الصـــــلاح
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة ... سلام الرب يسوع معكم :- يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى أسرة المنتدى/ نتشرف بتسجيلك معنا


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الصـــــلاح
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة ... سلام الرب يسوع معكم :- يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى أسرة المنتدى/ نتشرف بتسجيلك معنا

الصـــــلاح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
زوار المنتدى
تاريخ الحياة الرهبانية(الجزء الاول) Flags_1
المواضيع الأخيرة
البابا فرنسيس يستقبل العاهل الأردنيالجمعة نوفمبر 11, 2022 4:51 amماير
فيلم القديس أنطونيوس البدوانى الجمعة نوفمبر 11, 2022 4:22 amماير
تدفق ال RSS

Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
 

قم بحفض و مشاطرة الرابط الصلاح على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط الصـــــلاح على موقع حفض الصفحات
تابعونا على الفيس وتويتر
FacebookTwitter

جميع الحقوق محفوظة لـ{الصلاح}
 Powered ELSALAH ®{elsalah.ahlamontada.com}
حقوق الطبع والنشر©2011 - 2010

اذهب الى الأسفل
الإكليريكي/ مايكل وليم
الإكليريكي/ مايكل وليم
عضو VIP
عضو VIP

تاريخ الحياة الرهبانية(الجزء الاول) Empty تاريخ الحياة الرهبانية(الجزء الاول)

الثلاثاء أغسطس 14, 2007 4:17 pm
تاريخ الحياة الرهبانية

الحياة الرهبانية عموما هي ظاهرة عالمية نجد أثرها عند أغلب الشعوب والأديان، تٌفهم هذه الظاهرة وكأنها نزعة إنسانية دينية تدفع بالإنسان الذي يعتنقها إلى البحث عن مثالية ما، أو عن مطلق ما، تتوق النفس للإتحاد به بعد الغوص في أعماق الذات بحثاً عن أبعاد تكمن فيها وتساعدها على بلوغ هدفها، وذلك ضمن إطار حياة خاصة ومميزة عن عموم البشر، تحديداً، الظاهرة الرهبانية هي السعي إلى الكمال الإنساني على ضوء مثالية حددتها كل ديانة على طريقتها الخاصة.

لا شك أن المسيحية لم تنفرد بهذه الظاهرة ولم تمكن هي في أساسها، بل تبنتها بصورة عفوية كسائر الأديان لما عند الإنسان المسيحي من توق إلى مثالية تصب في شخص يسوع المسيح، الطريق والحق والحياة المؤدي إلى المؤدي إلى الأب الأزلي، والهدف الأمثل.

أولاً : ظاهرة الحياة الرهبانية في الأديان غير المسيحية:
في الفلسفة اليونانية:
شهدت اليونان في القرن السادس ق.م مع الفيلسوف بيتاغوراس تأسيس جماعة ذات أهداف دينية وسياسية، تسعى إلى الربط بين البشر والألوهية، في سبيل خلق إنسان أفضل، ينجم عنه مجتمع أفضل، للوصول إلى هذا الهدف، سعت هذه الجماعة إلى عيش التقشف، تنقية للذات من ميولها الشريرة وإلى ممارسة الصمت في الحياة اليومية، مما يبعد النفس عن كل تشويش واضطراب، وإلى ارتداء الثياب البيض، علامة السعي إلى الكمال.

وهناك من يعتقد بأن الفلسفة الافلاطونية الحديثة أثرت في الرهبانية المسيحية، وذلك بعد أن اندمجت بعض مبادئها في الديانة المسيحية على يد أمونيوس سقاس، الإغريقي الأصل والمسيحي الوالدين، وذلك أن الافلاطونية دعت إلى التحرر من عبودية الجسد بالنسك والتقشف واختلفت عما سبقتها من فلسفات بتأكيدها الجانب التأملي في الحياة. وذهب أتباعها إلى أن الروح إذا تطهرت من النوازع الدنيوية، فأنها تستطيع أن تصل إلى درجة التأمل في الله، ولن تستطيع الروح أن تتحرر من الملذات المادية إلا عن طريق الاعتدال والنسك، وهو ما امتازت به الرهبانية المسيحية.

غير أنه ليس من المعقول أن تنشأ الرهبانية المسيحية في الافلاطونية الحديثة فحسب، لأن زعماء الرهبانية في مصر جاءوا من طبقة الفلاحين الذين جهلوا اللغة اليونانية، ولم تكن الظروف السياسية مواتية حتى ينتقلوا إلى المدن قبل أن يصبحوا رهباناً، ولكن سرعان ما ظهرت المؤثرات الإغريقية بين المصريين عندما بدأت الديانة المصرية تنقرض تدريجياً في القرنين الثاني والثالث الميلاديين.

وفي ذلك يقول إرمان Erman "في القرون التي أعقبت المسيح كانت أفكار الإغريق تسود على الأفكار المصرية الصميمة وأصبحت ديانتهم نهائياً خليطاً كاملاً من العناصر الإغريقية والمصرية" ومن مظاهر هذا التغيير أن التحنيط أخذ يقل فعلاً بعد ظهور المسيحية حتى تلاشى نهائياً في القرن الخامس الميلادي، وحل محلة الاعتقاد بأن في حياة النسك استعدادا للحياة الثانية، وأنه ليس ثمة أهمية لبقاء الجسد سليماً لأمكان عودة الروح إليه() كما كان الاعتقاد قديماً()


في الديانة الهندوسية:
ظاهرة الحياة الرهبانية في الديانة الهندوسية تبرز ضمن أشكال مختلفة ومتنوعة غير منتظمة يمكن تحديدها بثلاثة:
- النساك المتوحدون القاطنون في الغابات للتأمل،- والتقشف.
- المستعطون أو الشحاذون الذين يجوبون الشوارع والساحات بحثاً عن ذواتهم وعن حقيقة الوجود المجرد.
- بالإضافة إلي هؤلاء نجد في الهندوسية بعض مجموعات تلتف حول معلم يلقنها الكتب الروحانية واليوغا.

ج- في الديانة البوذية:
هذه الديانة في أساسها، تستند إلى الظاهرة الرهبانية في نموها وتطورها، التعليم الأساسي الذي أطلقه بوذا يهدف إلى الخلاص والتحرر من الألم الكامن في عمق الطبيعة الإنسانية من خلال السعي إلى المطلق وإلى التحرر من الكون واللذات بصورة جذرية، هذا التحرر، وحدة الراهب البوذي، في اعتقاده، بإمكانه التوصل إليه من خلال ممارسات تقشفية صارمة، ومؤسس البوذية هو بوذا الهندي (القرن السادس قبل الميلاد) الذي كان يعيش حياة الرفاهية واللذات، ولم يستطيع ضميره أن يتحمل رؤية المعاناة البشرية، ولذلك أنهى علاقته الزوجية وترك الحياة الناعمة، وبدأ يعيش حياة النسك والتجوال، والبوذية تحتم على أتباعها أن يمارسوا الزهد حتى يصلوا إلى النرفانا Nirvana الوصول إلى الوجود الذي لا يشعر فيه بالألم.

د- في الديانة الإسلامية:
موقف الإسلام من الظاهرة الرهبانية لا يخلو من الغموض: هناك آية قرآنية تقول : "وقفينا بعيسي أبن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين أتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها، وما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون" (سورة الحديد 57 آية27) يظهر من هذه الآية القرآنية التقدير للحياة الرهبانية في ذاتها، وانتقاد لبعض الرهبان الذين لم يوفوها حقها، إلا أن هناك حديثاً نبوياً يجذم بأن " لا رهبانية في الإسلام" وحديثاً أخر يقول فيه النبي " إن من سنتنا النكاح.."

على الرغم من ذلك شهد الإسلام منذ نشأته ميلاً للعزلة والتقشف والابتعاد عن مغريات العالم عند بعض المسلمين الذين انصاعوا للنزعة الإنسانية الكامنة فيهم مستسلمين لله إلى أبعد حد، دعي هؤلاء فيما بعد، في القرنين الثاني عشر والثالث عشر بالمتصوفين نظراً لثياب صوفية اعتادوا ارتداءها، وهدفهم هو الدخول إلى أعماق وحدانية الله، هؤلاء الصوفيون انتظموا في طرق صوفية متعددة. كل الطرق منها تتمثل بجماعة من المسلمين يعيشون معاً حياة جماعية، ترتكز على قواعد خاصة بكل منها بالإضافة إلى ممارسات الإسلام العادية، ومنها من تطرف وشط عن الإسلام فنال نقمة الإسلام.

هـ- الزهد في اليهودية:
أما اليهودية فلم تعلم بتاتاً أن حياة الزهد هي الحياة المثلي غير أن هناك بعض الممارسات الزهدية التي كانت جزءاً من الحياة اليهودية، مثل الأحكام المختصة بالأطعمة. وفي سفر العدد أصحاح6 نجد الأحكام المختصة بشريعة النذير مثل شمشون وصموئيل، وقد أصر دانيال وصحبه في بلاط الملك بنوخذ نصر على أن يأكلوا طعاماً بسيطاً (دا:1: 11) وإلى جانب ذلك أظهرت الاكتشافات الحديثة لمخطوطات البحر الميت أن جماعة وادي قمران كانوا يعيشون في زهد وتقشف شديدين عندما انسحبوا من اليهودية وذهبوا ليقيموا في برية اليهودية، فكان الأسينيون مثالاً للمجتمعات الزاهدة، فقد امتنعوا عن الزواج لكي يحتفظوا بطهارتهم الطقسية (يوسيفوس The Jeuish wars, 11.8:213. ) ويقال أن يوحنا المعمدان ظهر وسط هذه الجماعة().

والمثل الذي يجب أن يذكر هنا هو مثل النبي إيليا، الذي دعاه الله نفسه إلى حياة العزلة والصمت العفاف، وذلك للعكوف على صلاة متواصلة، وقاده إلى البرية لهذا الغرض." أمض من هنا وتوجه شرقاً وتوار عند نهر كريت الذي تجاه الأردن، فتشرب من النهر، وقد أمرت الغربان أن تقوتك هناك" (3مل17 : 3-4).

وإذا كانت البرية موضع النضال مع الشيطان، فهي أيضاً موضع اللقاء مع الله:.. آتي بها إلى البرية وأخاطب قلبها". (هوشع2 : 14) فيستطيع الناسك، بعد التخلي عن العالم ومباهجه، أن يمكث في البرية في حضور الله الحي، وأن يتدرج ويتقدم في سبل التطلع إليه والاتحاد به. وكانت الحياة الزهدية مدة طويلة تعني الحياة النسكية... التوحدية، وكان التعمق في القيم الأساسية، كالسمو الإلهي والحياة المكرسة لله، مرتبطاً ارتباطا وثيقاً بالحياة النسكية، وهذه صيغة حياة يقدم إيليا أول مثال لها في الكتاب المقدس. فحياة إيليا تختلف عن حياة إبراهيم وموسى، فقد كانت رسالته الأساسية السجود للإله الحي الحقيقي والوقوف أمامه دوماً :"حي الرب الذي أنا واقف أمامه" (3مل18 :15).. والوقوف أمام الله حقيقة حيوية وجودية، لأنها تشغل قوى الإنسان كلها، وليس ثمة صيغة للوجود أو ظرف في الحياة يمكنه منعها من التحقيق. ويقتضى هذا الحضور "روح" الصمت والعزلة والتجرد "العدم"، وهناك ناحية أخرى من حياة إيليا استوقفت أبناءه الروحيين. وهي أنه "نبي" فما يجلب الانتباه عند إيليا ليست صيغة وجوده، بل هو الدور الذي دعي إلى القيام به في تصميم الله، فأن الأنبياء هم أولئك الرجال الذين كلفهم الله يدعوه خاصة كي ينقلوا إلى العالم رسالة الخلاص، فالنبي هو "رجل الله" و "رجل العهد" و "رجل الزمان" و "رجل الأبدية". وهو ينظر دوماً إلى ما هو "على ضوء ما سيكون".. ويحاول توجيه الأول ويحاول توجيه الأول إلى الثاني بكلمته وحياته، تارة بشدة وصرامة، وطوراً بوداعة ولين، وهو بذلك يذكر الناس بسمو الله الحي وقدرته اللا متناهية وحنانه وبمقتضيات العهد وبمواعيد الله الصادقة، وكذلك ينذر بالحكم والعدل والقضاء المبرم أولئك الذين ينحرفون عن شريعة الله، شريعة المحبة والرحمة.

ولنبوية إيليا طابع أعمق يقود إلى عتبات الإنجيل نفسه، فأن عمل إيليا لا يقتصر على الدفاع عن الإيمان بالإله الأوحد فحسب، بل يدعونا إلى أن نكتشف في رسالته بعض قسمات تشير إلى المسيح نفسه، وهذا ما نلاحظه في المواقف التي يدافع فيها إيليا عن حقوق الصغار والفقراء والمظلومين (3مل17) وهذا التشبيه المسبق بالمسيح، يظهر تاريخ إيليا بصورة أجلى في شخصه بالذات، وكأنه بهذا يواصل حياة موسى وداود في ما يشيران به إلى حياة المسيح الرئيس والراعي والملك والمخلص.. فأن إيليا أيضا أصبح عرضه للاضطهاد والتشريد، وهو يتقدم وحيداً في البرية، رازحاً تحت وطأة الحزن والألم، فيدعو الموت ويرقد بانتظاره:"حسبي الآن يارب، فخذ نفسي فأني لست خيراً من أبائي" (3مل19 : 4)، ثم يقوم، بعد أن أقامته الملائكة وشجعه، فيسير دون تعب" أربعين يوماً وأربعين ليله، في جبل الله حوريب" (3مل 19 : 8). بذلك يقدم لنا إيليا صورة سرية للمسيح المتألم والمخذول، مسيح الجسمانية، الرجل الذي نقلت عليه وطأة شر البشر أخوته، ولكن يد الله أسندته وأقامته لكي يتم على يده الخلاص للجميع...

وفي مشهد ارتفاع إيليا في العاصفة إلى السماء، على مرأى من تلميذه اليشاع، يجوز لنا أن نرى أشارة مسبقة إلى صعود المسيح بعد قيامتة، وأن نتذكر سر العنصرة والكنيسة حينما نلاحظ أن إيليا يؤكد لتلميذه بان يترك له من روحه (4مل2)، وسيكون هذا الروح مع أخوته من بعده لكي يقودهم طيلة رسالتهم الأرضية... فأن هذه المشاهد تقدم لنا إيليا ليس كشخصية نبوية حسب، بل كشخصية نبوية حسب، بل كشخصية رسوليه، وإرسالية أيضاً.. والطابع النبوي عند إيليا عند إيليا يتضمن بعداً أخر هو البعد "الأخرى" ويشهد لنا الإنجيل بذلك، إذ يظهره مع موسى حاضراً على جبل طابور بجانب المسيح المتجلي، بينما يظهره لنا سفر الرؤيا مثل "الشاهد" الذي سيأتي عند انتهاء الأزمنة ويصارع الدجال، ثم يختم دعوته ورسالته بالاستشهاد.

وهكذا فأن إيليا يظهر هائماً فوق الأزمنة : فهو حاضر بحياته للذين سبقوا المسيح إذ يعلنه لهم، وللذين في عهد المسيح إذ يشهد له، وللذين في الكنيسة في الآخرة، إذ يشترك معهم في المعارك المصيرية، وهذه النبوءة الكاملة التي تمتد أبعادها على مدى أبعاد التصميم الإلهي تدعو جميع أبناء إيليا إلى التسامي والباقي أبداً، إلى صعيد مصالح الله ومسيحه الفادي، وهناك ناحية أخرى هامة في قضية إيليا. فهو يظهر – مع إبراهيم ويوحنا المعمدان – الشخص الكتابي الذي جمع حوله اليهود والمسيحيين والمسلمين.

"أن ما ذهب إليه بعض المؤرخين من القول بأن بعض جماعات النساك اليهود في مصر أثرت في الرهبنة المصرية فأمر لا يقدم دليل على تأييده، ذلك أن فيلو Philo الفيلسوف اليهودي تحدث عن جماعة الثرابيوتاي Therapeutae اليهودية، التي عاشت حول سواحل بحيرة مريوط، نذكر أن حركتهم قامت على أساس تنقية الروح من شوائبها بالعيش خارج المدن في منازل منعزلة مجردة من الكماليات، وذكر فيلو كذلك أن من نظم هذه الجماعة أن يبدأ أفرادها بالصلاة منذ الفجر، ثم يقضون سحابة يومهم في التأمل في التوراة ويختتمون يومهم بصلاة المساء الختامية، وأشترك مع هؤلاء عذارى طاعنات في السن أطلق عليهن Therapeutrides، ومن النظم المرعية بين أولئك النساك اليهود الصيام ثم الاجتماع أيام السبوت للعبادة الجامعة في معبد وسط أكواخهم. واعتادت هذه الجماعة أن تحتفل بيوم الفصح بالجلوس على الأرض الخشنة إمعاناً في النسك، ثم تناول طعام من الخبز والملح والزوفاء ثم يقوم أفرادها بعد ذلك بترنيمات يتلوها رقص ديني.

وإذا كان ثمة شبه بين حياة هذه الجماعة وبين الحياة الديرية المسيحية فإنه من العسير أن نقطع بصلتها بالرهبانية أو الديرية المسيحية، بدليل أن الديرية لم تظهر في مصر إلى بعد أن سادت الرهبانية في أنحائها نحو نصف قرن من الزمان، وبدليل أن الديرية المسيحية ظهرت في الوجه القبلي أولاً لا الوجه البحري على مقربة من بحيرة مريوط، وثمة دليل أخر وهو قلة عدد اليهود في مصر في القرون الميلادية الأربعة الأولى، كما أن المؤرخ يوسيفوس لم ير أحداً من هذه الجماعة، حين زار مصر أوائل القرن الرابع الميلادي ().

ثانياً : ظاهرة الحياة الرهبانية في المسيحية:
دخلت هذه الظاهرة على المسيحية بفعل تأثير خارجي حدد لها جذورها البعيدة، وتفاعل داخلي حدد لها جذورها القريبة.

أ- جذورها البعيدة:
1- يحمل العالم الهليني اليوناني، ضمن طيات فلسفاته المتعددة تيارات فكرية وروحانية تدعو إلى احتقار الجسد، ونبذ الثروات واجتناب المجتمع، في سبيل الفوز بالاطمئنان الذاتي الذي يؤدي إلى اكتشاف الحقائق الروحية، والتي هي في أساس وجود العالم، أمثال: الروحانية التحررية اللافلاطونية والتشدد الرواقي.
2- التبادل التجاري بين العالم الهليني اليوناني والهندي سمح للأفكار التصوفية الهندية بالانتشار في البلاد المشرقية، وبنوع خاص في جهات سورية ومصر الواقعتين على تقاطع الطرق التجارية القديمة.
3- لم يغب العالم اليهودي عن التأثر بالأفكار المتناقلة في العالم الهليني، فظهرت بعض الجماعات الدينية كالتي ذكرها فيلون الإسكندرية ويوسيفوس، أمثال الشفائيين Les thérapeutes والإسينيين Les esséniens الذين كانوا خير من مثل الحياة التقشفية والابتعاد عن العالم، كما سنجد ذلك في المسيحية فيما بعد.
ب- جذورها القريبة:
بعض الشواهد المستقاة من الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد شكلت الجذور القريبة والمباشرة التي فتحت المجال أمام العوامل الخارجية للدخول إلى صلب الممارسات المسيحية، كما استحثت دوافع داخلية لتعميق الحياة المسيحية تشبها بآلام الرب وموته، فيما يلي أهم هذه الشواهد:
شخص موسى الكليم الذي صلي وصام أربعين يوماً على جبل سيناء ليتسلم لوحي الوصايا من الرب (خر24 : 18).
شخص إيليا النبي الذي هو أيضاً صلي وصام على جبل حوريب والكرمل (1مل17 – 19) وهو يُعتبر شفيع الرهبانية الكرملية المنتشرة في أنحاء العالم.
شخص يوحنا المعمدان في العهد الجديد، يظهر من خلال ثيابه ونمط حياته وكأنه معتنق حياة النسك والتقشف(متى 3 : 4).
يسوع نفسه، وإن لم يعيش مثل يوحنا المعمدان، فقد أطلق الدعوة إلى التخلي عن كل شئ لإتباعه (متى 4 : 19). كما أن عظته على الجبل (متى 5: 1 – 16) قد أثرت بالكثيرين لما فيها من مثالية مسيحية يسعى إليها طالب الكمال المسيحي ().

من قراءة العهد الجديد يظهر لنا أن الزهد لم يكن تعليماً أساسياً في المسيحية، وعلى العكس من يوحنا المعمدان، جاء يسوع يأكل ويشرب فقيل عنه "أكول وشريب خمر" (متى 11: 19). ولعله من المفيد في ذلك أن نلاحظ ما قاله يسوع لتلاميذه عندما قالوا أنه حسن للمرء أن يتزوج، إذ قال: "ليس الجميع يقبلون هذا الكلام بل الذين أعطى لهم، لأنه يوجد خصيان ولدوا من بطون أمهاتهم.. ويوجد خصيان خصاهم الناس.. ويوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل ملكوت السماوات من استطاع أن يقبل فليقبل" (متى 19 :11 – 12). ومعنى كلام يسوع هو أن عدم الزواج مفضل ولكنه ليس ضرورياً ()
وعلى ضوء تعاليم المسيح، دعا القديس بولس إلى حفظ البتولية من أجل الملكوت (اكور 7: 25-40)، وهو نفسه كان مثالاً يحتذي به في عيشها.

يكتب الرسول بولس إلى أهل كورنتوس عن موضوع الزواج فيقول أن المتزوجين يمكنهم أن يمتنعوا عن الممارسات الزوجية بشرط أن يكونوا على وفاق إلى حين لكي يتفرغوا للصلاة (اكور7)، بل يقول أنه حسن أن يكون كل الناس مثله (أي غير متزوجين) ولكن هذا القول لم يعط كأمر بل كنصيحة.. ويلوح لبعض الناس أن حياة النسك – إلى حد ما – كانت تميز حياة كثيرين من الرسل ولكنها لم توضع كقانون واجب الطاعة، فقد كتب الرسول بولس يقول :"لأن كل خليقة الله جيدة ولا يرفض شئ إذا أخذ مع الشكر، لأنه يقدس بكلمة الله والصلاة" (1تيمو 4:4). ويقول أيضاً (كل شئ طاهر للطاهرين) (يتطس 1 : 15
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى