، ولدينا بيت إيواء للطالبات المغتربات يسع 270 طالبه ونبني حاليا بيت للطلبة ونوفر لهم بجانب الإيواء كاهن للمتابعة الروحية ، كما نحرص على متابعة الطلبة الكاثوليك الذين يدرسون في الجامعة من مختلف ايبارشيات ألجمهوريه من خلال لقاء دوري لأسرة تسمى باسم سعيد الذكر البابا يوحنا بولس الثاني .
أما عن فكرة الجامعة الكاثوليكية في مصر فهي مطروحة حاليا على مستوى اجتماع هيئة البطاركة والأساقفة في مصر وأظنها أمر مهم لتثبيت الحضور الفكري والعلمي الكاثوليكي في مصر لكنها فكرة ومشروع كبير في حاجة لدراسة جيدة قبل الانطلاق .
** صاحب النيافة من كل القلب خالص الشكر على محبتكم وسعة صدركم وعلى هذه الرؤيا البانورامية الرائعة لايبارشيتكم العامرة .
الشكر لكم ولوكالة زينت التي تحمل نور المسيح للعالم عبر تغطيتها لأخبار الكنيسة في
كل أرجاء العالم
منقول من زينيت .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى