66 — مقالة في استخراج العدد المضمر ، من غير أن يسأل المضمر عن شئ | | 4.53 ف | 67 — مقالة في النار النازلة في كنيسة القيامة ، في المسجد الأقصى (15) | | 9.1 ف | 68 — كتاب في منافع الباه ومضاره ، وجهة استعماله | | 8.75 خ | 5 – علم الكلام وما بعد الطبيعة
| | | 69 — مقالة في الموجودات | | 5.11 ط | 70 — مقالة في البحوث العلمية الأربعة عن أصناف الموجود الثلاثة : الإلهي ، والطبيعي ، والمنطقي | | 5.12 ف | 71 — مقالة في تبيين وجود الأمور العامية | | 5.13 خ | 72 — جواب مسألة وردت من الري [في القيامة] ، في ذي القعدة من سنة إحدى [وأربعين ؟] وثلاث مائة | | 5.21 خ | 73 — رؤيا (في النفس) | | 5.22 خ | 74 — مقالة في ماهية العلم | | 5.23 ف | ماير Admin
الأربعاء نوفمبر 04, 2009 12:23 pm | 81 — تعليق آخر في هذا المعنى | | 5.35 ف | 82 — رسالة إلى أبي عمرو سعد بن الزيني [؟] ، في نقض الحجج التي أنفذها إليه في نصرة قول القائلين إن الأفعال خلق لله واكتساب للعباد | | 5.36 (ط ت) | 83 — رسالة لأبي بكر الآدمي العطار ، فيما تحقق من اعتقاد > الحكماء ، بعد النظر والتحقيق | | 7.3 ف | 6 – الأخلاق
| | | 84 — كتاب تهذيب الأخلاق | | 6.1 ط | 85 — مقالة في سياسة النفس | | 6.2 ف | 86 — مقالة في حال ترك طلب النسل | | 6.3 ق | 87 — مخاطبة بين صديقين لي ، في معناها | | 8.65 خ | 88 — [مناظرة في حال ترك طلب النسل] | | 8.65 خ | 89 — إجابة صديقنا عما استفتيناه فيه من المسائل الثلاث [ في ترك طلب النسل] الواردة في المحرم سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة | | 6.3 8.65.1 خ | 7 – صدق الإنجيل ، وتفسير بعض آياته
| |
| 90 — مقالة في إثبات صدق الإنجيل ، على طريق القياس | | 8.41 ط ت | 91 — قول في اختلاف لفظ الأناجيل ومعانيها | | 8.42 ط ت | 92 — قول في ذكر الأسباب الموجبة لاختلاف الإنجيليين ، فيما أتوا به في الأناجيل . | | ق | 93 — تأويل لجواب السيد المسيح للكاتب الذي سأله فقال : "ماذا أعمل لأرث الحياة ؟" في إنجيل لوقا(17) | | 8.51 ق | 94 — المسألة التي أنفذها إلى أبي الحسن زرعة بن سقراطيس ، وفيها حل الشك في قول السيد المسيح عن اليوم والساعة(18) | | 8.52 ق | 95 — حل الشك في قول السيد المسيح ، إذ كان مصلوبا : "يا أبي ، إن أمكن ، فتتجاوزني هذه الكأس"(19) | | 8.53 ق | 17) وفيه تأويل مثل السامري الصالح (لوقا 10/30 – 37) . 18) راجع متى 24/36 . 19) راجع متى 26/39 = مرقس 14/36 . | | 96 — مسألة سأل عنها الجهيني في قول الإنجيل : "إنه لن يصعد> إلى السماء ، إلا الذي نزل من السماء"(20) | | 8.54.1 ق | 97 — مسألة سأل عنها الجهيني أيضا ، في هذا المجلس ، في أنه مكتوب في التوراة : "إنّ كل مصلوب ملعون"(21) | | 8.54.2 ق | 98 — تفسير قول الرب في الإنجيل : "إن الأصحاء لا يحتاجون إلى طبيب"(22) | | 8.55 ق | 99 — مسألة في معنى العذارى الحكيمات والجاهلات ، وتناقض القول في أن "بني العالم أحكم من بني النور في جيلهم"(23) | | 8.56 ق | 100 — مسألة في قول الإنجيل : "لا تبذلوا القدس للكلاب ، ولا تلقوا جواهركم قدام الخنازير"(24) | | 8.57 ق | 101 — تفسير قول الإنجيل الطاهر : "إن شككتك عينك ، فاقلعها ، أو رجلك ... وكل واحد يملح بالنار"(25) | | 8.58 ق | 8 – التوحيد والتثليث
| |
| 102 — تبيين غلط محمد بن هارون ، المعروف بأبي عيسى الوراق ، عما ذكره في كتابه "في الرد على الثلاث فرق من النصارى" | | 8.11 ط | 103 — مقالة في تبيين غلط أبي يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي ، في مقالته "في الرد على النصارى" ، أنشئت(26) في شهر رمضان سنة خمسين وثلاث مائة | | 8.12 ط ت | 104 — مقالة في صحة اعتقاد النصارى في البارئ أنه جوهر واحد ذو ثلاث صفات | | 8.13 ط ت | 105 — مقالة في تمثيل النصارى الابن بالعاقل دون المعقول ، والروح بالمعقول دون العاقل ، وحل الشك في ذلك | | 8.14 ط ت | 20) راجع يوحنا 3/13 . 21) راجع تثنية الاشتراع 21/33 . 22) راجع مرقس 2/17 . 23) راجع متى 25/1 – 13 ولوقا 16/8 . 24) راجع متى 7/6 . 25) راجع مرقس 9/43 – 50 . 26) لا "المثبت" كما طبعها PERIER ، ولا "المنشأ" كما عدلها ENDRESS (ص 100) . |
------- | 106 — جواب عن مسائل سأل عنها سائل في الأقانيم الثلاثة | | 8.15 ط ت | 107 — مقالة في تبيين الوجه الذي عليه يصح القول في البارئ "إنه جوهر واحد ، ذو ثلاث خواص ، تسميها النصارى أقانيم" | | 8.16 ط ت | 108 — جواب عن مسألة جرت بين يدي علي بن عيسى بن الجراح(27) في التثليث والتوحيد | | 8.17 ط ت | 109 — حواش أربع في وحدانية الله ، وعلمه بما يكون قبل ما يكون | | 8.19.2 خ | 110 — رسالة في القول في وحدانية البارئ ، وبأي الأنحاء سموه واحدا وثلاثة | | 8.19.3 خ | 111 — أجوبة عن ثلاث مسائل سأله عنها صديقه أبو علي سعيد ابن داديشوع ، في ذي القعدة سنة ثماني وخمسين وثلاث مائة(28) | | 8.71 ق | 112 — قول في الهيولي(29) | | 8.73 ط | 113 — إيضاح في التوحيد ، مما أملاه عنه فرج بن جرجس بن أفريم ، في مبادئ الموجودات ومراتب قواها | | 8.74 ط ت | 9 – التأنس
| |
| 114 — مقالة في وجوب التأنس | | 8.21 ط ت | 115 — حل حجج من رام أن يلزم النصارى أن اتحاد الكلمة بالإنسان ، في حال موته ، غير ممكن | | 8.22 ق | 27) هو الوزير الشهير علي بن عيسى . ولد سنة 245ﻫ/958 م ، راجع كتاب H. BOWEN, The Life and Times of ‘Ali Ibn ‘Isa (Cambridge 1928 و"دائرة المعارف الإسلامية" ، الطبعة الفرنسية الثانية ، ج1 (1960) ص 397 – 399 (له أيضا) . و"دائرة المعارف الإسلامية" ط 2 عربية ، ج1 (القاهرة 1969) ص 238 – 239 . وكان ابنه ، أبو القاسم عيسى ، أحد تلامذة يحيى بن عدي ، كما رأينا في الفصل الأول (ص 31 – 32) . 28) هذا التاريخ يوافق شهر سبتمبر/أكتوبر سنة 969 للميلاد . ولما كان السؤال الأول والثالث عن التوحيد والتثليث ، رأينا تدوين هذه الأجوبة في هذا الباب . 29) غرض هذا القول (نحو 7 أسطر) إثبات أن البارئ عالم بالصور الهيولانية . فكان من الممكن تدوين القول في القسم الخامس: "علم الكلام وما بعد الطبيعة" . | | 116 — جواب عن مسألة سأل عنها مخالفو النصارى في نقضهم أوصاف(30) المسيح من جهة التأنس | | 8.23 ط ت | 117 — مقالة في غلط من يقول : "إن المسيح واحد بالعرض" | | 8.24 ط ت | 118 — مقالة في إمكان التأنس ، وإحالة امتناعه | | 8.25 ق | 119 — رد على الثلاثة سؤالات في تصديق القول بموت الإله ، والموت الإرادي والطبيعي | | 8.26 ق | 120 — جواب عن ترك الآباء لفظة "مات" ، في الأمانة الجامعة | | 8.26.1 ق | 121 — جواب عن سؤال قائل : "أي شئ ولدت مريم ؟"(31) | | 8.27 ق | 122 — مقالة في قولنا "وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء" | | 8.28 ط | 123 — مقالة في تنزيه السيدة مريم عن ملابسة الرجال | | 8.29 ط | 124 — رسالة إلى أبي الحسن القاسم بن حبيب ، فيما سأله إنشاءه له ، من الرد على النسطورية ، ونقض حججهم ، وإثبات ما تخالفهم فيه اليعقوبية ، والإرشاد إلى موضع خطأ النسطورية وغلطهم . | | 8.31 ط | 125 — نسخة ما زعم أبو الخير بشر بن فضل الصيرفي أنه كاف في نقض ما تضمنته هذه الرسالة من الحجج(32) | | 8.31.1 خ | 126 — مناقضة يحيى بن عدي لقرياقس بن زكريا الحراني ، والرد عليه : من إبانة غلط النسطورية في هذه الرسالة(33) ، ونقض حججهم ، من طريق المنطق(34) | | 8.32 ق | 127 — مناقضة أيضا لأحمد بن محمد المصري ، في نصرته | | 8.33 ط | 30) في النص المطبوع : "أوصافهم" . 31) يذكر هنا أندرس مقالتين (رقم 8/27 ، 1 و8/27 ، 2) : الأولى في مخطوط فيرنسة (FIRENZE) داخل مجموع عنوانه "الشذور الذهبية ، في مذهب النصرانية" ، والثانية في مخطوط باريس رقم 6933 عربي ، ورقة 87 . أما المقالة الأولى ، فمشكوك فيها . وأما المقالة الثانية ، فقد نقلناها وأعددناها للطبع ، لكنها ليست من يحيى بن عدي ، في اعتقادنا . لذلك لم نذكرهما . 32) والمقصود بعبارة "هذه الرسالة" المقالة السابقة (رقم 124) . 33) والمقصود ب "هذه الرسالة" هنا أيضا رقم 124 . 34) قد يكون في العنوان التباس . والمعنى هو أن المقالة تشتمل على جزئين : جزء لقرياقس ، يناقض فيه يحيى بن عدي ، وجزء ليحيى بن عدي يرد عليه . |
------------ | للنسطورية ، ومناقضة (في الرد عليهم في هذه الرسالة) ما يعتقده من أن المسيح جوهران(35) | | 8.33 ط | 128 — قول في أن جوهر المسيح واحد | | 8.33.1 ق | 129 — مناظرة في أن مريم ولدت إلها | | 8.33.2 ق | 130 — من كلامه في الهداية والصفات | | 8.33.3 ق | 131 — مقالة يدل فيها على أن المسيح جوهر ، لا جوهران ، ردا على النساطرة | | 8.34 خ | 132 — حجتان على النسطورية : إحداهما يثبت فيها جوهر وحدانية المسيح ، والأخرى يثبت أن الاتحاد جوهر | | 8.35 خ | 10 – لاهوتيات
| |
| 133 — كتاب البرهان في الدين(36) | | 8.18 خ | 134 — شرح ما عن لي ، من معاني ما أنفذه إلي أبونا مار يوانيس الأسقف ، من القول المنسوب إلى إيراثاوس(37) الطاهر ، في سنة خمس وخمسين وثلاث مائة | | 8.62 ق | 135 — قول في تضليل من حذف من الصلاة الإنجيلية : "اغفر لنا ، كما غفرنا لمن أخطأ إلينا" | | 8.61 ق | 136 — [مقالة في التوجه في الصلاة إلى الشرق(38)] | | ف | 137 — إجابة في التوجه في الصلاة إلى الشرق(39) | | 8.62 ق | 35) هذه المقالة أيضا تتألف من جزئين متداخلين : الجزء الأول لمصري ، يناقض فيه يحيى والجزء الثاني ليحيى ، يرد فيه على المصري . ونقطة انطلاق هذه المجادلة هي أيضا "الرد على النسطورية" (رقم 124) . 36) مؤلف ضخم ، يقع في سبعة أبواب . ويبدو أنه نفس الكتاب الذي ذكره القس بولس سباط ، تحت عنوان : "كتاب في صحة اعتقاد النصارى في التثليث والتأنس ، والرد على اليهود والمسلمين" (راجع : "الفهرس" ج 1 ص 68 رقم 555 ، وج 3 ص 79) . وقد يكون الكتاب منحولا ليحيى بن عدي . 37) وفي المخطوط : "ابرابارس" ، وصوابه كما أثبتناه ، وهو HIEROTHEOS . راجع أندرس ص 121 – 122 . 38) لم تذكر هذه المقالة في المراجع . ولكنا نفترض وجودها ضرورة ، إذ إنه في المقالة التالية (رقم 137) يرد الشاك على يحيى ، فيجيب عليه يحيى . انظر مثلا مخطوط الفاتيكان رقم 134 عربي ، ورقة 97ظ (السطر السادس وما بعده) ، الشك الرابع . 39) هذه الإجابة رد على مقالة ضد أحد مؤلفات يحيى المفقودة (راجع المقالة السابقة) . يذكر يحيى مقالة معارضة ، بقوله "قال الشاك" ، ثم يجيب عليه بقوله "قال المرشد" . وهكذا 13 مرة . والمعارض مسيحي . | | 138 — إجابة عن طلب سبب إكرام النصارى للصليب المقدس ، وغير ذلك(40) | | 8.63 ق | 139 — قول في سبب إحراق الذبائح | | 8.64 ق | 140 — من شرح حُنين بن إسحق ، في حاشية كتاب "السماء والعالم" لأرسطو(41) | | 8.64.1 ق | 141 — ثلاثة مقاطع شعرية صغيرة(42) | | 10 (ط) | 40) يجيب يحيى في هذه المقالة على خمسة أسئلة (لا ثلاثة ، كما قال أندرس) وصلت إليه في سنة 353ﻫ ( = 964 م) من عند أبي علي سعيد ابن داديشوع . فيذكر أولا المسائل ، ثم يجيب على كل واحدة منها . وإليك مضمون المسائل : 1- إكرام الصليب 2- التصاوير 3- معنى أن المخلص خلصنا من الضلال والموت ، بمنزلة الفدية 4- أصل القرابين ، وأشكالهاا 5- هل من العدل ذبح الحيوانات ، كفارة للمذنبين ؟ 41) وهو مقالة صغيرة عن أنواع الذبائح الثلاثة . 42) هذه المقاطع (كل مقطع يتألف من بيتين) توجد في مؤلفات مختلفة . |
ماير Admin
الأربعاء نوفمبر 04, 2009 12:39 pm | [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | | الجزء الثاني
نص المقالة في التوحي
|
------------- | [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | | الفصل الرابع
مخطوطات المقالة في التوحيد
وصلت إلينا هذه المقالة على شكلين : كامل ومختصر . وفي هذه الطبعة ، نقدم للقارئ النص الكامل ، ونكتفي بدراسة المختصر في الفصل التالي . وقد حاولنا حصر جميع المخطوطات ، قبل بداية عملنا . فوقفنا على 11 مخطوطة : خمس منها محفوظة في المكتبات العامة (في باريس وطهران والقاهرة) ، وست منها عند بعض العائلات (في حلب والقاهرة) . واستطعنا مراجعة المخطوطات الخمس المحفوظة في المكتبات العامة . وهي تنقسم إلى فئتين : الفئة الفارسية (رقم 5 و 6 من لائحتنا) ، والفئة القبطية (رقم 1 و 10 و 11 من لائحتنا) .1 إن الفئة الأولى (الفارسية) أفضل من الثانية (القبطية) ، وأصح منها . لذلك ، أعطينا الأفضلية لمخطوطي طهران ، عادة ، على المخطوطات الأخرى . فإليك قائمة المخطوطات التي اهتدينا إليها ، مرتّبة ترتيبا أبجديا ، حسب المدن التي توجد فيها . 1 – مخطوطات النص الكامل
1 – باريس ، المكتبة الوطنية ، عربي 169 (نسخ قبطي ، سنة 1654م) ورقة 2 ظ – 20 ﺠ2; 1) إلى هذه الفئة تنتمي ، بلا شك ، مخطوطتا القس بولس سباط (رقم 3 و 4 من لائحتنا) ، وإن لم نرهما . فإن ترتيب النصوص الموجودة فيهما هو هو ترتيب نصوص المخطوطات القبطية الثلاث الأخرى . 2) بخصوص هذا المخطوط ، راجع ( أ) (William Mc Guckin) de SLANE, Catalogue des manuscripts arabes de la Bibliothéque Nationale, fasc. 1 (Paris 1883), p. 41-42 (N. 169). (ب) Augustin PERIER, Petits traités apologétiques de Yahyā Ben ‘Adī (Paris 1920), p. 5-6. (ﺠ) بيرييه (PERIER) ص 20 (د) Gerard TROUPEAU, Catalogue des manuscripts arabes. Première-partie: Manuscrits, chrétiens,. Tome 1 (N. 1-323) |
----------------------- | 2 – حلب ، ورثة رزق الله باسيل (مجهول)3; 3 – حلب ، مكتبة عائلة سباط رقم 1001 (نسخ قبطي ، من القرن السابع عشر) ص 1-454; 4 – حلب ، مكتبة عائلة سباط رقم 1041 (نسخ قبطي ، من القرن الثامن عشر) ، النص الأول5; 5 – طهران ، كتابخانه مركزي دانشكاه 4901 (نسخ فارسي ، من القرن السابع عشر) ورقم 184 ظ – 207 ظ6 ، مع ملاحظة أن الورقة الأخيرة ناقصة ; 6 – طهران ، كتابخانه مجلس شوراي ملي ، طباطبائي 1376 (نسخ فارسي ، من القرن السابع عشر) ص 328 – 3677; 3) راجع Paul SBATH, Al-Fihris (Catalogue de manuscripts arabes), tome I (Le Caire 1938), p. 67 (N. 543). 4) راجع Paul SBATH, Bibliothèque de manuscripts Paul Sbath, Catalogue, tome 2 (Le Caire 1929), p. 112-118. يقول القس بولس سباط إن هذا المخطوط منسوخ في القرن الحادي عشر الميلادي . وهذا ، بلا شك ، خطأ . وقد درس جورج جراف هذا المخطوط بعينه ، وقال إنه من القرن السادس عشر أو السابع عشر الميلادي . راجع جراف 2 ص 241 سطر 16 . وأيضا Georg GRAF, Die Schriften des Jacobiten Habib Ibn Hidma Abū Ra´ita, in C.S.C.O. 130 (Louvain 1951), p. 11. عنوان المقالة : "مقالة للشيخ أبي زكريا يحيى بن عدي في التوحيد على مذهب النصارى" ، كما في سائر المخطوطات القبطية . راجع سباط ص 112 بداية المقالة : "اختلف القائلون بوحدانية الخالق (تبارك اسمه) في معنى وحدانيته تعالى عما يقوله الملحدون . فقال بعضهم : "إنا إنما نصفه بأنه واحد ، لننفي عنه معنى الكثرة ، لا لنثبت له معنى الوحدة" (سباط ج 2 ص 112) . وهذه البداية هي هي ، بالحرف الواحد ، النص الذي أثبتناه في رقم 3 – 4 . 5) راجع بولس سباط (المرجع السابق) ج 2 ص 156 (حيث يرجعنا إلى وصفه للمخطوط رقم 1001) . 6) راجع محمد تقي دانش ﭙازوه : "فهرست كتابخانه مركزي دانشكاه طهران" ج 14 (طهران 1340هـ) ص 3966 – 3980 (رقم 4901) . | مخطوطات المقالة في التوحيد | ٦٣ | | 7 – القاهرة ، تركة القمص أرمانيوس حبشي8 (مجهول)9 ; 8 – القاهرة ، تركة القمص عبد المسيح صليب البرموسي المسعودي10 (مجهول)11; 9 – القاهرة ، ورثة القس بولس سباط (مجهول)12; 10 – القاهرة ، مكتبة البطريركية القبطية الأرثوذكسية ، لاهوت 177 (نسخ قبطي ، من القرن التاسع عشر) ورقة 2 ﺠ - 26 ﺠ13; 11 – القاهرة ، مكتبة البطريركية القبطية الأرثوذكسية ، لاهوت 192 (نسخ قبطي ، من سنة 1772م) ورقة 4 ظ – 25 ﺠ14 ; 2 – وصف المخطوطات المعتمد عليها في تحقيقنا
اعتمدنا في تحقيق "المقالة في التوحيد" على خمس مخطوطات نصفها هنا بإيجاز ، مع رموزها . 8) بخصوص القمص أرمانيوس حبشي شتى البرماوي ، الذي نشر العديد من الكتب المسيحية ، راجع جراف ج 1 ص 386/19 – 20 ، وج 2 ص 306 حاشية 1 ، وص 359/6 وص 384/4 – 5 وص 386/23 – 24 وص 418/32 – 33، وج 4 ص 138/13 – 14 . 9) راجع Paul SBATH, Al-Fihris (Catalogue de manuscripts arabes) tome 3 Supplément (القاهرة 1940) ص 79/15 (حيث يرجعنا إلى رقم 543 الذي ذكرناه هنا في حاشية 3) . 10) بخصوص القمص عبد المسيح صليب ، راجع جراف ج 4 ص 153 حاشية 1 . كان راهبا بدير البرموس (في وادي النطرون) ، وتوفي في مارس 1936 . وقد تكون مخطوطاته محفوظة في الدير . 11) راجع حاشية 3 . 12) راجع حاشية 3 . هذا المخطوط لم يدخل في مجموعة المخطوطات السباطية المحفوظة في الفاتيكان (رقم 1 – 776) ، ولا في المخطوطات المحفوظة عند العائلة (رقم 777 – 1324) . وإنما كان ضمن المجموعة الموجودة عنده في القاهرة (بكنيسة السريان الكاثوليك ، بحي الظاهر) . واختفت عند وفاته . وقد تكون اليوم عند بعض أفراد عائلته في مصر الجديدة ، أو بيعت . 13) راجع Georg GRAF, Catalogue de manuscripts arabes chrétiens conservés au Caire coll. Studie e Testi 63 (Vatican 1934), p. 200-201 (N. 534). 14) راجع أيضا مرقس سميكة باشا (بمساعدة يسى عبد المسيح): "فهارس المخطوطات القبطية والعربية الموجودة بالمتحف القبطي والدار البطريركية وأهم كنائس القاهرة والإسكندرية وأديرة القطر المصري" الجزء الثاني المجلد الأول (مخطوطات الدار البطريركية) (القاهرة 1942) ص 134 رقم 320 . 15) راجع سميكة (المرجع السابق) ج 2 ص 171 (رقم 388) . |
----------------------------------- | ب = باريس ، المكتبة الوطنية ، عربي 169
مخطوط صغير (5‚20 x 5‚14 سم) جميل ، مزخرف بذوق وإتقان . فالعناوين كلها مذهبة ومكتوبة على خلفية زرقاء ، والهوامش ملونة بألوان خفيفة تمثل أشجارا وأوراقا . إلا أن الناسخ القبطي ، الذي لم يذكر اسمه ، كثيرا ما يخطئ في النقل والإعراب . وفي ورقة 82 ظ نجد التاريخ : "وكان الفراغ من نسخ هذا الكتاب المبارك في ثاني [و] عشرين [من] شهر صفر الحبر (!) ، سنة 1064 للهجرة"15. وهذا التاريخ يناسب يوم 12/1/1654م (في التقويم اليولياني) أو 22/1/1654م (في التقويم الغريغوري) . وجدير بالذكر أن ناسخ مخطوطنا ، لما رأى يحيى يسمى "الشيخ أبا زكريا يحيى بن عدي" ، تعجب واستغرب هذا التعبير . وخشي أن يظن أحد القراء أن المؤلف مسلم ، فوضع ملاحظة في مقدمة المخطوط (ورقة 2ﺠ) ، ها هو نصها16: "هذا كتاب17 الفاضل أبي زكريا يحيى بن عدي البصري [كذا] ، عالم18 من علماء النصارى المسيحيين . لأن تلك البلاد (البصرة وما معها) يسمون (!) نصارتهم19 (!) بمثل بهذا20 (!) الأسماء . "وقوله "الشيخ أبي21 (!) زكريا" إنما هو تعظيم في حق الرجل ، كونه من العلماء . "وأما تسميتهم22 "يحيى" و "عدي" و "يونس" و "علي"23 و "عيسى 15) راجع PERIER (انظر حاشية 2 ب) ص 6 حاشية 2 . 16) ذكرها PERIER (انظر حاشية 2 ب) ص 6 حاشية 1 . وقد ذكر البحاثة جرجس فيلوثاوس عوض نفس الملاحظة (مع تغييرات طفيفة) في مقدمته لكتاب "تهذيب الأخلاق" ليحيى ابن عدي (القاهرة – المطبعة المصرية الأهلية – 1630/1913) ص 8 – 9 ، عن مخطوط آخر لم يذكر أين يوجد . وربما كان أحد مخطوطات مكتبته الخاصة الحافلة بالمخطوطات القيمة (ثم انتقلت إلى أحد أفراد أسرته ، الأستاذ ونيس فلتس) . ونذكر في الحواشي رواية هذه النسخة ، ونشير إليها بكلمة "جرجس" . 17) جرجس : + الشيخ . 18) جرجس : سقط . 19) جرجس : نصاراها . 20) جرجس : هذه . 21) جرجس : أبو . 22) جرجس : تسمية . 23) جرجس : + وعمار . | مخطوطات المقالة في التوحي | ٦٥ | | ومثل ذلك ، فليس في ذلك24 شناعة . لأن عادة أهالي تلك البلاد يسمون مثل25 هذه الأسماء . وهم نصارى مسيحيين26 (!) ، علماء أفاضل .27 نيح الله نفوس الماضيين (!) منهم ، في فردوس النعيم(27)"28. ترى من هذه الملاحظة سذاجة الناسخ ، ومن مقارنتها بنسخة جرجس فيلوثاوس عوض التي ذكرناها في الحواشي ، تظهر ركاكة لغته وأسلوبه . لذلك لا يمكننا الاعتماد على نسخته ، وإنما علينا أن نستعملها بحرص شديد . ط = طهران ، كتابخانه مركزي دانشكاه 4901
مخطوط صغير ، يتألف من 215 ورقة ، ويحتوي على 22 مقالة فلسفية ليحيى بن عدي . نسخ في القرن الحادي عشر الهجري ، أي السابع عشر الميلادي ، بخط فارسي جيد . إلا أن حروفه كثيرا ما يركب بعضها فوق بعض ، فتصعب أحيانا قراءتها . وهذه بعض خصائص مخطوطنا : 1 – تركت كثير من الحروف مهملة (أي بدون نقط) . 2 – يخلط الناسخ كثيرا بين التاء والياء في بداية الكلمة (لا سيما في الفعل المضارع) . 3 – كثيرا ما يضع خطا فوق كلمة أو أكثر ، إشارة إلى بداية فقرة جديدة . وذلك الأول (رقم 4-17) ، لإعطاء فكرة عن تكرار هذه الظاهرة . 4 – يكرر أحيانا بعض الكلمات سهوا . 5 – يسقط كلمات أو جملا كثيرة ، إذا تشابهت نهاية جملتين (homoioteleuton) ورغم هذه النقائص والعيوب ، فالمخطوطة أجود من المخطوطات الأخرى ، فضلا عن أنك لا تجد فيها أخطاء إعرابية أو لغوية . لذلك ، إذا اختلفت الروايات ، أعطينا الأفضلية لهذا المخطوط ، إن لم تكن هناك أسباب لترك روايته . 24) جرجس : فيه . 25) جرجس : بمثل . 26) جرجس : مسيحيون . 27) جرجس : سقطت هذه الجملة بكاملها (نيح الله ...) . 28) والملاحظة تطول ، على ما ذكر جرجس فيلوثاوس عوض (ص 9) . فيشرح صاحبه أن "هؤلاء من طائفة السريان اليعاقبة ، لأن مدينة تكريت "كرسي مفريان اليعاقبة . ثم يضيف أن "مدينة تكريت هي قريبة إلى بغداد ، وبغداد هي قريبة إلى بصرة" ! فلا شك أن صاحب الملاحظة (وهو مصري) لا دراية له بجغرافية العراق . ولست أدري إن كانت تكملة هذه الملاحظة توجد أيضا في مخطوطة باريس ، أو لا . |
-------------------------------- | وقد وصف المخطوط وصفا شافيا الأستاذ محمد تقي دانش ﭙازوه في فهرسته ، ص 3966 – 3980 . ط ۲ = طهران ، كتابخانه مجلس شوراي ملي طباطبائي 1376
هذا مخطوط متوسط الحجم ، يتألف من 368 صفحة (أي 184 ورقة) ، ويحتوي على 24 مقالة فلسفية ليحيى بن عدي . وهي نفس المقالات الاثنين والعشرين الموجودة في ط ، بالإضافة إلى مقالتين في بداية المجموعة انفرد بهما مخطوطنا ، ولم توجدا في أي مخطوط آخر : (1) "مقالة في تبيين الفصل بين صناعتي المنطق الفلسفي والنحو العربي" (ص 1-14) . (2) "مقالة في ثلاثة بحوث عن غير المتناهي" (ص 16-28) . نُسخ المخطوط في القرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي ، بخطّ فارسي جيّد ، أوضح من خطّ ط ، إلا أن كثيرا من الحروف تُركت مهملة ، دون نقط . وقد حالت بعض الظروف دون الحصول عليه . لكنّا استعنّا به لتكملة مخطوط ط ، الذي فقد الورقة الأخيرة (رقم 381-393 من المقالة) . وهذه النهاية توجد في ص 366-367 . وبفضل السيّد يوحنا عيسايي مطران الطائفة الكلدانية في طهران ، استلمنا صورة لهاتين الصفحتين . فنشكر أفضاله . ق = القاهرة ، البطريركية القبطية ، رقم 177 لاهوت
هذا مخطوط متوسط الحجم (23 × 11 سم) ، يتألف من 210 ورقة ، نسخه ناسخ قبطي في القرن التاسع عشر ، ولم يذكر اسمه . يحتوي المخطوط على مجموعتين : 1 – مقالات لأبي زكريا يحيى بن عدي ، وعددها 12 (ورقة 1-80) ؛ 2- رسائل لحبيب بن خدمة ، المعروف بأبي رائطة التكريتي ، وعددها 8 (ورقة 81-210) . أما مقالتنا ، فهي الأولى في المجموعة ، وتقع بين ورقة 2 ﺠ و 26 ﺠ . ك = القاهرة ، البطريركية القبطية ، رقم 192 لاهوت
هذا مخطوط متوسط الحجم (22 × 16 سم) ، يتألف من 182 ورقة . ويبدو أنه يحتوي على المقالات الاثنتي عشر ليحيى بن عدي ، الموجودة في ق ، على ما ذكر مرقس سميكة باشا . | مخطوطات المقالة في التوحي | ٦٧ | | وقد رقمنا هذا المخطوط ، بتصريح المسئول عن المكتبة ، يوم 29 أكتوبر 1974 ، حتى ورقة 40 ، بقلم الرصاص . وحافظنا على الأرقام القبطية الموجودة . لذلك يبدأ المخطوط بورقة 3 ، إذ أنه فقد ورقتين في البداية . أما ناسخ المخطوط ، فهو مرجان بن ميخائيل ... بن عبد القدوس النخيلي . ونخيلة بلدة تقع جنوب أسيوط ، على بعد 40 كم تقريبا منها ، وإليك ما كتبه في ختام المخطوط ، في ورقة 184 (قبطية) : "كان الفراغ من نسخة (!) هذا الكتاب المبارك يوم الاثنين المبارك ، السادس والعشرون (!) من شهر طوبه ، سنة 1489 29 قبطية للشهداء الأطهار السعداء الأبرار (رزقنا الله بمستجيب صلواتهم) ، الموافق ذلك شهر القعدة (!) سنة 1186 للهجرة العربية . "وكان المهتم بهذا الكتاب المبارك الحقير الذي لم يقدر يذكر (!) اسمه بين الناس ، من أجل كثرة خطاياه ، بالاسم شماس مرجان ابن ميخائيل ابن مرجان ابن صليب ابن عبد القدوس النخيلي ، ويومئذ قاطنا (!) بناحية فرجوط30 . وهو ناسخ هذا الكتاب ، لأجل المطالعة على ما فيه من الأقوال الشريفة المفيدة . ونسأل من السيد المسيح الإرشاد . والمجد للثالوث المقدس ، الآب والابن والروح القدس . آمين . "ومن رأى عيبا وأصلحه ، الرب يصلح دنياه وآخرته . ومن قال شيئا ، فله أمثاله" ويوم 26 طوبة 1488 للشهداء يناسب 22/1/1772م (في التقويم اليولياني) أو 2/2/1772م (في التقويم الغريغوري) . أما شهر ذي القعدة من سنة 1186 ﻫ ، فيقع بين 24/1/1773م و 22/2/ 1773م . ونرجح التقويم الهجري للسنين ، إذ كان الشائع في مصر . فيكون التاريخ 1/2/1773م (غريغوري) . 29) هذا العدد مكتوب بالأرقام القبطية . 30) هذه المدينة تكتب اليوم "فرشوط" بالشين . وهي تقع جنوب سوهاج وجرجا ، بالقرب من نجع حمادي . |
------------------------- | 3 – علاقة المخطوطات بعضها ببعض
أما العلاقة بين المخطوطات الخمس ، فيمكن تمثيلها هكذا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أي إن لدينا فئتين : الفئة الفارسية ، والفئة القبطية . وفي الأولى ، نقل ط و ط2 على أصل واحد ، مباشرة أو بطريقة غير مباشرة . وفي الفئة القبطية ، ق و ك منقولان على نفس المخطوط الأصلي ، إلا أن ك استعمل أيضا مخطوطا آخر شبيها بمخطوط ب ، فأصبح مخطوطا ممزوجا . ومن المستحيل أن يكون ك قد استعمل ب نفسه للمراجعة ، إذ أن هذا المخطوط كان (في سنة 1772م) في باريس منذ قرن ، اقتناه الراهب الدومينكي فنسلب VANSLEB لمكتبة ملك فرنسا . ويلاحظ القارئ أن كل هذه المخطوطات متأخرة ، لسوء الحظ . نسخت بعد أكثر من 700 سنة مرت على تأليف المقالة . ثم إن الفئة القبطية سقيمة جدا ، ترجع غالبا إلى مخطوط ضعيف السند . ولولا الفئة الفارسية ، لكان ضاع المعنى أحيانا . أما مختصر المقالة ، الذي وضعه الصفي ابن العسال ، فقد وصل إلينا عن طريق مخطوطين قبطيين في غاية الإتقان والتحرير ، من القرن الثالث عشر . وسنرى ذلك في الفصل الخامس . | مخطوطات المقالة في التوحي | ٦٩ | | 4 – الملحق ومخطوطاته بعد أن أنهى يحيى مقالته في التوحيد ، خطر على باله شك قد يقول به بعض المعترضين . فأضاف ملحقا ، عرض فيه الشك وحله . هذا الملحق لا يوجد إلا في المخطوطات القبطية ، إما ملحقا للمقالة في التوحيد (مخطوط ب و ق و ك) ، وإما منفردا . يوجد النص منفردا في مخطوطين محفوئين في البطريركية القبطية بالقاهرة : 1- رقم 183 لاهوت (نسخ سنة 1875م) ورقة 68 ظ – 69 ﺠ31 2- رقم 184 لاهوت (نسخ سنة 1783م) ورقة 74 ظ – 75 ظ32 وكنا نود أن نجمع هذين المخطوطين أيضا ، إذ أنهما يمثلان فئة ثانية للملحق ، وذهبنا مرارا إلى المكتبة البطريركية ، وتطلعنا على عشرات المخطوطات هناك ، ولكن لم يسمح لنا بمراجعة هذين المخطوطين ، لأسباب يطول شرحها . فقيل لنا إنهما فقدا أو سرقا33. وقد وضع صفي الدولة أبو الفضائل ابن العسال مختصرا لهذا الملحق أيضا ، سنذكره في الفصل الآتي . 31) بخصوص هذا المخطوط ، راجع جراف (انظر حاشية 31) ص 234 (رقم 642) ، ومرقس سميكة (انظر حاشية 13) ج 2 233–234 (رقم 256) ، و Emilio PLATTI, Deux manuscripts théologiques de Yahyā b. ‘Adī, in MIDEO 12 (1974) (en réalité 1977), p. 217-229 (ici, p. 220. N. 6). 32) بخصوص هذا المخطوط ، راجع جراف (انظر حاشية 13) ص 232 – 233 (رقم 641) ، ومرقس سميكة (انظر حاشية 13) ج 2 ص 176 (رقم 400) ، و PLATTI (المرجع السابق) . 33) ويسرنا أن نعلن بأن الخزانة البطريركية فتحت لنا أبوابها بترحاب ، كلما احتجنا إليها . ولم نواجه رفضا إلا بخصوص هذين المخطوطين ، لظروف خاصة |
ماير Admin
الأربعاء نوفمبر 04, 2009 12:43 pm | الفصل الخامس
مختصر المقالة وملحقها ، للصفي بن العسال
1 – الصفي بن العسال وإنتاجه
إن صفي الدولة أبا الفضائل ابن العسال من كبار آباء الكنيسة القبطية . عاش في القاهرة ، وسافر إلى الشام حيث كانت للأسرة دار ، وازدهر في الثلث الثاني من القرن الثالث عشر (نحو سنة 1236م) . واشتهر الصفي ، شرقا وغربا ، بفضل مجموع القوانين الذي وضعه سنة 1236م ، وعرف باسمه : "المجموع الصفوي"1. كما برع في الدفاع عن الإيمان المسيحي ، فألف أربع مؤلفات قيمة في هذا المعنى ، طبع منها اثنان : "الصحائح في جواب النصائح" و "نهج السبيل في تخجيل محرفي الإنجيل" . وله أيضا مؤلفات لاهوتية وفلسفية ممتازة ، ومواعظ ، وكتب روحية2. وكان للصفي قدرة غير عادية على "التركيب" (synthése) ، يستخلص في لحظة الأفكار الأساسية ، ويرتبها ترتيبا واضحا بينا . فاستخدم هذه الهبة في "اختصار" عشرات الكتب القديمة ، من فلسفة أو لاهوت ، وتعليم روحي أو أدبي . ومما اختصره الصفي 41 مقالة أو قولا صغيرا ، من مقالات أو أقوال للشيخ أبي زكريا يحيى بن عدي . وجدير بالذكر أن 13 من هذه المقالات لم توجد حتى الآن في الأصل المطول ! فقد أنقذ هكذا من الضياع جزءا لا بأس به من فكر يحيى بن عدي . وهذه المختصرات محصورة كلها في التأليف اللاهوتي ليحيى . فلم يختصر الصفي المؤلفات الفلسفية المحضة ، وإن كانت الفلسفة داخلة في جميع مؤلفات يحيى بن عدي . 1) ألف الصفي ابن العسال هذا المجموع سنة 1236م ، في دمشق . ثم اختصره وعدله سنة 1238م ، في القاهرة وأصبح النص الثاني أساس القانون الكنسي في الكنيستين القبطية والحبشية ، إذ قام أحد الأحباش بترجمته إلى اللغة الجعزية في القرن الرابع عشر . كما أصبح فيما بعد النواة الأساسية للقانون الكنسي الماروني . وترجم النص الحبشي إلى الإيطالية والإنجليزية في القرن العشرين . 2) راجع جراف ج 2 ص 387 – 403 ، لا سيما ص 396 – 397 (رقم 6) . | مختصر المقالة وملحقها ، للصفي بن العسال | ٧١ | | أما النهج الذي اتبعه الصفي في اختصاره ، فهو النهج السائر عند المؤلفين العرب في العصور الوسطى . وهو أن يقتبس المختصر جملا وفقرات وعبارات من النص الأصلي ، دون أي تغيير فيها ، ويلخص أحيانا ، بكلمة أو عبارة ، ما تركه . أي أنه يكاد لا يضيف من عنده شيئا ، بل يستعمل قدر الاستطاعة لغة المؤلف الأصلية وأسلوبه . وسنرى فورا نموذجا يوضح كلامنا هذا . 2 – مخطوطات المختصر
إن جميع مختصرات الصفي لمقالات يحيى بن عدي موجودة في ثلاثة مخطوطات ، أحدها مستودع اليوم في مكتبتين مختلفتين : (1) مكتبة الفاتيكان عربي 134 ؛ (2) مكتبة ميونيخ عربي 948 / الفاتيكان عربي 115 ؛ (3) مكتبة دير الشرفة للسريان الكاثوليك (في لبنان) عربي 5/4 . وهذه المخطوطات الثلاثة لنساخ أقباط . ولما كان المخطوط الثالث لا يحتوي على "المقالة في التوحيد" ، أو على ملحقها ، تركناه ولم نصفه هنا . أما المخطوطان الآخران فهما منقولان بإتقان بالغ ، في القرن الثالث عشر الميلادي ، أي في عصر الصفي ابن العسال نفسه . بل إن المخطوط الثاني المنسوخ سنة 1260م ، أي قبل وفاة الصفي ابن العسال ، قد يكون راجعه مؤلفه بنفسه . وإليك وصفا وجيزا للمخطوطين : أ – مخطوط الفاتيكان عربي 134 .3 توجد المقالة في التوحيد وملحقها في ورقة 2 ﺠ - 10 ظ . وقد فقد هذا المخطوط الكراس الأول4 ، أي أكثر من نصف المقالة . فالنص يبتدئ فيه برقم 227 من طبعتنا . وهو 3) بخصوص هذا المخطوط ، راجع أنجلو ماي Angelo MAI, scriptorum veterum nova collectio e vaticanis codicibus, t. 4, codices Arabici vel a Christianis scripti vel ad religionem christianam spectantes (Roma 1831), p. 259-260 (وجدير بالذكر أن واضع هذا الفهرس هو إسطفان عواد السمعاني ، العلامة الماروني ، كما جاء في ص من المقدمة) – وراجع أيضا PERIER ص 20 – 21 . 4) قال PERIER (ص 20 في الحاشية) إن المخطوط فقد 10 ورقات . أما ENDRESS (ص 72) ، فيقول إنه فقد ورقة واحدة . وفي الحقيقة ، إذا قارن النص المفقود بنظيره في مخطوط ميونيخ عربي 242م (= ورقة 55 ﺠ 1 إلى 59 ﺠ 17) يتضح أن مخطوط الفاتيكان فقد 8 ورقات ، لا أكثر ولا أقل ، إلا إذ سبقه فهرس للمخطوطات ، كما في مخطوط ميونيخ ، فيضاف إلى هذا العدد . ويلاحظ أيضا أن الورقة رقم 2 معكوسة ، إذ الظهر سبق الوجه . فيجب قراءة النص إذا هكذا : 2 ظ – 2 ﺠ - 3 ﺠ - 3 ظ – الخ . |
--------------------------- | أجمل المخطوطات ليحيى بن عدي (أو قُل للصفي) ، وأوضحها ، وأضبطها . يرجع تاريخه ، في تقديرنا ، إلى منتصف القرن الثالث عشر . ب – مخطوط ميونيخ عربي 948 5 والفاتيكان عربي 115 6 يتألف مخطوط ميونيخ من جزءين ، لا علاقة بينهما . الجزء الأول منهما لا يهمنا هنا (ورقة 1-50) . أما الجزء الثاني (ورقة 51-122) ، فهو مختصر ابن العسال ليحيى ابن عدي . ويلاحظ أن هذا الجزء قد رتب ترتيبا خاطئا عند التجليد7. ويتألف مخطوط الفاتيكان من ثلاثة أجزاء ، مكتوبة بنفس الخط ، وكلها مختصرات وضعها الصفي ابن العسال . فالجزء الأول (ورقة 1-158) يحتوي على مختصر "تبيين غلط محمد بن هارون ، المعروف بأبي عيسى الوراق ، عما ذكره في كتابه في الرد على الثلاث فرق من النصارى"8. والجزء الثاني (ورقة 159-192) ما هو إلا تكملة مخطوط ميونيخ . أما الجزء الثالث (ورقة 193-295) ، فيحتوي على مختصرات لمؤلفات يحيى بن عدي وغيره من المؤلفين ، وضع الشيخ الصفي . * * * وعلى هذا ، فالمخطوط الأصلي كان يتركب من ثلاثة أجزاء أو مجموعات : 1- فاتيكان ورقة 1- 158 2- ميونيخ ورقة 51-122 9 + فاتيكان ورقة 159-192 3- فاتيكان ورقة 193-295 والمجموع 367 ورقة ، بالإضافة إلى بعض الأوراق المفقودة . 5) راجع Joseph AUMER, Catalogus codicum manuscriptorum Bibliothecae Monacensis, tomus I, pars 5: Verzeichnis der orientalischen Handschriften der königlichem Hofund Staatsbibliothek in Müchen ... nebst Anhang zum Verzeichnis der arabischen und persischen Handschriften (München, 1875), p. 155 (N. 948). 6) راجع MAI (انظر حاشية 3) ص 234- 235 . و PERIER ص 18- 19 . راجع أيضا مقال الأب PLATTI. (أنظر الببليوغرافية الفرنسية رقم 112) وتعليقنا عليه (رقم 117 من الببليوغرافية) . 7) ها هو الترتيب الصحيح : ورقة 51 ، ثم 53 ، ثم 55-62 ، ثم 54 ، ثم 63-122 ، ثم 52 . 8) راجع الفصل الثالث ، رقم 102 من قائمة مؤلفاته . 9) مع ملاحظة ترتيب الورقات ، كما أشرنا إليه في حاشية 7 . | مختصر المقالة وملحقها ، للصفي بن العسال | ٧٣ | | أما مقالتنا في التوحيد وملحقها ، فتوجد في الجزء الثاني ، في مخطوط ميونيخ ، ورقة 55 ﺠ - 62 ظ ، ثم 54 10، ثم 63 . وفي ورقة 295 ﺠ11 من مخطوط الفاتيكان نجد تاريخ نسخ هذا المخطوط النفيس : "وكان الفراغ منه بتاريخ السادس والعشرون [كذا] من شهر برموده ، سنة ستة وسبعون [كذا] وتسعمائة للشهداء" . وهذا التاريخ يوافق يوم 23/4/1260م . أما الناسخ ، فهو مجهول12. وقد نسخه للشيخ الأجل الرئيس الشماس سعيد ، كما جاء في ورقة 294 ظ13. وهذه المعلومات تنطبق على جملة المخطوطين (ميونيخ والفاتيكان) . لأن الأوراق اﻠ 72 المحفوظة في ميونيخ واﻠ 295 المحفوظة في الفاتيكان مكتوبة بنفس الخط . وهو خط جميل منتظم ، إلا أن كثيرا من الحروف تركت مهملة (أي بدون نقط) . وقد أتقن الناسخ عمله ، وأضاف حواشي الصفي ابن العسال (بينما ناسخ مخطوط الفاتيكان عربي 134 لم يضفها دائما). 3 – مقارنة نص يحيى الكامل بنص الصفي المختصر كي يكوّن القارئ رأيا شخصيا في العلاقة بين النصين (الكامل والمختصر) رأينا أن أوضح طريقة وأبسطها هي نشر جزء من المقالة ، على سبيل المثال ، على عمودين . فإليك القسم 10) قال ENDRESS (ص 105 رقم 8/19 ، 1) إن المخطوط ناقص هنا . وفي الواقع ، لا يوجد أي نقص في المخطوط . 11) قال MAI (انظر حاشية 3) ، في ص 235 و PERIER (ص 19) إن التاريخ موجود في ورقة 164 . وهذا خطأ . 12) قال PERIER (ص 19) إن الناسخ هو الشماس سعيد . "Tel est l'ouvrage que le diacre Sa‛id s'est chargé de transcrire" فلم يفهم كلمة "اهتم ﺒ" راجع حاشية 13 . 13) إليك نص الملاحظة الختامية (colophon) : "هذا ما اهتم به الشيخ الأجل الريس [كذا] الشماس سعيد المعلم [هنا بياض نحو 4 سم ، ثم كلمتان] الريس . "الرب ينفعه به ، وينور عيني قلبه ، ويعضده بالقوة السمائية [كذا] ، ويكمله بالنعمة الروحانية ، ويؤهله لإرث ملكوته الأبدية ، بشفاعة ذات الشفاعات ومعدن الطهر والبركات ، مريم البتول ، وماري مرقس الإنجيلي الرسول . آمين . آمين . آمين" . ومعلوم أن "المهتم" ، في لغة المخطوطات ، هو الذي يكلف ناسخا بنسخ مخطوط ، ويدفع إليه مبلغا لذلك ، لذلك ، يشكره يشكره الناسخ هنا ، ويدعو من أجله . |
--------------------- | الأول من الباب الثامن(14) ، الموافق لرقم 242 - 268 من طبعتنا . نضع النص الأصلي على عمود اليمين ، والمختصر على عمود اليسار . | نص يحيى الأصلي | مختصر ابن العسال | 242 | وإذ قد تبين أنه واجب ضرورة أن تكون العلة واحدة من جهة ما ، وأكثر من واحدة من جهة أخرى ، | وبعد هذا ، | 243 | فلنُتْلِ ذلك بإبانة القسم من أقسام الواحد التي يصح أن ينعت به ، والجهات التي هي بها واحد ، والجهات التي هي بها أكثر من واحد ، | ننظر في أقسام الواحد ، | 244 | والأقسام والجهات (من أقسام وجهات الواحد والكثير) التي يستحيل أن ينعت بها ومنها أنها واحدة وأكثر من واحدة . | | 245 | فنقول : إنه من المحال أن تكون العلة الأولى (عز وجل) واحدا جنسا ، ولا واحدا نوعا . | فنقول : إنه من المحال أن تكون العلة الأولى واحدة جنسا ، ولا نوعا . | 246 | وذلك أن الأجناس والأنواع محتاجة ، في وجودها وجودا ذاتيا ، إلى الأشخاص . فهي علل وجودها . وعلة العلل لا علة لوجودها ، بل هي علة وجود كل موجود سواها . | لأن الأجناس والأنواع محتاجة ، في وجودها وجودا ذاتيا ، إلى الأشخاص. فهي علل وجودها. * وعلة العلل لا علة م 60 ﺠ لوجودها ، بل هي علة وجود كل موجود سواها . | 247 | فيجب أن تكون العلة معلولة ، من قِبل وضعها جنسا ونوعا ، وألا تكون معلولة ، من قِِبل خاصة علل العلل . | | | 14) اخترنا هذا القسم لأن مخطوط الفاتيكان عربي 134 يبدأ برقم 227 ، بالإضافة إلى أن الصفحة الأولى مخرومة وملوثة . | مختصر المقالة وملحقها ، للصفي بن العسال | ٧٥ | | 248 | فتكون إذا العلة معلولة ولا معلولة معا . وهذا محال . | | 249 | فما لزم وضعه هذا المحال ، فهو محال . والذي لزم وضعه هذا المحال ، هو أن العلة واحد ، جنسا و نوعا ، فأن تكون العلة إذا واحدا ، جنسا أو نوعا ، محال . | | 250 | وبهذه السبيل يلزم هذا المحال بعينه وضع العلة واحدا نسبة. | وبهذه السبيل يمتنع أن تكون العلة واحدا نسبة . | 251 | وذلك أن النسبة عَرَض في المنسوب . والعَرَض محتاج في وجوده إلى جوهر يوجد فيه . والمحتاج في وجوده لغيره ، معلول . | لأن النسبة * عرض في المنسوب . ف 3 ﺠ والعرض محتاج في وجوده إلى جوهر يوجد فيه . والمحتاج في وجوده إلى شئ غيره ، معلول . | 252 | وغير ممكن أيضا أن تكون العلة واحدا كالمتصل . | وغير ممكن أيضا أن تكون العلة واحدة كالمتصل . | 253 | إذ ليس يمكن أن يكون جسما . فقد بيّن ذلك أرسطوطاليس في المقالة الثانية من كتابه الموسوم بالسماع الطبيعي ، بيانا ظاهرا صحيحا ، يغنينا قرب تناوله من موضعه عن إطالة هذه المقالة به . | إذ ليس يمكن أن يكون جسما . فقد بيّن ذلك أرسطو في المقالة الثانية من "السماع الطبيعي" ، بيانا ظاهرا صحيحا ، يُغني عن إطالة هذه المقالة به . | 254 | ولا سطحا ، ولا خطّا ، ولا مكانا ، ولا زمانا ، إذ جميع هذه أعراض . ويلزم وضعها المحال الذي لزم وضعها نسبة ، من قِبَل أنها عَرَض . | ولا سطحا ، ولا خطّا ، ولا مكانا ، ولا زمانا ، إذ جميع هذه أعراض . والأعراض معلولة . | 255 | ويستحيل أيضا أن يكون واحدا غير منقسم . | ولا يمكن أيضا أن يكون واحداً غير منقسم . | | |
-------------------- | | إذ كان قولنا "غير منقسم" يدل على معنيين: | | 256 | أحدهما بمعنى السلب ، وهو الشئ الذي سلب الانقسام منه لا يقتضي معنى مقابلا للانقسام (كاللون والطعم ، وبالجملة الكيفيات ، وسائر الأعراض ، سوى الكمية ومبادئها) . | | 257 | وهذا القول مناسب لقولنا ، في الصوت والطعم : إنه غير مرئي . وليس إلى هذا المعنى نذهب في قولنا في الواحد غير المنقسم . | | 258 | والمعنى الثاني من معنى "غير المنقسم" (وهو الذي نشير بقولنا "واحد غير منقسم") هو الذي ، مع أنه غير منقسم ، هو مبدأ لما ينقسم ، من قبل أنه من شأنه أن يكون منه ما هو منقسم . | هو مبدأ للمنقسم | 259 | وهو ضربان : أحدهم بذاته ، وعلى القصد الأول (كالوحدة والنقطة) ، والثاني بالعَرَض وعلى القصد الثاني (كالآن ومبدأ الحركة) . | | 260 | وذلك أن جميع هذه (أعني : الوحدة والنقطة ، والآن ومبدأ الحركة) تكون منها أقدار منقسمة(15) . | لأن كل واحد من أقسامه (كالوحدة والنقطة ، والآن * ومبدأ الحركة) ، ف 3 ظ إنما قوامه ووجوده فيما هو له مبدأ . | | 15) العبارة الناقصة هنا (بالنسبة للمختصر) توجد في رقم 265 . | مختصر المقالة وملحقها ، للصفي بن العسال | ٧٧ | | 261 | " أما الوحدة ، فإنها ، إذا تكررت ، يقوم عدد . وأما النقطة ، فإذا تحركت ، يقوم خط . وكذلك الآن يتقوم منه الزمان ، ومبدأ الحركة يتقوم منه الحركة . | أما الوحدة ، فإنها ، إذا تكررت ، تقوﱠم عدد. وأما النقطة ، إذا تحركت ، تقوم(16) خط . والآن يتقوم منه الزمان ، ومبدأ الحركة يتقوم منه الحركة . | 262 | فإن وُضع أن العلة واحد غير منقسم ، بالمعنى الأول الذي هو سلب المنقسم ، لم يكن لواحد بمعنى غير منقسم معنى خاص . | | 263 | وإنما يحصل المعاني الباقية من معاني الواحد التي عددناها ، وأفسدنا نعت الواحد بأكثرها ، وبقي علينا الفحص عن اثنين منها . | | 264 | وليس يمكن أن تكون العلة واحدا غير منقسم بالمعنى الثاني . وذلك أنه لا يمكن أن يكون وحدة ، على ما بيّنا ، ولا نقطة ، ولا آن ، ولا مبدأ حركة . | | 265 | إذ كان كل واحد من هذه ، إنما قوامه ووجوده فيما هو له مبدأ . وكل هذا عَرَض ، فالعَرَض عل لوجودها . وهي معلولة له ، واالعَرَض معلول ، فهي معلولة لمعلول . | كلها أعراض ، والأعراض معلولة . | 266 | وقد بيّنا أن العلة الأولى لا يمكن أن تكون معلولة . فغير ممكن إذا أن تكون واحدة بمعنى غير منقسم . | | 267 | وإذ قد استحالت من الستة الأقسام (التي يدل عليها اسم الواحد) خمسة | | | 16) في مخطوط ميونيخ (م) : "يقوم" . |
--------------------------------------- | | (وهي : الجنس ، والنوع ، والنسبة ، والمتصل ، وغير المنقسم) ، فقد وجب القسم الباقي ، وهو الواحد الحد . | " فما بقي إلا الواحد بالحد . | 268 | وذلك أن الحد (وإن شئت ، فقل "القول الواصف") للعلة الأولى واحد . | فالحد (وإن شئت ، القول الواصف) للعلة الأولى واحد . | | 4 – الخلاصة
يتضح من هذا المثال أن صفي الدولة أبا الفضائل ابن العسال لم يترك شيئا من معاني المقالة ، وإن كان قد حذف نصف نص المقالة تقريبا ، وأحيانا أكثر . وهذا يرجع إلى أن أسلوب يحيى بن عدي فيه بسط وتحليل كثير ، بل إطناب أحيانا . وفي رأينا أن مختصر ابن العسال أفضل من نص يحيى الأصلي ، إذ إنه كثيرا ما تضيع الفكرة في مقالة يحيى ، بينما المختصر يلتقي العناصر الأساسية ويترك جانبا الثانوية منها ، فيوضح الفكرة . وهذا يفترض عند ابن العسال مقدرة على استخلاص الأساس ، ومعرفة للفلسفة ، وقوة على الإيجاز . | | الفصل السادس
منهجنا في تحقيق النص
إن المنهج تابع للهدف ، ولكل هدف منهج أو طريقة خاصة به . فما الهدف من نشر المخطوطات ؟ المقدمة : الغاية من نشر المخطوطات
قال المؤرخ القبطي الكبير ، الشماس كامل صالح نخله : "إن الغرض الأساسي من نشر المخطوطات هو طبعها ، لتسهيل وضعها بصورتها الأصلية بين أيدي أكبر عدد ممكن من محبيها ، حتى تتاح الفرصة للباحثين والمفكرين والمؤلفين ، من الكتاب والوعاظ والمدرسين والخدام ، لدراستها واستخراج ما فيها من درر ، كل واحد بطريقته ، فيستع مجال البحث والتأليف . "أما إذا نقحنا المخطوطات ، وعدلنا في أساليبها وتراكيبها ، حسب رأينا وتفسيرنا الخاص (كما طلب البعض) ، فإننا بذلك لا نكون قد نشرنا المخطوطات ، بل ألّفنا كتبا جديدة عنها أو بروحها . "وبذلك ، نكون قد أغلقنا باب التفكير والتفسير والبحث ، وحددناه بصورة واحدة ، قد لا تكون هي مقصود المؤلف الأصلي للمخطوط . "وهذا ما يتنافى مع الطريقة العلمية للبحث ، كما أنه يقلل الإنتاج الذي نرجوه من كتبنا"1. وقال الدكتور صلاح الدين المنجد ، مدير معهد المخطوطات العربية سابقا ، المشهور لدى الجميع لاهتمامه بالتراث العربي : "إن الغاية من تحقيق الكتاب هو تقديم نص صحيح . لذلك يجب أن يعنى باختلاف الروايات ، وأن يثبت ما صح منها"2. 1) راجع كامل صالح نخله الإسكنجري : "سلسلة تاريخ البابوات بطاركة الكرسي الإسكندري – الحلقة الأولى : البابا كيرلس الثالث (1235 – 1243م) " (دير السيدة العذراء – السريان [بوادي النطرون] 1668ش/1951م) ص 167: "ملحوظة" في ختام الكتاب . وننبه القارئ إلى أننا قسمنا نص المؤلف إلى مقاطع ، وأضفنا الفواصل والنقط ، اتباعا للمبدأ الذي نوضحه فيما بعد . 2) راجع "تاريخ مدينة دمشق" الجزء الأول (دمشق 1951) مقدمة الدكتور صلاح الدين المنجد . |
ماير Admin
الأربعاء نوفمبر 04, 2009 12:46 pm | وقال أيضا : "غاية التحقيق هو تقديم المخطوط صحيحا ، كما وضعه مؤلفه"3. أما نحن فنقول : إن الغاية من تحقيق المخطوطات تحقيقا علميا هو أولا تقديم نص المؤلف الصحيح ، وثانيا تقديم فكر المؤلف السليم ومنطقه . وسنوضح في هذا الفصل ما يترتب على هاتين الغايتين . أولا – تبليغ القارئ نص المؤلف الصحيح
لكي نقدم للقارئ نص المؤلف الصحيح ، يجب علينا أولا أن نسعى إلى معرفة النسخ الخطية العديدة المبعثرة في مكتبات العالم ، بمطالعة فهارس المخطوطات وتواريخ الأدب العربي . فإذا حصلنا على "دستور"4 المصنف المكتوب بيده ، أثبتناه كما هو . وإن كانت فيه أخطاء تركناها في المتن ، مع الإشارة إلى ذلك في الحشية . 1 – اختيار النسخة أو النسخ المخطوطة وإن لم نحصل على النسخة الأم ، فهناك ثلاثة طرق متبعة . أ — الطريقة الأولى هي اختيار نسخة من النسخ ، وإثبات نصها كما هو ، بعلاّته5. وقد اتبع هذه الطريقة بعض المستشرقين ، لا سيما أصحاب "مجموعة المصنفين المسيحيين الشرقيين" في لوفان6. وهذه الطريقة في نظرنا سقيمة ، ولا تصح إلا إذا كان لدينا "دستور" المؤلف . إذ لا توجد أبدا نسخة يمكن الاعتماد عليها كل الاعتماد ، واتباعها اتباعا أعمى . والدليل على ذلك أن هؤلاء المحققين أنفسهم لا يترجمون النص العربي الذي طبعوه ، 3) راجع صلاح الدين المنجد ص 15 . 4) أي النسخة الأصلية المكتوبة بخط يد المؤلف نفسه . ولم نجد هذا الاصطلاح في كتيب الدكتور صلاح الدين المنجد ، مع أهميته ولكنه شائع في "فهرست" ابن النديم ، وفي "تاريخ الحكماء" للقفطي ، وفي غيرهما ممن عني المنجد ، مع أهميته ولكنه شائع في "فهرست" ابن النديم ، وفي "تاريخ الحكماء" للقفطي ، وفي غيرهما ممن عني بالكتب في العصور الوسطى . 5) يبدو أن الدكتور صلاح الدين المنجد يؤثر هذه الطريقة ، إذ يقول : "أما إذا كانت النسخ مختلفة ، فيختار نسخة لتكون أما ، ويثبت نصها" (ص 16 رقم 16) . إلا أننا نعتقد أنه يريد الطريقة الثانية ، بدليل ما سنذكره هناك . 6) راجع سلسلة Corpus scriptorum Christianorum Orientalium (Louvain, Belgique) | | وإنما يلجأون كثيرا إلى الروايات التي أثبتوها في الحواشي ، إذا كانت هناك حواش7 ، بل إلى روايات لم يثبتوها إطلاقا !8 ذلك لأن النص العربي المطبوع لا معنى له ! فهذه طريقة آلية ، لا جدوى فيها ، ولا تليق بالباحث . والصورة الفوتوغرافية أفضل عندئذ منها ، ولكنها لا تسمى تحقيقا ! * * * ب — والطريقة الثانية هي "اعتماد نسخة ، ومقابلتها على النسخ الأخرى ، وترجيح الرواية الجيدة"9. وهذه الطريقة صالحة إذا وُجدت نسخة تفوق النسخ الأخرى في الجودة . ففي هذه الحل ، تُعطى الأفضلية لهذه النسخة10 . * * * ﺠ — والطريقة الثالثة هي طريقة "النص المختار" . وذلك بأن يختار المحقق ، من المخطوطات العديدة ، النص الذي يخيل إليه أنه يفصح عن رأي المؤلف ، ويؤدي عبارته أداء كاملا . فيذكر الروايات المختلفة ، ويرجح ما يرى فيه استقامة المعنى وسلامته ، وما يوافق مؤلفات الصنف الأخرى . 7) انظر مثلا كتاب "مصباح العقل" لساويرس بن المقفع ، تحقيق رفعت يسى عبيد وميخائيل يونج (YOUNG) وترجمتها الإنجليزية ، في CSCO رقم 365 و 366 (لوفان ، أكتوبر 1975) . أو كتاب "سير بطاركة الكنيسة القبطية" ، المنسوب إلى ساويرس ابن المقفع ، تحقيق الدكتور أزولد برمستر (Oswald H.E. BURMESTER) وغيره (الدكتور عزيز سوريال عطية ، الأستاذ يسى عبد المسيح ، الأستاذ أنطوان خاطر ، الخ) . وقد انتقدنا هذا المنهج في التحقيق ، ذاكرين هذا الكتاب ، في مقالنا عن "مصباح العقل" لساويرس بن المقفع ، في مجلة Orientalia Christiana Periodica 41 (1975), fasc. 1, p. 150-210 (راجع ص 163 حاشية 2) . 8) راجع مثلا كتاب "تحفة الأديب ، في الرد على أهل الصليب" ، تحقيق ميكل دي إبلثه Mikel de EPALZA (روما 1971) . انظر تعليق الأب روبير كسبار R. CASPAR عليه ، في مجلة IBLA 36 (1973) ص 155 – 160 ، لا سيما ص 159 . 9) راجع صلاح الدين المنجد ص 17 رقم 12 . 10) هذه الطريقة هي التي نتبعها في تحقيق "الرسالة في التوحيد" ليحيى بن عدي ، إذ نعطي الأفضلية لمخطوط طهران على المخطوطات الثلاث الأخرى . |
------------------- | وهذه هي الطريقة التي اعتمدتها لجنة تحقيق كتاب "الشفاء" لابن سينا11. يقول الدكتور صلاح الدين المنجد : "هذه الطريقة قد تطلق الحرية للناشر ، ولكن لا يؤمن معها الزلل ، إلا إذا كان الناشر متمكنا في معرفة مصنف الكتاب ، ولغته ، وأسلوبه ، ومعرفة الكتاب نفسه"12. وفي رأينا أن هذه الطريقة صالحة ، إذا لم يوجد لا "دستور" المصنف ، ولا نسخة قديمة تفوق النسخ الأخرى في الجودة . فيضطر حينئذ المحقق إلى اختيار النص اعتمادا على عدة نسخ . وهذا أمر صعب ، يتطلب معرفة جيدة للمصنف وللكتاب . وخلاصة القول أن لكل حالة طريقة خاصة : 1- فالطريقة الأولى لا تصلح إلا إذا كان لدينا "دستور" المصنف . 2- والطريقة الثانية لا تصلح إلا إذا كان لدينا مخطوط ممتاز ، يفوق المخطوطات الأخرى في الجودة . 3- والطريقة الثالثة لا تصلح إلا إذا كانت المخطوطات كلها متساوية في الجودة . 2 – موقف المحقق من لغة النسخ المخطوطة
عند هذه المرحلة نواجه مشكلة جديدة . إذا افترضنا أن لدينا مخطوطة واحدة ، وكانت خاطئة ، أو أن بعض المخطوطات التي بين أيدينا اتفقت على نفس الغلطة ، لا سيما إذا كانت تلك الأغلاط لغوية ، فما العمل ؟ هل علينا اتباع المخطوطات الخاطئة ، أم علينا تنقيحها ، وإن اتفقت على الخطأ ؟ أ – منهج التحقيق عند الشرقيين والمستشرقين اختلف المحققون في حل هذه المشكلة . أما في الغرب ، فتركوا عادة النص بعلاّته . وأما في الشرق ، فالعُرْف جار على تنقيح المخطوطات . إلا أن بعض الشرقيين قد تبعوا المستشرقين في هذا المنهج . فقال مثلا المؤرخ كامل صالح نخله : "لم نحاول تنقيح أصول الكتاب ، ولا تحسين الأسلوب ، وحتى الغلطات اللغوية تركنا معظمها على حالها ، حتى لا تفقد النصوص التاريخية روحها القديمة التي كتبت بها . [...] . فهذا هو الأسلوب الأصلي للمخطوط ، لذلك لم نستبح تعديله"13. ونتيجة هذا المنهج أن النصوص العربية المسيحية جاءت مشوهة ، ينفر منها القارئ . 11) راجع ابن سينا : "كتاب الشفاء – المنطق" ، تحقيق الدكتور إبراهيم مذكور (القاهرة 1953) ص 38 – 42 . راجع تلخيص رأيه في صلاح الدين المنجد ص 9 – 10 . 12) راجع صلاح الدين المنجد ص 17 رقم 12 . 13) راجع كامل صالح نخله (انظر الحاشية الأولى من هذا الفصل) ص 176 . | | وقد احتج المستشرق الفرنسي جستون فيات Gaston WIET ، على هذه الطريقة14 ، ولكن بلا جدوى . ب – هل للنصارى العرب لغة خاصة بهم ؟ وفي ظننا أن سبب اتباع هذا المنهج اعتقاد بعض المستشرقين أن للنصارى العرب أسلوبا خاصا في الإنشاء . بل ذهب البعض إلى القول بأن النصارى لم يحسنوا كتابة لغة الضاد ، حتى إنهم ، إذا وجدوا روايتين ، إحداهما خاطئة لغويا والأخرى صحيحة ، فضلوا الخاطئة ، لاعتقادهم أنها أقرب إلى لغة المؤلف ! فيا ترى ، من أين أتى هذا الاعتقاد الشاذ ؟ يبدو لنا أن له سبيين : 1 – الأول ، اعتمادهم على النصوص العربية المسيحية المترجمة في القرن الثامن والتاسع ، في دير مار سابا وفي دير طور سينا . ومعلوم أن لغة الترجمة قد تكون مشوهة ، لا سيما في بداية الأمر ، وأنها لا تؤخذ أبدا معيارا للغة القوم . فضلا عن أن هذه النصوص كلها ذات طابع شعبي ، إذ تحتوي على سير القديسين ، وميامر نسكية ، وأناجيل منحولة ، وغيرها من المؤلفات الشعبية ، ولا تجد فيها كتبا لاهوتية مثلا . 2 – والثاني ، اعتمادهم على المخطوطات المتأخرة ، التي نقلت أثناء عصر الانحطاط ، من القرن الخامس عشر إلى التاسع عشر . فهي فعلا مليئة بالتصحيف والتحريف والقلب وغيرها من الأخطاء ، ولا تمثل أبدا لغة الأصل . ولا شك أن هذه المخطوطات توجد بوفرة . وكلما أتيحت لنا الفرصة أن نقارن هذه المخطوطات المتأخرة (وهي للأسف الأغلبية!) بالمخطوطات المنسوخة في القرن الثالث عشر أو الرابع عشر الميلادي ، لا سيما عند الأقباط ، اتضح لنا أن هذا الناسخ ينقل نصا روحيا لنفسه ، لمنفعته الروحية الشخصية .15 فنشر المخطوطات إذا بالمحافظة على أخطائها الإملائية والإعرابية والنحوية وغيرها ، لا يعتبر تحقيقا لنص المصنف ، وإنما هو تحقيق لنص الناسخ !16 14) راجع G. WIET مادة "قبط" في الجزء الثاني من "دائة المعارف الإسلامية" ، الطبعة الفرنسية الأولى (ليدن وباريس 1927) ص 1048 – 1061 (هنا ص 1061) . 15) وقد يكون هناك سبب ثالث . وهو أن معظم المستشرقين الذين نشروا نصوصا عربية مسيحية لم يكونوا أساسا متبحرين في اللغة العربية وآدابها ، وإنما أتوا إليها عن طريق غير مباشر ، من خلال دراستهم للتراث اليوناني أو السرياني ، الخ . فتراهم مرتبكين أمام تلك النصوص . لذلك يفضلون نشر النص بعلاته ، لعدم استطاعتهم تنقيحه . وقد صرح لنا بعضهم بذلك . 16) قد ألقينا محاضرة ، أثناء "المؤتمر الدولي الأول للدراسات القبطية" المنعقد في القاهرة في ديسمبر 1976 ، عنوانها Méthode d'édition des texts arabo-coptes أوضحنا فيها هذا الرأي ، ووافقنا عليه |
------------------ | ﺠ - موقف المحقق من الخط العربي وهناك حالة خاصة يجب الإشارة إليها . وهي أن الخط العربي قد تطور على مر العصور . "فلا بد إذن من أن نجعل النص يرسم بالرسم الذي نعرفه [اليوم] . وقد أجاز الأقدمون أنفسهم ذلك"17. فكتابة الهمزة مثلا تغيرت كثيرا خلال العصور ، كما أن حروف المد لم تكن دائما مكتوبة ، الخ . فلا يصح اليوم المحافظة على الرسم القديم للكلمات . وهذا لا يجيز لنا ، بالطبع ، تغيير أسلوب المؤلف ، وإنما الكلام هنا عن إملاء الناسخ فقط . فمنهجنا إذاً الأمانة التامة لنص المؤلف ، لاسترجاع أسلوبه الأصلي المخفي وراء أخطاء النساخ وغلطاتهم . "وليكن هدفنا في الجمع18 ، إذا لم نحصل على نسخة المصنف ، الحصول على أقرب شكل ، بعيد عن التحريف والتصحيف ، لما تركه المؤلف"19. 3 – الإشارة إلى حرف المخطوط
أ – إثبات روايات المخطوطات والأمانة التامة تتطلب منا ألا نغير حرفا واحدا من أي مخطوط ، دون الإشارة إلى هذا التغيير . هكذا نمكّن القارئ من مناقشة تأويلنا للنص ، وتكوين رأيه بنفسه ، فيؤيدنا أو ينتقدنا . وهكذ يتقدم البحث بخطوات راسخة . ولا يصح أن نشير إلى بعض التغييرات ونغفل عن بعضها ، بحجة أن تلك التي غفلنا عن ذكرها غير مهمة . فقد يكون ما سهونا عن ذكره أهم ، في نظر أحد العلماء ، مما اخترنا ذكره ، كالغلطات اللغوية مثلا ، فإنها تهم اللغوي أكثر من معاني الكتاب . فالغرض إذا من الحواشي دلالة القارئ على النص الحرفي لكل مخطوط من المخطوطات ، بغاية الدقة . ولكي يتم ذلك بلا شك ولا لبس ، رأينا أن نخص كل رقم من أرقام الحواشي بكلمة المستشرقون الحاضرون (أكثر من مائة) . كما لخصنا ذلك في مقدمة تحقيقنا لكتاب ساويرس بن المقفع (القرن العاشر الميلادي) : "كتاب مصباح العقل" تقديم وتحقيق الأب سمير خليل ، سلسلة "التراث العربي المسيحي" رقم 1 (القاهرة 1978) ص 53 – 54 . راجع أيضا صلاح الدين المنجد ص 19 – 20 . 17) راجع صلاح الدين المنجد ص 19 والحاشية الأولى . 18) أي "في جمع المخطوطات ومقارنة بعضها ببعض" (collation des manuscripts= ) 19) راجع صلاح الدين المنجد ص 13 رقم 7 . | | واحدة ، وهي التي تسبقه . فلن تجد أبدا رقما يشير إلى أكثر من كلمة واحدة ، إلا إذا قلنا عكس ذلك (بصريح العبارة) في الحاشية . ب – يؤخذ بالاعتبار "رسم الكلمة" فقط وهنا نصادف مشكلة أخرى ، نابعة من طبيعة الخط العربي . فإن نصف الحروف يتميز عن النصف الآخر بمجرد النقط . فلو اضطررنا إلى الإشارة إلى كل مظاهر التصحيف ، لامتلأت الصفحة بها ، دون فائدة . فضلا عن أن المخطوطات القديمة لا تكتب دائما النقط . لذلك ، لا نشير إلى تغيير النقط ، إلا إذا كان لهذا التصحيف أثر في تغيير لمعنى . وقد قررنا وضع همزة القطع دائما20. وكذلك وضعنا الشدة دائما ، إلا بعد لام التعريف في الحروف الشمسية21. كما أنا وضعنا المَدة دائما . كذلك أثبتنا الألف المحذوفة في بعض الكلمات ، مثل سليمان (عوض سليمن) وإبراهيم (عوض إبرهيم) وثلاث (عوض ثلث) ، الخ22. ولم نرض بالاستثناء الذي أدخله المجمع العلمي العربي23. أما التشكيل ، فأضفناه حسب الحاجة . ونخص بالذكر إضافة الضمة في الماضي المجهول (مثلا "وُضع" رقم 122 ، لتمييزها عن المعلوم "وضع") ، وفي مضارع وزن "أفعل" (مثلا "فلنُتْلِ" رقم 243)24. 20) راجع صلاح الدين المنجد ص 19 رقم 1 : "توضع همزة الابتداء دائما ، إذا كانت حركتها تبدل المعنى . مثلا إعلام ، (بكسر الهمزة الثانية)" . أما نحن ، فعممنا القاعدة ، إذ نضع همزة القطع دائما ، سواء كانت في الابتداء أم في غير مكان ، وسواء بدلت المعنى أم لم تبدله . وسبب ذلك لغوي ، وهو أن همزة القطع صامتة (consonne) فيجب كتابتها . 21) راجع صلاح الدين المنجد ص 19 رقم 3 : "يوضع التشديد دائما" . وفي الواقع ، إذا تصفحت النصوص التي حققها الدكتور صلاح الدين المنجد ، لا تجد علامة التشديد بعد لام التعريف في الحروف الشمسية . لذلك حددنا القاعدة . 22) راجع صلاح الدين المنجد ص 19 رقم 4: "تثبت في أسماء الأعلام ألفها المحدوفة كما تكتب اليوم [...]" . 23) راجع صلاح الدين المنجد ص 19 رقم 4ب: "ونذكر هنا أن المجمع العلمي العربي رأى ، عند نشره "تاريخ دمشق" ، إبقاء لأسماء التي وردت في القرآن وحدها على رسمها القديم . مثل إسحق ، إبراهيم [كذا ، والصواب "إبرهيم"] ، إسمعيل" . فلا نرى مبررا لهذا لاستثناء . 24) راجع صلاح الدين المنجد ص 21: "الشكل" . إلا أنا لا نرى ضرورة التمييز بين الآيات القرآنية ، والأحاديث ، والأشعار ، الخ . فنقول بصفة عامة : "كلما صعبت قراءة كلمة ، شُكلت" . |
---------------------------- | وبالطبع ، لا نشير إلى هذه الإضافات في الحواشي . وبوجه عام ، لا نعتبر إلى "رسم الكلمة" ، بصرف النظر عن النقط والعلامات . نوضح مقصودنا بأمثلة . إذا كتبنا في المتن "البدء" ، وكان المخطوط قد كتبها "البد" (دون همزة) ، فلا نشير إلى ذلك الفرق في الحاشية ، لأنا لم نغير شيئا في "رسم الكلمة" . أما إذا كتبها المخطوط "البدي" أو "البدو" ، فنشير إلى ذلك في الحاشية ، لأنا غيرنا شيئا في رسم الكلمة . كذلك ، إذا وجدنا في المخطوط "بارينا" ، فكتبناها في المتن "بارئنا" ، لا نشير إلى هذا التغيير في الحاشية ، لأنا لم نغير رسم الكلمة ، وكذلك إذا استبدلنا "خاطية" ﺒ "خاطئة" . أما إذا وجدنا "خطية" وكتبناها "خطيئة" ، فنشير إلى هذا التغيير ، لأنا أضفنا "سنّة" . وقس على ذلك . ثانيا – تبليغ القارئ فكر المؤلف ومنطقه
لكل مصنف منطق خاص ، يعبر به عن شخصيته . وهذا المنطق يكشف عن شخصية المؤلف أكثر مما تكشف عنه أفكاره المعبر عنها بوضوح . فعلى المحقق أن يكتشف هذا المنطق المكنون ، ويبرزه للقارئ . ثم إن لكل عصر طريقة للتعبير عن هذا المنطق تختلف عن طريقة عصر آخر . ومن الضروري "النشر بروح العصر ، وعلى طريقته" ، كما قالت لجنة نشر كتاب "الشفاء" لابن سينا25. 1 – تقسيم النص إلى أقسام ، ووضع العناوين
أ – ضرورة تقسيم النص تقسيما منطقيا والتعبير العصري عن منطق الكلام يتم بتقسيم النص إلى فصول ، ووضع عناوين رئيسية وثانوية ، ثم تقسيم الفصول إلى فقرات ومقاطع منفصلة ، الخ26. ولا يظن المحقق المعاصر أنه قد أبدع بدعة إذ فعل ذلك . فقد نهج هذا المنهج بعينه المؤلفون المسيحيون العرب ، منذ أكثر من 700 سنة ! فنرى مثلا مؤتمن الدولة أبا إسحاق ابن العسال (أخا صفي الدولة المذكور في الفصل الخامس) ، صاحب "مجموع أصول 25) راجع حاشية رقم 11 من هذا الفصل . ذكره أيضا صلاح الدين المنجد ص 10 . 26) راجع صلاح الدين المنجد ص 22 : "تقسيم النص وترقيمه" . | | الدين ، ومسموع محصول اليقين" ، عندما يحقق نص إيليا مطران نصيبين عن توحيد النصارى27 ، يقسمه إلى خمسة أقسام ويضيف عناوين من عنده28. ثم إن كل فقرة يجب أن تقسم إلى جمل . وتقسم كل جملة ، بواسطة النقط والفواصل والإشارات ، على ما يقتضيه المعنى29 ، بطريقة منطقية30. ب – إهمال هذه المرحلة عادة بسبب صعوبتها ولا شك أن هذه الخطوة الثانية في تحقيق المخطوطات (أعني : تبليغ القارئ فكر 27) راجع "مجموع أصول الدين" الباب 33 . وقد نشرنا هذا الباب بكامله ، اعتمادا على مخطوطين قبطين : باريس عربي 200 (تاريخه 1613م) ورقة 171 ﺠ - 174 ﺠ ، والقاهرة ، البطريركية القبطية (تاريخه 1834م) ورقة 131 ظ – 133 ظ . وقارنا نص ابن العسال بالأصل (وهو جزء من رسالة إيليا مطران نصيبين إلى لوزير أبي القاسم الحسين ابن علي المغربي) المحفوظ في عائلة سباط في حلب . راجع الأب سمير خليل: "في امتياز السيد المسيح عن سائر الأنبياء" لإيليا النصيبني (سنة 1027م) عن كتاب "مجموع أصول الدين" للمؤتمن ابن العسال" ، في مجلة "صديق الكاهن" ج 15 (1975) ص 173 – 188 ، و 17 (1977) العدد الثاني ص 43 – 55 . 28) قال المؤتمن ابن العسال ، في مقدمة الباب 33 ، بعد ذكر عنوان الباب : "مما نقل (هذا الباب كله) من رسالة عملها إليا مطران نصيبين وأعمالها ، إلى الوزير أبي القاسم الحسين المغربي ، وهذبناها نحن ، وزدناها زيادات لطيفة ، وقسمناها في كتابنا هذا إلى خمسة أقسام : القسم الأول ، إن الله تعالى سماه "كلمته" ، ولم يسم به نبي ولا غيره ..." الخ . ثم يذكر بقية الأقسام الخمسة ، على ما وضعه هو ابن العسال . راجع طبعتنا المذكورة في الحاشية السابقة ، رقم 4 – 6 ، ص 177 – 178 . 29) راجع صلاح الدين المنجد ص 22 – 23 : "النقط والفواصل والإشارات" . إلا أنا لا نوافق المؤلف على عدم تصريح استعمال النقطة مع الفاصلة (؛) ، أو ما نسميه الفاصلة المنقوطة . فهذه الإشارة تعتبر حدا وسطا بين النقطة والفاصلة ، وكثيرا ما تعين على توضيح المعنى . وقد استعملها أئمة المحققين ، أمثال أحمد أمين وعبد الرحمن بدوي وغيرهما . 30) كذلك ، لا نوافق الدكتور صلاح الدين المنجد على استعمال الخطين القصيرين (- -) للتعبير عن الجمل المعترضة ، وإن كان هذا الاستعمال شائعا شرقا وغربا . فهذه الإشارة يدخلها الالتباس ، لسببين : الأول ، أنها لا تميز بين بداية الجملة المعترضة ونهايتها . والثاني ، لأن العادة جرت على عدم كتابة الخط القصير الثاني ، عند انتهاء الجملة ، فيبقى خط قصير واحد ، وإذا عرضت جملة معترضة ثانية ، لا تدري أين المعترضة من الرئيسية . لذلك استعملنا دائما القوسين () للتعبير عن الجملة المعترضة . فهذه الإشارة تدل دلالة تامة على بداية الجملة المعترضة ونهايتها ، كما أنها تسمح لك بوضع جميع علامات الترقيم (حتى النقطة) داخل القوسين ، إذا طالت الجملة المعترضة ، وهذا أمر ممتنع في الخطين القصيرين . |
ماير Admin
الأربعاء نوفمبر 04, 2009 12:57 pm | المؤلف ومنطقه) هي الأهم . وهي الغاية القصوى من التحقيق . ومن لم يصل إليها ، لم يحقق النص تحقيقا علميا تاما . إلا أن هذه الخطوة الثانية أصعب بمراحل من الخطوة الأولى (أعني : تبليغ القارئ نص المؤلف وحرفه) . وهي تتطلب مجهودا ضخما ، و "معايشة" طويلة مع المؤلف والكتاب ، ومنطقا سليما . وهذه عوامل لا تتوفر للجميع . لذلك نرى معظم المحققين ، ولا سيما المستشرقين منهم ، أهملوا هذا الجانب من التحقيق . فيقومون بالتحقيق الحرفي ، ويتركون التحقيق المعنوي المنطقي . فينشرون النص خاليا من كل علامات الترقيم ، ومن جميع التقاسيم والعناوين . ثم يبررون موقفهم بادعاء الأمانة للمخطوط ! وقد أشرنا إلى ذلك في غير مناسبة31. أما المحققون الشرقيون ، وإن كانوا يعترفون بضرورة تقسيم النص إلى فقرات ، وإضافة العناوين ، ووضع علامات الترقيم ، وغير ذلك من الوسائل المنطقية ، إلا أنهم يقومون بهذه المهمة بطريقة ارتجالية ، لا منطقية ، في كثير من الأحيان . 2 – ترقيم النص بأرقام مسلسلة
أ – ضرورة ترقيم النص ترقيما منطقيا ، لا ماديا أخيرا ، قررنا ترقيم النص بأرقام مسلسلة ، طبقا للمعنى ، على ما فعلناه قبل ذلك في عشرات النصوص العربية المسيحية التي نشرناها . فإن كان المؤلف قد قسم كتابه إلى أبواب أو فصول ، حافظنا على هذا التقسيم ، ورقمنا الأبواب32. وبعد ذلك ، نقسم كل باب أو فصل إلى فقرات صغيرة (أو آيات) ، ونرقمها بأرقام مسلسلة . فنقول مثلا "مصباح العقل" (لساويرس بن المقفع) 7/34 ، أي الباب السابع ، الفقرة 3334. أما في النصوص التي لا تقسيم لها في الأصل (كما هو الحال في "المقالة في التوحيد" التي ننشرها هنا) ، فنعطي رقما مسلسلا ، دون مراعاة الأبواب ، إذ إن الأبواب من وضعنا . 31) راجع حاشية 16 من هذا الفصل . وقد ضربنا مثلا على ذلك ، في مقالنا عن ساويرس بن المقفع المنشور في مجلة Orientalia Christiana Periodica 41 (1975) ص 163 حاشية 2 ب . فقد نشر المحقق نصا يشتمل على نحو 6400 كلمة ، دون أي تقسيم وبوضع علامات ترقيم لا تزيد على عشر ! 32) هذا يوافق ما قاله الدكتور صلاح الدين المنجد ، في ص 22 (تقسيم النص وترقيمه) رقم 1 و 3 . 33) راجع ساويرس بن المقفع (القرن العاشر الميلادي) : "كتاب مصباح العقل" ، تقديم وتحقيق الأب سمير خليل ، سلسلة "التراث العربي المسيحي" رقم 1 (القاهرة 1978) ص 57 . | | فنقول مثلا : "توحيد" 246 ، أي الفقرة الموجودة تحت هذا الرقم في صفحة كذا من طبعتنا هذه . ولا يخفى علينا أن العُرف الجاري هو أن "ترقم سطور النصوص ، شعرا كانت أم نثرا ، خمسة خمسة ، أوثلاثة ثلاثة"34 ، كما قال الدكتور صلاح الدين المنجد . ولا شك أن هذا النظام أفضل من عدم ترقيم السطور . إلا أنه ترقيم مادي ، لا منطقي . فلم نسترح إليه ، لأسباب نوضحها هنا . ب – الميزة الأولى : هذا الترقيم صالح مهما اختلفت الطبعات والترجمات لما كان هذا الترقيم ترقيما ماديا آليا ، أصبح مرتبطا بطبعة معينة . فإن أعيد طبع الكتاب ، اختلفت جميع المراجع ، وتعب القارئ والباحث . ونضرب لك مثلا بسيطا ، كثيرا ما عانينا منه . إن لكتاب "الفهرست" لابن النديم ثلاث طبعات منتشرة ، بالإضافة إلى ترجمة إنجليزية ذات فوائد عديدة : • طبعة المستشرق فلوجل Gustav FLUEGEL (لابيتسك Leipzig 1871) . • طبعة المطبعة الرحمانية بمصر (القاهرة 1929) ، وهي التي استعملناها في هذا البحث . • طبعة رضا تجدّد (طهران 1971) . • ترجمة بيارد دودج Bayard DODGE (نيويورك 1970) . فإذا ذُكرت إحدى الطبعات الثلاث ، أو الترجمة الإنجليزية ، وكانت لديك طبعة أخرى ، لا يمكنك إيجاد النص المطلوب . وإذا أردت أن تذكر نصا لابن النديم ، اضطررت إلى إضافة المرجع الكامل للطبعة المستعملة ، بل إلى ذكر أكثر من طبعة . بينما ، لو رُقّم كتاب "الفهرست" ترقيما منطقيا ، على ما نقترحه هنا ، لا تبالي بأي طبعة ذُكرت أو أي ترجمة استُعملت ، وسهل البحث على الكاتب والقارئ . ﺠ - الميزة الثانية: هذا الترقيم نهائي ، حتى قبل طبع الكتاب ولهذه الطريقة مميزات أخرى ، نذكر منها سهولة وضع الفهارس . فإن من يطبع الفهارس يضطر حاليا إلى الانتظار حتى يُطبع الكتاب كله ، ثم يبدأ بتأليف الفهارس بسرعة ، كي لا يؤخر المطبعة . وإن أضاف بعض الفقرات في أثناء طبع الكتاب ، أو إذا اختلفت الصفحات بين طبعة وطبعة بسبب إضافة في المقدمة مثلا أو غير ذلك من التغييرات ، اضطر إلى إعادة العمل كله . 34) راجع صلاح الدين المنجد ص 22 (تقسيم النص وترقيمه) رقم |
-------------------------------- | بينما يستطيع المؤلف ، بفضل الطريقة المقترحة هنا ، أن يقوم بعمله منذ البداية ، بضيغة نهائية ، مهما تغيرت الصفحات فيما بعد . وكذلك إذا كتبتَ مقدمة لنص تحققه ، أو بحثا عن نص سيُنشر في المستقبل ، لا يمكنك إطلاقا إعطاء مراجع دقيقة مفيدة ، إلا إذا استعملت هذه الطريقة . د – الميزة الثالثة : هذا الترقيم يمكّن الباحث من مقارنة دقيقة للنصوص المتشابهة ولما كانت هذه النصوص كثيرة التداول والاستعمال ، وجب إيجاد طريقة سهلة دقيقة لمقارنة النصوص (أو الروايات) بعضها ببعض . نسوق إليك مثالين . لقد رأينا في الفصل الخامس أن لهذه المقالة في التوحيد مختصرا وضعه صفي الدولة أبو الفضائل ابن العسال (أخو مؤتمن الدولة المذكور أعلاه) . فكيف يمكننا المقارنة الدقيقة بين النص الأصلي ليحيى بن عدي ومختصر صفي الدولة ، إن لم يكن النص الأصلي مقسما إلى آيات صغيرة ؟ كذلك ، لإيليا مطران نصيبين (المتوفي سنة 1046م) ما لا يقل عن سبع مقالات في التثليث ، تشبه بعضها بعضا35 . وقد نقل كثير من المؤلفين المتأخرين فقرات من هذه المقالة أو تلك ، دون ذكر الأصل المنقول عنه . فمن المستحيل ، عمليا ، مقارنة هذه النصوص بعضها ببعض ، كي يظهر وجه الشبه والاختلاف . ﻫ - استشهاد بما وضع للكتب المُنزَلة وأوضح دليل على ما حاولنا إثباته هنا أن الكتاب المقدس ، إن لم يكن مقسما إلى فصول وآيات ، لاستحال على الناس ذكره بدقة . وليتصور القارئ لحظة أنه اضطر إلى ذكر الطبعة التي يستعملها في دراسة الإنجيل (مع تعدد اللغات والطبعات) ! فما كان طبيعيا في الإنجيل ، أو الكتاب المقدس ، أو القرآن الكريم ، لماذا لا يكون طبيعيا أيضا في غيرها من النصوص ؟ وهنا أيضا لا يظن المحقق المعاصر أننا أبدعنا بدعة ، إذ فعلنا ذلك . فقد أدخل 35) راجع مقالناعن إيليا مطران نصيبين ، حيث حللنا هذه النصوص : Bibliograpie du: dialogue islamochrétien. Elie de Nisibe (975-1046), In Islamochristiana 3 (1977), p. 257-286. هذه المقالات السبع هي : المجلس الأول (رقم 1 من تحليلنا) ، المراسلة مع الوزير أبي القاسم (رقم 8) ، رسالة في وحدانية الخالق وتثليث أقانيمه (رقم 9) ، رسالة في الخالق (رقم 10) ، رسالة في حدوث العالم ووحدانية الخالق وتثليث أقانيمه (رقم 11) ، مقالة في معنى لفظ "كيان" ولفظ "إله" (رقم 12) ، كتاب البرهان على صحيح الإيمان ، الفصل الأول (رقم 13) . | | العلامة الإسكندري أمّونيس الفصول الصغيرة على الكتاب المقدس (ويتراوح طولها ما بين آية وسبع آيات من تقسيمنا الحديث) ، لتسهيل دراسة الكتب المقدسة ، في بداية القرن الثالث الميلادي !36 وقد اتبع هذا المنهج العالم القبطي صفي الدولة أبو الفضائل ابن العسال ، في تأليف "المجموع الصفوي" للقوانين الكنسية ، الذي وضعه في الشام سنة 1236م . فأعطى رقما مسلسلا لكل قانون ، في كل باب من الأبواب الواحد والخمسين37. خلاصة الفصل
فمنهجنا إذاً يتلخص في نقطتين : (1) تصحيح النص لإدراك حرف المؤلف ذاته ، مع الإشارة إلى كل صغيرة وكبيرة ، بحيث يستطيع القارئ أن يعرف فورا ، وبغاية الدقة ، نص كل مخطوط من المخطوطات . (2) توضيح النص ، بإضافة النقط والفواصل والإشارات ، وتقسيمه إلى فقرات ومقاطع ، وإضافة العناوين الرئيسية والثانوية ، وترقيمه بأرقام مسلسلة ، لإدراك خطة المؤلف ومنطقه . 36) أمّونيوس (AMMONIOS SACCAS) فيلسوف إسكندري توفي بعد سنة 242م بقليل ، وهو أستاذ الفيلسوف الشهي أفلوطين (PLOTIN) . راجع "دائرة المعارف البريطانية" . Encyclopaedia Britannica, 15th ed. (London, 1978) vol. 1, p. 319 bc. أما بخصوص "قوانين الأناجيل" فراجع Mauritius GEERARD, Clavis Patrum Graecorum, II (Turnhout, 1974), p. 262-263, N˚ 3465. حيث توجد مراجع عديدة . وانظر أيضا, SAMIR Khalil, Un manuscript arab d’Alep reconnu Le Sbath 1125, in Le Muséon 91 (1978), p. 179-188 (ici p, 184-186 et 189). 37) راجع جرجس فيلوثاوس عوض : "المجموع الصفوي" (القاهرة 1908) . وهذه الطبعة أفضل بكثير من الطبعة الثانية التي اهتم بها مرقس جرجس وطبعها في القاهرة سنة 1927 تحت عنوان : "كتاب القوانين" . |
------------------------ | [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | | الجزء الثالث
دراسة المقالة في التوحيد
|
--------------------------------- | [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | | الفصل السابع
خطة "المقالة في التوحيد" ومنطقها وتحليلها
لما كان يحيى بن عدي قد عرف ﺒ "المنطقي" ، على ما ذكره ابن النديم1 والقفطي2 وابن أبي أصيبعة3 ، فلا بد من أن يكون فكره مبنيا على المنطق ، وأن يظهر هذا المنطق في مؤلفاته . ويكفي تصفح أي مقالة من مقالاته ، للاقتناع بهذه الحقيقة . وهذا المنطق واضح في "المقالة في التوحيد" . فنرى يحيى يعرض جميع الآراء ، ثم يحللها رأيا رأيا ، لاستخلاص الرأي الصحيح وتمييزه عن الآراء الباطلة . كما أنه يذكر جميع المعاني الممكنة (أو المحتملة) للفظ أو مفهوم ، وإن كانت شاذة أو سخيفة ، فيثبت استحالة جميعها ما عدا معنى واحدا ، ثم يثبت ضرورة هذا المعنى . وكذلك ، فإن عباراته تدل على طريقته . فكثيرا ما يقول : "فيجب ضرورة أن ..." ، أو "لا يخلو أن يكون ..." ، أو "إما ... وإما ..." ، وغير ذلك من أساليب الفكر المنطقي . وبناء على ذلك ، لا بد من أن تكون "المقالة في التوحيد" ، ككل ، مبنية أيضا على بنيان منطقي قوي واضح . وإن كان يحيى لم يقسم المقالة إلى أبواب وفصول (وهذه للأسف عادته في الإنشاء)4 ، إلا أنه أعطانا العناصر الأساسية للقيام بهذا التقسيم . وقد حاولنا في تحقيقنا اكتشاف هذا المنطق المكنون ، وتقسيم المقالة وفقا لفكر يحيى بن عدي نفسه ، وآرائه ، وعقليته ، ومنطقه الخاص . فسنذكر هنا أولا تلك العناصر المنطقية التي وضعها المؤلف نفسه في مقالته . ثم نقدم محاولتنا الشخصية لفهم المقالة وتسلسل الأفكار بها . 1) راجع ابن النديم ص 369/5 . 2) راجع القفطي ص 361/2 – 3 . 3) راجع ابن أبي أصيبعة ج 1 ص 235/9 . 4) وذلك يرجع في رأينا إلى سببين : الأول ، كثرة تآليفه ، وسرعته في التأليف (فقد وضع بعض مقالاته في ليلة واحدة!) . والثاني ، وهو الأهم ، عمق فكره ، مما جعله يعتقد أن القارئ سيرى فورا منطق المقالة ، ويفهمها بمجرد قراأتها . |
-------------------------- | أولا – العناصر المنطقية المذكورة في المقالة
في سبع مناسبات ، أوقف يحيى سير أفكاره ، ليلخص الموقف . فذكر ما قد توصلنا إليه ، وأعلن عما نتوصل إليه . وتقع هذه الفقرات السبع إما في نهاية بعض الفصول (من فصولنا) ، أو في بداية بعض الفصول الأخرى . فإليك هذه الفقرات السبع ، مع الإشارة إلى ما يناسبها من تقسيمن 1 - | "فغرضنا في هذه المقالة : * الفحص عن واحد واحد من هذه الاعتقادات ، * وإيضاح بطلان باطلها ، (= فصل 2 – 5 و 8) * وإبانة حقيقة مُحقّها ، (= خلاصة فصل 8) بالبراهين الصحيحة ، والحجج الواضحة ، على أوجز ما يمكننا وأبيَنه"6. | 2 - | "وقد كان تبين أنه ليس معناه والوجود له هو أنه واحد (= فصل 2) ، وتبين قبل ذلك أنه ليس يمكن أن يكون معنى الواحد والوجود له هو أنه لا نظير له (= فصل 3) . "وإذ قد فسدت هذه الضروب التي يصرف فيها المخالفون اسم الواحد إليها (= فصل 2 – 5) ، فينبغي أن نضع : * ما حقيقة الواحد ، * وكم أقسامه ، وما هي ، * وكم جهاته ، وما هي (= فصل 6) ؛ * وما مقابلتها من أقسام الكثرة وجهاتها (= فصل 7)"6. | 3 – | "فإذ قد شرحنا حقيقة الواحد ، وعدّدنا أقسامه وجهاته (= فصل 6) ، ومقابلاتها من أقسام الكثيرين وجهاتها (= فصل 7) ، ولخصنا ما [معنى] كل واحد منها ؛ "فلنَصر إلى النظر فيما يصح نعت علّة العلل (تبارك وتعالى !) به ، من هذه الأقسام والجهات ، وما لا يصح منها (= فصل 9 – 10) ؛ "بعد أن نفحص هل العلة الأولى واحدة من كل جهة ، أو كثرة من كل جهة ، أو واحدة من جهة وكثيرة من جهة أخرى (= فصل 8) ، وإثبات ذلك ببرهان واضح"7. | 5) راجع "التوحيد" رقم 13 – 15 . 6) راجع "التوحيد" رقم 144 – 147 . 7) راجع "التوحيد" رقم 213 – 215 . | خطة "المقالة في التوحيد" ومنطقها وتحليلها | ٩٧ | | 4 – | "وإذ قد تبين أنه واجبٌ ضرورةً أن تكون العلّة واحدةً من جهة ما ، وأكثر من واحدة من جهة أخرى (= فصل 8) ، "فلنُتْلِ ذلك بإبانة القسم من أقسام الواحد التي يصحّ أن يُنعت به ، والجهات التي هي بها واحد ، والجهات التي هي بها أكثر من واحد ؛ والأقسام والجهات (من أقسام وجهات الواحد والكثير) التي يستحيل أن يُنعَت بها ؛ ومنها أنها واحدة وأكثر من واحدة (= فصل 9 – 10)" 8. | 5 – | "فإذ قد بيّنّا : * ما معنى الواحد ، * وكم أقسامه ، وما هي ، وبأيها يصح نعت العلّة الأولى ، * وكم جهاته ، [وما هي] ، ومن أيها يصح أن توجد العلّة بها (= فصل 6 و 9) ؛ "و[إذ] قد ثبت وجوب الوحدانية والكثرة معا في العلّة (= فصل 8) ، وكانت للكثرة أقسامٌ مساو عددها عدد أقسام الوحد (= فصل 7) ؛ "فقد يجب أن نسلك (في الفحص عن صحة ما يصح ، وبطلان ما يبطل منها) السبيل التي سلكناها في الفحص عن أقسام الواحد وجهاتها بعينها (= فصل 10)"9. | 6 – | "وإذ قد أتينا على إبانة أقسام الكثرة التي يصح وجودها للعلة ، والجهات التي يصح لها وجودها منها (= فصل 10) ؛ "فلنُتبع ذلك بالفحص عن : * عدد المعاني التي هي أكثر من واحد ، التي توصَف بها العلّة الأولى ، * وماهياتها (= فصل 11) ، بتأييد ذي القدرة التامة"10 | 7 – | "فقد تبيّنت إذاً * كمية عدد صفات البارئ (جلّ اسمُه ، وعزّ ذكرُه !) ، وأنها ثلاث ؛ * وما هي ، وأنها الجود والحكمة والقدرة (= فصل 11) . | 8) راجع "التوحيد" رقم 242 – 244 . 9) راجع "التوحيد" رقم 281 – 283 . 10) راجع "التوحيد" رقم 310 . |
----------------------- | "وهذا ما أردنا أن نبين ، وهذا كمال غرضنا في هذا القول . وإذ قد بلغناه ، فلنختم هذه المقالة"11. ثانيا – تقسيمنا للمقالة في التوحيد
1 – المقدمة : عرض الأقوال الستة في معنى وحدانية البارئ | 3 – 17 | الجزء الأول : إثبات بطلان الأقوال الأربعة الأولى | 18 – 145 | 2 – بطلان القول الأول | (18 – 24 ) | | 3 – بطلان القول الثاني | (25 – 80 ) | 4 – بطلان القول الثالث | (81 – 101) | 5 – بطلان القول الرابع | (102 – 143) | الخلاصة | (144 – 145) | الجزء الثاني : إثبات أن البارئ واحد من جهة وكثير من جهة أخرى | 146 - 241 | 6 – معنى الواحد ، وأقسامه ، وجهاته | (146 – 189) | | 7 – مقابلة أقسام الواحد وجهاته لأقسام الكثرة وجهاتها | (190 – 212) | 8 – بطلان القول الخامس | (213 – 240) | الخلاصة : صحة القول السادس | (241) | الجزء الثالث : إيضاح معنى أن البارئ واحد من جهة وكثير من جهة | 242 - 309 | 9 – من أي قسم وجهة يقال إن البارئ واحد | (242 – 280) | | 10 – من أي قسم وجهة يقال إن البارئ كثير | (281 – 309) | الجزء الرابع : صفات البارئ ثلاث فقط : الجود والقدرة والحكمة | 310 – 377 | المقدمة : خطة هذا الجزء | (310) | | 11 – العلة الأولى جوهره خفي ، وآثاره في خلائقه واضحة | (311 – 324) | 12 – جود العلة الأولى | (325 – 357) | 11) راجع "التوحيد" رقم 376 – 378 آ . | خطة "المقالة في التوحيد" ومنطقها وتحليلها | ٩٩ | | 13 – قدرة العلة الأولى | (358 – 365) | | 14 – حكمة العلة الأولى | (366 – 370) | الخلاصة | (371 – 377) | خاتمة المقالة | 378 – 379 | ملحق | 380 – 416 | 15 – تنبيه للقارئ المتسرّع | (380 – 393) | | 16 – شك وحلّه | (394 – 416) | ثالثا – الفكرة الأساسية للمقالة
يمكننا الآن تقديم الفكرة الأساسية للمقالة . ابتدأ يحيى بعرض قوال الموحدين في وحدانية البارئ ، فذكر منها أربعة (رقم 3 – 9). ثم أوضح في الجزء الأول (18 – 145) بطلان هذه الأقوال . لذلك أثبت تعريفه للواحد ، فقال : "إن الواحد هو موجودٌ ما ، لا يوجد فيه غيريّة من حيث هو واحد" (148) . ويوجد اختلاف ثان بين الموحدين في وحدانية الخالق . فقوم (وهم اليهود والمسلمون) يقول "إن الخالق واحد من كل جهة" ، وقوم (وهم النصارى) يقول "بل هو واحد من جهة وكثير من جهة" (10 – 12) . ودراسة هذا الاختلاف هو موضوع الجزء الثاني (146 – 241) . فيعالج يحيى بن عدي الموضوع بأن يوضح أقسام الواحد ، على ما ذكره أرسطو ، وهي ستّة (149 – 176) ، وجهات الواحد ، وهي أيضا ستّ (177 – 189) ، ثم أقسام الكثير وجهاته (190 – 212) . فيثبت أن الواحد لا يمكن أن يقال واحدا من كل وجه ، إذ فيه دائما كثرة وغيرية (213 – 234) ؛ ولا يمكن أن يقال كثيرا من كل وجه (235 – 240) ؛ فهو إذا واحد من وجه ، وكثير من وجه (241) . لقد أجاب يحيى على جميع الأقوال ، وأثبت أن البارئ واحد وكثير . وكان في إمكانه الوقوف عند هذ الحد ، إن لم يكن ذلك جوابا شكليا . فالمطلوب توضيح النتيجة التي توصّل إليها في خلاصة الجزء الثاني (241) ، التي هو القول السادس (12) ، أي قول النصارى : من أيّ وجه يُقال إن البارئ واحد ، ومن أيّ وجه يقال إنه كثير ؟ هذا أمرٌ يوضحه يحيى في الجزء الثالث (242 – 379) . فيرجع إلى ما عرضه بتفصيل عن أقسام الواحد وجهاته (= فصل 6) ، وأقسام الكثير وجهاته (= فصل 7) . ويوضح أن البارئ واحد في الذات وفي الموضوع (= فصل 9) ، وأنه كثير من جهات مختلفة (= فصل 10) . ومع هذا الجزء الثالث تنتهي ، في الواقع ، |
------------------------------- | أما الجزء الرابع (310 – 379) ، فهو تحديد للنتيجة التي توصّل إليها . إذا كان البارئ كثيرا من جهة ، فما هو "عدد المعاني (التي هي أكثر من واحد) التي توصَف بها العلّة الأولى" ، وما هي ماهيّاتها ؟ (310) . أو ، بعبارة أخرى : "ما هي صفات البارئ ؟" . لذلك ، يقدم يحيى مقدمة ، يوضح فيها أن جوهر البارئ خفي ، فلا يمكننا إدراكه إلا عن طريق آثاره في خلائقه (= فصل 11) . ثم يدرس خلائق البارئ ، فيكتشف أنه تتجلّى فيها ثلاث صفات : الجود (= فصل 12) والقدرة (= فصل 13) والحكمة (= فصل 14) ؛ وأن هذه الصفات الثلاث مختلفة (371) ، ولا يمكن أن تكون لا أقل ولا أكثر (372 – 375) . وفي رأينا أن هذا الجزء الرابع ، بخلاف الأجزاء الثلاثة الأولى ، ليس حتميا . فهذه إحدى إمكانيات تحديد الكثرة الموجودة في البارئ تعالى . ولكل نظام فلسفي إمكانية ، أو أكثر من واحدة . وسنرى (في الفصل التاسع) أن يحيى نفسه سيقدّم ، بعد أكثر من عشرين عاما ، نظرية أخرى لتحديد هذه الصفات الثلاث . فسيقول إن الله عقلٌ ، عاقلٌ لنفسه ، ومعقولٌ لنفسه ؛ وسيترك نظرية الله كجوّاد قادر حكيم ! رابعا – تحليل المقال العنوان | 1 – 2 | الفصل الأول – مقدمة المقالة : عرض المشلكة | 3 – 17 | أولا – عرض الأقوال المختلفة في وحدانية الخالق | 3 – 12 | 1 – الاختلاف الأول : في معنى وحدانيته | (3 – 9 ) | 2 – الاختلاف الثاني : هل هو واحد ، أو واحد وكثير ؟ | (10 – 12) | ثانيا – الغرض من المقالة | 13 – 15 | دعاء | 16 – 17 | الجزء الأول
إثبات بطلان الأقوال الأربعة الأولى
| الفصل الثاني – بطلان القول الأول | | القائل "إن معنى الواحد في الخالق هو مجرد نفي معنى الكثرة" | 18 – 24 | | خطة "المقالة في التوحيد" ومنطقها وتحليلها | ١٠١ | | المقدمة : عرض الفكرة | 18 – 19 | إثبات الفكرة | 20 – 23 | الخلاصة | 24 | الفصل الثالث – بطلان القول الثاني | | القائل "إن الواحد في الخالق هو أنه لا نظير له" | 25 – 80 | المقدمة : لهذا القول معنيان | 25 – 32 | 1 – لا شئ يناظر الخالق بوجه من الوجوه | (26 – 29) |
| 2 – لا شئ يناظر الخالق في جميع الأمور | (30 – 32) | أولا – إثبات بطلان المعنى الأول | 33 – 70 | المقدمة | (33 – 34) |
| 1 – الإثبات الأول | (35 – 43) | 2 – الإثبات الثاني | (44 – 57) | 3 – الإثبات الثالث | (58 – 64) | 4 – الإثبات الربع | (65 – 69) | الخاتمة | (70) | ثانيا – إثبات بطلان المعنى الثاني | 71 – 78 | 1 – عرض الفكرة | (71 – 73) |
| 2 – إثبات الفكرة | (74 – 78) | الخلاصة | 79 – 80 | الفصل الرابع – بطلان القول الثالث | | القائل "إن معنى الواحد في الخالق هو أنه مبدأ المعدودات" | 81 – 101 | المقدمة : عرض الفكرة | 81 – 82 | أولا – ينتج من هذا القول عدم الكثيرين | 83 – 89 | ثانيا – ينتج من هذا القول كون العلل كثيرة جدا | 90 – 95 | ثالثا – ينتج من هذا القول أن معنى الواحد هو معنى الوحدة | 96 – 101 | الفصل الخامس – بطلان القول الرابع | | القائل "إن معنى الواحد في الخالق هو من قِبَل وجود الوحدة له" | 102 – 1 | |
------------------ | المقدمة : عرض الفكرة | 102 – 108 | أولا – إن كانت الذات والوحدة قديمين أو محدثين جميعا ، يلزم شناعات | 109 – 113 | ثانيا – إن كانت الذات قديمة والوحدة محدَثة ، يلزم شناعات | 114 – 121 | ثالثا – إن كانت الوحدة قديمة والذات محدَثة، يلزم شناعات | 122 – 140 | 1 – أول شناعة | (123 – 125) |
| 2 – ثاني شناعة | (126 – 133) | 3 – ثالث شناعة | (134 – 140) | الخلاصة | 141 – 143 | خلاصة الجزء الأول | 144 – 145 | الجزء الثاني إثبات أن البارئ واحد من جهة وكثير من جهة أخرى | الفصل السادس – معنى الواحد وأقسامه وجهاته | 146 – 189 | المقدمة : خطة هذا الفصل والفصل التالي | 146 – 147 | أولا – تعريف الواحد | 148 | ثانيا – أقسام الواحد | 149 – 176 | 1 – الواحد جنسا ونوعا ونسبة | (150 – 152) |
| 2 – الواحد كالمتصل | (153 – 159) | 3 – الواحد بالحد | (160 – 161) | 4 – الواحد غير المنقسم | (162 – 175) | 5 – الخلاصة : أقسام الواحد ستة | (176) | ثالثا – جهات الواحد | 177 – 189 | المقدمة : خطة هذا القسم | (178 – 180) |
| 1 – المناظرة الأولى : القوة والفعل | (181 – 182) | 2 – المناظرة الثانية : الموضوع والحد | (183 – 185) | | خطة "المقالة في التوحيد" ومنطقهماير Admin
الأربعاء نوفمبر 04, 2009 1:01 pm | الجزء الثالث إيضاح معنى أن البارئ واحد من جهة
| وكثير من جهة أخرى | 242 – 309 | الفصل التاسع – من أي قسم وجهة يقال إن البارئ واحد ؟ | 242 – 280 | المقدمة : خطة هذا الفصل | 242 – 244 | أولا – من أي قسم يقال إن البارئ واحد ؟ | 245 – 268 | 1 – البارئ ليس واحدا جنسا أو نوعا | (245 – 249) |
| 2 – البارئ ليس واحدا نسبة | (250 – 251) | 3 – البارئ ليس واحدا متصلا | (252 – 254) | 4 – البارئ ليس واحدا غير منقسم | (255 – 266) | 5 – الخلاصة : البارئ واحد حدّا | (267 – 268) | ثانيا – من أي جهة يقال إن البارئ واحد ؟ | 269 – 280 | 1 – البارئ واحد بالفعل | (270 – 273) |
| 2 – البارئ واحد بالذات | (274 – 277) |
| 3 – البارئ واحد في الموضوع | (278 – 280) |
| الفصل العاشر – من أي قسم وجهة يقال إن البارئ كثير ؟ | 281 – 309 | المقدمة : خطة هذا الفصل | 281 – 283 | أولا – من أي قسم يقال إن البارئ كثير ؟ | 284 – 302 | 1 – الكثرة الحدّية هي الموجودة في البارئ | (284 – 287) |
| 2 – اعتراض | (288 – 297) | 3 – الرد على الاعتراض | (298 – 302) | ثانيا – من أي جهة يقال إن البارئ كثير | 303 – 309 | 1 – جهة الفعل ، دون القوة | (304 – 306) |
| 2 – جهة الذات ، دون العَرَض | (307 – 308) | 3 – جهة الحد ، دون الموضوع | (309) | | خطة "المقالة في التوحيد" ومنطقها وتحليلها | ١٠٥ | | الجزء الرابع صفات البارئ ثلاث فقط : الجود والقدرة والحكمة
| المقدمة : خطة هذا الجزء | 310 | الفصل الحادي عشر : العلة الأولى جوهره خفي ، وآثاره في خلائقه واضحة | 311 – 324 | المقدمة : الموجودات كلها أربعة ضروب | 311 – 312 | أولا – ما هو خفي الجوهر والأثر معا | 313 – 314 | ثانيا – ماهو ظاهر الجوهر والأثر معا | 315 – 316 | ثالثا – ما هو ظاهر الجوهر خفي الأثر | 317 – 318 | رابعا – ما هو خفي الجوهر ظاهر الأثر | 319 – 321 | الخلاصة : العلة الأولى من الضرب الرابع | 322 – 324 | الفصل الثاني عشر : جود العلة الأولى | 325 – 357 | المقدمة | 325 | أولا – علة كل موجود هي غيره | 326 – 329 | ثانيا – هذا الغير أوجد الموجودات اختياريا | 330 – 342 | 1 – الموجودات الموجودة وجودا ذاتيا | (331 – 333) |
| 2 – المخلوقات كلها موجودة بعد عدم | (334 – 340) | 3 – وجودها إذاً وجود اختياري | (341 – 342) | ثالثا – هذا الغير أوجد الموجودات جودا ، لا قسرا | 343 – 357 | 1 – المقدمة | (343 – 344) |
| 2 – إذا كانت العلة الأولى مقسورة ، فهي ذات علة وليست ذات علة | (345 – 350) | 3 – إذا كانت العلة الأولى مقسورة ، فقاسرها موجود ومعدوم معا | (351 – 354) | 4 – الخلاصة : إيجاد العلة معلولاتها قسرا محال | (355 – 357) | |
----------------------- | الفصل الثالث عشر : قدرة العلّة الأولى | 358 – 365 | أولا – قدرة العلة الولى على إيجاد الموجودات | 359 | ثانيا – قدرة العلّة الأولى على ترك إيجاد الموجودات | 360 – 365 | الفصل الرابع عشر : حكمة العلّة الأولى | 366 – 370 | أولا – وجود الخلائق على غاية الإتقان والإحكام | 366 – 368 | ثانيا – هذ الإتقان لا يوجده إلا حكيم | 369 – 370 | خلاصة الجزء الرابع : البارئ واحد ذو ثلاث صفات | 371 – 377 | خاتمة المقالة : دعاء ثالوثي | 378 – 379 | ملحق | الفصل الثاني عشر – تنبيه للقارئ المتسرع | 380 – 393 | المقدمة | 380 | 1 – القسم الأول من الناظرين في المقالة | 381 | 2 – القسم الثاني من الناظرين في المقالة | 383 – 384 | 3 – القسم الثالث من الناظرين في المقالة | 383 – 384 | 4 – القسم الرابع من الناظرين في المقالة | 385 – 388 | 5 – القسم الخامس من الناظرين في المقالة | 389 – 390 | الخاتمة | 391 – 393 | الفصل الثالث عشر – شكّ وحلّه | 394 – 416 | المقدمة | 395 – 396 | أولا – عرض الشك : إذا كان الواحد معدوما ، فلا يوجد شئ من الموجودات البتة | 397 – 401 | ثانيا – حل الشك | 402 – 414 | المقدمة | (402 – 404) |
| 1 – الذات واحدة في نفسها ، وإن وُجد معها غيرها | (405 – 409) | 2 – وجود غير الواحد مع الواحد يتطلب وجود الكثير | (410 – 414) | الخاتمة | 415 – 416 | | | الفصل الثامن
يحيى والبحث عن معنى التوحيد
"قُلْ هُوَ اللّهُ أحَد ، اللهُ الصّمَد ! "لَمْ يَلدْ ، وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَد ! " (سورة الإخلاص) هذه الآيات ، على إيجازها ، من أجمل ما كُتب عن وحدانية الخالق . فهل ، يا تُرى ، يعترف بها المسيحيون ؟ هل هم مُخلصون لله ؟ كيف ، ويقولون بأنه تعالى ثلاثة ! "لقد كفر اللين قالوا إن اللهَ ثالثُ ثلاثة . وما من إله إلاّ إلهٌ واحد ! وإن لم ينتهوا عما يقولون ، لَيَمَسّنّ الذين كفروا منهم عذابٌ أليم ! "1 هل يمكن التوفيق بين التوحيد المحمّدي والتوحيد المسيحي ؟ سؤال طالما شغل بال المفكرين ، أمس واليوم ، بل قبل الإسلام بقرون . ولا جدال في أن المسيحيين ، إن سألتهم عن إيمانهم بالله (عزّ وجلّ) ، لا يشكّون ، ولا طرفة عين ، بأنه تعالى واحد أحد . ويتساءلون دائما لماذا يشك إخوانهم المسلمون في توحيدهم . أليسوا يقولون ، عند رسم إشارة الصليب : "باسم الآب والابن وروح القدس ، إله واحد . آمين" ؟ حتى أصبحت هذه "شهادتهم" ! 1 – الاختلاف في معنى وحدانية الخالق
ولمّا كان المسلمون يشكون في توحيد النصارى ، ويتهمونهم باستمرار بأنهم غير موحّدين ، بل ذهب بعضهم إلى القول بأنهم كفّار مشركون ، كان من الضروري تنزيه الدين المسيحي عن تهمة الشرك ، وتوضيح معنى الثالوث ، وإظهار عدم مناقضته للتوحيد . وكثرت المقالات والميامر والبراهين والكتب التي عرضت ذلك . إلا أن هذه المحاولات ، رغم عمقها وكثرتها ، لم تُقنع المفكرين المسلمين إلا في النادر ، أو لم يأخذوها بعين الاعتبار . 1) راجع سورة المائدة (وهي الخامسة) الآية 73 . |
---------------- | وسبب ذلك يرجع إلى اختلاف أعمق ، يوجد في معنى "الواحد" . فكيف يمكن توضيح معنى الثالوث ، إن لم يوضح أولا معنى الواحد ؟ وقد وعى إلى ذلك المفكرون النصارى ، وحاول بعضهم حل المشكلة بمجرد وضع تمهيد في هذا المعنى . فقال أبو رائطة حبيب بن خدمة التكريتي ، وهو مفكر سرياني ، عاش في أواخر القرن الثامن وصدر القرن التاسع الميلادي ، في مقالة له في التوحيد والتثليث مخاطبا المسلمين : "... مع أننا ، وإن كنا وافقناكم في مقالتكم بأن الله واحد ، فما أبعد ما بين القولين ، فيما تظنون ونَصِف ! والشاهد على ما ذكرتُ : مخالفة صفتكم لوحدانيته صفَتَنا إياه"2 وكذلك افتتح يحيى بن عدي مقالته بقوله : "اختلف القائلون بوحدانية الخالق (تبارك اسمه!) ، في معنى وحدانيته (تعالى عما يقوله الملحدون!)"3. ثم أخذ يعدّد هذه الآراء المختلفة ، التي يقول بها الموحدون . ولم يذكر يحيى أبدا ، في مقالته ، لا المسلمين ولا المسيحيين ، وإن كان يقصد بلا ريب هاتين الفئتين . فعندما يقول : "فقال قوم : "إن الخالق (عز وتعالى !) واحد من كل حين ، لا يتكثّر من جهة من الجهات"4 ، يفهم القارئ أنه يعني المسلمين . وعندما يقول : "وقال آخرون : "بل هو واحد من جهة ، وكثير من جهة" 5 ، لا يشك أحد في أنه يقصد المسيحيين. إلا أن عدم ذكره المسلمين والمسيحيين يدل على قصد مقالته . فهو لا يريد تأليف مقالة دينية أو لاهوتية ، بل مقالة فلسفية . ويكاد لا يستعمل كلمة "الله" ومرادفاتها (الخالق ، البارئ) ، مفضلا عبارة "العلّة الأولى" عليها . وذلك أوضح دليل على قصده وغرضه . وكذلك لم يستشهد أبدا بالكتب المنزلة ، وإنما استشهد فقط بأرسطوطاليس ، "الفيلسوف" . كما أنه لم يلفظ كلمة "التثليث" ، وإن كان قد عنى هذا المعنى في الفصل الحادي عشر . فجاء بحثه فلسفيا محضا . 2) راجع "رسائل حبيب بن خدمة ، المعروف بأبي رائطة التكريتي اليعقوبي" ، تحقيق جورج جراف (Die Schriften des Jacobiten Habib Ibn Hidma Abū Ra’ita, coll. C.S.C.O. 130. Louvain 1951). الرسالة الأولى : "في الثالوث المقدس" رقم 4 ، ص 4/17 – 5/2 . 3) راجع "التوحيد" رقم 3 . 4) راجع "التوحيد" رقم 11 . 5) راجع "التوحيد" رقم 12 . | يحيى والبحث عن معنى التوحيد | ١٠٩ | | 2 – رأي عليّ في وحدانية الخالق
ولم يكن المسيحيون وحدهم يتساءلون عن معنى الوحدانية ، بل المسلمون أيضا . وقد سُئل يوما عليّ (رضي الله عنه) عن معنى التوحيد ، فقال : "إن القول بأن الله واحد ، على أربعة أقسام : وجهان منهما لا يجوزان على الله سبحانه ، ووجهان ثابتان له . "فمن قال إن الله واحد ، وقصد باب العدد ، فهذا غير جائز . لأن ما لا ثاني له ، لا يدخل في باب العدد6. "ومن قال إن الله واحد ، وأراد النوع أو7 الجنس ، فقوله أيضا باطل . لأن8 الله سبحانه منزّه عن نوع ، وعن جنس9. "وأما الوجهان الصحيحان ، فقول القائل : إن الله واحد ، أي متفرّد10 عن الأشياء ، ومنزّه عنها11. "أو قول القائل : إنه الله واحد أحد ، أي إنه لا ينقسم في وجود ، أو عقل ، أو وهم12. "فكذلك الله ربّنا"13. 6) قارن هذا الرأي بالقول الأول (رقم 4) وإثبات بطلانه (فصل 2) ، وبالقول الثالث لبعض المتكلمين (رقم 6 – 8) وإثبات بطلانه (فصل 4) . 7) في النص المطبوع : "من" . وصححناه اعتمادا على ما جاء في الجملة التالية . 8) في النص المطبوع : "وإن" ، وهو مقبول . وإنما صححناه اعتمادا على ما جاء في الفقرة السابقة ، إذ يوجد توازن بين الفقرتين . 9) قارن هذا الرأي بما قاله يحيى في "التوحيد" ، رقم 243 – 249 . 10) في النص المطبوع : "تفرّده" . 11) قارن هذا الرأي بالقول الثاني : "إن معنى الواحد في الخالق هو أنه لا نظير له" (رقم 5) . وقد أبطل يحيى هذا الرأي ، في الفصل الثالث (رقم 25 – 80) . 12) إذا كان المقصود هنا هو أن الله واحد لأنه غير قابل للانقسام ، فقد نفى يحيى بن عدي هذا المعنى عن الخالق (رقم 255 – 261) . أما إذا كان المعنى هو أنه واحد حدّا ، فهذا هو المعنى الوحيد الذي قبله يحيى (رقم 267 – 268) . 13) ذكر هذا النص السيد مصطفى جمال الدين ، في مقال صغير عنوانه : "هذه المسيحية وهذه المحمدية : أليستا من جوهر واحد ؟" ، في مجلة "المسرة" 56 (1970) ص 689 – 695 (هنا ص 692) . وللأسف لم يذكر المؤلف المرجع الذي استخلص منه هذا النص . |
-------------------- | فهذا الرأي ، وإن لم يكن مبنيّا على أساليب الفلاسفة ، إلا أنه محاولة لإدراك معنى "إن الله واحد" . فلا يكفي للمؤمن القول بأن الله واحد ، ولكن عليه أن يتفهم ما هو مكنون وراء العبارة ، للوصول إلى الإقرار والإيمان الحقيقي . 3 – تحليل الكندي لمعاني الواحد في الخالق
أ – المقالة التي وضعها الكندي ولم يكن يحيى بن عدي أول من تكلم في التوحيد ، بين الفلاسفة العرب . فقد سبقه في ذلك المجال "فيلسوف العرب" الشهير ، أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي ، المتوفي نحو سنة 873 م . فقد ذكر ابن النديم أن له "كتاب الفلسفة الأولى ، فيما دون الطبيعيات ، والتوحيد"14. وهي اليوم مفقودة ، ولا نعلم شيئا عن محتوياتها . وله كذلك "رسالة في التوحيد ، بتفسيرات"15. وقد ذكر له أيضا عبد اللطيف البغدادي مقالة في التوحيد(15ب) . وعلى ظننا أن هذه المقالة هي المذكورة في "فهرست" ابن النديم بعنوان "رسالة في افتراق المِلَل في التوحيد ، وأنهم مُجمعون على التوحيد ، وكلٌ قد خالف صاحبه"16. وهذه الرسالة أيضا لا توجد اليوم . إلا أن أغلب الظن أن ما ذكره يحيى بن عدي ، في مقالته في "تبيين غلط أبي يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي ، في مقالته في الرد على النصارى"17 ، ما هو إلا جزء من رسالة الكندي المفقودة18. 14) راجع ابن النديم ص 358/3 . وأما أخبار الكندي ومؤلفاته ، فقد ذكرها ابن النديم من ص 357 إلى ص 365 . 15) راجع ابن النديم ص 363/3 . 15ب) على ما ذكره PERIER ص 219 حاشية 7 . 16) راجع ابن النديم ص 363/5 – 6 . 17) نشر هذه المقالة أوغسطين بيرييه PERIER في مجلة الشرق المسيحي 22(1920 – 1921) ص 4 – 14 ، مع ترجمة فرنسية (ص 15 – 22) . ثم أعاد نشر ترجمته الفرنسية ، مع بعض التعديلات ، في كتاب "مقالات يحيى بن عدي" (1920) ص 118 – 128 . إلا أن الطبعة سقيمة ، والنص في حاجة إلى إعادة تحقيقه . كما أن البطريرك أفرام برصوم أعاد طبع النص ، اعتمادا على طبعة بيرييه ، مع تعديلات بسيطة ، في "المجلة البطريركية السريانية" 6 (القدس 1939) ص 11 – 22 ، تحت عنوان : "رد العلامة يحيى بن عدي التكريتي السرياني الأرثوذكسي على فيلسوف العرب أبي يوسف يعقوب بن إسحق الكندي ، وهو دفاع عن صحة عقيدة التثليث" . 18) أول من انتبه إلى ذلك ، المستشرق الهولندي دي بور ، صاحب "تاريخ الفلسفة في الإسلام" . راجع | يحيى والبحث عن معنى التوحيد | ١١١ | | والدليل على ذلك أن نص الكندي يبتدئ فجأة (على ما رواه يحيى بن عدي) بالجملة الآتية : "فأما القول في الرد على النصارى ، وإبطال تثليثهم ، على أصل المنطق والفلسفة ، وتمثّل [كذا] هذا القول من الاختصار ، فإن ذلك موجود على النصارى وغيرهم ، ممن تجاوز19 التوحيد وقال بالتكثير ، ولمن يتبعهم ويعتقد مذهبهم"20. وهذا الافتتاح المفاجئ يفترض لا محالة جزءا آخر قبله ، أو أجزاء أخرى . والأرجح أن هذه الأجزاء كانت تعرض آراء المِلَل الأخرى (غير مِلّة النصارى) في التوحيد ، على ما جاء في عنوان الرسالة . إلا أن الكندي لم يتعمق في الموضوع الذي عالجه ، ولم يستقص معاني الواحد ، في رساته "في افتراق المِلَل في التوحيد" . لأنه اكتفى بذكر ثلاثة معان ، تلك المذكورة في كتاب "طوبيقا"21 ، وهي الواحد بالعدد وبالنوع وبالجنس ، ولم يذكر المعاني الأخرى . ب – الواحد يُقال على ثلاثة وجوه قال الكندي : "أما قولهم "إن ثلاثةٌ واحدٌ وواحداً ثلاثةٌ" ، فهذا ظاهرُ الخطأ . "وذلك أن ما نقول إنه هو هو واحد ، إنما نقول [إنه] واحدٌ22 بثلاثة وجوه ، كما قيل في كتاب "طوبيقا"23 ، وهو الخامس24. 1 – "إما أن يُقال هو هو واحد بالعدد ، كما يُقال للواحد هو هو واحد" . Tjitze, J. de BOER, Kindī wider die Trinität, in: Orientalische Studien Theodor Nöldeke zum siebzigsten Geburtstag gewidmet (Giessen 1906), Bd. 1, p. 279-281. 19) راجع "الرد على الكندي" ص 4/4 – 5 . 20) في الطبعة : يجاوز . 21) راجع "طوبيقا" الكتاب السابع ، الفصل الأول (Topica VII, 1, Bekker 152 b 30-32) . وانظر أيضا "ما بعد الطبيعة" الكتاب العاشر الفصل الثالث (Metaphysica X, 3, Bekker 105 a 32-b3) . 22) في المخطوطين (حسب PERIER ) سقطت "إنه" . أما في الطبعة ، فلم يضف "إنه" ، ولكنه صحح "واحد" فأصبحت "واحداً". 23) وهو كتاب "الجدل" . نقله إسحاق بن حنين إلى السرياني ، ونقل يحيى بن عدي هذا النقل إلى العربي (راجع ابن النديم ص 349/2 – 3 ، والقفطي 36/17 – 19) . 24) أي الكتاب الخامس من كتب منطق ارسطوطاليس ، حسب الترتيب العربي التقليدي . راجع ابن النديم ص 347/18 – 21 . ويبدو أن الكندي هو الذي وضع هذا الترتيب ، فقد ألف "كتاب ترتيب كتب أرسطاليس " (ابن النديم ص 358/5 – 6). لاحظ أن PERIER لم يترجم جملة "كما قيل في كتاب طوبيقا ، وهو الخامس" . |
---------------------- | 2 – "وإما أن يُقال هو هو واحد بالنوع ، كما يُقال "خالد وزيد واحد" ، بما عَمّهما من نوعهما ، الذي هو "الإنسان" . 3 – "وإما أن يُقال هو هو واحد بالجنس ، كما يُقال "الحمار والإنسان واحد" ، بما عَمّهما من جنسهما ، الذي هو "الحيّ""25. فبعد أن ذكر الكندي هذه الأقسام الثلاثة للواحد ، يُثبت أن النصارى لا يستطيعون القول إنّ ثلاثةٌ هي واحد ، بأي وجه من الوجوه الثلاثة26. 4 – تحليل يحيى لمعاني الواحد في الخالق
لقد رأينا ، في الفصل السادس من "التوحيد" ، أن يحيى ذكر ستّة معانٍ للواحد27 ، استخلصها من مؤلفات أرسطواليس28 . ويذكر القارئ أن مقالتنا في "التوحيد" مُنْشأة في رجب سنة 328ﻫ (= ابريل أو مايو 940م) . لذلك ، لما اكتشف يحيى رسالة الكندي "في افتراق المِلَل في التوحيد" ، وفيها ردٌ على النصارى اعتماداً على ثلاثة وجوه للواحد ، صاح : "هذه القسمة التي قَسَمْتَ للواحد ناقصةٌ !"29 فأخذ يكمّل قسمة الكندي ، كما سنرى حالا . ثم قال له : "وأيضا ، فإنك تركتَ أن تقسم الواحد والكثرة على ضربٍ آخر من القسمة ، إما غفلةً إن كنتَ لم تعرفْه ، وإما تغافلاً إن كنتَ قد عرفتَه وتجاوزتَ ذكره !"30. فعرض وجوه الواحد والكثرة التي شرحها في الفصل السابع من مقالته في "التوحيد"31. ننقل إليك هذا النص ، وإن كان طويلا ، لأهميته . ونشير في الحواشي إلى المواضع التي تناسبه من مقالتنا في "التوحيد" . قال يحيى بن عدي : "ليس تقول النصارى إن الواحدَ ثلاثةٌ والثلاثة هي واحد ، على واحدٍ من هذه الوجوه 25) راجع "الرد على الكندي" ص 11/3 – 10 . 26) راجع "الرد على الكندي" ص 11/10 – 14 (الواحد بالعدد) ، 11/15 – 12/1 (الواحد بالنوع) و 12/1 – 3 (الواحد بالجنس) . 27) راجع "التوحيد" رقم 149 – 176 . وقد ذكر المعاني كلها في رقم 176 . 28) وقد أعطينا ، في حواشينا على "التوحيد" ، المراجع إلى مؤلفات أرسطوطاليس . 29) راجع "الرد على الكندي" ص 12/6 . 30) راجع "الرد على الكندي" ص 12 السطر الأخير إلى ص 13/2 . 31) راجع "التوحيد" رقم 183 – 185 – و 195 – 197 و 206 – 210 و 278 – 280 و 284 – 287 . | يحيى والبحث عن معنى التوحيد | ١١٣ | | الثلاثة التي عددتَ32. وهذه القسمة التي قسمتَ للواحد ناقصة . "وذلك أنك تركتَ ذكر الواحد الذي هو واحد بالنسبة . كما يُقال إن نسبةَ المَعين إلى الأنهار المستمدة منه ، ونسبةَ الروح الذي في القلب إلى الروح الذي في الشرايين ، واحدةٌ بعينها ، ونسبةَ الاثنين إلى الأربعة ، ونسبةَ العشرين إلى الأربعة ، واحدةٌ بعينها33. "وتركتَ أيضا قسمة الواحد بالعدد إلى أقسامه34 الثلاثة التي ينقسم إليها35. "وذلك أنه يُقال واحد بالعدد36 كالمتّصل ؛ كما يُقال جسمٌ واحد بالعدد ، وسطح واحد بالعدد ، وخط واحد بالعدد ، وما أشبه ذلك37. "ويُقال أيضا واحد بالعدد ﻟما لا ينقسم ؛ كالنقطة38 ، والوحدة ، والآن من الزمان ، ومبدأ الحركة39. "ويُقال أيضا واحد بالعدد40 للأشياء التي القول الدالّ على ماهيّتها واحد ؛ كالثَمول والخمر ، والحمار والعير ، والجَمَل والبعير41 . [...]42 "وأيضا ، فإنك تركتَ أن تقسم الواحد والكثرة على ضرب آخر من القسمة : إما 32) راجع "التوحيد" رقم 243 – 249 . 33) راجع "التوحيد" رقم 151 . وقد استعمل يحيى نفس الأمثلة في كتابه في "تبيين غلط محمد بن هارون المعروف بابي عيسى الوراق ، عما ذكره في كتابه في الرد على الثلاث فرق من النصارى" (رقم 102 من لائحة مؤلفات يحيى التي ذكرناها في الفصل الثالث) . راجع مخطوط باريس عربي 167 ورقة 3 ﺠ . 34) أثبتنا هنا رواية مخطوط باريس عربي 169 ، بينما PERIER فضّل رواية مخطوط الفاتيكان عربي 127 ، وهي : "أقسام" . 35) راجع "التوحيد" رقم 152 . 36) تضيف المخطوطتان والطبعة : "إما" . ولكن هذا لا يتماشى مع ما جاء في الفقرتين التاليتين . 37) راجع "التوحيد" رقم 153 – 159 . 38) في الطبعة : "كالنقط" . 39) راجع "التوحيد" رقم 162 – 170 . 40) أضفنا كلمة "بالعدد" ، لأن هذه القسمة ما هي إلا "الواحد بالحد" ، الذي هو قسم من "الواحد بالعدد" ، مثل "الواحد كالمتصل" و "الواحد غير المنقسم" . راجع "التوحيد" رقم 152 (و 153 و 160 و 162) . 41) راجع "التوحيد" رقم 160 – 161 (الواحد بالحد) . 42) نترك هناستة سطور (ص 12/16 – 21) يوضح فيها يحيى أن توحيد النصارى يعتمد على هذا الضرب الأخير من ضروب الواحد بالعدد . وسنعود إلى ذكرها فيما بعد . |
ماير Admin
الأربعاء نوفمبر 04, 2009 1:05 pm | غفلة ، إن كنتَ لم تعرفْه ؛ وإما تغافلا ، إن كنتَ قد عرفتَه وتجاوزتَ ذكره . فإن الواحدَ والكثيرَ قد ينقسمان أيضا على وجه آخر . "فإنه قد يكون الواحدُ واحداً في الموضوع ، وكثيرا في الحدود . أي يُصدّق عليه حدودٌ كثيرة ، عددُها بعدد المعاني التي توجد فيه ، التي هي حدودٌ لها . مثلَ ما يصدّق في زيد مثلاً43 ، وهو موضوعٌ واحد : حدّ الحيوان ، وحدّ الناطق ، وحدّ المائت44 . [...]45 "وقد يكون الواحدُ واحداً في الحدّ ، كثيرا في الموضوع ؛ كالإنسان أيضا . فإنّ حدّه ، من حيث هو إنسان ، حدٌ واحد ؛ وموضوعاته التي توصَف به كثيرةٌ ، كزيدٍ وعبد الله وخالد : فإنّ كلّ واحدٍ من هذه موضوعٌ لوصفه بالإنسان"46. * * * فقد لخّص يحيى ، في غاية الإيجاز ، الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر من مقالته في التوحيد ، في ردّه على الكندي ، لإثبات صحّة توحيد النصارى . وذلك بعد اثنين وعشرين سنة من تأليفه "المقالة في التوحيد" . الخاتمة
أ – يحيى أول من أفرد بحثا شاملا في التوحيد أجل ! لم يكن أبو زكريا يحيى بن عدي أول من تكلم في التوحيد بين الفلاسفة . فقد ذكر ابن النديم للفيلسوف الإسكندري أمّونيوس ، المتوفي نحو سنة 520م ، "كتاب حجّة أرسطاليس (!) في التوحيد47. وقد يكون يحيى استعان بهذا الكتاب ، كما استعان بغيره من مؤلفات أمّونيوس48. 43) في الطبعة : "مثالا" . 44) بخصوص هذه الققرة والتي تليها ، راجع "التوحيد" رقم 183 – 185 و 195 – 197 و 206 – 210 و 278 – 280 و 284 – 287 . 45) نترك هنا سطراً (ص 13/7 – 8) ، كما فعلنا في الحاشية رقم 42 ، لنفس السبب . 46) راجع "الرد على الكندي" ص 12/4 – 13/11 .راجع ابن النديم ص 355/6 – 7 . 47) راجع ابن النديم ص 355/6 – 7 . 48) قلنا إن يحيى نقل "كتاب الجدل" (المعروف بكتاب "طوبيقا") من السرياني إلى العربي (راجع الحاشية رقم 23) . ولما أخذ في تفسير هذا الكتاب ، استعان بما وجده من تفسير أمونيوس ، على ما ذكر ابن النديم : "قال يحيى بن عدي ، في أول تفسيره هذا الكتاب (= طوبيقا) : "إني لم أجد لهذا الكتاب تفسيرا لمن تقدم ، إلا تفسير الإسكندر لبعض المقالة الأولى ، وللمقالة الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة ، وتفسير أمونيوس للمقالة الأولى والثانية والثالثة والرابعة . فعولت (لما قصدت في تفسيري هذا) على ما فهمته من تفسير الإسكندر | يحيى والبحث عن معنى التوحيد | ١١٥ | | ولم يكن أيضا أول من تكلم في التوحيد ، بين المفكرين العرب ، إذ قد سبقه إلى ذلك : "فيلسوف العرب" ، أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي ، المتوفي نحو سنة 873 م . ولكن ، إن لم يكن له فضل الأولوية ، إذ قد عاش قرناً بعد الكندي ، فله فضل التبحّر في الموضوع والتعمّق فيه والاستقصاء . فهو ، بلا جدال ، أول من أفرد بحثا شافيا شاملا عن معنى الواحد ، طبقا لفلسفة أرسطوطاليس ، على ما نعلم . وأغلب الظن أنه لم يكن يدري برسالة الكندي "في افتراق المِلَل في التوحيد" ، عندما ألّف مقالته في التوحيد ، سنة 328ﻫ . وإلا ، لكان ردّ عليها ، أو أشار إليها ، ولم يكن ينتظر 22 سنة للرد عليها . وإنما نرجّح أنه وجد رسالة الكندي نحو سنة 350ﻫ ، فردّ عليها فوراً ، كعادته . ب – مقالة يحيى في التوحيد ورسالة أبي رائطة التكريتي وإذا قارنّا مقالة يحيى بن عدي في التوحيد بما جاء في رسالة أبي رائطة التكريتي ، أُسقف السريان ، الذي كتب مؤلفاته بين سنة 813 م وسنة 827 م49 ، أدركنا علوّ شأن يحيى . مع العلم أن أبا رائطة لم يكن يجهل الفلسفة ، إذ كان هو نفسه ناقلا لمؤلفات اليونان إلى اللغة العربية ، على ما ذكر ابن النديم50. قال أبو رائطة للمسلمين ، في مقالته في التثليث : "فهل تقولون إن الواحد يُقال إلا على ثلاثة أوجه : "إما في الجنس ، وإما في النوع ، وإما في العدد ؟"51. وأمونيوس ، وأصلحت عبارات النقلة لهذين التفسيرين" . والكتاب بتفسير يحيى : نحو ألف ورقة" (ابن النديم 349/4 – 10 = القفطي 37/1 – 7) . والمقصود هنا أمونيوس بن هرمس (AMMONIOS HERMIAE) وهو فيلسوف يوناني من أثينا ، فسر الكثير من كتب الفلسفة والعلوم القديمة ، وزها نحو سنة 550م . راجع "دائرة المعارف البريطانية" Encyclopaedia Britannica, 15th ed. (London, 1978), vol. 1, p. 319 bc. 49) راجع جراف ج 2 ص 222 – 227 . 50) راجع ابن النديم ص 341/8 . وهذا الفصل عنوانه : "أسماء النقلة من اللغات إلى اللسان العربي" ، في الفن الأول من المقالة السابعة . وجاء اسمه عند ابن النديم "ابن رابطة" ، وهو تحريف . ولم يع جراف (ولا أحد ، في علمنا) إلى أن المذكور عند ابن النديم هو هو أبو رائطة التكريتي) . 51) راجع "رسائل حبيب بن خدمة ، المعروف بأبي رائطة التكريتي اليعقوبي" ، تحقيق جورج جراف (Die Schriften des Jacobiten Habib Ibn Hidma Abu Ra’ita, .coll. C.S.C.O. 130, Louvain 1951). الرسالة الأولى : "في الثالوث المقدس" ص 5/6 – 7 . |
------------------------ | ثم قال : "فعلى أي وجه تصفون أن الله واحد ، من هذه الوجوه التي52 ذكرناها في موضعها53: في الجنس ، أم في النوع ، أو في العدد542 ؟"55. فيبحث عندئذ أبو رائطة كل واحد من الاحتمالات الثلاثة ، ويرد عليها . إلا أنه لم يُضف قسمة أخرى للواحد ، وإنما جمع بين الواحد بالنوع (= جوهر) والواحد في العدد (= أقانيم) . فترى أن قسمة أبي رائطة للواحد هي هي قسمة أبي يوسف يعقوب الكندي ، فيلسوف العرب ، الذي عاش بعده بنحو أربعين سنة . * * * فمن هنا يتضح ميزة "المقالة في التوحيد" : إنها أول بحث شافٍ كامل في وحدانية الخالق ، في تاريخ الفكر العربي . 52) في الطبعة : "الذي" . 53) في الطبعة : "موضع ذلك" . 54) في الطبعة : "العد" . 55) راجع حاشية 51 ، هنا ص 6/1 – 2 . | | الفصل التاسع
مكانة "المقالة في التوحيد" في فكر يحيى بن عدي
أولا – أهمية "المقالة في التوحيد" في تطور فكر يحيى بن عدي
1 – مقالتنا وردّ يحيى على الكندي وعلى أبي عيسى الورّاق لقد رأينا في الفصل السابق1 أن يحيى كرّر الآراء الأساسية التي كان قد عرضها في مقالته في التوحيد . وذلك بعد نحو 22 سنة ، إذ أن "المقالة في التوحيد" مُنشَأة في رجب 328ﻫ (= ابريل أو مايو 940 م) ، بينما "الردّ على الكندي" في رمضان 350ﻫ (= أكتوبر أو نوفمبر 961 م) ، عندما كان يحيى قد بلغ 68 سنة من عمره ! كما أنه عاد إلى تحليل معاني الواحد الستّة ، في ردّه على أبي عيسى الورّاق2. وذكر ، في نفس الرد ، الثلاثية "جوّاد وحكيم وقادر" ، في عدة مواضع3. وسنبيّن في بحث آخر ، إن شاء الله ، أن هذا الرد قد ألّفه بين سنة 961 م و969 م . ومجرد هذا التكرار لآرائه الأساسية ، بعد 22 سنة أو أكثر ، يدلّنا على أهمية "المقالة في التوحيد" ، في نظر مؤلفها . فهي ، وإن كانت باكورة إنتاج يحيى الفلسفي4 ، إلا أنها كالأساس الذي سيبني عليه يحيى ، فيما بعد ، طريقته (système) الفلسفية . 1) راجع ص 112 – 114 . 2) راجع جراف ، "فلسفة يحيى ولاهوته" ص 15 – 16 . 3) راجع "تبيين غلط محمد بن هارون ، المعروف بأبي عيسى الوراق ، الخ" (انظر ص 53 رقم 103 من قائمة مؤلفات يحيى) . راجع مثلا مخطوط باريس عربي 167 ورقة 5 ظ (انظر PERIER ص 155 – 156) و 90 ظ – 91 ﺠ (انظر PERIER ص 139 – 140 حاشية 5) . 4) إن "المقالة في التوحيد" أول مؤلف مؤرخ ليحيى بن عدي ، كما رأينا في القسم الخامس من الفصل الأول (راجع ص 34) . وكان يحيى في السابعة والأربعين من عمره . وفي اعتقادنا أن هذه المقالة تفتتح الفترة الثانية من حياته الذهنية ، فترة الإنتاج الشخصي . أما الفترة الأولى ، فهي فترة نقل وتفسير لمؤلفات أرسطو ومدرسته . |
------------------------ | 2 – مقالتنا والمقالة في وجوب التأنس وقد ذكر يحيى هذه المقالة بعنوانها مرة وحدة ، في مؤلف آخر غير مؤرخ ، هو "المقالة في وجوب5 التأنس" ، حيث قال : "وإذ قد وضّح أن ماهية العلم إنما هي حصول المعلوم في ذات العالِم ؛ وكان قد تبيّن ، في مقالتنا في التوحيد ، أن البارئ (عزّ وجلّ) عالِمٌ بخلائقه ، فهو إذن متصورٌ بصُوَرها"6. وهذه إشارة إلى ما جاء في الفصل الحادي عشر من "المقالة في التوحيد" ، عند الكلام عن حكمة العلة الأولى7. 3 – مقالتنا والجواب على مسألة ابن داديشوع الأولى وسيعود إلى دراسة هذه النقطة (أعني علم البارئ بخلائقه) في جوابه عن المسألة الأولى التي سأل عنه صديقُه أبو علي سعيد بن داديشوع ، في ذي القعدة من سنة 358ﻫ (= سبتمبر أو أكتوبر 969 م) ، أي بعد ثلاثين سنة تقريبا8. وهذا السؤال يحتوي على أربعة أسئلة فرعية ، نذكر بعض الفقرات منها ، ونقارنها مع مقالتنا في التوحيد . * * * يقول يحيى ، في الرد على السؤال الفرعي الأول : "أما الجواب على "هل يعلم البارئ (عزّ وجلّ) الجزئيات ، أو لا يعلمها ؟" ، فهو أنه يعلمها" . ثم يبرر يحيى رأيه قائلا9: ولما كان وجود الخلائق ليس هو وجودا كيف ما اتفق ، بل وجودها على غاية الإتقان | | والدليل على ذلك أن البارئ (عز وجل) حكيم . والدليل | 5) وقد سماها PERIER ، اتباعا لبعض المخطوطات : "مقالة في وجود التأنس" . راجع "مقالات يحيى بن عدي" ص 69 . 6) راجع "مقالات يحيى بن عدي" ص 82/8 – 83/2 . 7) راجع "التوحيد" رقم 366 – 370 . 8) وقد أعددنا هذا النص (رقم 111 من لائحتنا المنشورة في الفصل الثالث ص 54) اعتمادا على مخطوط البطريركية القبطية بالقاهرة ، رقم 177 لاهوت (نسخ قبطي من القرن التاسع عشر) ورقة 63 ﺠ - 71 ظ . كما أعددنا أيضا مختصر هذا النص ، الذي وضعه صفي الدولة أبو الفضائل ابن العسال ، اعتمادا على مخطوط الفاتيكان عربي 134 ومخطوط ميونيخ عربي 948 (وكلاهما من القرن الثالث عشر) . ونعتمد هنا على النص الكامل ، لا على المختصر . 9) نص "الرد على أسئلة ابن داديشوع" على العمود اليسار . ويقابله نص "المقالة في التوحيد" (عمود اليمين) . | مكانة "المقالة في التوحيد" في فكر يحيى بن عدي | ١١٩ | | والإحكام ، وآثار القصد والحكمة فيها ظاهرة بيّنة للعيان . | | على أنه حكيم ما هو ظاهر للعيان من آيات حكمته في خلائقه . | فإن جوهر كل واحدٍ من أجزاء كل واحد من المخلوقات وعددها ومقاديرها ، وأشكالها ونسبها ، | | فإنه ، إذا تُصفح كل واحد واحد منها ، وُجد جوهره وأجزاؤه في جواهرها ، ومقداره ومقدارها ، وشكله وشكل كل واحد واحد منها ، | ووضعها وترتيبها ، ونصيبها وما يوجد لها ، وأماكنها وأزمانها ، وأفعالها وانفعالاتها ، وبالجملة جميع لَواحقِها ولوازمها الذاتية لها ، هي على أفضل ما يكون من التهيؤ للتأدية إلى أغراضها المقصود بها إليها . | | ووضعه ، واتصاله بما يتصل به منها ، موافقا ملائما للغرض المقصود به إليه . | على ما بيّن ذلك ، على التفصيل والتحصيل ، الفلاسفة من اليونانيين ، والآخذون عنهم من المُحدثين ، في كتبهم . ويُغنينا قربُ تناول ذلك على مؤثري معرفته ، عن إطالة المقالة بإعادته فيها . | | وقد بيّن جالينوس ذلك في الإنسان ، في كتابه في "منافع الأعضاء" ، بيانا يُغنينا عن إطالة هذا الكلام بذكره ، لسهولة تناوله على من يُريد معرفتَه10. | 10) "الرد على أسئلة ابن داديشوع" (راجع حاشية 8) ورقة 63 ظ . |
----------------- | وهو ، مع ذلك ، مُدرَك بالحس11. فيتضح من هذه المقابلة أن يحيى كرّر نفس الفكرة ، بشئ من الإيجاز ، بعد أن عدّل الأسلوب ليناسب غرض المسألة . وذلك بعد ثلاثين عاما . مما يؤكد أن "المقالة في التوحيد" هي الأساس الذي بني عليه فيما بعد كثيرا من مقالاته . * * * وكذلك ، في الإجابة عن السؤال الفرعي الثاني (من السؤال الأول) ، يقول : "وأما السؤال عن "كيف يكون علمُه بها12؟" ، فالجواب عنه أنه بأن تُحصّلَ صُوَرُها (وهي ما يدل عليه حدودها ، أو الأقاويل الواصفة لها) في ذات العالِم بها ؛ كما قد بيّنا ذلك في مقالتنا ، التي بيّنا فيها كيفية وجود [كذا] التأنس13. وهو كوجود صُوَر ما يقابل المرايا"14. فيعتمد إذن يحيى ، في هذا القسم من إجابته ، على "المقالة في وجوب (أو : وجود) التأنس"15 التي ذكرناها آنفا ، لا سيما الجزء الثاني منعا الذي يبيّن فيه إمكان اتحاد البارئ تعالى بالإنسان16. وقد رأينا أن هذه المقالة تعتمد ، في هذا الجزء ، على مقالتنا في التوحيد . فينتج أن يحيى يعتمد ، هنا أيضا ، على "المقالة في التوحيد" التي ألّفها قبل ثلاثين سنة . ثانيا – "المقالة في التوحيد" مدخل فلسفي إلى علم التثليث
إذا قارنّا "المقالة في التوحيد" بالرد على الكندي ، فهِمْنا أهمية مقالتنا وميزتها . 1 – المقالة في التوحيد مقالة فلسفية محضة فالرد على الكندي كتاب دفاعي ، وقد يستعمل فيه يحيى أحيانا أسلوبا هجوميا . بينما "المقالة في التوحيد" عَرْضٌ هادئ لنظريات فلسفية . 11) "التوحيد" رقم 366 – 368 . 12) أي : "كيف يكون علم البارئ بالجزئيات ؟" . 13) وفي مخطوط البطريركية القبطية : "العالم" ، وهو تصحيف . أما في مختصر ابن العسال ، فلا توجد هذه الجملة . 14) راجع حاشية 51 ، ورقة 64 ﺠ . 15) طبع بيرييه PERIER هذه المقالة ، مع ترجمة فرنسية . راجع "مقالات يحيى بن عدي" ص 69 – 86 . 16) راجع "مقالات يحيى بن عدي" ص 74/3 – 83/7 . أما الإشارة إلى المرايا ، فها هي : "وكذلك جميع الأشياء المقابلة للمرايا تعطي المرايا صورها ، فتتصور المرايا بها . فيرى المستدبرون للأشياء المقابلة للمرايا [وقد سقطت هذه الكلمة في الطبعة ، واستعدناها من مخطوط الفاتيكان عربي 134 ورقة 30 ظ 4] ، المستقبلون للمرايا ، صُوَرَها كلها..." (ص 73/2 – 4) . | مكانة "المقالة في التوحيد" في فكر يحيى بن عدي | ١٢١ | | و"الرد على الكندي" دفاع عن التثليث ، وعن مذهب النصرانية . لذلك تكثر فيه الألفاظ المسيحية ، مثل "الآب والابن والروح القدس" ، ولفظة "النصارى" ، والألفاظ اللاهوتية مثل "أقانيم" ، الخ . أما "المقالة في التوحيد" فلا تمس موضوع التثليث ، فهي بحث فلسفي محض . لذلك ، لا تجد "الرد على الكندي" وبقية المقالات اللاهوتية ، إلا في المخطوطات المسيحية . بينما رأينا ، في الفصل الرابع من هذا البحث ، أن "المقالة في التوحيد" وصلت إلينا عن طريقين مستقلين : أحدهما إسلامي فارسي ، والآخر مسيحي قبطي . فالرد على الكندي بحث لاهوتي يعتمد على الفلسفة . بينما "المقالة في التوحيد" بحث فلسفي ذو هدف لاهوتي ، يعرض فيه المؤلف معاني الواحد عرضا مستفيضا ، ثم يحاول تحديد المعنى (من هذه المعاني العديدة) الذي يصح تطبيقه على البارئ تعالى . وإن كان المؤلف قد توصّل إلى أن معنى الواحد في البارئ هو ما كان واحدا من جهة وكثيرا من جهة أخرى ، إلا أن هذه (في نظره) حقيقة فلسفية يتوصل إليها ضرورة كل من تبع طريقة أرسطوطاليس . 2 – المقالة في التوحيد تعتمد على أرسطو ومفسريه ذكرنا ، في صدر هذا الكتاب ، رأي المستشرق بيرييه ، حيث يقول : "إنه من الممكن مقابلة كل جملة من المقالة في التوحيد بجملة تقابلها مستمدة من كتاب "ما بعد الطبيعة" لأرسطو ، أو من كتاب "السماع الطبيعي" له"17. وقد أشرنا إلى بعض هذه المراجع الأرسطوطالية في الحواشي التي وضعناها على نص يحيى بن عدي18. ولا شك أن الأخصائيين يستطيعون إضافة عشرات المراجع على تلك التي ذكرناها . أما الآن ، فنريد الإشارة إلى ظاهرة أخرى . وهي تأثير مفسري أرسطو (لا أرسطو فقط) على يحيى بن عدي . بل نعتقد أن يحيى قرأ أرسطو من خلال هؤلاء المفسرين ، لا سيّما يحيى النَحْوي والإسكندر الأفروديسي . نضرب هنا مثالين على ذلك ، للدلالة على أهمية مفسري أرسطو في فكر يحيى بن عدي . أ – في رقم 161 ، عندما أراد يحيى أن يعطي مثلا على "الواحد بالحد" ، قال : 17) راجع PERIER ص 123 . وقد ذكرنا النص الفرنسي في التصدير ، ص 22 حاشية 12 . 18) راجع الحواشي على نص يحيى ، رقم 8 و 149 و 150 و 151 و 152 و 177 و 180 و |
------------- ١٢٢ | أبو نصر محمد الفارابي |
| "كالإنسان ، فإن حدّه واحد ، ولا توجد فيه غيرية ، وهو القول : "حي ، ناطق ، مائت" . هذا التعريف للإنسان لا يوجد عند أرسطوطاليس ، كما يتضح من مراجعة فهرس مفرداته19 . فإن كلمة "مائت" (θνητός) لا ترد إلا مرة واحدة في مؤلفاته ، وذلك في الكتاب الثاني من "السماء والعالَم"20 . كما أن كلمة βροτός (وتعني أيضا "مائت" ، وهي نادرة عند المتأخرين من الروم) ، وإن كانت مستعملة خمس مرات عند أرسطو21 ، إلا أنها لا ترد أبدا بهذ1 المعنى . ولكنا نجد هذا التعريف عند كثير من مفسري أرسطو . نذكر منهم ثامسطيوس (الذي عاش نحو سنة 320 – 390 م) . وأمَونيوس (الذي تُوفّي نحو سنة 520 م) ، ويحيى النحوي (الذي عاش في القرن السادس الميلادي) . يقول ثامسطيوس : Και πάλιν οταν το λογικον ζωον διέλη εις το θνητον και αθάνατον και λάβη οτι θνητον ο ανθρωπος, ουκ εξετ ασει κατα ποσων το αθάνατον 22. أما أمَونيوس ، فإنه يستعمل عبارة "حي ناطق مائت" كمصطلح ، عوضا عن "الإنسان" . وإليك مثالين من شرح كتاب "العبارة" (أو "أنالوطيقا الثاني") لأرسطو . يقول في الفصل الثاني : Το δε ης μηδεν μερος σημαντικον κεχωρισμενον των εκ ηλειονων ονοματων συμπεφορημενων φωνων διακρινει το ονομα, ως οταν μια τις φυσις η : . 23 وكذلك في الفصل الثامن ειπω «ζωον λογικον. θνητον» του ανθρωπου συμπληρουται και ταυτον εστι το ειπειν «εστιν ιματιον λευκον» και «εστι ζωον λογικον θνητον νου και επιστημης δεκτικον λευκον», τουτο δε ταυτον τω «εστιν ανθρωπος λευκος» 24. 19) راجع Hermann BONITZ, Index Aristotelicus (Berlin 1870) . 20) راجع BONITZ ص 331 ب . راجع περι ουρανου (De Coelo) II 1, ed. BEKKER. p. 284 a 14. 21) راجع BONITZ ص 143 ب . 22) راجع ثامسطيوس ، تفسير كتاب "البرهان" (أو "أنالوطيقا الثاني") Cf. Themistii Analyticorum Posteriorum paraphrases, ed. Maximilian WALLIES, coll. Commentaria in Aristotelem graeca, vol. V / 1 (Berlin, 1900), p. 58 / 16-18. 23) Cf. Ammonius in Aristotelis de Interpretatiorie commentaries, ed. Adolf BUSSE, coll. Commentaria in Aristotelem graeca, vol. IV / 5 (Berlin, 1897), p. 32 / 25-27. 24) Cf. Idem, p. 127 / 13-15. | | كذلك نجد هذا التعريف بوضوح عند يحيى النحوي ، في تفسيره للكتاب الثالث من "السماع الطبيعي"25 . يقول : Παλιν εστιν ο ανθρωπος ζωον λογικον θνητον, αλλ ομως ουτε η ιδεα αυτη του ανθρωπου θνητη εστιν 26. كما أن يوحنا الدمشقي يفترض هذا التعريف في الفصل 47 من كتاب "الجدل" (Dialectica) . يقول : Η ουσια γενικωτατον γενος εστιν αυτη διαιρειται εις σωμα και ασωματον, το σωμα εις εμφυχον και αφυχον, το εμφυχον εις αισθητικον και αναισθητον (ζωον, ζωοφυτον και φυτον), το Ζωον εις λογικον και αλογον, το λογικον εις θνη τον και αθανατον, το θνητον εις ανθρωπον, βουν και τα τοιαυτα, ο ανθρωπος εις Πετρον, Παυλον και τους λοιπους κατα μερος ανθρωπους 27. هذه النصوص تدل بوضوح على أن يحيى كان متأثرا بمفسري أرسطو قدر تأثره بنصوص أرسطو نفسه . وتعريف الإنسان الذي ذكره في رقم 161 كان منتشرا عند الفلاسفة المتأخرين ، حتى أصبح جزءا غير منفصل من التعليم الأرسطوطالي ، وإن لم يوجد حرفيّا عند أرسطو . ب – وفي رقم 319 ، عندما أراد يحيى أن يعطي مثلا على "الخفي الجوهر ، الظاهر الأثر" ، قال : "كالسبب في جذب المغنيطس الحديد" . هنا أيضا ، إذا راجعنا "فهرس مفردات أرسطو" لم نجد أي أثر لكلمة المغنيطس (η μαγνητις) 28 . فمن أين أخذه يحيى ؟ مرّة أخرى يتضح أن مصدره هو تفسير أرسطو للمتأخرين . فقد وجدنا هذا المثال عند ثلاثة من المفسرين ، هم : الإسكندر الأفروديسي ALEXANDRE D'APHRODISE (عاش نحو سنة 200 م) ، سمفليقيوس (SIMPLICIUS) الذي عاش في القرن السادس الميلادي ، ومعاصره الشهير يحيى النحوي (JOHANNES PHILOPONS) . 25) Cf. Arist. (ed. BEKKER), p. 203 b 4: ευλόγως δε και αχην αυτο τιθεασι παντες 26) Cf. Philoponi in Physicorum octo libros commentaria, ed. Girolamo VITELLI, coll. Commentaria in Aristotelem graeca, vol. X VI-X VII (Berlin, 1888), p. 402 / 3-5, Voir aussi p. 297 / 15, 297 / 24, et 305 / 26 - 306 / 1. 27) Cf. Bonifatius KOTTER, Die Schriften des Johannes von Damaskos, I. Institutio Elementaris, Capita Philosophica (Dialectica) (Berlin, 1969), ch. 47, p. 111/1-17. 28) يلاحظ القارئ أن كتابة هذه الكلمة قديما (مغنيطس) كانت أقرب إلى الأصل اليوناني . أما الكتابة الحديثة (مغنيطس) ، فهي غير متّفقة والنطق الأصلي . |
ماير Admin
الأربعاء نوفمبر 04, 2009 1:08 pm | أما الإسكندر الأفروديسي ، فقد ذكر المغنيطس في تفسير "كتاب الجدل" لأرسطو29 . وأما سمفليقيوس ، ففي تفسيره للكتاب الثامن من "السماع الطبيعي"30. وأما يحيى النحوي ، ففي تفسيره للكتاب الثالث من "السماع الطبيعي"31. والمواضع الثلاثة تؤكد الفكرة عينها : إن سبب جذب المغنيطس للحديد خفي . فلا شك أن يحيى قد تذكر هذه التفاسير ، عند عرض الفكرة . لا سيما وأنه ترجم كثيرا من هذه التفاسير وفسّرها . 3 – المقالة في التوحيد أساس فلسفي للأبحاث اللاهوتية وكان الكندي قد ردّ على النصارى ، وأبطل تثليثهم ، "على أصل المنطق والفلسفة" ، كما قال في مقدمة رده32. فكان ليحيى أن يوضح رأي النصارى في التثليث "على أصل المنطق والفلسفة" أيضا . وفعل ذلك بتطبيق المبادئ الفلسفية التي كان قد عرضها في "المقالة في التوحيد" ، كما رأينا في الفصل السابق33. لذلك ترى يحيى ينقد الكندي ، إذ ترك قسمة "الواحد بالعدد" إلى أقسامه الثلاثة : واحد كالمتّصل ، وواحد غير المنقسم ، وواحد بالحد (أي إن القول الدال على ماهيته واحد) . ثم يضيف : "والنصارى إنما تقول إن البارئ (جل وعز) واحد ، بهذا الضرب الأخير من ضروب الواحد بالعدد ، وهو الذي القول الدال34 على ماهيته واحد35. 29) Cf. Alexandri Aphrodisiensis in Aristotelis topicorum libros octo commentaria, ed Maximilian Wallies. Coll. Commentaria in Aristotelem graeca, vol. II / 2 (Berlin, 1891), p. 63 / 1-2 (in Aristotelem, ed Bekker, p. 103 b 2). 30) Cf. Simplicii in Aristotelis Physicorum libros quattuor posteriors commentaria, ed. Hermann DIELS, coll. Commentaria in Aristotelem graeca, vol. X (Berlin, 1895), p. 1345 / 15-16. 31) Cf. Philoponi in Physicorum octo libros commentaria, ed. Girolamo VITELLI, coll. Commentaria in Aristotelem graeca, vol. X VI-XVII (Berlin, 1888), p. 403 / 22-23. 32) راجع "الرد على الكندي" ص 4/5 . 33) راجع أعلاه ، ص 34) أضافت الطبعة : "عليه" . 35) راجع في هذا المعنى "التوحيد" رقم 267 – 268 . | مكانة "المقالة في التوحيد" في فكر يحيى بن عدي | ١٢٥ | | "وتقول إنه ثلاثة من حيث هو جوّاد حكيم قادر . ففيه معنى الجوّاد ، ومعنى الحكيم ، ومعنى القادر . وكل واحد من هذه المعاني هو غير معنى صاحبَيه . والقول الدال على ماهيته مؤلَف من هذه المعاني الثلاثة فيقال جوهر واحد36 ، جوّاد حكيم قادر37"38. وكذلك يتهم الكندي بأنه غفل أو تغافل عن ذكر وجه آخر ينقسم عليه الواحد والكثير . "فإنه قد يكون الواحد وحد في الموضوع ، وكثيرا في الحدود"39 ؛ "وقد يكون الواحد واحدا في الحد ، كثيرا في الموضوع"40. فبعد أن ذكر القسم الأول أضاف : "وبهذا الضرب تقول النصارى إن البارئ (تبارك اسمه) واحد"41. فواضح مما سبق أن يحيى لم يحاول أبدا إظهار موقف النصارى في "المقالة في التوحيد" ؛ إذ هي مقالة عامة صالحة للجميع ، بصرف النظر عن مشكلة التثليث . وإنما يعتمد عليها ، في مباحثه التالية ، لا سيما في "الرد على الكندي" ، لتبرير موقف النصارى . 4 – الخلاصة : المقالة في التوحيد مدخل إلى علم التثليث وخلاصة القول أن "المقالة في التوحيد" بمثابة مدخل إلى علم التثليث ، كما أن "إيساغوجي" فرفوريوس (PORPHYRE) مدخل إلى علم المنطق . قال الكندي ، في رسالته "في افتراق المِلَل في التوحيد" ، مشيرا إلى الأسلوب المتّبع في رده على النصارى : "إنما قصدتُ لذلك (!) من "كتاب المدخل"42 ، لأنه الذي يرتاض به الأحداث ، ويبتدئ به43 المتعلّمون ؛ ليقرب ذلك44 من فهم مَن له أدنى نظر ، وأيسرُ مُعتَبَر . ولأن هذا الكتاب أيضا ، الذي منه استعملنا التوبيخ لهم ، لا يكاد يخلو منه منازلُ 36) سقطت كلمة "واحد" في الطبعة . 37) راجع في هذا المعنى "التوحيد" رقم 371 – 376 . 38) راجع "الرد على الكندي" ص 12/16 – 21 . 39) راجع "الرد على الكندي" ص 13/3 – 4 . 40) راجع "الرد على الكندي" ص 13/8 – 9 . 41) راجع "الرد على الكندي" ص 13/7 – 8 . 42) يعني "إيساغوجي فرفوريوس" ، والترجمة الفرنسية فقدت المعنى ، إذ قال . : PERIER “Traité de l'Introduction” . راجع "مقالات يحيى بن عدي" ص 124/19 . 43) في الطبعة: "ويبتدأه" [كذا] . 44) في الطبعة: "ذاك" . وقد تبعنا رواية مخطوط باريس عربي 119 . |
---------------------------------- | أكثرهم45"46. فكما أن "إيساغوجي" فرفوريوس هو الأساس المشترك بين مفكّر ومفكّر ، حتى إن الكندي اتخذه منطَلَقا للرد على النصارى ؛ كذلك "المقالة في التوحيد" هي القاعدة المشتركة بين كل موحّد وموحّد ؛ حتى تكون نقطة انطلاق للحوار بين المؤمنين . ثالثا – تطور فكر يحيى الفلسفي في تفهّم معنى التثليث
قلنا إن "المقالة في التوحيد" هي مدخل إلى علم التثليث . وفي الحقيقة ، أن الأجزاء الثلاثة الأولى من المقالة (فصل 1-10) هي "المدخل" ، وهي التي تمثّل كنه المقالة . 1 – ثلاثية الجود والحكمة والقدرة أما الجزء الرابع والأخير ، فهو مجرد محاولة فلسفية لشرح الثالوث . نعم ، إن أبا زكريا يحيى لم يذكر الثالوث أبدا في مقالته . لكن القارئ المسيحي يفهم ، من خلال عرضه للموضوع ، أن الجوّاد هو الآب ، وأن الذي يتّصف بصفة الحكمة هو الابن ، والذي يتّصف بصفة القدرة هو روح القدس . وهذه نظرية فلسفية لتقديم الثالوث ، ليس إلا . وكثيرا ما قدّم المفكرون المسيحيون نظريات ، حاولوا من خلالها توضيح معنى الثالوث . فنرى عبد المسيح الكندي مثلا (نحو سنة 830 م) يقدم الله بصفته "جوهر ، حيّ ، عالم" ، ؛ وبولس الأنطاكي بأنه "شئ ، حيّ ، ناطق" ؛ وإيليا النصيبي بأنه "جوهر ، حيّ ، حكيم" أو "جوهر ، حيّ ، ناطق" (وكذلك ابن المؤمّل) ؛ ويقول محيي الدين الإصفهاني إنه "كائن ، عالم ، حيّ"" ، وغيرها من الثلاثيات . فكلها محاولات فلسفية . ولا يظن أحد من هؤلاء المفكرين أن هذه الثلاثية التي يقدّمها هي الثالوث . وإنما يقدّمها للقارئ (لا سيما للقارئ المسلم) ، ليقرّب الثالوث إلى مفهومه . 45) لم يفهم المترجم هذه الجملة الأخيرة . فقال : "C'est done à ce livre que nous avons emprunté les critiques faites aux Chrétiens et auxquelles ne peuvent guère échapper les posiions prises par la plupart d'entre eux" راجع "مقالات يحيى بن عدي" ص 124/23 – 25 . وقد أساء فهم كلمة "منازل" ، فضاع المعنى . ولا يخفى على القارئ خطورة هذه الجملة ، إذ تدل على أنه لا يكاد يخلو منزل من منازل النصارى من كتاب "إيساغوجي" فرفوريوس . وهذا بشهادة الكندي "فيلسوف العرب" . مما يؤكد اهتمام النصارى ، في عصره (منتصف القرن التاسع الميلادي ، عصر حنين بن إسحق) ، بأمور الفلسفة والمنطق . 46) راجع "الرد على الكندي" ص 10/15 – 18 . | مكانة "المقالة في التوحيد" في فكر يحيى بن عدي | ١٢٧ | | وكذلك فعل يحيى بن عدي ، فقدّم ثلاثية الجود والحكمة والقدرة ، كي يمهّد الطريق أمام المؤمن ، لا سيما إن كان غير مسيحي . وهذا هدف الجزء الرابع من مقالته . 2 – أصل هذه الثلاثية من أين اقتبس يحيى بن عدي هذه النظرية ؟ في رأينا ، أن هذه الثلاثية ترجع إلى "كتاب الثَوُلوجيا" ، الذي تُنسب ترجمته إلى أبي عثمان الدمشقي47 . واسم الكتاب الأصلي Στοιχείωσις Θεολογική. أمّا صاحبه ، فهو الفيلسوف الأفلاطوني المُحدَث (néoplatonicien) ، برقلس (PROCLUS DIADOCHUS) ، الذي وُلد سنة 412 م ، وتُوفي سنة 485 م48. فقد أثبت برقلس ، في القول 121 من كتابه ، أن الثلاثية (TRIADE) الإلهية الأولى تتألف من "الجود والقدرة والعلم" 49 (άγαθότης δύναμις γνωσις) ، وهي شبيهة 47) هو أبو عثمان سعيد بن يعقوب الدمشقي ، تلميذ حنين بن إسحق . كان طبيبا مشهورا في بغداد ، حتى إن الوزير عليّا بن عيسى عيّنه ، سنة 302ﻫ/914م ، مديرا لبيمارستان بغداد . وترجم أيضا أبو عثمان عدة مؤلفات فلسفية ورياضية . راجع ابن أبي أصيبعة ج1 ص 205 و 234 ؛ وبروكلمن ملحق 1 ص369 – 370 وملحق 3 ص 1204/6 – 11 . 48) لقد قدم الأستاذ أندرس بحثا شافيا عنه ، عنوانه : "مقتطفات عربية من كتاب برقلس الأفلاطوني ، المعروف بكتاب مبادئ الإلهيات" (بيروت 1973) . وعنوانه باللغة الألمانية: Gerhard ENDRESS, Proclus Arabus. Zwanzig Abschnite aus der Institutio Theologica in arabischer Uebersetzung, (Coll. Beiruter Texte und Studien, Band 10 (Beirut 1973) (348 + 12 + 20 p.). ويذهب أندرس إلى أن المترجم هو يحيى بن البطريرك ، لا أبو عثمان الدمشقي . وذلك لأن لغة المقتطفات المنشورة في كتابه أقرب إلى لغة يحيى منه إلى لغة أبي عثمان . 49) راجع E. R. DODDS, Proclus. The Elements of Theology (Oxford, 2d., 1963), p. 264. يقول ، في تفسيره للقول (proposition) 121: “Goodness, Power and Knowledge constitute the primary divine triad (Theologia Platonica I. XVI 44), which prefigures in a seminal form the triad of the second hypostasis, Being, Life and Intelligence (Inst. Theol., prop. 101)" راجع أيضا Paul BASTID, Proclus et le crépuscule de la pensée grecque (Paris, Vrin, 1969), p. 253: "Le divin tout entire a une substance qui est bonté, une puissance qui a le caractére d'unité et une connaissance secréte et incompréhensible pour tous ses derives réunis (prop. 121)” (c'est nous qui soulignons). فمن هذه الثلاثية الإلهية الأولى تتولد ثلاثية ثانية ، مؤلفة من "الوجود والحياة والعقل" ، على ما ذكر DODDS |
-------------------------- | بثلاثية يحيى . بل إنّا نجد ، بين مؤلفات القديس يوحنا الدمشقي ، في المقالة الخامسة من كتابه المعروف بكتاب "المئة مقالة"50 ، الذي ترجمه في القرن العاشر الميلادي أنبا أنطونيوس رئيس دير مار سمعان العمودي (بالقرب من انطاكية51 ثلاثية يحيى بن عدي عينها . فيقول : "إن الله كامل وبلا عيب ، من جهة الجود والحكمة والقدر"52. وجدير بالذكر أن القديس يوحنا يذكر 38 مرة ديونيسيوس الأريوفاجي في هذا الكتاب53 ، وديونيسيوس قد تأثر كثيرا بيرقلس . : . وقال ENDRESS (ص 73) “The Procline doctrine reappears in Ps.-Dionysius Areopagita, whose influence on Yahyā ibn ‘Adi deserves further investigation”. 50) كتاب "المائة مقالة" هو كتاب "التوضيح الصريح للإيمان القويم" Εκδοσις ακριβης της ορθοδόξου πιστεως المعروف في الغرب باسم Expositio Fidei أو De Fide Orthodoxa وقد ذكر جراف (ج 2 ص 43 – 44 رقم 5) المخطوطات العربية لهذا الكتاب . 51) بخصوص هذا المترجم ، راجع جراف ج 2 ص 41 – 45 . وهو يعتمد على حاشية من مخطوط الفاتيكان ، عربي 436 ، للاستدلال على أنه عاش قبل سنة 379ﻫ/989 – 990م . وبالحقيقة ، إن هذه الحاشية (الموجودة في ورقة 227ﺠ) لا تقول ذلك . وإنما تثبت أنه عاش قبل سنة 610ﻫ ، أي 1213 – 1214م . والموضوع ما زال في حاجة إلى بحث . 52) راجع Bonifatius KOTTER, Die Schriften des Johannes von Damaskus, band 2, coll. Patristische Texte und Studien, Band 12 (Berlin - New York 1973), p. 14 § 2 = Expositio Fidei 5, 13 - 15: Το θειον τέλειόν εστι και ανελλιπες, κατα τε αγαθότητα, κατα τε σοφιαν, κατα τε δύναμιν,... وها هي ترجمة الأنبا أنطوني ، كما جاءت في مخطوط الفاتيكان ، عربي 436 (منسوخ سنة 1581م) ورقة 103 ظ : "الإله ، على ما يليق بوصفه ، هو كامل ، عديم أن يكون نقصا ، في صلاحه ، في حكمته ، في قدرته ، عديم أن يكون مبتدئا ، أو منقضيا ، أزلي ..." وبعد بضعة أسطر : "لأنه ، إن نقص عن الحد الكامل ، إما في خيريته ، [و] إما في قدرته ، وإما في حكمته ، ..." (نشكر الأخ ميخائيل أبرص الذي نقل لنا هذه السطور ، بناء على طلبنا) . فهي نفس الثلاثية ، إلا أن لفظ άγαθότητα مترجم هنا بصلاح أو بخيرية ، وعند يحيى بن عدي بكلمة "جود" . 53) راجع KOTTER (الحاشية السابقة) ص XXVIII . | مكانة "المقالة في التوحيد" في فكر يحيى بن عدي | ١٢٩ | | لا نقصد من هذه المقارنة أن يحيى أخذ هذه النظرية عن يوحنا الدمشقي ، ولا أنه قرأه . وإنما نقصد أن هذه الثلاثية كانت معروفة قبل يحيى ، وأن أصلها فلسفة برقلس . ومن المحتمل أن تكون هذه الثلاثية قد انتشرت عن طريق المؤلفات المنحولة إلى ديونيسيوس الأريوفاجي في نهاية القرن الخامس . 3 – تطور نظرية يحيى في الثالوث إلا أن يحيى بن عدي نفسه قد غيّر موقفه ، في نهاية حياته . فالثلاثية التي ذكرناها (الله جوّاد حكيم قدير) عن "المقالة في التوحيد" المنشأة سنة 940 م ، هي التي نجدها دائما في مؤلفاته الأولى ، حتى سنة 965 م تقريبا . وكذلك ختم مقالاته عادة ، في هذه الفترة من حياته ، بقوله : "ولله ، ذي الجُود والحكمة والحَوْل ، وليّ العدل ، وواهب العقل ، الحمد والشكر دائما ...54 أما في المرحلة الأخيرة من حياته (ابتداء من سنة 969 م ، وربما قبل ذلك التاريخ) ، فقد ترك يحيى هذه الثلاثية ، ولن يستعملها ، لا في عرضه للثالوث ، ولا في ختام مقالاته . وذلك أنه اكتشف نظرية تتفق ونظامه الفلسفي وطريقته الأرسطوطالية ، وهي أن الله "عقلٌ عاقلٌ معقول"55. فالنظرية الأولى (جوّاد حكيم قادر) مأخوذة من فلسفة برقلس الأفلاطوني ، إلا أن كتابه كان يُنسَب عند العرب إلى أرسطو . وأغلب الظن أن يحيى شعر بأن هذه النظرية لا تتماشى تماما وبقيّة طريقة أرسطو . فبحث عن ثلاثية أخرى ، حتى توصّل إلى نظريته المشهورة ، التي عُرف بها : الله عقل عاقل معقول ، وقد اقتبسها من تعليم أرسطوطاليس56. رابعا – هل "التوحيد" مقالة كلامية ؟
احتار الباحثون في تدوين "المقالة في التوحيد" . أهي فلسفية أم لاهوتية ؟ فقد سجّلها مثلا أندرس بين المؤلفات الفلسفية ، في قسم "ما بعد الطبيعة"57 ؛ لكنه سجّل ملحق 54) راجع مثلا "التوحيد" رقم 378 – 379 . 55) بخصوص نظرية يحيى بن عدي المشهورة ، عن الثالوث المقدس كعقل عاقل معقول ، راجع جراف "فلسفة يحيى ولاهةته" ص 24 – 28 و PERIER ص 160 – 167 . 56) إن ما كتبناه في هذه الصفحة خلاصة أبحاث لم تنشر بعد . ومن المستحيل الدلالة على ما قلنا ، في إطار هذه المقدمة . وسننشر فيما بعد ، إن شاء الله ، مقالة نبرهن فيها على كل ما جاء في هذه الصفحة . 57) راجع ENDRESS ص 71 – 73 رقم 5/31 . |
-------------------------------- | المقالة في قسم اللاهوت58 ، ثم أعاد ذكر المقالة في باب اللاهوت59. فهذا التردّد في الرأي وتلك الحيرة نتيجة مضمون المقالة نفسها . فهي بحث فلسفي محض ، ذو هدف لاهوتي ، كما قلنا . إلا أنه ، مهما كان الهدف والغرض من تأليفها ، لم يتّبع الأسلوب الكلامي أبدا . كي نوضح هذا الرأي ، نقدم هنا نبذة صغيرة عن موقف يحيى تجاه علم الكلام والمتكلّمين . فموقفه يكشف الستر عن شخصيته . 1 – آراء يحيى في المتكلمين ، على ما رواه أبو سليمان السجستاني روى الفيلسوف أبو سليمان محمد بن طاهر السجستاني ، تلميذ يحيى بن عدي60 ، بعض آراء شيخه في المتكلمين ، ذكرها أبو حيّان التوحيدي في كتاب "المقابسات"61. قال : "وكان شيخنا يحيى بن عدي يقول : 1- "إني لأعجب كثيرا من قول أصحابنا ، إذا ضمّنا وإياهم مجلس : "نحن المتكلمون ، ونحن أرباب الكلام ، والكلام لنا ، بنا كثر وانتشر ، وصحّ وظهر" ! وكأنّ سائر الناس لا يتكلمون ، أو ليسوا أهل الكلام . لعلهم عند المتكلمين خرس ، أو سكوت ! أما يتكلم ، يا قوم ، الفقيه ، والنحوي ، والطبيب ، والمهندس ، والمنطقي ، والمنجّم ، والطبيعي ، والإلهي ، والحديثي ، والصوفي ... ؟" 2- "قال . وكان يلهج بهذا . وكان يعلّم أن القوم قد أحدثوا لأنفسهم أصولا ، وجعلوا ما يدّعونه محمولا عليها ، أو مسلولا من عرضها ؛ وإن كانت المغالطات تجري عليهم ، ومن جهتهم ، بقصدهم مرة ، وبغير قصدهم أخرى . 3- قال . وكان يصل هذا كثيرا بقوله : "والدليل على أن النحو والشعر واللغة ليس بعلم ، أنك لو لقيتَ في البادية شيخاً بدويّاً قُحّاً محرّماً ، لم يرَ حضريّاً قطّ ، ولا جاور أعجميا ، ولم يفارق رعيّة الإبل وانتياب المناهل ، وهو على عنجهيّته التي لا يشقّ غباره فيها أحدٌ منا ، وإن تكلّف ، فقلتَ له : "هل عندك علم ؟" ، فقال "لا" . هذا ، وهو يُسيّر المثل ، ويقرض الشعر ، ويسجّع السجع البديع ، ويأتي بما (إذا سمعه واحد من الحاضرة) وعاه ، واتخذه أدبا ، ورواه ، وجعله حِجّة !" . 58) راجع ENDRESS ص 105 رقم 8/19 ، 1 . وقد سجل الملحق هنا لأنه لا يوجد في مخطوطي طهران . 59) راجع ENDRESS ص 105 رقم 8/19 . 60) راجع الفصل الأول (ص 1) حاشية 36 . 61) راجع أبا حيان التوحيدي : "المقابسات" ، رقم 48 . طبعة حسن السندوبي (القاهرة 1929) ص 224 , أو طبعة محمد توفيق حسين (بغداد 1970) ص 204- 206 . وقد تبعنا في الأغلب نص الطبعة الثانية . | مكانة "المقالة في التوحيد" في فكر يحيى بن عدي | ١٣١ | | 4- "وكان يقول : "هذه الآداب والعلوم هي قشور الحكمة ، وما انتشر منها على فائت الزمان . لأن القياس المقصود في هذه المواضع ، والدليل المدّعي في هذه الأبواب ، معها ظلّ يسير من البرهان المنطقي ، والرمز الإلهي ، والإقناع الفلسفي !" . 5- "وقد بيّن هذا الباب أرسطاطاليس ، في الكتاب الخامس62 (وهو الجدل) ، كل ما في الإمكان من التعلّق به ، والاحتجاج منه ، مع التمويه والمغالطة . بل كثير من المتكلمين لا يصلون إلى غايات ما كشفه ، ورسمه ، وحذّر منه ، وأبان عنه (وإن أنضوا مطِيّهم ، وأبلوا جهدهم!) ، سوى ما أتى عليه قبل هذا الكتاب63 وبعده64 ، مما هو شفاء الصدور ، وقرّة الأعين ، وبصيرة الألباب . والكلام في هذا طويل" . 2 – رأي يحيى في أبي هاشم الجبّائي ، على ما رواه القفطي قال القفطي65. "ولأبي هاشم الجبّائي عليه66 كلام وردود ، سمّاه "التصفّح" ، بطّل فيه قواعد أرسطوطوليس ، وواخذه بألفاظ زعزع بها قواعده التي أسسها وبنى الكتاب عليها . "وسمعتُ أن يحيى بن عدي حضر مجلس بعض الوزراء ببغداد ، في يوم هناء . واجتمع في المجلس جماعة من أهل الكلام . "فقال لهم الوزير : "تكلموا مع الشيخ يحيى ، فإنه رأس متكلمي الفرقة الفلسفية" . فاستعفاه67 يحيى . فسأل عن السبب . "فقال يحيى : "هم لا يفهمون قواعد عبارتي ، وأنا لا أفهم اصطلاحهم . وأخاف أن يجري لي معهم ما جرى للجُبّائي ، في كتاب "التصفّح" . فإنه نقض كلام أرسطوطاليس ، وردّ عليه ، بمقدار ما تخيّل له من فهمه . ولم يكن عالما بالقواعد المنطقية . ففسد الردّ عليه ، وهو يظن أنه أتى بشئ . ولو علمها ، لم يتعرض لذلك الرد!" . "فأعفاه ، لما سمع كلامه ، واعتقد فيه الإنصاف" . 62) أي "في الكتاب الخامس من المنطق" ، حسب ترتيب كتب أرسطوطاليس باللغة العربية . راجع الفصل الثامن ص حاشية 24. 63) أي "في الكتاب الرابع من منطق أرسطو" ، وهوكتاب أبودقطيقا أو أنالوطيقا الثاني ، ومعناه البرهان" . 64) أي "في الكتاب السادس من منطق أرسطو" , وهو كتاب سوفسطيقا ، ومعناه "المغالطين" . 65) راجع القفطي ص 40/5 – 16 . 66) أي "على كتاب السماء والعالم لأرسطو" . وهو ما يعرف بكتاب De Coelo . 67) أي "طلب منه العفو عن تكليفه" . |
------------------------------- | 3 – رأي يحيى في المتكلمين ، على ما جاء في ردّه على المصري وفي المناقضة التي جرت بين يحيى بن عدي وأحمد بن محمد المصري68 ، نجد ذكر أبي هاشم الجبّائي ، في المسألة السادسة عشرة69. فقال المصري : "والمسلمون بأسرهم ، وغيرهم من المتكلمين ، يزعمون أن الخالق لا جوهر ولا عرض ، ومن متقدّميهم من يزعم أن غير الخالق قد يكون لا جوهرا ولا عرضا . فقال الجبائي وغيره : "إن إرادة الله لا جوهر ولا عرض" . وزعم الفوطيّ أن أربعة أشياء ليست جوهرا، ولا عرضا ، ولا موجودة في غيرها ، وهي : خلق الشئ ، وبقاؤه ، وفناؤه ، وإعادته . والاختلاف في هذا كثير70." وإليك جزءا من رد يحيى على الجبائي ، وغيره من المتكلمين : "وليس يذهب عليك ، في ظني ، أن اسم العرض عند الفلاسفة وقع على معنى رسموه71 بأنه "الموجود في شئ ، لا كجزء منه" ، وليس يمكن أن يكون قوامه خلوا مما هو فيه . "والجوهر رسموه بأنه ما ليس هو البتة في موضوع ما ." "وظاهر أن هذين القولين متناقضان ، يوجب كذبُ أحدهم صدقَ72 الآخر ضرورة"73. فيتضح من هذا المثال تناقض الكلام والفلسفة . فالفلسفة مبنية على قواعد منطقية ، بينما الكلام غير مبني عليها . * * * وفي نفس "المسائل" بين المصري ويحيى بن عدي ، نجد حاشية للصفي بن العسّال ، مُختصِر الكتاب ، في غاية الأهمية . وسبب الحاشية قول المصري : "وأما ما أطلقته في الله (عز وجل) من أنه واحد في الحد والموضوع ، وغير ذلك ، فلا يجوز إطلاق هذه الألفاظ على الله تعالى . فمن أية لغة أخذتَها ؟" 68) راجع الفصل الثالث : "مؤلفات يحيى بن عدي" ص 55 – 56 رقم 127 . 69) لقد نشر جريس سعد خوري هذه المناقضة ، اعتمادا على مختصر الصفي ابن العسال . راجع "يحيى بن عدي . بينه وإثباته على أن لمسيح جوهر واحد" (الناصرة 1978) . 70) انظر المرجع السابق ص 203 (رقم 10 – 12) . 71) في الطبعة : "وسموه" بالتشديد ، مع أن أحد المخطوطين كتبها "رسموه" كما يجب . و"رسم" بمعنى "حد" . 72) أضاف الناشر في الطبعة "و" ، فأصبحت الكلمة "وصدق" ، وهو خطأ . فتبعنا هنا نص المخطوطين . 73) راجع جريس سعد خوري (حاشية 54) ص 204 (رقم 14 – 15) . | مكانة "المقالة في التوحيد" في فكر يحيى بن عدي | ١٣٣ | | فعلّق الصفيّ على ذلك ، قال : "هذا الرجل كان74 من المتكلمين ، ولم يكن منطقيا . والفيلسوف أحدّ دهاء75 وأكثر علما من المتكلّم . والاصطلاح في العبارة ، بين الفريقين ، مختلف . إلا أن لكلٍ أن يعني بلفظه ما شاء ، إذ كانت دلالة الألفاظ على المعاني وضعيّة ، لا طبيعيّة"76 4 – يحيى "على طريقة الرازي" ، حسب المسعودي قال أبو الحسن علي المسعودي ، عن أبي زكريا يحيى بن عدي : "وكان مبدأه أمره ورأيه وطريقته ، في درس طريقة77 محمد بن زكريا الرازي78. وهو رأي الفوثاغوريين في الفلسفة الأولى ، على ما قدّمنا"79. ومن طرف آخر ، إن المسعودي عاصر الرازي ويحيى بن عدي . فقد تُوفّي الرازي سنة 313هـ/925 م ، والمسعودي سنة 345 – 346ﻫ/956 – 957 م ، عندما كان يحيى ابن عدي قد بلغ الستين من عمره . وعاش المسعودي في بغداد ، حيث كان يحيى مقيما . فلا شك أن مصدر ما ذكره عن يحيى ، هو يحيى نفسه. وإذ كان لا بد من وجود علاقة بين طريقة (système) يحيى وطريقة الرازي ، 74) سقطت هذه الكلمة في الطبعة ، فأثبتناها من مخطوط الفاتيكان عربي 115 (سنة 1260م) ورقة 236 ﺠ. 75) في المخطوط "احددها" ، ولم يفهمها الناشر . فقال : "اجدها" 76) راجع جريس سعد خوري (حاشية 54) ص 143 ، رقم 37 – 38 من السؤال الأول . 77) "طريقة" تعني "نظام فلسفي" (système philosophique) 78) بخصوص الرازي (وقد اشتهر في الغرب ، منذ العصور الوسطى ، باسم (RHAZES) راجع بروكلمن ج 1 ص 233 – 236 والملحق الأول ص 417 – 421 . وراجع خصوصا فؤاد سزكين SEZGIN "تاريخ التراث العربي" ج 3 (ليدن 1970) ص 274 – 294 . 79) راجع المسعودي : "كتاب التنبيه والإشراف" (طبعة Michael Jan de GOEJE ) . ليدن 1894 في مجموعة Bibliotheca Geographorum Arabicorum المجلد 8 . |
ماير Admin
الأربعاء نوفمبر 04, 2009 1:12 pm | فالعلاقة الوحيدة بينهما هي ... قلة تقديرهما للكلام والمتكلمين80 . وقد اشتهر الرازي بموقفه ضد المتكلمين81 ، كما أنّا رأينا موقف يحيى بن عدي منهم . * * * ويُخيّل لنا أنا نجد صدئ لموقف يحيى تجاه المتكلمين في مقالتنا في التوحيد . فهو يذكرهم مرة واحدة ، فيقول : "وسمعت رجلا من متكلمي عصرنا يقول : "إن معناه والوجود له ، هو أنه واحد بمعنى مبدأ العدد""82. ويعلّق على هذا الرأي بقوله : "ولا أعرف لهذا الرجل موافقا في هذا الرأي . ولا بلغني ، عمّن تقدّم من أولي المذاهب ، مَن اعتقد هذا"83. ولا يخلو هذا التعليق من شئ من عدم التقدير. الخاتمة
وخلاصة القول أن يحيى بن عدي فيلسوف محض ، طريقته عكس طريقة المتكلمين . بل إن "الكلام" في رأيه لا يُعتبر علما ، كما يتضح من مثله عن "البدوي القحّ"84. أما يحيى ، فهو منطقي في كلامه ، بل لُقّب ﺒ "المنطقي" ! وكما قال الصفيّ ابن العسّال : "والفيلسوف أحدّ دهاء وأكثر علما من المتكلم"85. ومقالتنا في التوحيد أحسن بيان لما قلناه هنا . 80) هذا رأي الأستاذ جيرهارد أندرس . وما قرأنا من مؤلفات يحيى بن عدي يؤيده . راجع ENDRESS ص 6 . 81) راجع "الطب الروحاني" ، طبعة Paul KRAUS ص 43 – 44 . 82) مقالة في التوحيد رقم 6 . 83) مقالة في التوحيد رقم 7 . 84) راجع القول الثالث الذي ذكره أبو سليمان السجستاني (أعلاه ص 130) . 85) راجع أعلاه رقم 3 (ص 133) وحاشة 76 . | | الفصل العاشر
يحيى بن عدي ومقالته في التوحيد في الفكر العربي
إذ قد وصلنا إلى نهاية بحثنا ، لا بد لنا من أن نُلقي نظرة شاملة ، ولو عاجلة ، على صاحبنا ؛ فنتساءل : "هل ترك يحيى بن عدي أثرا بعد وفاته ؟" . لا سيما وأنّا لاحظنا أنه أحيط بشئ من الإهمال والنسيان في أيامنا هذه !1 ولكي نجيب على هذا السؤال ، نقسمه إلى قسمين : الأول يبحث عن أهمية فلسفة يحيى بن عدي في الفكر العربي ، والثاني عن أهمية "المقالة في التوحيد" في الفكر العربي . ولما كان بحثنا خاصا ، لا عامّا ، رأينا أن نعطي للمسألة الثانية القسط الأكبر من درسنا . أولا – أهمية فلسفة يحيى بن عدي في الفكر العربي
1 – يحيى أستاذ جماعة من الأساتذة إنّ ليحيى فضلا عظيما على الفلسفة العربية . فقد كوّن مجموعة من التلامذة ، أصبحوا هم بدورهم أساتذة العرب ، ثم أصبح تلامذتهم أساتذة ، شرقا وغربا . وهلمّ جرّاً2. فقد أسّس إذاً يحيى مدرسة فكرية ، عُرفت ﺒ "مدرسة بغداد الأرسطوطالية"3 ، استمرّت بعده أجيالا . وإن لم يكن ليحيى بن عدي فضلٌ آخر سوى هذا ، لكان استحقّ منّا أجمل ثناء وحمد ! فإنّ أبا زكريا ، بعد أن كان "أفضلَ تلامذة أبي نصر" الفارابي ، حسب تعبير 1) راجع "التصدير" ، ص 19 – 20 . 2) راجع ما ذكرناه عن بعض تلامذة يحيى بن عدي ، في الفصل الأول من بحثنا (ص 31 – 33) . 3) وقيل أيضا "مدرسة بغداد النصرانية" . راجع مثلا مقال براون BROWN ، المذكور في قائمة الكتب (bibliographie) تحت رقم 103: Avicenna and the Christian Philosophers in Baghdad |
-------------------------- | ظهير الدين البيهقي4 ، أصبح أفضلَ أساتذة عصره و "أوحد دهره" ، كما قال ابن النديم . لذلك أضاف : "وإليه انتهت رئاسة أصحابه5 [الأرسطوطاليين] في زماننا"6. وقد اعترف بفضله معاصره أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي ، عند كلامه عن الفارابي ، إذ قال : "ولا أعلم في هذا الوقت أحدا يُرجَع إليه في ذلك7 ، إلا رجلا واحدا ، من النصارى ، بمدينة السلام ، يُعرَف بأبي زكريا بن عدي"8. 2 – تأثيره على الفلاسفة العرب غير المسيحيين ولو تعدّينا مرحلة التعليم ، هل كان ليحيى أثر على الأجيال التالية من المفكرين ، لا سيما على غير النصارى ؟ وما مدى تأثيره عليهم ؟ مما لا شك فيه أن ترجمات يحيى بن عدي لكتب أرسطو ومفسريه ، لا بل تفاسيره له ، قد استعملها الفلاسفة العرب . ولدينا شواهد على ذلك فيما يخص ابن سينا (ت 1037م)9 وابن الصلاح (ت1143م)10 ، وابن رشد (ت1198م)11 ، على سبيل المثل ، لا الحصر . أما بخصوص آرائه ونظرياته ، فيبدو أن أبا الوليد محمد ابن رشد قد اقتبس بعض نظريات يحيى بن عدي ، وأدمجها في مقالته "في العقل الهيولاني"12 ، وفي كتابه الشهير "تهافت التهافت"13 حيث يرد على الشيخ الإمام الغزالي . 4) راجع "تتمة صوان الحكمة" ، لظهير الدين أبي الحسن علي بن زيد ، طبعة محمد شفيع (لاهور 1935) Panjab University Oriental Publications Series, 20 ص 90 سطر 6 . 5) والمقصود بهذه الكلمة "أصحابه في الفلسفة" ، لا "أصحابه في الدين والملة" ، كما فهم بيرييه (PERIER) ص 215 -§-1 ، حيث ترجم "et le plus remarquable des hommes: de sa religion parmi nos contemporains" وفيليب حتّي ("تاريخ العرب" الطبعة الخامسة – بيروت ، دار غندور ، 1974) : "ولقد انتهت إلى يحيى [بن عدي] المذكور رياسة جماعته الدينية" (ص 383/16 – 17) . 6) راجع ابن النديم ، ص 369 سطر 6 – 8 . 7) أي "في علم المنطق والفلسفة" . 8) راجع "التصدير" ، ص 19 – 20 حاشية 6 . 9) راجع بيرييه (PERIER) ص 50 . 10) راجع أندرس (ENDRESS) ص 29 – 30 (رقم 1/51) وص 63 – 64 (رقم 4/52) . 11) راجع أندرس (ENDRESS) ص 27 – 28 (رقم 1/26) . 12) راجع بيرييه (PERIER) ص 220 – 222 . 13) راجع أندرس (ENDRESS) ص 77 (رقم 5/33) . | يحيى بن عدي ومقالته في التوحيد في الفكر العربي | ١٣٧ | | كما أن موسى بن ميمون يُشير إلى نظرية يحيى بن عدي الشهيرة ، في الفصل 68 من كتابه "دلالة الحائرين"14 ؛ ألا وهي تشبيه الله المثلّث بالعقل والعاقل والمعقول ؟ وأقوى دليل على أهمية يحيى بن عدي في الفكر الفلسفي الإسلامي ، ما قاله موسى بن ميمون في الفصل 71 من كتاب "دلالة الحائرين" . قال : "فلما جاءت ملّة الإسلام ، ونُقلت إليهم كُتب الفلاسفة ، نُقلت إليهم أيضا تلك الردود التي أُلّفت على كُتب الفلاسفة . فوجدوا كلام يحيى النحوي ، وابن عدي ، وغيرهما ، في هذه المعاني . فتمسّكوا به ، وظفروا بمطلب عظيم بحسب رأيهم"15. فلم يذكر من الفلاسفة سوى يحيى النحوي (وهو الفيلسوف الإسكندراني الشهير ، الذي عاش في القرن السادس الميلادي ، المعروف ﺑ (JOHANNES PHILOPOUS) ، ويحيى ابن عدي . ولم يذكر مثلا أبا بشر متّى بن يونس أو يوحنا بن حيلان ، معلّمَي الفارابي ، ولا الفارابي نفسه . فتأملْ ! 3 – تأثيره على الفلاسفة العرب المسيحيين أما بخصوص المفكرين المسيحيين ، فيكاد لا يوجد مفكّر منهم إلا وقد تأثّر بمصنّفات أبي زكريا يحيى بن عدي ، لا سيما إذا دار الحديث حول موضوع التوحيد والتثليث . ومن المستحيل إحصاء هؤلاء المفكرين ، وبالحري توضيح وجه تأثرهم بيحيى . لذلك أكتفي في هذه العجالة بسَرْد أسمائهم ، مع ذكر النص أو النصوص المتأثرة بفكر يحيى . وقد رتّبتُ الأسماء ترتيبا تاريخيا . 1 – أبو علي عيسى بن زُرْعة (ت 1008م)16 14) راجع موسى بن ميمون : "دلالة الحائرين" ، طبعة صموئيل منك (MUNK) ، الجزء الأول (باريس 1856) ص 301 و 310 – 311 (من الترجمة الفرنسية المعروفة بعنوان “Le Guide des égarés”) . راجع أيضا بيرييه (PERIER) ، ص 163 – 164 ، حاشية 2 . 15) راجع "دلالة الحائرين" ج1 ، ص 94 ظهرا ، سطر 11 – 16 (بالحرف العبراني) ، وص 341 من الترجمة الفرنسية . 16) راجع مثلا : "مقالة يحيى بن عدي بن حميد بن زكريا (رضي الله عنه) التي أوعز بالرؤيا إلى تلميذه وشيخنا أبي علي عيسى بن زرعة بتصنيفها عنه ، فصنفها ممتثلا لأمره ، في سنة 368" ، وهي رؤيا في أمر العقل والعاقل والمعقول رآها في ليلة 8/4/979 م . مطبوعة في "سباط" ص 68 – 75 . راجع جراف ، ج2 ، ص 252 – 253 (رقم 1) . |
-------------------------- | 2 – أبو الفرج عبد الله بن الطّيب (ت 1043م)17 3 – أبو نصر يحيى بن جَرير التكريتي (ت نحو 1080م)18 4 – كتاب "اعتراف الآباء" لمؤلف قبطي مجهول (نحو سنة 1078م)19 5 – محيي الدين العجمي الإصفهاني (نهاية القرن الثاني عشر)20 6 – سمعان بن كليل بن مقارة (ت نحو سنة 1208م)21 17) راجع مثلا ، في تمثيل الله بالعلم والعالم والمعلوم (وهو تمثيل مقتبس من نظرية يحيى عن العقل والعاقل والمعقول) : (1) المقالة في التثليث ، تحقيق الأب سمير خليل ، في مجلة "بين النهرين" 4 (1976) ص 347 – 382 . لا سيما رقم 45 – 59 (ص 367 – 368) و 81 (ص 373) و 87 – 88 (ص 374) . (2) المقالة في التثليث والتوحيد ، تحقيق الأستاذ جيرار طروبو (Gérard TROUPEAU) ، في مجلة Bulletin d'Etudes Orientales 25 (1972) ص 105 – 123 ، لا سيما ص 113 (رقم 3) . 18) راجع مثلا "كتاب المرشد" الباب التاسع . مخطوط الفاتيكان رقم 227 عربي . (1) ورقة 31 ظ 13 – 32 ﺠ 14 = ومقالة في تمثيل النصارى الابن بالعاقل دون المعقول ، والروح بالمعقول دون العاقل ، وحل الشك في ذلك" (= رقم 105 من مقالات يحيى – انظر أعلاه ص 53) (2) ورقة 32 ظ 2 – 33 ﺠ 3= نهاية مقالة يحيى "في وجوب التأنس" ، (انظر أعلاه ص 54 رقم 114) باختصار (قارنها ﺒ "مقالات يحيى بن عدي" ص 83 سطر 4 إلى 85 سطر 8) . 19) راجع "اعتراف الآباء" (راجع جراف ، ج 2 ، ص 321 – 323) في مخطوط الفاتيكان رقم 101 عربي (نهاية القرن الثالث عشر) ورقة 375 ﺠ 13 – 376 ﺠ 8 . والنص مقتبس من الباب الثاني من "رسالة يحيى إلى أبي الحسن القاسم بن حبيب" (انظر أعلاه ص 55 رقم 124) . انظر تحقيق مختصر هذه الرسالة لجريس سعد خوري (الناصرة 1978) ص 51 (رقم 5 – 9) ، مع ملاحظة أن المحقق لم يع إلى وجود هذه الصفحة في كتاب "اعتراف الآباء" . 20) راجع : (1) "مقالة في العقل والعاقل والمعقول" ، طبعة Michel ALLARD S.J. و Gérard TROUPEAU (بيروت 1962) ص 59 – 61 . (2) "رسالة أشرف الحديث في شرفي التوحيد والتثليث "الباب الأول (ص 39 من نفس الكتاب) : "اعلم بأن لفظة الأقنوم سريانية معناها الشخص . هذا نقل عن يحيى بن عدي وإيليا النسطوري ، [و] إليهما انتهت رئاسة فرقتي اليعقوبية والنسطورية" . بخصوص محيي الدين الاصفهاني ، راجع جراف ، ج 2 ، ص 157 (رقم 2) = ص 259 (رقم 2) . 21) راجع "مقالة في وحدانية البارئ تعالى وتثليث أقانيمه" ، في سباط ص 103 – 111 . وقد قال عنها جراف ، ج 2 ، ص 337 (رقم 2) "إنها على طريقة يحيى بن عدي ونهجه" . | يحيى بن عدي ومقالته في التوحيد في الفكر العربي | ١٣٩ | | 7 – يوساب بن المُحَبْرك ، أسقف فُوّه (ت نحو 1257م)22 8 – عَلَم الرئاسة ابن كاتب قيصر (ت نحو 1250م)23 9 – صفّي الدولة أبو الفضائل ابن العسّال (ت نحو 1255م)24 22) لقد أتم أنبا يوساب بن المُحَبْرك نسخ جواب يحيى بن عدي على أبي عيسى الوراق يوم 24 توت 944 للشهداء ، الموافق يوم 8 شوال 624ﻫ (أي يوم 21 سبتمبر 1227م) . والمخطوط موجود في باريس تحت رقم 167 عربي . ومن هذه النسخة نُقل مخطوط الفاتيكان رقم 133 عربي ، في سنة 1369م . وقد حرر هذه النسخة الأولى بمساعدة القس داود الفيومي (الذي سيصبح بطريركا يوم 17 يونيه 1235م ، باسم كيرلس الثالث المعروف بابن لقلق) . راجع جراف ، ج2 ، ص 370 سطر 18 – 29 . وبيرييه 13 – 15 (لا سيما ص 15 حاشية 1) . 23) لقد وضع علم الرئاسة ابن كاتب قيصر مختصرا لجواب يحيى بن عدي على أبي عيسى الوراق ، أي من كتاب أصل الرد والجواب . وقد فقد هذا المختصر ، على ما يبدو . إل أن مؤتمن الدولة أبا إسحق ابن العسال استعمله في الجزء الثاني من "مجموع أصول الدين" (أي باب 16 – 19) ، وصرح بذلك في تنبيه وضعه بعد عنوان الجزء الثاني [راجع مخطوط الفاتيكان رقم 103 عربي (القرن الثالث عشر الميلادي) ورقة 172 ظ 5 – 12 ، ومخطوط باريس رقم 200 عربي (القرن السادس عشر) ورقة 117 ظ 3 – 6] . انظر أيضا جراف ، ج2 ، ص 386 آخر سطر إلى ص 387 السطر الرابع (وفيه أخطاء عديدة) . وقدسها أندرس (ENDRESS) عن ذكر هذا المختصر ، في كلامه عن جواب يحيى على أبي عيسى الوراق (ص 99 – 100 ، رقم 8/11) . وذكر جراف (ج2 ، ص 386 سطر 2 – 9) أن ابن كاتب قيصر استعمل جواب يحيى على أبي عيسى الوراق في "تفسيره لرسائل القديس بولس" . 24) صفي الدولة أبو الفضائل ابن العسال هو بلا جدال المفكر المسيحي الذي استقى إلى ينبوع يحيى بن عدي أكثر من أي مفكر آخر . (1) فقد اختصر 41 مقالة ليحيى بن عدي . (2) وذكره في فاتحة كتابه "الصحائح في جواب النصائح" الذي وضعه سنة 1236. انظر جراف ، ج2 ، ص 389 . (3) ويذكر في "الكتاب الأوسط" كثيرا جواب يحيى بن عدي على أبي عيسى الوراق (انظر جراف ، ج 2 ، ص 393§ 2) . وجدير بالذكر أن الصفي وضع مختصرا لهذا الجواب ، غير الذي وضعه ابن كاتب قيصر ، وهو محفوظ اليوم في مخطوط الفاتيكان رقم 115 عربي (منسوخ سنة 1260م) . (4) وألف مقالة في غاية الجودة سمّاها "فصول مختصرة في التثليث والاتحاد" تعتمد على عدة مقالات ليحيى بن عدي . وقد نشر هذه الفصول سباط (ص 111 – 122) . وأعدت نشرها ، مع بحث وتحقيق للمخطوطات ، في 9 مقالات ظهرت في مجلة "الصلاح" في القاهرة ، سنة 1977 و 1978 ، في سلسلة مقالات سميتها "نفائس المخطوطات" (انظر جراف ، ج2 ، ص 395 رقم 4) . |
-------------------------- | – مؤتمن الدولة أبو إسحق ابن العسّال ، أخوه (ت نحو 1265م)25 11 – أبو شاكر ابن الراهب (ازدهر 1267 – 1271م)26 12 – شمس الرئاسة أبو البركات ابن كَبَر (ت 1324م)27 13 – عبد يشوع الصوباوي (ت 1318م)28 25) من المستحيل إحصاء جميع المواضيع التي يذكر فيها أبو إسحق ابن العسال ، في كتابه "مجموع أصول الدين" (وهو موسوعة لاهوتية ، سماها جراف Summa Theologica الكنيسة القبطية !) ، أبا زكريا يحيى بن عدي . فيكاد لا يخلو باب من الأبواب الخمسة والأربعين الأول (وهي الأبواب اللاهوتية المضمون) من نص ليحيى بن عدي ! وقد أشار إلى بعضها بيرييه PERIER ص 225 (حاشية 3) وجراف (ج2 ص 409 – 410) . 26) كثيرا ما يذكر أبو شاكر ابن الراهب أبا زكريا يحيى بن عدي ، لا سيما في مؤلفاته اللاهوتية . راجع : (1) "كتاب الشفاء في كشف ما استتر من لاهوت المسيح واختفى" المؤلف سنة 984 للشهداء (= 1267 – 1268م) . يقول مثلا في مقدمته : "ولما كان بدأ سر التثليث يظهر للحكماء والفلاسفة المتقدمين ، وصفوا ذاته تعالى بالعقل والعاقل والمعقول ، وبالعلم والعالم والمعلوم" (طبعة القاهرة ، بدون تاريخ ، ص 10 سطر 11 – 12) . انظر أيضا PERIER ص 225 (حاشية 4 ) . (2) "كتاب البرهان" المؤلف سنة 987 للشهداء (= 1270 – 1271م) . راجع "حياة ابن الراهب وأعماله" (بالألمانية) للدكتور عادل يوسف سيداروس (Freiburg im Br. 1975) – ص 107 و117 و121 – 122 و124 و126 و134 . 27) نقل أبو البركات ابن كبر أجزاء كثيرة من مؤلفات يحيى بن عدي ، في موسوعته الشهيرة : "مصباح الظلمة ، في إيضاح الخدمة" (وقد طبعتُ الجزء الأول منها ، في طبعة شعبية ، تحت مسؤولية "مكتبة الكاروز" ، بالقاهرة سنة 1971 ، فوقع الكتاب في 10 + 444 صفحة) . إلا أنه لم يذكر أبدا النص الأصلي ، وإنما يذكره بتصرف . ولا يشير عادة إلى مرجعه . ففي الباب الأول مثلا ينقل صفحات من "جواب يحيى على أبي عيسى الوراق" ، حسب مختصر ابن كاتب قيصر ، دون الإشارة إلى أحدهما . راجع الفصل الخامس : "في معنى العقل والعاقل والمعقول" (طبعتنا ص 11 – 12) ، والقصل السادس : "في أقسام معاني الواحد" (ص 12 – 13 من طبعتنا) ، الخ . وكذلك نقل في الباب السادس "قولا في اختلاف لفظ الأناجيل ومعانيها" (راجع أعلاه ص 52 رقم 91) في ص 271 – 272 من طبعتنا ، و"مقالة في إثبات صدق الإنجيل ، على طريق القياس بالبرهان والدليل" (راجع أعلاه ص 52 رقم 90) في ص 272 – 274 من طبعتنا . وسنثبت ، في بحث آخر ، أن هاتين المقالتين منقولتان بتصرف ، لا بالحرف كما يقال عادة ، إذ لدينا أصل المقالتين . 28) راجع "خطبة في التثليث والتوحيد ، والحلول والاتحاد" لعبد يشوع الصوباوي ، نشرها الأب لويس شيخو في "مقالات دينية قديمة لبعض مشاهير الكتبة النصارى من القرن التاسع إلى القرن الثالث عشر" (بيروت | يحيى بن عدي ومقالته في التوحيد في الفكر العربي | ١٤١ | | هذا بالإضافة إلى مَن نذكرهم فيما بعد ، عند الكلام عن تأثير "المقالة في التوحيد" على المفكرين العرب المسيحيين ! لذلك قال البحاثة القبطي جرجس فيلوثاوس عَوَض ، في مقدّمته لكتاب "تهذيب الأخلاق" ليحيى بن عدي : "وقد نقل [أبو إسحق ابن العسّال] عنه كثيرا ، ولا سيما الرد على أبي عيسى الوراق . وقد اختصر الشيخ الصفي أبو الفضائل ابن العسال كثيرا من أقواله . ونقل غير أولاد العسال عنه من كُتُبه شيئا كثيرا ، في التثليث والتوحيد . لأنه حجّة يُرجَع إليه . قد استعمل عقله في فحص الأمور الدقيقة ، للتوصل إلى معرفة الحقيقة"29. ثانيا – أهمية "المقالة في التوحيد" في الفكر العربي 1 – أقسام الواحد في مؤلفات يحيى نفسه
لقد رأينا ، في نهاية الفصل الثامن من بحثنا ، أن المقالة في التوحيد هي "أول بحث شاف كامل في وحدانية الخالق ، في تاريخ الفكر العربي"30. وقد وضعه يحيى في رجب سنة 328ﻫ ، أي في ابريل أو مايو من سنة 940 م . كما رأينا أنه عرض هذه الآراء بإيجاز ، لا سيما ما يخص أقسام الواحد الستة31 ، في رده على الكندي المُنشَأ في شهر رمضان من سنة 350ﻫ (أي في أكتوبر أو نوفمبر من سنة 961 م)32 وعاد يحيى مرّة ثالثة إلى عرض نفس الآراء عن أقسام الواحد ، في جوابه على معاصره أبي عيسى محمد بن هارون الورّاق (المتوفي نحو سنة 247ﻫ/861 م) . فافتتح يحيى ردّه 1920) ص 120 – 124 (انظر جراف ، ج2 ، ص 216 ، رقم 4) . ففي الجزء الأول من الخطبة (ص 121) يستعمل تمثيلين للثالوث : الله "عقل وعاقل ومعقول" ، وهو "معدن القدرة والحكمة والجود" . ولا يخفى على القارئ أن كليهما يرجعان إلى يحيى بن عدي ، لا سيما الأول منهما . 29) راجع مقدمة جرجس فيلوثاوس عوض لكتاب "تهذيب الأخلاق" ليحيى بن عدي (القاهرة 1630 ش/1913م) ص 9 – 10. 30) راجع أعلاه ، في الفصل الثامن ، ص 114 – 116 . 31) أي الفصل السادس من المقالة في التوحيد ، رقم 149 – 189 . 32) راجع أعلاه ، ص 112 – 114 . |
------------------------ | بتبيين المعاني الستة التي يقال بها الواحد33. وهذا الرد غير مؤرخ ، وقد يكون أحدث من الرد على الكندي . 2 – "المقالة في التوحيد" عند تلامذة يحيى
لقد كان لآراء الأستاذ وَقْع في أذهان التلامذة . فتراهم يكرّرون بعض ما سمعوا منه . إليك أربعة أمثلة . 1 – قال أبو علي نظيف بن يُمْن ، القس الملكي العالم ، مدير البيمارستان العضُدي ، المتوفي نحو سنة 990 م34 ، في مقالته عن الاتحاد ، حيث دوّن المجلس الذي جرى بحضرة عضد الدولة35 ، وأوضح اتفاق رأي النصارى رغم اختلاف عباراتهم36 ، قال : "إن الاتحاد ، فهو كون الكثير واحدا . والكثير هو آحاد مجتمعة . فالواحد هو موجود ما ، لا يوجد فيه غيريّة37 ، من حيث [هو]38 ذلك الموجود"39 . وهذا هو حد الواحد ، كما نجده في "المقالة في التوحيد" (رقم 148) . ثم يوضّح هذا التعريف بتطبيقه على الإنسان . وبعد ذلك يقول : "وذلك أن الواحد يقال على سبعة أنحاء : واحد في الجنس ، وواحد في النوع ، وواحد في النسبة ، وواحد في المتصل ، وواحد في الحد ، وواحد في الموضوع ، وواحد بمعنى (؟) أنه غير منقسم ولا ذي أجزاء"40. 33) راجع مخطوط باريس ، رقم 167 عربي (منسوخ بخط أنبا يوساب أسقف فوه ، الذي أتمه يوم 21/9/1227م) [راجع أعلاه ص 139 حاشية 22] ، ورقة 3 ﺠ . 34) راجع أعلاه ، ص 33 (رقم 10 وحاشية 52 و53) . 35) راجع مخطوط القس بولس سباط رقم 1001 ص 356 (والإشارة إلى عضد الدولة لا توجد إلا في هذا المخطوط الحلبي ، القبطي الأصل) . 36) لقد اقتبس مؤتمن الدولة أبو إسحق ابن العسال الجزء الخير من مقالة نظيف بن يمن ، وذكره باختصار في الباب الثامن من "مجموع أصول الدين" . وقد نشرت هذا النص . راجع الأب سمير خليل : "مقالة الشيخ نظيف بن يمن المتطبب في اتفاق رأي النصارى رغم اختلاف عباراتهم" ، في مجلة "رسالة الكنيسة" 9 (المنيا 1977) ص 107 – 112 (سلسلة مقالات "التراث العربي المسيحي" رقم 51) . 37) في المخطوط : "غيره" . 38) سقطت هذه الكلمة في المخطوط . 39) انظر مخطوط باريس رقم 173 عربي (مخطوط قبطي من القرن الرابع عشر) ورقة 92 ﺠ . 40) انظر مخطوط باريس رقم 173 عربي ، ورقة 92 ظ – 93 ﺠ . وقد أعددنا هذه المقالة للطبع ، إلا إنا ننتظر مراجعة مخطوط القس بولس سباط لنشرها . | يحيى بن عدي ومقالته في التوحيد في الفكر العربي | ١٤٣ | | فإذا حذفت النحو السادس (وهو "واحد في الموضوع") ، وجدت أقسام الواحد الستة التي ذكرها يحيى بن عدي في مقالته (رقم 149 إلى 176) ، وبنفس الترتيب ! ثم يوضّح أبو علي معنى هذه الأقسام بأمثلة ، هي هي أمثلة يحيى . * * * 2 – وقد وصلت إلينا مقالة صغيرة عنوانها : "إيضاح في التوحيد ، مما أملاه عنه41 فرج بن جرجس بن إفريم42 ، في مبادئ الموجودات ومراتب قواها"43. وذكرها مؤتمن الدولة أبو إسحق ابن العسال عن أخيه الأسعد أبي الفرج ، في الفصل 19 من "مجموع أصول الدين"44 ، وأكمل العنوان فقال : "... والأوصاف التي توصَف الذات الأولى بها ، وعلى أي وجه وصفَتْها النصارى بالتوحيد والكثرة والجوهرية والأقنومية" . وأضاف ابن العسال أنها مقتبسة من مقالة لأبي سليمان السجستاني (وهو أيضا أحد تلامذة يحيى بن عدي) . وترى الدكتورة مباهات تركر (TÜRKER) أن الجزء الأول وحده من أبي سليمان السجستاني ، وأما الجزء الثاني فمن وضع فرج بن جرجس بن إفريم45. 3 – ولأبي سليمان محمد بن طاهر بن بهرام السجستاني المنطقي46 "قول في الواحد" ، ذكره الشيخ الصفي ابن العسال ، ملحقا للمختصر الذي وضعه لجواب يحيى على رد أبي عيسى الوراق47. وهو قول صغير ، مقتبس من تعليم أستاذه يحيى بن عدي . وقد أضاف الصفي حاشية على هذا القول48. * * * 41) أي : "عن يحيى بن عدي" . 42) بخصوص هذا المفكر ، راجع جراف ، ج 2 ، ص 249 – 250 . 43) راجع أعلاه ، ص 233 رقم 113 . 44) راجع مخطوط الفاتيكان رقم 103 عربي (القرن الثالث عشر) ورقة 223 ظ – 225 ظ ، ومخطوط باريس رقم 200 عربي (القرن السادس عشر) ورقة 147 ﺠ – 149 ﺠ . 45) وقد نشر هذه المقالة الأستاذ جيرار طروبو (Gérard TROUPEAU) في مجلة Pensamiento مجلد 25 (1969) ص 259 – 270 ، مع مقدمة وترجمة فرنسية . 46) راجع أعلاه ، في الفصل الأول من بحثنا ، ص 32 (رقم 2) . 47) راجع مخطوط الفاتيكان رقم 115 عربي (وهو منسوخ في سنة 976 للشهداء ، أي 1260م) ورقة 158 ﺠ - 158 ظ . 48) راجع نفس المخطوط ، ورقة 158 ظ ، سطر 6 – 10 . |
---------------------------- | 4 - وفي شهر ذي الحجّة سنة 378ﻫ (= مارس أو ابريل 989 م) ، أرسل أبو علي عيسى بن إسحق بن زُرْعة49 رسالةً إلى صديقٍ مسلم ، يوضح فيها معنى "صفات الله" حسب مفهوم النصارى50. فهو يعرض فيها رأي أستاذه القائل إن البارئ تعالى "واحد من جهة وكثير من جهة أخرى"51 وأن الله هو "جوّاد قادر حكيم"52 ، على ما أوضحه يحيى في الباب الحادي عشر من المقالة في التوحيد53. وفي رسالة أرسلها أبو علي عيسى بن زُرعة ، سنة 387ﻫ/997 م ، إلى بشر بن فنحاس ابن شُعَيب الحاسب ، اليهودي الملّة54 ، يكرّر هذا الرأي الأخير56. 3 – "المقالة في التوحيد" عند تلامذة تلامذة يحيى
أ – تقديم نص عبد الله بن الطيّب نكتفي هنا بإيراد نص صغير للشيخ أبي الفرج عبد الله بن الطيب ، تلميذ أبي علي عيسى بن زرعة المذكور ، وأستاذ الفلسفة والطب ببغداد في مطلع القرن الحادي عشر ، بل رئيس المدرسة الأرسطوطالية في أيامه . وقد مدحه الشيخ الرئيس أبو علي ابن سينا كطبيب ، وهجاه كفيلسوف ، إذ كانا يختلفان في المذهب الفلسفي . وتُوفّي أبو الفرج سنة 435ﻫ/ 1043م . وقبل أن نورد النص الموعود في "أقسام الواحد" ، نشير إلى أنّ ابن الطيب ، عندما يقدم الثالوث ، يعتمد على يحيى بن عدي . وقد رأينا أنه يستعمل الثلاثية "علم ـ عالم ـ معلوم"56. إلا أنه يستعمل أيضا ثلاثية يحيى المذكورة في مقالتنا "جود وقدرة وحكمة" . 49) راجع أعلاه ، في الفصل الأول من بحثنا ، ص 32 (رقم 3) . 50) هذه الرسالة منشورة في سباط ، ص 6 – 19 . راجع بخصوصها جراف ، ج 2 ، ص 253 (رقم 2) . 51) راجع سباط ، ص 7 ، سطر 6 – 7 . 52) راجع سباط ، ص 8/6 – 13 و12/3 إلى 13/8 . 53) راجع "توحيد" رقم 325 – 375 . 54) راجع سباط ص 19 – 52 . وانظر بخصوصها جراف ، ج2 ، ص 255 (رقم 6) . 55) راجع سباط ، ص 37 – 40 . 56) راجع أعلاه في هذا الفصل ، ص 138 ، حاشية 17 . | يحيى بن عدي ومقالته في التوحيد في الفكر العربي | ١٤٥ | | ففي "المقالة في التثليث والتوحيد"57 يقول إن الله "قدرة وجود وحكمة"59 ؛ وفي المقالة في التثليث"59 يقول إنه "حكمة وقدرة وجود"60. ب – نص عبد الله بن الطيّب وإليك نص ابن الطيب في أقسام الواحد ، كما ورد في نهاية الباب 16 من "مجموع أصول الدين" لأبي إسحق ابن العسال61 . ولستُ أدري من أين اقتبس مؤتمن الدولة ابن العسال هذا النص لابن الطيب . "وعبّر ابن الطيب بعبارة أخرى عن الواحد ، فقال : "الواحد موجودٌ ما62 ، لا يوجد فيه غيريّة63 ، من حيث هو ذلك الواحد"64. "وعدد أقسام الواحد اثنا عشر65: 1 – 66 الواحد في الجنس ، بمنزلة أنواع الحيوان في طبيعة الحيوان . 2 – الواحد في النوع ، بمنزلة أشخاص في طبيعة الإنسان . 3 – الواحد في الموضوع ، بمنزلة السواد والبياض ، يُحكَم عليهما بأنهما واحد من قِبَل أن موضوعهما67 واحد . 4 – الواحد في الحد ، بمنزلة أشخاص الناس بأسرهم ، فإنهم في حد نوعهم واحد . ف 176 ﺠ 57) راجع الحاشية 17 (2) . 58) انظر ص 115 و117 (رقم 5 – 6) من طبعة الأستاذ جيرار طروبو . 59) راجع الحاشية 17 (1) . 60) انظر ص 365 من طبعة الأب سمير خليل (رقم 29 – 32) ، وص 366 (رقم 37 – 39) ، وص 375 – 376 (رقم 96 و103) . 61) راجع مخطوط الفاتيكان رقم 103 عربي (القرن 13) ورقة 175 ظ 9 إلى 176 ﺠ . ومخطوط باريس رقم 200 عربي (القرن 16) ورقة 119 ظ . 62) سقطت كلمة "ما" في المخطوطين . 63) في المخطوطين "غيره" ، كما وجدنا في مخطوط نظيف بن يمن (راجع ص 142 والحاشية 37) . 64) راجع تعريف "الواحد" كما جاء في المقالة في التوحيد رقم 148 (و149 و160 الخ) . 65) مخطوط باريس : "عشره" . 66) الأرقام موجودة في الأصل ، وهي مكتوبة في المخطوطين بالحروف القبطية ، كالعادة . 67) مخطوط باريس : "موضعهما" . |
ماير Admin
الأربعاء نوفمبر 04, 2009 1:17 pm | 5 – 68الواحد في العدد ، كزيد وعمرو69. 6 – الواحد في غير المنقسم ، بمنزلة النقطة الواحدة70. 7 – الواحد بالذات ، بمنزلة71 الشئ الواحد72 في الحقيقة . 8 – الواحد بالعَرَض ، كالعسكر المجمع . 9 – الواحد بالقوّة ، بمنزلة الأشياء التي من شأنها أن تصير واحدا بالفعل . 10– الواحد بالفعل ، بمنزلة هذا الشخص وهذا الشخص73 (كذا) . 11– الواحد في النسبة ، بمنزلة أبوين يعمّهما نسبة واحدة ، وهي الأبوّة" . ﺠ - مقارنة نص ابن الطيب بالمقالة في التوحيد لا شك في أن أبا الفرج عبد الله ابن الطيب استلم هذه القسمة للواحد من أستاذه أبي علي عيسى بن زرعة ، الذي استلمها بدوره من أستاذه يحيى بن عدي . إلا أن ابن الطيب أخطأ في فهمه لنظرية يحيى بن عدي ، على ما يبدو . وذلك لسببين : الأول ، أنه لم يَعِ إلى أن "الواحد في العدد" ينقسم ثلاثة أقسام : واحد في المتّصل ، وواحد في الحد ، وواحد في غير المنقسم74 . والثاني ، أنه لم يميّز بين أقسام الواحد وهي ستة75 ، وجهات الواحد وهي ستّة أيضا76 ، فخلط بينهما . ونوضّح ذلك بجدول ، حيث أقسام الواحد ليحيى بن عدي على العمود الأيمن ، وأقسام ابن الطيب على العمود الأيسر . أ – أقسام الواحد 1 – في الجنس | | 1 – في الجنس (راجع أ 1) | 68) مخطوط الفاتيكان : هذا السطر بكامله (رقم 5) مضاف في الهامش بنفس خط الأصل . 69) مخطوط الفاتيكان : "وعمر" . 70) مخطوط الفاتيكان : "والوحدة" . 71) مخطوط باريس : سقطت كلمة "بمنزلة . 72) مخطوط الفاتيكان : "الواحده" ، ثم شطب الهاء . 73) مخطوط باريس : سقطت كلمة "الشخص" . 74) راجع المقالة في التوحيد ، رقم 152 – 176 . 75) راجع المقالة في التوحيد ، رقم 149 – 176 . 76) راجع المقالة في التوحيد ، رقم 177 – 189 . | يحيى بن عدي ومقالته في التوحيد في الفكر العربي | ١٤٧ | | 2 – في النوع | | 2 – في النوع (راجع أ 2) | 3 – في النسبة | | 3 – في الموضوع (راجع ب 3) | 4 – في المتّصل | } في العدد | 4 – في الحد (راجع ب 4) | 5 – في الحد | 5 – في العدد (راجع أ 4ـ5ـ6) | 6 – في غير | | 6 – في المتصل (راجع أ 4) | ب – جهات الواحد | | 7 – في غير المنقسم (راجع أ 6) |
| | 8 – بالذات (راجع ب 5) | 1 – بالقوة | }المناظرة الأولى | 9 – بالعَرَض (راجع ب 6) | 2 – بالفعل | 10– بالقوّة (راجع ب 1) | 3 – في الموضوع | }المناظرة الثانية | 11– بالفعل (راجع ب 2 ) | 4 – في الحد | 12– في النسبة (راجع أ 3) | 5 – بالذات | }المناظرة الثالثة | وقد سها ابن الطيب عن ذكر الواحد في | 6 – بالعَرَض | الحد (راجع أ 5) ، إذ هو مذكور في |
| | أقسام الواحد (أ 5) وفي جهاته (ب 4). | 4 – المقالة في التوحيد في العصر الذهبي للفكر العربي القبطي من المعلوم لدى الباحثين أن الفكر العربي المسيحي وصل إلى أوجه في القرن الثالث عشر للميلاد ، وذلك كان في مصر . وتعود هذه الظاهرة إلى ظروف سياسية واقتصادية من ناحية (الدولة الأيوبية وبداية عصر المماليك البحريين) ، وثقافية ودينية من ناحية أخرى (تفتّح الكنيسة القبطية على الكنائس الأخرى ، واختلاط الأقباط بسائر النصارى نتيجة للحروب الأيوبية والصليبية ، ومحاولة جمع التراث العربي المسيحي بأسره) . فكانت هذه الفترة "العصر الذهبي" للكنيسة القبطية ، وقد استمر هذا العصر حتى بداية القرن الرابع عشر . وكان أولاد العسال الأربعة العامل الأساسي في قيام هذه النهضة الفكرية . 1 – أما بخصوص مقالتنا في التوحيد ، فقد رأينا في الفصل الخامس أن الصفي ابن العسال اختصر 41 مقالة ليحيى بن عدي ، بما فيها مقالتنا هذه77 . وكثيرا ما استخدم أخوه مؤتمن الدولة هذه المختصرات ، عوضا من النص الأصلي ؛ كما أنه يذكر في "مجموعه" حواشي أخيه الصفي على مقالات يحيى . 77) = راجع أعلاه ، ص 70 – 71 . |
---------------------------- | 2 – وقد وضع علم الرئاسة ابن كاتب قيصر مختصرا لجواب يحيى بن عدي على أبي عيسى الورّاق ، كما أشرنا سابقا78 . واعتمد عليه أبو إسحق ابن العسال ، ابتداء من الجزء الثني من "مجموع أصول الدين" ، على ما صرّح به في ملاحظة وضعها في مطلع هذا الجزء ، قال79: وكل ما80 يرد81 في هذا الكتاب82 ، من ردّ أبي عيسى الورّاق وجواب يحيى ابن عدي عنه83 ، جميعه من مختصر اختصره الأجلّ عَلَم الرئاسة بن كاتب قيصر ، من كتاب أصل الرد والجواب . والأعداد التي84 عليه هي أعداد المختصر ، لا كتاب الأصل" . 3 – ويفتتح أبو إسحق ابن العسال الباب السادس عشر من "مجموعه" (وعنوانه: "تفصيل المعاني التي يُقال عليها لفظة الواحد ...") بنصّ85 اقتبسه من جواب يحيى ابن عدي على أبي عيسى الورّاق ، عن معنى القديم والجوهر والواحد ، افتتح به يحيى جوابه86. 4 – وتجد هذا النص عن معنى الواحد ، مختصرا أيضا ، في مخطوط فريد منسوخ سنة 1260م ، يبدو أنه من تأليف الصفي ابن العسال . وهو عبارة عن مختصر ثانٍ لجواب يحيى على أبي عيسى الوراق . وهذا المختصر يختلف عن مختصر ابن كاتب قيصر . أما النص الخاص بمعنى الواحد وأقسامه ، فهو موجود في ورقة 2 ﺠ إلى 3 ﺠ 11 من مخطوط الفاتيكان رقم 115 عربي . 78) راجع الحاشية 23 من هذا الفصل (ص 139) . 79) راجع مخطوط الفاتيكان (= ف) رقم 103 عربي (القرن 13) ورقة 172 ظ 5 – 12 ، ومخطوط باريس (= ب) رقم 200 عربي (القرن 16) ورقة 177 ظ 3 – 6 . 80) ف : وكلما (عوض : وكل ما) . 81) ب : ورد . 82) مخطوط باريس : "فيه" (أي "في الجزء الثاني") عوض "في هذا الكتاب" . 83) ب : سقطت كلمة "عنه" . 84) ب : أضاف "هي" . 85) راجع عن معنى الواحد : مخطوط باريس ورقة 118 ﺠ 2 – 119 ﺠ 18 ، ومخطوط الفاتيكان ورقة 173 ﺠ 6 – 175 ظ 3 . 86) راجع مخطوط باريس رقم 167 عربي (تاريخه 1227م) ورقة 3 ﺠ - 3 ظ . | يحيى بن عدي ومقالته في التوحيد في الفكر العربي | ١٤٩ | | 5 – أما شمس الرئاسة أبو البركات ابن كَبَر ، فقد نقل مختصر ابن كاتب قيصر لجواب يحيى على أبي عيسى الورّاق ، دون الإشارة إلى مصدره87 . ويبدو لي أنه نقل هذه الصفحات ، لا من الأصل أو من مختصر ابن كاتب قيصر رأسا ، وإنما عن "مجموع أصول الدين" ، إذ يبدأ وينتهي في نفس المكان . 6 – وأخيرا ، أسعدني الحظ ، فوجدتُ جزءا من "المقالة في التوحيد" مقتطفا في مخطوط قديم ، قبطي الأصل ، يرجع إلى القرن الرابع عشر88. وكان قد ذكره جراف ، في سطر واحد ، ضمن المؤلفين الملكيين89. وهاتان الورقتان تناسبان رقم 148 – 191 من المقالة في التوحيد . وجدير بالذكر أنّا نجد فيهما النص الكامل للمقالة ، لا المختصر . وعلى هذا ، فهو أقدم مخطوط معروف للمقالة في التوحيد ، يتفوّق المخطوطات الأخرى في القِدَم بنحو ثلاثة قرون . إلا أن النص مبتور ، إذ تنقص المخطوط صفحات . الخلاصة
هذه الجولة السريعة في رياض الفكر العربي الوسيط (من نهاية القرن العاشر ، إلى بداية القرن الرابع عشر) أبرزت لنا أهمية يحيى بن عدي ، لا سيما عند المسيحيين . وقد نال حظوة عند الأقباط خصوصا ، حتى أن مؤتمن الدولة أبا إسحق ابن العسال ذكره قائلا : "الشيخ الأجل ، العالم الفاضل العلاّمة ، حُجّة دين النصرانية ، برهان النحلة اليعقوبية ، يحيى بن عدي"90. ذلك لأنه "قد استعمل عقله في فحص الأمور الدقيقة ، للتوصل إلى معرفة الحقيقة . فلم يرتكن على الأوهام ، ولم يقنع بالقليل من العلوم" ، حسب تعبير جرجس فيلوثاوس عَوَض91. 87) راجع "مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة" لأبي البركات ابن كبر ، الباب الأول (طبعة الأب سمير خليل ، مكتبة الكاروز بالقاهرة ، 1971) ص 12 – 13 . 88) راجع مخطوط الفاتيكان رقم 111 عربي ، ورقة 160 ﺠ 15 – 161 ظ 21 . 89) راجع جراف ، ج 2 ، ص 90 سطر 19 . 90) ذكر ذلك جرجس فيلوثاوس عوض ، في مقدمته لكتاب "تهذيب الأخلاق" (القاهرة 1630 ش/1913م) ص 9 ، دون ذكر مرجعه . وهذه العبارة منقولة حرفيّا من الباب الأول من "مجموع أصول الدين" ، الذي طبعه وترجمه جورج جراف . راجع Georg GRAF, Das Schriftstellerverzeichnis des 'Abû Ishāq ibn al-‘Assāl, in Oriens Christianus, N.S. 2 (1912), p. 205-226 (ici p. 212 / 14-16). 91) المرجع السابق (أي كتاب جرجس فيلوثاوس عوض) ، ص 9 – 10 . |
------------------------- | خاتمة البحث
1 – يحيى بن عدي "أوحد دهره"
أصحيح أن يحيى بن عدي كان "أوحد دهره" ، وأن "إليه انتهت رئاسة المنطق في عصره" ، على ما ذكر ابن النديم صديقُه ومعاصره ؟ مع العلم أن هذا العصر هو عصر النهضة العباسية الكبرى ، عصر الفلسفة والطب والعلوم العربية ، عصرٌ نضج فيه العقل عند العرب . وأن هذا العصر هو عصر الفاربي (ت 951 م) والمسعودي (ت 954 م) ، عصر المتنبي (ت 965 م) وأبي فراس (ت 967 م) ، عصر الجرجاني (ت 976 م) وابن العميد (ت 976م) ، عصر ابن النديم (ت 990 م) وغيرهم من أئمة الفكر العربي ! أصحيح هذا ، أم اختفى اسم يحيى ودثر ؟ 2 – استمرار فكر يحيى وانتشار مؤلفاته
إن ما ذكرناه في الفصل العاشر أدل دليل على استمرار فكره في العصور الوسطى ، حتى منتصف القرن الرابع عشر . أما بعد هذا القرن ، فلم يزل اسمه يردّد ، وتآليفه تُنقَل وتلخّص وتُفسّر ، على مدى القرون . وإذا تصفّحتَ كتاب المستشرق أندرس ENDRESS عن مؤلفات يحيى ، حيث ذكر المؤلف لكل تأليف المخطوطات التي أوصلته لنا ، علمتَ درجة هذا الفيلسوف من العلم ، ومرتبته من الحكمة ، ومدى أهميته . فمؤلفات يحيى محفوظة في شتى مكتبات العالم العربي (في بيروت وحلب ودمشق ودير الشرفة والقاهرة والقدس الشريف)1 ، وفي عواصم العالم الإسلامي غير العربي (في اصفهان واسطنبول وطهران) . بل نجدها في الهند (في حيدرآباد وبطنة PATNA وكلكوتا CALCUTTA ، وحتى في الاتحاد السوفياتي) في مدينة طشقنط TASKENT . أما في الغرب ، فلدينا مخطوطات ليحيى بن عدي في شتى المدن : في BIRMIN- 1) ولم نجد إلى الآن ذكراً لمخطوطات له في العراق وطنه ! | يحيى بن عدي ومقالته في التوحيد في الفكر العربي | ١٥١ | | GHAM و FIRENZE و GOETTINGEN و LEYDE و LONDON و MÜNCHEN و PARIS و VATICANO و WOLFENBÜTTEL . هذا فيما يخص انتشار مؤلفات يحيى في العالم ، ولا سيما في الأقطار العربية أو الإسلامية . أما إذا نظرتَ إلى تواريخ هذه المخطوطات ، فلا يخلو عصر من العصور (ابتداء من بداية القرن الثالث عشر) من عدة مخطوطات ليحيى بن عدي . والمقالة التي ننشرها هنا أوضح دليل على ما نقوله . فعلى الرغم من صعوبتها ودقّة معانيها ، أحصينا 12 مخطوطة : 8 منها في الشرق (اثنان في حلب ، وأربعة في القاهرة ، واثنان في طهران) ، و 4 منها في الغرب (واحدة في باريس ، وواحدة في ميونيخ ، واثنان في الفاتيكان) . 3 – شهرة كتاب "تهذيب الأخلاق" ليحيى بن عدي
وهناك دليل آخر ، أوضح من السابق ، يدلّك على استمرار اهتمام المفكرين بيحيى بن عدي ، على ممرّ الأجيال وإلى أيامنا هذه . وهذا الدليل هو ما نلاحظه من أمر كتاب "تهذيب الأخلاق" . فقد أحصيتُ ، في بحثين سابقين2 ، أربع عشرة طبعة لهذا الكتاب : 6 منها في القاهرة (سنة 1871 و 1907 و 1910 و 1913 و 1914 و 1946) ، و 3 منها في بيروت (سنة 1866 و 1889 و 1897) ، واثنتين في القدس (سنة 1930 و 1934) وواحدة في كل من اسطنبول (1896) ودمشق (1924) وشيكاغو CHICAGO (1928) . أما مخطوطات "تهذيب الأخلاق" ، فقد أحصيتُ 21 مخطوطة ، ها هي تواريخها (بالتاريخ الميلادي) : 1242 و 1274 و 1301 و 1307 و 1332 ومخطوط من القرن 14 . ثم تختفي المخطوطات لنحو 250 أو 300 سنة ، مناسبة لعصر الانحطاط . ثم 1628 و 1637 وثلاث مخطوطات من القرن 17 ً. ثم 1787 ومخطوط من القرن 18 ً . ثم 1851 و 1881 و 1882 و 1888 و 1903 و 1905 و 1942 (!) ومخطوط من القرن العشرين . وجدير بالذكر أن هذا الكتاب ، الذي لا يشك أحد اليومَ بنسبته إلى يحيى بن عدي ، قد نُسب في بعض المخطوطات (وبالتالي في بعض الطبعات) إلى حُبَيش بن الأعسم 2) راجع : (1) K. SAMIR. Le Tahdīb al-Ahlāq de Yahyā b. ‘Adi (m. 974) attribué à Ğāhiz et . à Ibn al-‘ Arabi, in Arabica 21 (1974), p. 111-138). و(2) K. SAMIR. Le Tahdīb al-Ahlāq de Yahyā b. ‘Adi (m. 974) attribué à Ğāhiz et . à Ibn al-‘ Arabi, in Arabica 21 (1974), p. 111-138). |
---------------------- | (المتوفّي نحو سنة 300ﻫ/912 م) وإلى أبي الحسن الحسن بن الهيثم (المتوفي سنة 432ﻫ/ 1041م) ، لا بل إنه نُسب إلى الجاحظ (المتوفي سنة 255ﻫ/868 م) ، وإلى محيي الدين ابن عربي ، إمام المتصوّفين ، المتوفي سنة 638ﻫ/1240م . 4 – رأي شهاب الدين ابن فضل الله العُمَري في يحيى
وأخيرا ، نختم بحثنا بذكر ما قاله شهاب الدين أبو العباس أحمد بن يحيى ابن فضل الله العُمَري (المتوفي سنة 749ﻫ/1349م) عن يحيى بن عدي ، في موسوعته التاريخية الجغرافية الأدبية الشهيرة ، المعروفة بكتاب "مسالك الأبصار ، في ممالك الأمصار" . وهي تتألف من 22 مجلدا (وقيل 27 مجلدا) ، ولم يُطبَع منها حتى الآن إلا بعض صفحاتها3. قال شهاب الدين ، في المجلد السابع من مخطوط دار الكتب4 ، الذي يشتمل على خبر الطبيعيين والمتكلمين والأطبّاء ، في باب "طبقات الأطبّاء" ، في كلامه عن يحيى بن عدي ، ما هذا نصه5: "ومنهم يحيى بن عدي ، أبو زكريا المنطقي ، حكيم . "علْمُه والوَدْق6 شيّان ، وقَلَمُه والبَرْقُ سيّان" . 3) بخصوص هذه الموسوعة ، راجع بروكلمن ج 2 ص 141 – 142 ، والملحق ج 2 ص 175 – 176 . 4) بخصوص هذا المخطوط ، راجع : (1) Karl VOLLERS, Aus der viceköniglichen Bibliothek in Kairo, in Z D M G 43 (1889), p. 99-120, ici p. 101-102. (2) J. HOROVITZ, Aus den Bibliotheken von Kairo, Damaskus und Konstantinopel, in Mitteilungen des Seminars für orientalische Sprache an der K. Friedrick ― Wilhelms ― Universität zu Berlin : Westasiatische Abteilung, 10 (1907), p. 1-68, ici p. 47. (3)"فهرست الكتب العربية الموجودة في الدار" الجزء الخامس (القاهرة 1350ﻫ/1931م) ، ص 343 – 344 . 5) ذكر هذا النص الأب لويس شيخو ، في مقالة "شعراء النصرانية بعد الإسلام" ، في المشرق 23 (1925) ص 601 (وفي الكتاب المطبوع في بيروت ، سنة 1927 ، ص 255) . وقال شيخو إن هذا النص يوجد في "نسخة المكتبة الخديوية ص 336 – 337 ، دون الإشارة إلى رقم المخطوط ، وأين وصف المخطوط ، الخ . وكثيرا ما ذكر الباحثون هذا النص ، دون أن يعطي أحد المراجع الدقيقة ! 6) الودق = المطر . | يحيى بن عدي ومقالته في التوحيد في الفكر العربي | ١٥٣ | | "كان أولَ حاله عَلَماً في ملّته ، ومعلّماً لأهل قبلته . "وعُرف بالمنطق ، مع أنه بعضُ علومه ، ومن جملة ما دخل من الخصائص في عمومه . "وأضاءت له ، مع الأدب ، لُمَعٌ تمّمت فضائله ، وتمّت هلاله ، والبدور الكوامل متضائله." |
------------------------------ | المراجع المذكورة باختصار
(مرتبة ترتيبا أبجدياً) * ابن أبي أصيبعة = "عيون الأنباء ، في طبقات الأطباء" لابن أبي أصيبعة ، طبعة مصر 1299ﻫ/1882م للمستشرق الألماني August MUELLER (= امرؤ القيس بن الطحان) ، جزءان. وقد ألف ابن أبي أصيبعة كتابه هذا سنة 667ﻫ/1268م . * ابن خَلّكان = "وفيات الأعيان ، وأنباء أبناء الزمان" لأبي العباس أحمد بن محمد ابن خلكان. تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، 6 مجلدات (القاهرة 1948) ، ط 2 مصورة عن الأولى (القاهرة 1968) . * ابن العبري = "مختصر تاريخ الدول" لأبي الفرج غريغوريوس ابن العبري. تحقيق الأب أنطون الصالحاني (بيروت 1890) ، ط 2 (بيروت 1958) . * ابن النديم = "كتاب الفهرست" ، لمحمد بن إسحق النديم. طبعة القاهرة (المطبعة الرحمانية)1348ﻫ (=1929م) . * أبونا = آداب اللغة الآرامية" ، للأب ألبير أبونا (بيروت 1971). * أندرس = Gerhard ENDRESS. The Works of Yahyā Ibn ‘Adī, An analytical inventory (Wiesbaden, Reichert, 1977) * باومشتارك = Anton BAUMSTARK. Geschichte der syrischen Literatur (Bonn, 1922) * بروكلمن =Carl BROCKELMANN. Geschichte der arabischen Litteratur, t. I (Weimar, 1899), 2 (Berlin, 1902), Supplementband 1-3 (Leiden, 1937-1942) * بيرييه =Augustin PERIER. Yahyā Ibn ‘Adī. Un philosophe arabe chrétien du Xe siècle (Paris, 1920) * جراف =George GRAF. Geschichte der christlichen arabischen Literatur, Bd. 1-5 (Città del Vaticano, 1944, 1947, 1949, 1951, 1953) coll. Studie e Testi, N. 118, 133, 146, 147, 172. * جراف "فلسفة يحيى ولاهوته" =George GRAF. Die Philosophie und Gotteslehre des Jahjā ibn ‘Adī. Skizzen nach meist ungedruckten Quellen, coll. Beiträge zur Geschichte der Philosophie des Mittelalters, Bd 8, Heft 7 (Münster, 1910) * جواشون =Amélie-Marie GOICHON, Lexique de la langue philosophieque .d'Ibn Sina (Avicenne) (Paris, 1938) * دائرة المعارف الإسلامية =Encyclopédia de l'Islam (Leiden, 1954 sv.), 2e éd: * الرد على الكندي =Augustin PERIER, Un traité de Yahyā ben ‘Adī: Défense du dogme de la. | يحيى بن عدي ومقالته في التوحيد في الفكر العربي | ١٥٥ | | Trinité contre les objections d'al-Kindī, in: Revue de l'Orient Chrétien 22 (1920-21), pp. 8-21. * سباط = "مباحث فلسفية دينية لبعض القدماء من علماء النصرانية" ، انتخبها القس بولس سباط من خزانة كتبه الخطّيّة ، وصحّحها ، وعلّق عليها (القاهرة 1929) = Vingt traités philosophiques et apologétiques d'auteurs arabes chrétiens du IXe au XIVe siècle, par Paul SBATH. * صلاح الدين المنجد = "قواعد تحقيق المخطوطات" الطبعة الرابعة (بيروت ، دار الكتاب الجديد ، 1970) للدكتور صلاح الدين المنجد". * القفطي = "جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف القفطي: "إخبار العلماء ، بأخبار الحكماء". تحقيق يوليوس لبرت Ibn al-Qifti's Ta'rīh al-hukamā. Leipzig (LIPPERT) 1903). * اللؤلؤ المنثور= "اللؤلؤ المنثور ، في تاريخ العلوم والآداب السريانية" ، للبطريرك أفرام الأول برصوم (حمص 1948). ط 2 (حلب 1956) ما هي إلا صورة من الأولى . ط 3 (بغداد ، مطبعة الشعب ، 1978) تختلف في الصفحات عن الطبعتين السابقتين . * مقالات يحيى بن عدي = Augustin PERIER, Petits traités apologétiques de Yahyā Ben. ‘Adī. Texte arabe édité pour la première fois d'après les manuscripts de Paris, de Rome et de Münich, et traduit en français (Paris 1920) |
---------------------- | ب = | باريس ، المكتبة الوطنية ، رقم 169 عربي (منسوخة في 22 صفر سنة 1064ﻫ ، المناسبة يوم 12 يناير سنة 1654م) ورقة 2 ظ إلى 20 ﺠ . | ط = | طهران ، كتابخانه مركزي ، رقم 4901 دانشكاه (منسوخة في القرن الحادي عشر الهجري / السابع عشر الميلادي) ورقة 184 ظ إلى 207 ظ . | ق = | القاهرة ، البطريركية القبطية الأرثوذكسية ، رقم 177 لاهوت (منسوخة في القرن الحادي عشر الهجري السابع عشر الميلادي) ورقة 2 ﺠ إلى 26 ﺠ . | ك = | القاهرة ، البطريركية القبطية الأرثوذكسية ، رقم 192 لاهوت (منسوخة في 26 طوبه سنة 1488 للشهداء ، المناسبة 22 يناير (يولياني) أو 2 فبراير (غريغوري) سنة 1772م) ورقة 4 ظ إلى 25 ﺠ . | ملاحظة : | جميع العناوين ، الكبيرة منها والفرعية ، من وضع المحقّق . وهي ليست في الأصل ، ولا وردت في المخطوطات ؛ لكنّا رأينا إثباتها توضيحا للمعنى ، ولم نرَ داعيا لوضعها بين معكوفين ، كما جرت عليه العادة . فوجب التنبيه . | | | نصَ مقَالَة يحيى بن عديَ في التوحيد
|
------------------ نصَ مقَالَة يحيى بن عديَ في التوحيد | ١٥٩ | ب 2 ظ = 4 ظ | 1* | مقالة الشيخ1 أبي2 زكريا3 يحيى بن4 عديَ4 بن5 حميد5 بن6 زكريا6 في التوحيد7 ، | | 2 | المنشأة في رجب سنة ثمانٍ وعشرين وثلثمائة1. | ماير Admin
الأربعاء نوفمبر 04, 2009 1:46 pm | الفصــل الأول – مقدمـة المقالـة :
عــَرض المشكــلة أولا – عرض الأقوال المختلفة في وحدانية الخالق + 1 – الاختلاف الأول : في معنى وحدانيّته 3 1 اختلف القائلون بوحدانية الخالق (تبارك اسمه!)+ في معنى وحدانيته | | | | | (تعالى2 عما3 يقوله4 الملحدون!) | | 4 | فقال1 بعضهم(1) : | | | | "إنّا ، إنما نصفه بأنه واحد2 ، | | | | لننفي3 عنه معنى الكثرة ، | ط 185 ﺠ | | | لا لنُثبت4 له معنى الوحدة" + | | 5 | وقال1 بعضهم1 : | | | | "إن معنى الواحد فيه ، | | | | هو أنه لا نظير له + | ق 2 ﺠ | 6 | وسمعتُ1 رجلا من متكلّمي عصرنا يقول : | | | | "إنّ معناه والوجودَ له ، + | | | | هو أنه واحدٌ بمعنى مبدأ للعدد2" ++ | | 7 | ولا أعرف لهذا الرجل | | | | موافقا في هذا الرأي1. | |
---------- | | 8 | ولا بلغني ، عمّن1 تقدّم2 من أولي المذاهب ، | | |
| من اعتقد هذا . + | | 9 | وقال1 بعضهم2: | | |
| "بل معنى الواحد فيه ، هو أحد معانيه التي يُنعَت3 بها الموجودات4 سواه" + | 2 – الاختلاف الثاني : هل هو واحد ، أم واحد وكثير ؟ | | 10 | واختلفوا1 أيضا اختلافا ثانيا . + | | | | 11 | فقال1 قوم1: | | | | "إن الخالق (عزّ2 وتعالى!) واحد من كلّ حين3 ، لا يتكثّر4 من جهة5 من 5 الجهات6 + . | | 12 | وقال آخرون : | | | | "بل هو واحد من1 جهة ، وكثير2 من جهة + . | ثانيا – الغرض من المقالة | ك 5 ﺠ | 13 | فغرضُنا1 في * هذه المقالة | | | | الفحص2 عن واحدٍ واحدٍ من هذه الاعتقادات3 ، | ب 3 ﺠ | 14 | * وإيضاحُ1 بطلان باطلها ، | | | | وإبانة حقيقة محقّها2 ، | |
---------------------- | | 15 | بالبراهين الصحيحة ، والحجج الواضحة ، | | | | على أوجز ما يُمكننا1 وأبْيَنه2 + . | دعاء | | 16 | وبالله1 ، الهادي إلى كل2 حقيقة ، | | | | البادي بنفع3 جميع الخليقة ، | | 17 | أستعين ، وعليه أتوكل ، | | | | وهو حَسْبي ، كافياً ومُعينا . + | | | الجـــــزء الأول إثبات بطلان الأقوال الأربعة الأولى
الفصــل الثــاني
بطلان القول الأول القائل إن معنى الواحد في الخالق هو مجرّد نفي معنى الكثرة +
المقدمة : عرض الفكرة ق 2 ظ | 18* | فأقول : أما1 إن القولً بأنّ | | | | "معنى الواحد فيه ، إنما هو نفي معنى الكثرة عنه2 ، | ط 185 ظ | | | لا إثبات3 * معنى الوحدة له4" ++ | | | قولٌ يناقض5 أوّله آخره ، | | | | وينافي6 مبتدأه7 منتهاه8 ؛ | |
--------------------------- | | 19 | فذلك1 بيّن2 ظاهر3 ، | | | | يلوح مع أدنى تأمّل . | إثبات الفكرة
| | 20 | وذلك1 أنه قد يجب ضرورةً ، في كلّ موجود ، | | | | أن يكون : إمّا واحداً ، وإما ليس2 بواحد3 . | | 21 | فكل1 موجود ليس هو واحدا , | | | | فهو لا محالة أكثر من واحد . | | | وكل موجود ليس هو أكثر من واحد ، | | | | فهو لا محالة واحد . | | 22 | فإذ1 كان هذا الاعتقاد في فاتحته | | | | نافيا للكثرة عن موجود ، | | | فقد يلزمه أن2 يوجب الواحد ، | | | | الذي نفاه في خاتمته ، من الاضطرار . | ك 5 ظ | 23 | ولأنه في خاتمته ناف1 للواحد ، | | | | فهو يوجب2 إثبات الكثرة ، * لا محالة ، | | | | وهي التي نفاها في الفاتحة . | | | الخلاصة
| | 24 | فقد وضح إذًا1 ما قلناه | | | | مِن تضمّنٍ هذا القول التناقض2 ، | | | | واقتسامه3 جزئَيه4 بين فاتحته وخاتمته . | |
------------------------ | الفصــل الثالــث
بطلان القول الثاني القائل إن معنى الواحد في الخالق هو أنه لا نظير له +
مقدمة الفصل : لهذا القول معنيان
| 25 | وأما قول القائلين بأن | | | | "معنى الواحد في البارئ (تعالى ذكره!) | | | | هو أنه لا نظير له" ، ++ | | | فإنه1 لا يخلو2 أن3 يكون | | | 1 – المعنى الأول : لا شئ يناظر الخالق بوجه من الوجوه | | 26 | يُعنى به أنه | | | | ليس شئ يماثله1 بوجه من الوجوه | ق 3 جـ | 27* | وذلك1 يكون بألا2 يوافق شيئا3 من الموجودات | ط 186 جـ | | | في معنى من4 المعاني5 * البتة . | | 28 | بل يباين كل واحد من الموجودات ، | ب 3 ظ | | | في1 * شئ من صفاته2 . | | 29 | وذلك بأن يخالف كل واحد منها | | | | في1 كل شئ من صفاته . | 2 – المعنى الثاني : لا شئ يناظر الخالق في جميع الأمور | | 30 | أو يُعنى به أنه | | | | لا يوجَد شئ يماثله ويناظره ، | | | | في جميع الأمور الموجودة له ، وفيه ؛ | | 31 | وإن كان قد يوافق شيئا1 ما ، | | | | في بعض صفاته . | | 32 | أعني أنه1 لا يوجَد2 شئ | | | | يتّفق معه في جميع صفاته . | |
-------------- | أولا – إثبات بطلان المعنى الأول
| المقدّمة | | | | | 33 | ومن البيّن أنه غيرُ ممكن | | | | أن يوجَدَ شئ موصوف بأنه : | | | لا نظير له ، | | | | غير موافق شيئا1 من الموجودات ، في معنى من المعاني ، أصلا2 ؛ | | 34 | بل1 مخالفا كل2 واحد منها ، | | | | في كل أحواله ونعوته3 . | 1 – الإثبات الأول | | 35 | وذلك أنه ، إذ هو غيرُ نظير1 | | | | لموجود ما من الموجودات ، | | | فكذلك2 ذلك الموجود3 أيضا | | ك 6 جـ | | هو غيرُ * نظير له4 . | | 36 | 36 مِن قِبَل أنّ غير النظير | | | | معناه والوجود له هو أنه غيرُ نظيرٍ1 للشئ2 الذي هو غير نظيره . | | | | 37 | كما أن النظير ، | | | | إنما1 معناه والوجود2 له هو أنه نظير للشئ الذي هو نظيره . | | 38 | فإذ1 كان كل واحد منهما | | | | غيرَ نظير لقرينه ، | | 39 | وكان كل واحد منهما | | | | (في أنه غيرُ نظير قرينه) موافقا له في معنى * غيريّة المناظرة ، | ق 3 ظ | | موافقا له في معنى * غيريّة المناظرة ، | ط 186 ظ | 40 | *- وليس يختص أحدهما بهذا المعنى ، دون الآخر ، | | | | ولا أحدهما أيضا1 أولى من قرينه ، | ب 4 جـ | 41 | * فلذلك1 قد اتّفقا | | | | في معنى غيريّة التناظر والتشابه . | | 42 | فيجب ضرورة أن يكونا متناظرَيْن متشابهَين ، | | | | في أنهما غيرُ متناظرَين ولا متشابهَين . | | 43 | إذا كان هذا هكذا1 ، | | | | فليس يُمكن أن يوجَدَ شئ لا نظير له بوجهٍ من الوجوه . | 2 – الإثبات الثاني | | 44 | ومع هذا ، فإنه يلزم القائل بأن الواحد | | | | مخالفٌ جميع الموجودات سواه في كل صفاتها وغير موافق [لها] في شئ من نعوتها ، | |
| |
|