- الإكليريكي/ مايكل وليمعضو VIP
رسالة البابا يوحنا للشباب.....
الإثنين أغسطس 20, 2007 4:04 pm
ايها الشباب الأعزاء، افتحوا عيونكم جيّداً
رسالة قداسة البابا لليوم العالمي السادس عشر للشباب
8 نيسان 2001
في ذكرى تور فيرغاتا (روما)
1. بينما اتوجّه اليكم بمحبة وفرح بمناسبة موعدنا السنوي، احتفظ في قلبي وفي عينيّ صورة "عبور الباب" المعبّرة في ساحة تور فيرغاتا (روما). ففي مساء 19 آب الماضي، وفي بداية اليوم الخامس عشر للشباب، دخلت، يداً بيد مع خمس شباب من القارّات الخمسة، ذاك الباب الكبير تحت نظر السيد المسيح المصلوب والقائم من الموت، وكأننا دخلنا سوية عتبة الألف الثالث.
البابا والشباب، دعم متبادل
أريد أن اشكر الله تعالى من صميم القلب على عطية الشباب التي، بواسطتكم، تنعم بها الكنيسة وينعم العالم ( راجع عظة تور فيرغاتا في 20 آب 2000). كما اودّ ان أشكر الله لأنه منحني النعمة أن ارافق الشباب مدّة العقدين الأخيرين من الألفية الثانية، وأن ادلّهم علىالطريق المؤدي الى يسوع المسيح، الذي "هو هو أمس واليوم والى الأبد"( عب. 13،8). وفي نفس الوقت أريد ان أشكر الله لأن الشباب أيضا رافقوا البابا ودعموه في تجواله الرسولي في مختلف بقاع الدنيا.
ثمار اليوبيل: أعمال محبّة
لا يمكن حصر ثمار يوبيل الشباب في احصائيات حسابيّة، بل في اعمال المحبة والعدل والأمانة اليومية، وهي أعمال ثمينة وإن كانت غالباً غير مرئية. لقد عهدتُ اليكم ايها الشباب الأعزاء، وخصوصا الى الذين شاركوا في ذاك اللقاء التاريخي، مهمّة الشهادة أمام العالم للحياة حسب متطلبات الانجيل.
يسوع هو المسيح دون ضجّة
2. عُدتم بعد خبرة اليوبيل الغنيّة الى بلادكم والى بيوتكم والى عملكم اليومي المعتاد. وها أنكم تتهيّاؤون للإحتفال، حول رعاتكم الروحيين، بيوم الشباب السادس عشر على مستوى الأبرشيات. وفي هذه المناسبة أريد ان اكلمّكم عن الشروط التي يضعها يسوع لمن يريد ان يكون تلميذاً له. فهو يقول: "من أراد ان يتبعني، فليزهد في نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني" ( لوقا 9، 23). ليس يسوعُ مسيحَ قوّة او سُلطة. فهو لم يحرّر اليهود من سلطة الرومان ولم يؤمّن لهم المجد السياسي. هو خادم الرب الحقيقي، وحقّق رسالته الخلاصية من خلال التضامن والخدمة واتّضاع الموت. هو مسيحٌ لا يؤمن بالضجّة او بالمقاييس البشرية، ولا يمكن ان نفهمه من خلال منطق النجاح والسلطة، وهو المنطق الذي يستعمله العالم كمقياس لنجاح أعماله ومشاريعه.
هنالك طريق واحد لا طريقان
3. "من أراد ان يتبعني فليزهد في نفسه ويحمل صليبه ويتبعني" ( لوقا 9،23). تعبّر هذه الكلمات عن خيار جذري لا رجعة فيه ولا تردّد. وهو التزام كبير تصعّب منه الرسل أنفسهم، وهو التزام تعهّد به الكثير من الرجال والنساء في اتباعهم للمسيح. وهذه الجذرية أثمرت ثمار قداسة وشهادة، وهي ثمار تشكّل دعما وعضُدا للكنيسة في مسيرتها الأرضية. وما زالت كلمات المسيح اليوم تُعتبر جنونا أو حماقة (راجع 1 كورنتس 22-25). ومع ذلك لا مفرّ من هذه الكلمات لأنها تشكّل المرجع الوحيد للمؤمن الذي يريد اتباع المسيح. هناك طريق واحد لا طريقان: الطريق التي سلكها المعلّم. ولا يحق للتلميذ ان يخترع طريقا آخر.
يسير يسوع المسيح أمام خاصتّه
يسير يسوع أمام خاصّته ويطلب منهم ان يعملوا ما عمله هو. فهو يقول:
· لم آت لأُخدَم بل لأخدُم.
· ومن يريد ان يكون مثلي ليكن خادم الجميع.
· أتيت كمن لا يملك شيئا
· هكذا أستطيع ان أطلب منكم ان تتركوا كل شئ في سبيل الحصول على الملكوت.
· أنا أقبل أن أكون حجر عثرة، وأقبل الرفض من قبَل معظم الشعب.
· هكذا أستطع أن اطلب منكم ان تقبلوا الرفض والاحتجاج، من أي جهة أتى.
مختصر القول، يطلب يسوع ان نختار بشجاعة نمط حياة يشبه حياته هو. يطلب ان نتبعه أولا في القلب، لأن وضعنا الخارجي غالبا ما لا يعتمد علينا.
فليزهد في نفسه
4. "فليزهد في نفسه". الزهد في النفس يعني التخلّي عن مشروع الحياة الذاتي والذي غالبا ما يكون محدودا وناقصا، لقبول مشروع الله على حياتنا. هذا هو معنى مسيرة الرجوع الى الله تعالى والتي لا غنى عنها في أيّة حياة مسيحية. وهذا ما جعل القديس بولس يقول : " لست أنا أحيا بل المسيح يحيا فيّ" ( غلا 2،20)
لا يطلب منا بسوع المسيح ان نتنازل عن الحياة، بل يطلب منا أن نقبل حياة أخرى، مليئة بزخمٍ لا يمكن ان يمنحه الاّ هو.
يحمل الانسان في داخله ميلاً عميقا الى التفكير بنفسه، الى وضع نفسه في وسط كل شئ والى جعل نفسه مرجعا لكل شئ. ومن يريد ان يتبع المسيح يرفض هذا الميل الى تسخير جميع الأمور لمصلحته الشخصية. تلميذ المسيح يعتبر الحياة المعاشة كهبة ومجانيّة، لا كتسلّط او تملّك. فالحياة الحقيقية تتمّ في بذل الذات، الذي هو نعمة من المسيح. حياة حرّة، في تواصل مع الله ومع الأخوة ( راجع فرح ورجاء 24).
ما هي القيم التي يجب التركيز عليها؟
ان كان اتباع المسيح هو القيمة السامية، فجميع القيم الأخرى تتفرّع منها وتأخذ منها مكانها وقيمتها. من يركّز فقط على الخيرات المادية يخسر، بالرغم من مظاهر النجاح الخارجية. فسيفاجئة الموت وهو مُتخمٌ بالغنى، لكن حياته ناقصة ( ر اجع لوقا 12، 31-21).
الخيار اذا بين الكيونة والتملّك. بين حياة مليئة وحياة فارغة، بين الحقيقية والكذب.
شاركني حياتي وخياراتي
5. " ليحمل صليبه ويتبعني". لا يقصد يسوع المسيح في تعليمه هذا أن يضع التضحية او الإماته في المكان الأوّل. لا يريد أن يضع في المكان الاول واجب تحمّل الصعوبات والصلبان اليومية، الكبيرة منها والصغيرة. كما أنه لا يقصد بالتأكيد تمجيد الألم كوسيلة لإرضاء الله. فالانسان المسيحي لا يبحث عن الأللم بل عن المحبة. ولا يمكن ان نتكلم عن الصليب دون ان نتكلم عن محبة الله لنا وعن ارادة الله الصادقة في أن يغمرنا بهباته وعطاياه. ماذا يقصد يسوع المسيح عندما يقول "اتبعني"؟ يقصد اولا خذني مثالا لك، ويقصد أيضا شاركني حياتي وخياراتي. ابذُل حياتك معي في سبيل الله والإخوة.
الطريق الى الحياة
هكذا يفتح يسوع أمامنا " الطريق الى الحياة"، التي تهدّدها " الطريق الى الموت". الخطيئة هي الطريق التي تفصل الانسان عن الله وعن اخيه الانسان، وتسبّب النـزاعات والخصومات وتنهش المجتمع من الداخل. "طريق الحياة" هي التي تُصلح وتجدّد فينا مواقف يسوع المسيح نفسه، وتتحوّل الى حياة ايمان ورجوع الى الله. هذه هي طريق الصليب.
· الطريق التي تقود الى الاتّكال عليه وعلى مخطّطه الخلاصي، والى الايمان انه مات ليّظهر محبة الله لكل انسان.
· طريق الخلاص في مجتمع ممزّق ومضطرب تملأه المناقضات.
· طريق السعادة في اتباع المسيح حتى النهاية، وسط ظروف الحياة المختلفة والمؤلمة.
· الطريق التي لا تخاف من الفشل ولا من الصعوبات ولامن التهميش ولا من الوحدة، لانها تملأ قلب الانسان من حضور الله.
· طريق السلام وضبط الذات وفرح القلب الداخلي.
ايها الشباب، افتحوا عيونكم جيدا.
6. ايها الشباب الأعزاء، لا تستغربوا ان قال لكم البابا، في بداية الألفية الثالثة، ان طريق الصليب هي طريق السعادة الحقيقية. فالكنيسة آمنت دوما وعلّمت ان لا خلاص الاّ في الصليب. هنالك ثقافة مزيّفة تقول ان القيمة الحقيقية هي في ما يبدو جميلا، وتدّعي انه من أجل الحصول على السعادة، يجب إبعاد الصليب. لذا، فهي تقدّم مثالا للشباب:
· النجاح السهل
· المناصب السريعة والعالية
· حياة جنسية منحلّة وغير مسئولة
· حياة متمركزة على الذات
· عدم احترام الآخرين
افتحوا عيونكم جيّدا ايها الشباب الأعزاء. ليست هذه الحياة التي تقود الى الحياة، بل هي طريق يقود الى الموت. يقول يسوع: " من أراد ان يخلّص حياته يفقدها، ومن فقد حياته في سبيلي يخلّصها". ويحذّر : "ماذا ينقع الانسان لو ربح العالم كلّه وخسر نفسه؟"( لوقا 9،24-25). وهكذا يكشف لنا يسوع سر الحياة الحقيقية، من خلال كلماته الصعبة والتي تملأ قلبنا سلاماً ( راجع الخطاب الى شباب روما في 2 نيسان 1998).
بُناة عالم أفضل
لا تخافوا اذا من السير في الطريق التي سار عليها يسوع المسيح. اعطوا للألفية الثالثة التي تبدأ – وبقوّة شبابكم – طابع الرجاء والحماس الذي يميّز عمركم.
ان تركتم نعمة الله تعمل فيكم، ان بقيتم مخلصين لواجبكم اليومي، جعلتم من هذا القرن الجديد وقتا أفضل للجميع.
ومعكم، تسير مريم العذراء
معكم تسير مريم العذراء، أم يسوع، اوّل تلميذة لابنها، والتي بقيت أمينة تحت الصليب، ومن هناك أوكلها يسوع بباقي اخوته البشر.
ولترافقكم بركتي الرسولية التي امنحكم أياها من كل قلبي.
عن الفاتيكان في
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى