دانيال النبي وماذا نتعلم منه
الأحد يوليو 01, 2007 6:45 am
دانيال النبي وماذا نتعلم منه
ماذا نتعلم من دانيال النبي
”على أنهار بابل هناك جلسنا... على الصفصاف في وسطها علّقنا أعوادنا. لأنه هناك سألنا الذين سبونا كلام ترنيمة، ومعذبونا سألونا فرحاً قائلين: رنموا لنا من ترنيمات صهيون.
كيف نرنم ترنيمة الرب في أرض غريبة؟“ (مزمور 1:137-4)
”أما دانيال فجعل في قلبه أنه لا يتنجّس بأطايب الملك ولا بخمر مشروبه، فطلب من رئيس الخصيان أن لا يتنجّس“ (دانيال 8:1).
تظهر حقيقة إيمان الإنسان وعلاقته بالرب حين يبتعد عن وطنه، وأهله، ومعارفه.
فالمؤمن الحقيقي يقاوم تيار الحضارة المضاد لكلمة الرب، ويلمع إيمانه وسط ظلام المجتمع الوثني الذي هاجر إليه.
هكذا أضاءت شخصية دانيال في وسط ظلام وثنية بابل بعد أن أخذه البابليون أسيراً.
كان دانيال غريباً في أرض غريبة.
وفي حقيقة الأمر كان أسير حرب.. ولكنه يقدم مثالاً باهراً لكل مهاجر أتى من وطنه وصار غريباً في أرض غريبة.
أُخذ دانيال من وطنه وهو في سن الرابعة عشرة كما اتفق الكثيرون من المفسرين.. وجد نفسه في قصر الملك نبوخذنصر. كان حسن المنظر.. وكان حاذقاً في كل حكمة وذا فهم بالعلم، وأصبح مرشحاً أن يكون أحد القريبين من الملك.
كيف عاش هذا الشاب المراهق في بابل.. في الأرض الغريبة؟ لقد عاش حياة منتصرة.. طاهرة.. أمينة رغم كل مغريات قصر الملك نبوخذنصر.
أولاً: امتاز دانيال بعزمه القلبي على حفظ نفسه من نجاسات القصر الملكي
"أما دانيال فجعل في قلبه أن لا يتنجس بأطايب الملك ولا بخمر مشروبه".
شاب حسن الطلعة.. في سن المراهقة.. السن التي فيها يتطلع الشاب إلى الفتيات الجميلات، وتتطلع الفتاة إلى الشبان الحسان.. السن الذي يريد الشاب فيها التحرر من قيود الأسرة وقيود المجتمع ليطلق لشهادته العنان.
هذا الشاب جعل في قلبه أن لا يتنجس بنجاسات قصر ملك بابل.
كان من الممكن أن يجد لنفسه ألف عذر لينجرف مع تيار وثنية بابل.. ويأكل من أطايب الملك ويشرب من خمره.. لكن دانيال عرف أن هذه الأطايب ذُبحت أولاً للأوثان، وعزم عزماً قلبياً أن لا يأكل من مائدة الشياطين، بعد أن اختبر لذة الأكل من مائدة الرب.
وطلب من رئيس الخصيان، وهو الضابط المختص بإطعامه وتدريبه، أن لا يتنجّس.
وكان وراء هذا العزم القلبي.. إيمان قوي بأن الله يقدر على تحويل الخضروات التي يأكلها إلى فيتامينات، ومعادن، وكربوهيدرات، تُعطي لجسده، وأجساد من قرروا الاحتفاظ بطهارتهم مثله قوة ونضارة.
ولما اعترض رئيس الخصيان لخوفه من الملك إذا رأى دانيال وأصحابه في هزال أن يحكم عليه بالإعدام.. قال له دانيال: "جرّب عبيدك عشرة أيام. فليعطونا القطانيّ لنأكل وماء لنشرب. ولينظروا إلى مناظرنا أمامك وإلى مناظر الفتيان الذين يأكلون من أطايب الملك.. وعند نهاية العشرة الأيام ظهرت مناظرهم أحسن وأسمن لحماً من كل الفتيان الآكلين من أطايب الملك" (دانيال 12:1).
هل أنت مؤمن حقيقي، أو مرائي من طراز ممتاز؟
هل لك صورة التقوى ولكنك تنكر قوتها.. وقوة التقوى هو الرب يسوع المسيح الذي قيل عنه: "عظيم هو سر التقوى. الله ظهر في الجسد" (1تيموثاوس 16:3).. هل تظهر حياة المسيح فيك؟
هل تحفظ نفسك من نجاسات العالم.. ومن حضارات المجتمع الغربي.. في أمريكا.. وأوربا.. وأستراليا.. والبلاد الاسكندنافية.. أم أنك سمكة ميتة جرفها تيار هذه الحضارات؟
"الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هي هذه: افتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم، وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم" (يعقوب 27:1).
ثانياً: امتاز دانيال باختياره الحكيم لأصدقائه
"قل لي من هو صديقك. أقول لك من أنت".
"المساير الحكماء يصير حكيماً ورفيق الجهال يُضَرّ" (أمثال 20:13).
كثيرون من المؤمنين تدهورت حياتهم بسبب الصداقات الشريرة، لذلك يحذّرنا بولس الرسول من هذه الصداقات فيقول: "لا تضلوا! فإن المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة" (1كورنثوس 33:15).
تفاحة عطنة، تعطن كمية كبيرة من التفاح.. ولا يحدث العكس.
لقد امتاز دانيال باختياره الحكيم لأصدقائه.. فاختار شدرخ وميشخ وعبدنغو.. شبان أطهار، ورجال صلاة، ومن أبطال الإيمان.
ليت كل مؤمن يصغي إلى كلمات بولس الرسول القائلة:
"لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين، لأنه أية خلطة للبر والإثم؟ وأية شركة للنور مع الظلمة؟ وأي اتفاق للمسيح مع بليعال؟ وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن؟ وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان؟ فإنكم أنتم هيكل الله الحي، كما قال الله: إني سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً. لذلك اخرجوا من وسطهم واعتزلوا، يقول الرب. ولا تمسّوا نجساً فأقبلكم" (2كورنثوس 14:6-17).
لقد اعتزل دانيال عن الأشرار، وكان حكيماً في اختياره لأصدقائه.
ثالثاً: امتاز دانيال بإيمانه القوي في قدرة إلهه
هناك درجات من الإيمان: هناك "قليل الإيمان" (متى 31:14)، وهناك "ضعيف الإيمان" (رومية 19:4)، وهناك "عظيم الإيمان" (متى 28:15)، وهناك "المملوء من الإيمان" (أعمال 5:6). هذه الدرجات من الإيمان ليست لنوال الخلاص، بل للتصرّف في ظروف حياتنا.. أما إيمان الخلاص فيتساوى فيه جميع المؤمنين كما قال بطرس الرسول: "إلى الذين نالوا معنا إيماناً ثميناً مساوياً لنا ببرّ إلهنا والمخلص يسوع المسيح" (2بطرس 1:1). وهذا الإيمان الذي به ننال الخلاص هو عطية الله (أفسس 8:2).
كان إيمان دانيال في قدرة إلهه من درجة "عظيم الإيمان".
الملك داريوس، عيّن في مملكته ثلاثة وزراء، كان بينهم دانيال، "ففاق دانيال هذا على الوزراء.. وفكّر الملك في أن يولّيه على المملكة كلها" (دانيال 3:6).
لم يرضَ الوزيران الآخران، وموظفو المملكة عن أمانة وتدقيق دانيال.. فدبروا مؤامرة خبيثة.. وذهبوا للملك قائلين: إن جميع رجال المملكة "قد تشاوروا على أن يضعوا أمراً ملكياً... بأن كل من يطلب طلبة حتى ثلاثين يوماً من إله أو إنسان إلا منك أيها الملك، يُطرح في جبّ الأسود" (دانيال 7:6).
أشبع هذا الطلب كبرياء الملك.. سيكون إلهاً لمدة ثلاثين يوماً.. نفس التجربة التي أوقع فيها الشيطان آدم وحواء في جنة عدن إذ قال لحواء: "تصيران كالله".
ما الذي فعله دانيال "عظيم الإيمان" في هذا الموقف الدقيق.. الذي سيعرّض حياته للموت بأسنان الأسود؟
"فلما علم دانيال بإمضاء الكتابة ذهب إلى بيته، وكواه مفتوحة في علّيته نحو أورشليم، فجثا على ركبتيه ثلاث مرات في اليوم، وصلّى وحمد قدام إلهه كما كان يفعل قبل ذلك" (دانيال 10:6).
والكلمات "كما كان يفعل قبل ذلك" جديرة أن تلفت انتباهنا.. فهو لم يقصد تحدّي أمر الملك.. لكنه استمرّ يصلي لإلهه كما كان يفعل دائماً.. واستمر يصلي عندما عرف أمر الملك!
كان الأمر الملكي ضد وصية الله.. وحين تكون أوامر الحاكم المدني ضدّ الأمر الإلهي فحينئذ "ينبغي أن يُطاع الله أكثر من الناس" (أعمال 29:5).
أخبر المتآمرون ضدّ دانيال الملك.. بأن دانيال لم يجعل لأمره اعتباراً وطلبوا أن يُطرح في جب الأسود تنفيذاً للأمر الملكي..
وحينئذ أدرك الملك المؤامرة واغتاظ جداً من غفلته. عرف أنه لا يمكن أن يصير إلهاً لمدة ثلاثين يوماً.. وأراد أن ينقذ دانيال من جب الأسود.. لكن شريعة مادي وفارس لا يمكن إلغاؤها.
وطُرح دانيال في جب الأسود.. ولكنه قبل أن يُطرح في الجب قال له الملك: "إن إلهك الذي تعبده دائماً هو ينجيك" (دانيال 16:6).
وأرسل الرب ملاكه وسدّ أفواه الأسود فلم تضرّ دانيال..
قضى دانيال ليلته في حديث مع الملاك الذي سدّ أفواه الأسود. وفي الصباح أمر الملك بإصعاده من الجب "ولم يوجد فيه ضرر، لأنه آمن بإلهه" (دانيال 23:6). وعن هذا قال كاتب الرسالة إلى العبرانيين: "بالإيمان.. سدوا أفواه أسود" (عبرانيين 33:11).
أما الذين تآمروا ضدّ دانيال، فنقرأ عنهم: "فأمر الملك فأحضروا أولئك الرجال الذين اشتكوا على دانيال وطرحوهم في جب الأسود هم وأولادهم ونساءهم. ولم يصلوا إلى أسفل الجب حتى بطشت بهم الأسود وسحقت كلّ عظامهم" (دانيال 24:6). "ويل للشرير شر لأن مجازاة يديه تُعمل به".
فهل لك الإيمان العظيم الذي من درجة إيمان دانيال.. أم إنك ترتعب، وتشكّ أمام مضايقات الأشرار، وتجارب ومصائب الحياة؟
لتكن صلاتك كصلاة التلاميذ حين قالوا للرب: "زدْ إيماننا" (لوقا 5:17).. لتحيا منتصراً بهذا الإيمان العظيم وسط أمواج بحر الحياة الهادر بالاضطراب.
عش في بلاد المهجر كما عاش دانيال الذي كان غريباً في أرض غريبة
”على أنهار بابل هناك جلسنا... على الصفصاف في وسطها علّقنا أعوادنا. لأنه هناك سألنا الذين سبونا كلام ترنيمة، ومعذبونا سألونا فرحاً قائلين: رنموا لنا من ترنيمات صهيون.
كيف نرنم ترنيمة الرب في أرض غريبة؟“ (مزمور 1:137-4)
”أما دانيال فجعل في قلبه أنه لا يتنجّس بأطايب الملك ولا بخمر مشروبه، فطلب من رئيس الخصيان أن لا يتنجّس“ (دانيال 8:1).
تظهر حقيقة إيمان الإنسان وعلاقته بالرب حين يبتعد عن وطنه، وأهله، ومعارفه.
فالمؤمن الحقيقي يقاوم تيار الحضارة المضاد لكلمة الرب، ويلمع إيمانه وسط ظلام المجتمع الوثني الذي هاجر إليه.
هكذا أضاءت شخصية دانيال في وسط ظلام وثنية بابل بعد أن أخذه البابليون أسيراً.
كان دانيال غريباً في أرض غريبة.
وفي حقيقة الأمر كان أسير حرب.. ولكنه يقدم مثالاً باهراً لكل مهاجر أتى من وطنه وصار غريباً في أرض غريبة.
أُخذ دانيال من وطنه وهو في سن الرابعة عشرة كما اتفق الكثيرون من المفسرين.. وجد نفسه في قصر الملك نبوخذنصر. كان حسن المنظر.. وكان حاذقاً في كل حكمة وذا فهم بالعلم، وأصبح مرشحاً أن يكون أحد القريبين من الملك.
كيف عاش هذا الشاب المراهق في بابل.. في الأرض الغريبة؟ لقد عاش حياة منتصرة.. طاهرة.. أمينة رغم كل مغريات قصر الملك نبوخذنصر.
أولاً: امتاز دانيال بعزمه القلبي على حفظ نفسه من نجاسات القصر الملكي
"أما دانيال فجعل في قلبه أن لا يتنجس بأطايب الملك ولا بخمر مشروبه".
شاب حسن الطلعة.. في سن المراهقة.. السن التي فيها يتطلع الشاب إلى الفتيات الجميلات، وتتطلع الفتاة إلى الشبان الحسان.. السن الذي يريد الشاب فيها التحرر من قيود الأسرة وقيود المجتمع ليطلق لشهادته العنان.
هذا الشاب جعل في قلبه أن لا يتنجس بنجاسات قصر ملك بابل.
كان من الممكن أن يجد لنفسه ألف عذر لينجرف مع تيار وثنية بابل.. ويأكل من أطايب الملك ويشرب من خمره.. لكن دانيال عرف أن هذه الأطايب ذُبحت أولاً للأوثان، وعزم عزماً قلبياً أن لا يأكل من مائدة الشياطين، بعد أن اختبر لذة الأكل من مائدة الرب.
وطلب من رئيس الخصيان، وهو الضابط المختص بإطعامه وتدريبه، أن لا يتنجّس.
وكان وراء هذا العزم القلبي.. إيمان قوي بأن الله يقدر على تحويل الخضروات التي يأكلها إلى فيتامينات، ومعادن، وكربوهيدرات، تُعطي لجسده، وأجساد من قرروا الاحتفاظ بطهارتهم مثله قوة ونضارة.
ولما اعترض رئيس الخصيان لخوفه من الملك إذا رأى دانيال وأصحابه في هزال أن يحكم عليه بالإعدام.. قال له دانيال: "جرّب عبيدك عشرة أيام. فليعطونا القطانيّ لنأكل وماء لنشرب. ولينظروا إلى مناظرنا أمامك وإلى مناظر الفتيان الذين يأكلون من أطايب الملك.. وعند نهاية العشرة الأيام ظهرت مناظرهم أحسن وأسمن لحماً من كل الفتيان الآكلين من أطايب الملك" (دانيال 12:1).
هل أنت مؤمن حقيقي، أو مرائي من طراز ممتاز؟
هل لك صورة التقوى ولكنك تنكر قوتها.. وقوة التقوى هو الرب يسوع المسيح الذي قيل عنه: "عظيم هو سر التقوى. الله ظهر في الجسد" (1تيموثاوس 16:3).. هل تظهر حياة المسيح فيك؟
هل تحفظ نفسك من نجاسات العالم.. ومن حضارات المجتمع الغربي.. في أمريكا.. وأوربا.. وأستراليا.. والبلاد الاسكندنافية.. أم أنك سمكة ميتة جرفها تيار هذه الحضارات؟
"الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هي هذه: افتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم، وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم" (يعقوب 27:1).
ثانياً: امتاز دانيال باختياره الحكيم لأصدقائه
"قل لي من هو صديقك. أقول لك من أنت".
"المساير الحكماء يصير حكيماً ورفيق الجهال يُضَرّ" (أمثال 20:13).
كثيرون من المؤمنين تدهورت حياتهم بسبب الصداقات الشريرة، لذلك يحذّرنا بولس الرسول من هذه الصداقات فيقول: "لا تضلوا! فإن المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة" (1كورنثوس 33:15).
تفاحة عطنة، تعطن كمية كبيرة من التفاح.. ولا يحدث العكس.
لقد امتاز دانيال باختياره الحكيم لأصدقائه.. فاختار شدرخ وميشخ وعبدنغو.. شبان أطهار، ورجال صلاة، ومن أبطال الإيمان.
ليت كل مؤمن يصغي إلى كلمات بولس الرسول القائلة:
"لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين، لأنه أية خلطة للبر والإثم؟ وأية شركة للنور مع الظلمة؟ وأي اتفاق للمسيح مع بليعال؟ وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن؟ وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان؟ فإنكم أنتم هيكل الله الحي، كما قال الله: إني سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً. لذلك اخرجوا من وسطهم واعتزلوا، يقول الرب. ولا تمسّوا نجساً فأقبلكم" (2كورنثوس 14:6-17).
لقد اعتزل دانيال عن الأشرار، وكان حكيماً في اختياره لأصدقائه.
ثالثاً: امتاز دانيال بإيمانه القوي في قدرة إلهه
هناك درجات من الإيمان: هناك "قليل الإيمان" (متى 31:14)، وهناك "ضعيف الإيمان" (رومية 19:4)، وهناك "عظيم الإيمان" (متى 28:15)، وهناك "المملوء من الإيمان" (أعمال 5:6). هذه الدرجات من الإيمان ليست لنوال الخلاص، بل للتصرّف في ظروف حياتنا.. أما إيمان الخلاص فيتساوى فيه جميع المؤمنين كما قال بطرس الرسول: "إلى الذين نالوا معنا إيماناً ثميناً مساوياً لنا ببرّ إلهنا والمخلص يسوع المسيح" (2بطرس 1:1). وهذا الإيمان الذي به ننال الخلاص هو عطية الله (أفسس 8:2).
كان إيمان دانيال في قدرة إلهه من درجة "عظيم الإيمان".
الملك داريوس، عيّن في مملكته ثلاثة وزراء، كان بينهم دانيال، "ففاق دانيال هذا على الوزراء.. وفكّر الملك في أن يولّيه على المملكة كلها" (دانيال 3:6).
لم يرضَ الوزيران الآخران، وموظفو المملكة عن أمانة وتدقيق دانيال.. فدبروا مؤامرة خبيثة.. وذهبوا للملك قائلين: إن جميع رجال المملكة "قد تشاوروا على أن يضعوا أمراً ملكياً... بأن كل من يطلب طلبة حتى ثلاثين يوماً من إله أو إنسان إلا منك أيها الملك، يُطرح في جبّ الأسود" (دانيال 7:6).
أشبع هذا الطلب كبرياء الملك.. سيكون إلهاً لمدة ثلاثين يوماً.. نفس التجربة التي أوقع فيها الشيطان آدم وحواء في جنة عدن إذ قال لحواء: "تصيران كالله".
ما الذي فعله دانيال "عظيم الإيمان" في هذا الموقف الدقيق.. الذي سيعرّض حياته للموت بأسنان الأسود؟
"فلما علم دانيال بإمضاء الكتابة ذهب إلى بيته، وكواه مفتوحة في علّيته نحو أورشليم، فجثا على ركبتيه ثلاث مرات في اليوم، وصلّى وحمد قدام إلهه كما كان يفعل قبل ذلك" (دانيال 10:6).
والكلمات "كما كان يفعل قبل ذلك" جديرة أن تلفت انتباهنا.. فهو لم يقصد تحدّي أمر الملك.. لكنه استمرّ يصلي لإلهه كما كان يفعل دائماً.. واستمر يصلي عندما عرف أمر الملك!
كان الأمر الملكي ضد وصية الله.. وحين تكون أوامر الحاكم المدني ضدّ الأمر الإلهي فحينئذ "ينبغي أن يُطاع الله أكثر من الناس" (أعمال 29:5).
أخبر المتآمرون ضدّ دانيال الملك.. بأن دانيال لم يجعل لأمره اعتباراً وطلبوا أن يُطرح في جب الأسود تنفيذاً للأمر الملكي..
وحينئذ أدرك الملك المؤامرة واغتاظ جداً من غفلته. عرف أنه لا يمكن أن يصير إلهاً لمدة ثلاثين يوماً.. وأراد أن ينقذ دانيال من جب الأسود.. لكن شريعة مادي وفارس لا يمكن إلغاؤها.
وطُرح دانيال في جب الأسود.. ولكنه قبل أن يُطرح في الجب قال له الملك: "إن إلهك الذي تعبده دائماً هو ينجيك" (دانيال 16:6).
وأرسل الرب ملاكه وسدّ أفواه الأسود فلم تضرّ دانيال..
قضى دانيال ليلته في حديث مع الملاك الذي سدّ أفواه الأسود. وفي الصباح أمر الملك بإصعاده من الجب "ولم يوجد فيه ضرر، لأنه آمن بإلهه" (دانيال 23:6). وعن هذا قال كاتب الرسالة إلى العبرانيين: "بالإيمان.. سدوا أفواه أسود" (عبرانيين 33:11).
أما الذين تآمروا ضدّ دانيال، فنقرأ عنهم: "فأمر الملك فأحضروا أولئك الرجال الذين اشتكوا على دانيال وطرحوهم في جب الأسود هم وأولادهم ونساءهم. ولم يصلوا إلى أسفل الجب حتى بطشت بهم الأسود وسحقت كلّ عظامهم" (دانيال 24:6). "ويل للشرير شر لأن مجازاة يديه تُعمل به".
فهل لك الإيمان العظيم الذي من درجة إيمان دانيال.. أم إنك ترتعب، وتشكّ أمام مضايقات الأشرار، وتجارب ومصائب الحياة؟
لتكن صلاتك كصلاة التلاميذ حين قالوا للرب: "زدْ إيماننا" (لوقا 5:17).. لتحيا منتصراً بهذا الإيمان العظيم وسط أمواج بحر الحياة الهادر بالاضطراب.
عش في بلاد المهجر كما عاش دانيال الذي كان غريباً في أرض غريبة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى