الحب قوي كالموت

 
من مؤلفات بالدوينس أسقف كانتربري .{ الجلد : ب ل 203 , 513 ـــ 514  }
 الموتُ قويٌّ , لأنَّه يَقدِرُ أن يحرِمَنا هبةَ الحياة . والحبُّ قويٌّ لأنّه يَقدِرُ أن يُعِدَنا إلى عيش حياةٍ أفضل .
الموتُ قويٌّ لأنَّه يَقدِرُ أن يجرِّدَنا من رداءِ الجسد . والحبُّ قويٌّ لأنَّه يقدِرُ أن يجرِّدَ الموتَ مَّما سلَبَنا ويُعِيدَه إلينا .
الموتُ قويٌّ لأنَّلا أحدَ يَقدِرُ أن يقاوِمَه . والحبُّ قويٌّ لأنَّه يَقدِرُ أن ينتصرَ على الموت , وأن يكسرَ شوكتتَه  , وأن
يخفِّفَ من حدَّتِه , وأن يَهزِمَه . سيأتي وقتٌ يواجَهُ فيه المزتُ ويقالُله : " أينَ يَا مَوتُ نَصرُكَ ؟ ؟ وَأينَ يا مَوتُ
شَوكَتُكَ ؟ " { قورنتس 15 : 55 } .
الحبُ قويٌّ كابلموتِ  { ر . نشيد  8 : 6 } , لأنَّ حبَّ المسيحِ هو موتُ الموت . ولهذا يقولُ النبي : " أين موتُك يا موت ؟
أنا اَفتُكَ يا مثوى الأموات " { ر . هوشع 13 :14 } . والحبُّ الذي به نحبُّ نحن المسيحَ قويٌّ كالموتِ , 
لأنَّه هو نفسُه نوعٌ من الموتِ , بما أنَّه إنهاءُ حياةٍ قديمةٍ , وإزالةُ الشرورِ , وإبادةُ أعمالِ الموت .
يمكنُ أن يكونَ حبُّنا للمسيح نوعاً من التبادلِ مع حبِّه لنا وصورةً شبيهةً به , مع بقاءِ فارقٍ ونقصٍ في حبِّنا . فهو " أحبَّنا أوَّلاً
{1 يوحنا 4 : 10 } . وفي المثالِ الذي قدَّمَه لنا أصبحَ لنا خاتَماً يصيِّرُنا شبيهين بصورتِه , بعدَ أن نتخلّى عن صورةِ الإنسانِ الأرضيِّ
ونتَّخِذَ صورةَ الإنسانِ السماوي , فنحبَّه كما يحبُّنا , لأنَّه " تركَ لنا مثالا لنقتدي به " { ر. 1 بطرس 2 : 21 } .
لهذا يقول : " اجعَلْني كَخَاتَمٍ على قَبِكَ " { نشيد 8 :6 } وكأنّه يفول : أحببني كما أحبَبْتُك : ضَعْني في ذهنِك , وفي ذاكرتِك ,
اذكُر يا إنسان ماذا صنعتُ لك , وكم فضَّلتُك على خلائق كثيرة وإلى ايّةِ كرامةٍ رفعتُكَ , وكم تحمَّلتُ من المشقَّاتِ والإهاناتِ من أجلك . وانظُرْ كم أنتَ مخطىءٌ في موقفِك إن لم تحبُّني . من أحبَّك مثلي ؟ ومن خلقَكَ ومن فَدَاكَ إلا لأنا ؟