الصـــــلاح
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة ... سلام الرب يسوع معكم :- يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى أسرة المنتدى/ نتشرف بتسجيلك معنا


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الصـــــلاح
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة ... سلام الرب يسوع معكم :- يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى أسرة المنتدى/ نتشرف بتسجيلك معنا

الصـــــلاح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
زوار المنتدى
سفر التثنية  سفر توصيات موسى الوداعية  لبني إسرائيل  - 25 - Flags_1
المواضيع الأخيرة
البابا فرنسيس يستقبل العاهل الأردنيالجمعة نوفمبر 11, 2022 4:51 amماير
فيلم القديس أنطونيوس البدوانى الجمعة نوفمبر 11, 2022 4:22 amماير
تدفق ال RSS

Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
 

قم بحفض و مشاطرة الرابط الصلاح على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط الصـــــلاح على موقع حفض الصفحات
تابعونا على الفيس وتويتر
FacebookTwitter

جميع الحقوق محفوظة لـ{الصلاح}
 Powered ELSALAH ®{elsalah.ahlamontada.com}
حقوق الطبع والنشر©2011 - 2010

اذهب الى الأسفل
ماير
ماير
Admin
Admin
https://elsalah.ahlamontada.com

سفر التثنية  سفر توصيات موسى الوداعية  لبني إسرائيل  - 25 - Empty سفر التثنية سفر توصيات موسى الوداعية لبني إسرائيل - 25 -

الأحد نوفمبر 29, 2009 8:37 pm
دراسة الكتاب المقدس
سفر التثنية
سفر توصيات موسى
الوداعية

لبني إسرائيل
- 25 -


تابع) الإصحاح
العاشر


ماذا يطلب منك الرب إلهك؟
بعد
أن أعاد موسى على مسامع الشعب ذكرياته عن كل ما تفضَّل الله به عليهم من تجديده
عهده معهم وغفرانه لتعدِّياتهم المتكررة، ثم ارتحالاتهم المتتالية، وموت هارون،
وإقامة ألعازر ابنه عِوَضاً عنه، وتخصيص سبط لاوي لخدمة الرب؛ ثم أَمْر الرب لموسى
أن يقود الشعب في رحلته لدخول أرض الموعد لامتلاكها حسب وعده لآبائهم بأن يُعطيها
لهم ولنسلهم، كان طبيعياً أن يطلب موسى من الشعب أن يتخذ القرار الذي يتطلبه هذا
التجديد، وهذه الإحسانات الوفيرة والنِّعَم العظيمة والمراحم الغزيرة التي غمرهم
الله بها، فسألهم هذا السؤال الخطير:

+ «فالآن - يا إسرائيل - ماذا يطلب منك الرب
إلهك، إلاَّ أن تتَّقي الرب إلهك لتسلك في كل طرقه وتحبه وتعبد الرب إلهك من كل
قلبك ومن كل نفسك، وتحفظ وصايا الرب وفرائضه التي أنا أُوصيك بها اليوم
لخيرك؟
»
(10: 13،12)

هذا السؤال المصيري يعرضه موسى على شعبه، وكأنه يريد أن يستحثهم
بقوله: فالآن، يا إسرائيل، الشعب الذي اختاره الرب ليتمجَّد فيه، بعد أن رأيتم
واختبرتم أعمال الرب العجيبة معكم ومراحمه الكثيرة عليكم، رغم تعدِّياتكم المتكررة
لوصاياه، ماذا يطلب منكم الرب سوى:

أ. «أن تتَّقي الرب إلهك»: أي أن
تخافه وتُقدِّس اسمه وتخضع له، لأن «رأس الحكمة مخافة
الرب
» (أم 9: 10). ولا شكَّ أن مخافة الرب إنما تقتادك إلى طاعته، لذلك
أردفها بقوله:

ب. «لتسلك في كل طرقه»: كقول
المزمور: «طوبى للكاملين طريقاً السالكين في شريعة الرب، طوبى
لحافظي شهاداته، من كل قلوبهم يطلبونه
» (مز 119: 2،1)؛ فإن حفظنا وصاياه
نثبت في محبته، وهكذا تلا ذلك بقوله:

ج. «وتحبه وتعبد الرب إلهك من كل قلبك ومن كل
نفسك»:
فقد قال الرب يسوع: «الذي عنده وصاياي
ويحفظها فهو الذي يحبني
» (يو 14: 21)، لأن المحبة لابد أن تكون من كل القلب
والنفس، أي بكل وجدانك ومشاعرك وكيانك وفكرك، كقول المرتِّل: «بكل قلبي طلبتك... خبَّأت كلامك في قلبي لكيلا أُخطئ إليك... فهِّمني
فأُلاحظ شريعتك وأحفظها بكل قلبي... ترضَّيتُ وجهك بكل قلبي... صرختُ من كل
قلبي
» (مز 119: 34،11،10، 145،58).

د. «وتحفظ وصايا الرب وفرائضه التي أنا أُوصيك
بها اليوم لخيرك»:
وهل هذا كثير على الرب أن تتقيه وتسلك في طرقه وتحبه
وتعبده من كل قلبك ومن كل نفسك؟ فهو الذي جبلنا وخلقنا وقبلنا إليه وأشفق علينا
وعضدنا وسترنا وأتى بنا إلى هذه الساعة!! «ووصاياه ليست
ثقيلة
» (1يو 5: 3)، بل هو يدعو التعابى والثقيلي الأحمال أن يأتوا إليه
ليُريحهم قائلاً: «تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي
الأحمال وأنا أُريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلَّموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب،
فتجدوا راحة لنفوسكم، لأن نيري هيِّن وحملي خفيف
» (مت 11: 28-30).

وهوذا القديس إيرينيئوس يُعلِّق على ذلك بقوله:

[يقول الكتاب: «هذه الكلمات كلَّم بها الرب كل
جماعتكم بني إسرائيل في الجبل ولم يَزِد
» (تث 5: 22 – مترجمة من النص)، لأنه
– كما سبق وأوضحتُ – لم يكن الرب في حاجة إلى شيء منهم. فهوذا مرة أخرى يقول لهم
موسى: «فالآن، يا إسرائيل، ماذا يطلب منك الرب إلهك إلاَّ أن
تتَّقي الرب إلهك لتسلك في كل طرقه وتحبه وتعبد الرب إلهك من كل قلبك ومن كل
نفسك
» (تث 10: 12)؟ فالآن، هذه هي الأمور التي تجعل الإنسان بالفعل
ممجَّداً، وذلك بحصوله على ما هو في احتياج إليه، وهو الصداقة مع الله. أما الله
نفسه فلن ينتفع منا شيئاً، لأن الله ليس في حاجة إطلاقاً إلى محبة الإنسان. إنما
مجد الله هو الذي يحتاجه الإنسان، ولا يقدر أن يناله بطريق آخر سوى خدمة الله
وعبادته. لذلك يقول لهم موسى أيضاً: «اختَر الحياة لكي تحيا
أنت ونسلك، إذ تحب الرب إلهك وتسمع لصوته وتلتصق به لأنه هو حياتك والذي يطيل
أيامك»
(تث 30: 20،19). ولكي يعدَّ الرب الإنسان لهذه الحياة، تكلَّم هو
بنفسه وبصوته لكل الجمع معاً بكلمات الوصايا العشر، التي ظلَّت هكذا بنصِّها مستمرة
وباقية معنا، إذ تقبلناها منه بمجيئه بالجسد في سموِّها واكتمالها، وليس بنقضها أو
إبطالها](1).

كما يُعبِّر عن ذلك أيضاً العلاَّمة كليمندس الإسكندري قائلاً:

[من الواضح أن النبي يُعلِّمهم إرادة الله، وسرَّ المعرفة الروحية
في هذه الكلمات: «فالآن، يا إسرائيل، ماذا يطلب منك الرب إلهك،
إلاَّ أن تتَّقي الرب إلهك لتسلك في كل طرقه وتحبه وتعبد الرب وحده»
(مترجمة من النص) إنه يخاطب أولئك الذين لديهم القدرة على اختيار ما هو
لخلاصهم... إلاَّ أننا ينبغي أن تكون لنا الأعمال التي تشهد لنا بأننا نسلك في نور
النهار (انظر رو 13: 13)، فلتُضئ هكذا أعمالنا (الحسنة) (انظر مت 5: 16)، فهوذا
أعمال كل إنسان تتقدمه. وهوذا الله قد أخبر بأعماله إلى أقصى الأرض (انظر إش 62:
11). لذلك فإنه يليق بالإنسان الروحاني أن يجعل الله قدوته بأقصى استطاعته.
فالشعراء يدعون المختارين في أشعارهم أشباه الله بل وآلهة، ومساوين للآلهة...
متأثـِّرين ومتمثلين بتعبير الكتاب القائل بأننا مخلوقون على صورة الله وشبهه (انظر
تك 1: 26)](2).

ثم أردف موسى النبي بعد ذلك قائلاً:

+ «هوذا للرب إلهك السموات وسماء السموات،
والأرض وكل ما فيها. ولكن الرب إنما التصق بآبائك ليُحبَّهم، فاختار من بعدهم نسلهم
الذي هو أنتم فوق جميع الشعوب، كما في هذا اليوم»
(10: 15،14).

وهو يقصد بذكر هذه الحقائق أن يلفت نظرهم إلى أن الله الذي يطلب
منا أن نتقيه ونسلك في طرقه ونحبه، هو إله عظيم جداً في غناه وقدرته، له كل السموات
وسماء السموات والأرض وكل ما فيها، فهو ليس في احتياج إلينا قط، بل هو في غِنَى عن
جميع عباده ومخلوقاته. إنما الرب برحمته ولطفه ومحبته قد تنازل واختار آباءنا
إبراهيم وإسحق ويعقوب، والتصق بهم ليحبهم. والتصاقه
بهم يعني أنه اتخذهم لذاته أخصاء وأحباء، ولازمهم ولم يُفارقهم. ومِن ثمَّ فقد
اختار أيضاً نسلهم من بعدهم، الذين هم أنتم. فانظروا بأي مقدار أحبكم وميَّزكم عن
جميع شعوب الأرض، «كما في هذا اليوم»، أي كما هو
حاصل الآن وحتى هذا اليوم. فقد خصَّكم بالتصاقه بكم ومرافقته لكم في كل خطوة
تخطونها الآن وفي مستقبل الأيام.

ويُعلِّق على ذلك أيضاً العلاَّمة كليمندس الإسكندري قائلاً:

[فليسمع أولئك الذين يدَّعون أن هناك قوات معيَّنة تتحكَّم في
تحريك الرياح وتوزيع الأمطار، فليسمعوا ما يقوله المرتِّل: «ما
أحلى مساكنك يا رب الجنود
» (مز 84: 1). لأنه هوذا الرب هو رب القوات
والرئاسات والسلطات، الذي تكلَّم عنه موسى لكي نلتصق به ونكون معه قائلاً: «فاختنوا غرلة قلوبكم، ولا تُصلِّبوا رقابكم بعد، لأن الرب إلهكم هو إله
الآلهة ورب الأرباب الإله العظيم الجبَّار»
(تث 10: 17،16). كما يقول
إشعياء أيضاً: «ارفعوا إلى العلاء عيونكم، وانظروا مَن خلق
هذه
» (إش 40: 26)](3).

فالله العظيم الجبَّار، إله الآلهة ورب الأرباب، سُرَّ أن يلتصق
بهذا الشعب الذي اختاره، ولكن بشروط، وعهد بينه وبينهم. وقد بدأ هذا العهد مع
إبراهيم أبي الآباء، حينما قال له: «أنا إلهك القدير، سِرْ أمامي وكُن كاملاً.
فأجعل عهدي بيني وبينك وأُكثِّرك كثيراً جداً... وأُقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك
من بعدك في أجيالهم عهداً أبدياً، لأكون إلهاً لك ولنسلك من بعدك. وأُعطي لك ولنسلك
من بعدك أرض غربتك كل أرض كنعان ملكاً أبدياً، وأكون إلههم» (تك 17: 1-8).

هذا هو العهد الذي قطعه الله مع إبراهيم ومع نسله. ثم أعطاه الرب
الختان كعلامة للعهد في لحم غرلتهم، إذ أردف قائلاً: «هذا هو
عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك: يُختن منكم كل ذكر. فتُختنون في
لحم غُرلتكم. فيكون
علامة عهد بيني وبينكم. ابن ثمانية أيام يُختن منكم كل ذكر في أجيالكم، وليد
البيت والمبتاع بفضة من كل ابن غريب ليس من نسلك... فيكون عهدي في لحمكم عهداً
أبدياً
» (تك 17: 10-13).

فالمقصود، إذن، من هذا العهد الذي قطعه الله مع إبراهيم ونسله، هو
مسيرة الإيمان أمام الله بالقداسة والكمال. أما الختان فلم يكن سوى علامة العهد،
كدليل على ارتباطهم بعهدهم مع الله، لكي يسيروا أمامه دائماً في نور وصاياه. وهذا
ما أدركه جميع الأنبياء، أن الختان ليس سوى ختم لبرِّ الإيمان، وعلامة في الجسد لا
تنفع شيئاً إلاَّ للذي يحفظ الإيمان ويحيا بموجبه ويُطهِّر قلبه من كل نجاسات
الخطية. لذلك قال لهم موسى في هذا الموضع:

+ «فاختنوا غُرلة قلوبكم ولا تُصلِّبوا
رقابكم
»
(10: 16).

ثم يعود موسى فيؤكِّد هذا المعنى كاشفاً الصلة السرِّية التي تربط
الختان بمحبة الله من كل القلب: «ويختن الرب إلهك قلبك وقلب
نسلك، لكي تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك لتحيا
» (تث 30: 6).

وكذلك إرميا النبي يشكو إلى الله من عصيان الشعب وعدم استعدادهم
لسماع كلمته قائلاً: «مَن أُكلِّمهم وأُنذرهم فيسمعوا؟! ها إن
أُذُنهم غلفاء (غير مختونة) فلا يقدرون أن يصغوا. ها إن كلمة الرب صارت لهم عاراً،
لا يُسرُّون بها
» (إر 6: 10). لذلك فإنه يدعو الشعب أن يختنوا قلوبهم
وينزعوا منها نجاسة الشهوات بقوله: «اختتنوا للرب وانزعوا غُرل
قلوبكم يا رجال يهوذا وسكان أورشليم لئلا يخرج كنار غيظي
» (إر 4: 4).

كما يُبيِّن بولس الرسول أن الختان لا ينفع إلاَّ الذي يحفظ
الناموس ويُتمِّم الوصايا بقوله: «فإن الختان ينفع إن عملتَ
بالناموس. ولكن إن كنتَ متعدِّياً الناموس فقد صار ختانك غُرلة
» (رو 2:
25).

من هذا كله يتضح أن عهد الختان الذي أقامه الله مع إبراهيم لم يكن
سوى علامة وختم لبرِّ الإيمان الذي كان لإبراهيم وهو في الغرلة، والذي بسببه صار
إبراهيم أباً لكل مَن يؤمن (رو 4: 11).

وجاء الآباء الرسوليون فأكَّدوا نفس المعنى، حتى أن برنابا الرسول
يُوبِّخ اليهود مُبيِّناً لهم أن الختانة ليست جسدية فقط. فكثيرون من الأمم يختتنون
مع أنهم لا ينتمون إلى العهد، كما يقول برنابا في رسالته:

[... ربما تقولون إن الشعب قد خُتن للدلالة على أنه نال الختم. كل
السوريين وكل العرب وكل كهنة البعل مختونون أيضاً. ألأنهم ينتمون إلى العهد قد
اختتنوا؟ المصريون أيضاً يُطبِّقون الختانة. تعلَّموا، أيها الأبناء الأحباء،
واعلموا أن إبراهيم الذي طبَّق الختانة أول الجميع قد طبَّقه روحيّاً واضعاً المسيح
نصب عينيه](4).

كما قال أيضاً:

[ولماذا تكلَّم الرب معهم هكذا: «اختنوا غُرلة
قلوبكم ولا تُصلِّبوا رقابكم بعد
» (تث 10: 16)، وأيضاً: «كل الأُمم غُلف (في اللحم)، وأما هذا الشعب (بيت إسرائيل) فإنهم غُلف
في قلوبهم
» (انظر إر 9: 26 – مترجمة من النص)](5).

كذلك في المسيحية، فليس كل مَن اعتمد قد صار مسيحياً بالفعل بل
بالسرِّ، لأن المعمودية ليست مجرد تغطيس في الماء كعلامة حسيَّة، بل هي سرٌّ مقدس:
«فدُفِنَّا معه بالمعمودية للموت حتى كما أُقيم المسيح من
الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضاً في جـِدَّة الحياة... كذلك أنتم أيضاً
احسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع ربنا. إذاً لا
تملكنَّ الخطية في جسدكم المائت لكي تطيعوها في شهواته. ولا تُقدِّموا أعضاءكم آلات
إثم للخطية، بل قدِّموا ذواتكم لله كأحياء من الأموات وأعضاءكم آلات برٍّ
لله
» (رو 6: 4-13). فالمعمودية ولادة جديدة وحياة جديدة، وصبغة مقدسة وخليقة
جديدة وخلع للإنسان العتيق، وإماتة أعضائنا التي على الأرض لكي نلبس الجديد الذي
يتجدَّد للمعرفة حسب صورة خالقه (كو 3: 10،9).

لماذا يُطالبكم الرب بأن تختنوا غُرلة قلوبكم
ولا تُصلِّبوا رقابكم؟


+ «لأن الربَّ إلهكم هو إله الآلهة ورب
الأرباب الإله العظيم الجبَّار المهيب، الذي لا يأخذ بالوجوه ولا يقبل رشوة، الصانع
حقَّ اليتيم والأرملة والمُحِب الغريب ليُعطيه طعاماً ولباساً
»
(10: 18،17).

إن جلال الله وعظمته وسلطانه وعدله يُعطي حافزاً آخر لإسرائيل
لطاعته والخضوع له. وواضح أنه هو ذات الإله الذي يتعيَّن علينا نحن المسيحيين أيضاً
أن نتعبَّد له ونحبه.

والألقاب التي يُلقَّب بها الله هنا، إنما تشير إلى تفرُّد الله
وتميُّزه وسلطانه المطلق وسيادته على كل قوة، فهو ”إله الآلهة“، و”رب الأرباب“،
”الإله العظيم الجبَّار المهيب“. وقد وُصِف هكذا في كل أسفار الكتاب:

+ «والآن يا إلهنا الإله العظيم الجبَّار
المخوف حافظ العهد والرحمة، لا تصغر لديك كل المشقات التي أصابتنا
» (نحميا
9: 32).

+ «مَن هو ملك المجد، الرب القدير الجبَّار،
الرب الجبَّار في القتال
» (مز 24: 8).

+ «إله الآلهة الرب تكلَّم ودعا الأرض من مشرق
الشمس إلى مغربها... يأتي إلهنا ولا يصمت، نار قدَّامه تأكل وحوله عاصف
جداً
» (مز 50: 3،1).

+ «لأن الرب إله عظيم ملك كبير على كل الآلهة،
الذي بيده مقاصير الأرض...
» (مز 95: 4،3).

+ «عظيم هو الرب وحميدٌ جداً وليس لعظمته
استقصاء. دور إلى دور يُسبِّح أعمالك وبجبروتك يخبرون
» (مز 145: 4،3).

+ «إله الدهر خالق أطراف الأرض لا يكل ولا
يعيا، ليس عن فهمه فحص. يُعطِي المُعيي قدرة، ولعديم القوة يُكثر شدة
» (إش
40: 29،28).

+ «أنا الرب وليس آخر، لا إله سواي... أنا
الرب وليس آخر، مصوِّر النور وخالق الظلمة، صانع السلام وخالق الشر، أنا الرب صانع
كل هذه
» (إش 45: 5-7).

+ «أما الرب الإله فحقٌّ، هو إله حيٌّ وملك
أبدي، من سخطه ترتعد الأرض ولا تطيق الأُمم غضبه
» (إر 10: 10).

فهذا الإله الجبَّار المهيب القادر على كل شيء، الذي خلَّص شعبه من
عبودية فرعون وقادهم في البرية أربعين سنة إلى أن أتى بهم إلى أرض موآب، لكي
يورِّثهم أرض الميعاد التي وعدهم بامتلاكها، جدير بأن يعبده الشعب ويتَّقوه. ثم إنه
إله لا يُحابي ولا يأخذ بالوجوه، بل يحكم بالعدل ولا يُعوِّج في القضاء لقاءَ رشوة
أو عبادة شكلية بالفم لا بالقلب. كما أنه إله رحيم متحنن، يصنع حق اليتيم والأرملة،
ويحب الغريب ليُعطيه طعاماً ولباساً حتى أنه دُعِيَ: «... أبو
اليتامى وقاضي الأرامل
» (مز 68: 5)، وأيضاً: «الرب يحفظ الغرباء، يعضد
اليتيم والأرملة» (مز 146: 9). وهنا في سفر التثنية، كما في أسفارٍ أخرى في العهد
القديم، يحثُّ الرب بني إسرائيل على حُسن معاملة الغرباء (تث: 17،14؛ 27: 19):
«لا تُعوِّج حُكم الغريب واليتيم، ولا تسترهن ثوب الأرملة»،
«ملعون مَن يُعوِّج حق الغريب واليتيم والأرملة
».

وواضح أن المسيحي أيضاً تحت هذا الالتزام عينه تجاه الغريب واليتيم
والأرملة: «عاكفين على إضافة الغرباء» (رو 12: 13)، «لا تنسوا
إضافة الغرباء، لأن بها أضاف أُناس ملائكة وهم لا يدرون
» (عب 13: 2)، «الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هي هذه: افتقاد اليتامى
والأرامل في ضيقتهم، وحِفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم
» (يع 1: 27).

أما أحد أسباب محبة الغريب الأخرى التي ذكرها الرب ليستحثهم عليها،
فهي أنهم كانوا غرباء في أرض مصر، والرب نظر إلى غربتهم ومذلتهم وخلَّصهم، لذلك
يقول لهم موسى:

+ «فأحِبُّوا الغريب لأنكم كنتم غرباء في أرض
مصر
»
(10: 19).

فلقد ذاقوا مرارة الغربة وما تعرَّضوا له من اضطهاد في مصر، فعليهم
أن يتذكَّروا ما عانوا منه فيُعاملوا الغرباء بما كانوا يحبون أن يُعامَلوا به،
كقول الرب يسوع: «فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم، افعلوا
هكذا أنتم أيضاً بهم، لأن هذا هو الناموس والأنبياء
» (مت 7: 12).

ثم عاد موسى ليؤكِّد عليهم مرة أخرى ما سبق وقاله لهم عمَّا يطلبه
منهم الرب إلههم (في العدد 13،12):

+ «الرب إلهك تتَّقي. إيـَّاه تعبد، وبه
تلتصق، وباسمه تحلف. هو فخرك وهو إلهك الذي صنع معك تلك العظائم والمخاوف التي
أبصرتها عيناك
»
(10: 21،20).

فالرب لا يُرضيه أقل من أن تتَّقيه وتُقدِّس اسمه وتخضع لمشيئته
وتلتصق به كما التصق هو بآبائك وأحبهم وأحبك، فلا أقل مِنْ أن تحبه كما أحبك
وفضَّلك عن باقي شعوب الأرض. فلا تعبد آخر سواه، ولا تحلف باسمٍ آخر غير اسمه، لأن
اسم الرب هو وحده الاسم العالي القدوس القادر على كل شيء، الذي يليق بك أن تفتخر به
من أجل ما صنعه معك من عجائب ومعجزات، فيكفي أنكم تغرَّبتم في مصر وكان عددكم سبعين
فرداً، وها أنتم الآن لا تحصون من الكثرة:

+ «سبعين نفساً نزل آباؤك إلى مصر، والآن قد
جعلك الرب إلهك كنجوم السماء في الكثرة
»
(10: 22).

فلا شك أن هذه الكثرة كانت بقدرة الرب وبفضل حمايته لهم ورعايته
المستمرة التي ظلَّلتهم طوال غربتهم في مصر وعلى مدى الأربعين سنة التي قضوها في
البرية حتى ذلك اليوم

.

(يتبع)


(1) St. Irenaeus,
A.H., Book IV, Chap. XVI, 4 (ANF 01).
(2) Clement of Alexandria, The
Stromata, Book IV, Chap. XXVI (ANF 02).
(3) Clement of Alexandria, The
Stromata, Book IV, Chap. XXVI (ANF 02).
(4) الآباء الرسوليون، رسالة برنابا
9: 4، ص 87 منشورات النور.
(5) The Epistle
of St. Barnabas, Chap. IX (ANF 01).
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى