الصـــــلاح
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة ... سلام الرب يسوع معكم :- يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى أسرة المنتدى/ نتشرف بتسجيلك معنا


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الصـــــلاح
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة ... سلام الرب يسوع معكم :- يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى أسرة المنتدى/ نتشرف بتسجيلك معنا

الصـــــلاح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
زوار المنتدى
المسيح في الفكر المسيحيّ العربيّ القديم Flags_1
المواضيع الأخيرة
البابا فرنسيس يستقبل العاهل الأردنيالجمعة نوفمبر 11, 2022 4:51 amماير
فيلم القديس أنطونيوس البدوانى الجمعة نوفمبر 11, 2022 4:22 amماير
تدفق ال RSS

Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
 

قم بحفض و مشاطرة الرابط الصلاح على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط الصـــــلاح على موقع حفض الصفحات
تابعونا على الفيس وتويتر
FacebookTwitter

جميع الحقوق محفوظة لـ{الصلاح}
 Powered ELSALAH ®{elsalah.ahlamontada.com}
حقوق الطبع والنشر©2011 - 2010

اذهب الى الأسفل
ماير
ماير
Admin
Admin
https://elsalah.ahlamontada.com

المسيح في الفكر المسيحيّ العربيّ القديم Empty المسيح في الفكر المسيحيّ العربيّ القديم

الأربعاء نوفمبر 04, 2009 4:15 pm
المسيح في الفكر المسيحيّ العربيّ القديم





طغى على الفكر
العربيّ المسيحيّ منذ نشوء الإسلام هاجس إثبات ألوهة المسيح وإنسانيّته في مواجهة
الفكر الإسلاميّ الذي يرفض ألوهته. لهذا ركّز الكتّاب العرب المسيحيّون أكثر ما
ركّزوا على البعد الإلهيّ لشخصيّة المسيح، متغافلين في أحيان كثيرة عن صورة
المسيح-الإنسان إلاّ عند الكلام على الصليب، فنجدهم يشدّدون على موته في طبيعته
الإنسانيّة وقيامته بجسده ورفعه إلى السماء.





1) ألوهة
السيّد المسيح



من النافل أن
يتناول الكتّاب المسيحيّون العرب مسألة ألوهة السيّد المسيح، وأن يدافعوا عنها في
وجه المسلمين الذين كانوا لا يتوانون عن انتقادها، واتّهام المسيحيّين بالشرك
لأنّهم يقولون بالثالوث. فبولس الصيداويّ، المعروف أيضًا بالأنطاكيّ[1]، يبدأ كلّ
رسائله بالبسملة الآتية: "بسم الآب والابن والروح القدس، الإله الموحَّد
جوهره، المثلَّثة أقانيمه"[2]، وذلك
للتأكيد على توحيد الإيمان المسيحيّ لله. ويبدو تأثّر بولس باللغة القرآنيّة
واضحًا في أماكن عديدة من مؤلّفاته، كما في فاتحة مقاله الأوّل حيث يقول:
"الحمد لله الحيّ الأزليّ الحكيم، القادر المقتدر الحليم، الرحمن العالِم
الرحيم، منشئ كلّ شيء ومبيده، ومميت كلّ حيّ ومعيده، مبدع المكان وموجده، ومحدث
الزمان ومنفده، الذي لا تحويه الأمكنة والأقطار، ولا تغيّره الأزمنة والأدهار، ولا
يبليه الليل والنهار"[3].
ويقول في مكان آخر إنّ الله هو " الباري الحيّ الناطق السميع البصير القادر
الجوّاد الكريم"[4].
نلاحظ، هنا، الكمّ الهائل من أسماء الله الحسنى الواردة في نصوص هذا الكاتب
المسيحيّ.


في إحدى
مقالاته يبني بولس الأنطاكيّ استدلالاً عقليًّا على وجود البارئ ووحدته. ثمّ يقدّم
عرضًا إيمانيًّا في الآب والابن والروح القدس، موضحًا أزليّة الأقانيم الثلاثة
ووحدتها. بعد ذلك يتناول مسألة تجسّد الابن وصيرورته إنسانًا، فيقول: "فهو
إله من حيث هو قديم أزليّ، وهو إنسان من حيث هو ابن السيّدة مريم. ففعل المعجَز
بلاهوته، وأظهر العجز بناسوته، والفعلان فللسيّد المسيح الواحد"[5]. في هذه
العبارة يوجز بولس الأنطاكيّ تعاليم المجامع المسكونيّة في ما يتعلّق بالعقيدة
المسيحانيّة، فالمسيح إلهٌ كامل يقوم بالمعجزات والآيات البيّنات، وهو نفسه إنسانٌ
تامّ يعطش ويجوع ويتعب. هو شخص واحد لا شخصان، له طبيعتان إلهيّة وإنسانيّة.


ويدفع ثاوذورس
أبو قرّة[6]
تهمة الشرك عن المسيحيّين إذ يقولون بثلاثة أقانيم. فقد جاء في عنوان ميمره عن
"التثليث والتوحيد": "ميمر للأب الفاضل كير ثاوذورس أسقف حرّان،
يحقّق أنّه لا يلزم النصارى أن يقولوا ثلاثة آلهة إذ يقولون: الآب إله، والابن
إله، والروح القدس إله، وأنّ الآب والابن والروح القدس إله واحد، ولو كان كلّ واحد
منهم تامًّا على حدته"[7].
كما جاء في عنوان ميمره عن "موت المسيح": "وأنّا إذا قلنا إنّ
المسيح مات عنّا، إنّما نقول إنّ الابن الأزليّ، المولود من الآب قبل كلّ الدهور،
هو الذي مات عنّا، لا في طبيعته الإلهيّة، بل في طبيعته الإنسانيّة"[8].


ويؤكّد
طيموثاوس الجاثليق[9]
لمحاوره الخليفة العبّاسيّ المهدي وحدانيّة المسيحيّين عندما يقولون إنّ
"الآب والابن والروح القدس إله واحد وطبيعة واحدة وجوهر واحد (...) فالله
تعالى واحد مع كلمته وروحه، وليس بثلاثة آلهة، إذ لا يمكن أن ينفصل منه الكلمة
والروح"[10].
ويؤكّد في مكان آخر على وحدانيّة الله، فيقول: "الآب والابن والروح القدس لا
ينفصلون من بعضهم بعض، ولا يمتزجون، ولا يختلطون. ويتميّزون بالأقانيم، ويتساوون
بالطبيعة. لأنّ الله تعالى هو واحد بالجوهر والطبيعة، ومثلّث بالأقانيم"[11].





2) تجسّد
السيّد المسيح



إنّ أهمّ فكرة
ناقشها الكتّاب العرب المسيحيّون في ما يخصّ المسيح هي فكرة "جود الله"،
وهذه الفكرة تشدّد على أنّ تأنّس المسيح هو ثمرة جود الله الكريم الذي جاد بأفضل
ما عنده، أي ذاته. وهذه الفكرة تتلخّص بما قاله الفيلسوف أبو زكريّا يحيى بن عدي[12]: "إنّ
أفضل الجائدين هو الجائد بأفضل الذوات. وأفضل الذوات ذات البارئ. فلزم جودُ البارئ
بذاته علينا، وهذا كان باتّصاله بنا"[13].
هذا يعني أنّ السبب الوحيد الذي دفع الله نحو العالم هو جوده، وثمرة هذا الجود
كانت الاتّحاد بالإنسان، أي عندما صار كلمة الله إنسانًا. الجدير بالذكر أنّ يحيى
بن عدي اختار لفظ "الجوّاد" لأنّها أقرب عبارة فلسفيّة إلى المفهوم
اللاهوتيّ المسيحيّ القائل بأنّ "الله محبّة".


أمّا بولس
أسقف صيدا فيستعيد الفكرة ذاتها معتبرًا أنّ الله قد جاد بأنبل ما عنده، أي كلمته
الذي سكن في الإنسان أشرف مخلوقات الله، فيقول: "ولأنّ الله جوّاد، وجب أن
يجود بأجلّ الموجودات. وليس في الموجودات أجود من كلمته، يعني نطقه. ولذلك وجب أن
يجود بكلمته حتّى يكون أجود الأجواد، وقد جاد بأجود الموجودات. فعلى هذا وجب أن
يتّخذ ذاتًا محسوسة يظهر منها قدرته وجوده. ولمّا لم يكن في المخلوقات منه أشرف من
الإنسان، اتّخذ الطبيعة البشريّة من السيّدة مريم المطهّرة، المصطفاة على نساء
العالمين"[14].
فيكون المسيح، بالنسبة إليه، هو الكلمة التي أراد الله أن يقولها للناس، وهذه أفضل
الطرق التي يمكن أن يتّبعها الله لكي يتّصل بالإنسان. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى
أنّ هذا الكلام لا يخلو من مقارنة مع ما يقوله المسلمون عن كلمة الله التي نزّلها
الله في القرآن على النبيّ محمّد.


ويعتبر عمّار
البصريّ[15]
أنّ جود الله قد تجلّى أوّلاً في الخلق، ثمّ في التأنّس الذي هو تشريف للإنسان على
كلّ الخلائق، فيقول: "إنّ جود الله وكرمه وصلاحه وجبروته التي دعته إلى أن
أبدع وأنشأ خلقه، هي التي دعته أخيرًا إلى استكمال إحسانه بتجسّده بشريًّا من
خلقه. وذلك ليوجب للبشريّ بتجسّده إيّاه حظّ بنوّته وسنا ربوبيّته وليعمّ الخليقة
كلّها شرف ما أناله الشخص الواحد الأنسيّ المستخَصّ من جميعها"[16]. لذلك، أخذ
الكلمة جسدًا خاطب منه الناس مباشرة لأنّ جوهر الإنسان خير مقام للتجلّي الإلهيّ،
والتجلّي منه هو تشريف للجوهر الإنسانيّ كلّه، فيرى عمّار أنّ ظهور الكلمة في
الناس "أشبه بفضل الله وجوده وأشهر لتصحيح ثباته ووجوده عندهم وأبيَن لإكرامه
إيّاهم وتشريفه لهم من ظهوره في أشباه بشر وصور أنسٍ وبيت حجارة وتابوت خشب وشجرة
حقيرة وسحاب"[17]،
في إشارة إلى ظهورات الله في العهد القديم قبل مجيء المسيح. لا نستطيع هنا أن نغفل
الجدل الخفي القائم في ذهن كاتب هذا النصّ مع الإسلام، من حيث أنّ الإنسان - لا
الكتاب - هو أسمى مقام لتجلّي الله وإعلان كلمته. في هذا السياق نورد ما نظمه
الأسقف سليمان الغزّيّ[18]
في قصيدته "باسم مَن جلّ ذكره في الأسامي":


كالمسيح
الذي له جسمُ إنسا نٍ ولاهوتٌ خالقُ الأجسام


خاطب
الـمُحدَثين بالجسد المحـ ـدَث كي يدركوا سماع الكلام[19]


يضيف الأسقف
بولس البوشيّ[20]
إلى هذا المفهوم أنّ كلمة الله تجسّد ليس بحاجة منه إلى ذلك، بل تفضّلاً وحبًّا
بخلاص الإنسان، فيقول: "الله جوّاد متفضّل لم يزل في جوهريّته كما يليق
بصلاحه. بل أظهر التفضّل بالفعل، لمّا خلق البريّة. ليس لحاجة منه إليها، بل
تفضّلاً منه عليها. ومن العدم إلى الوجود أحضرها، وهيّأ لها ما تحتاج إليه، لكرمه
وجوده، ليُعرف أنّه متفضّل منّان وهكذا تعاهد البريّة بالخلاص، ليس لحاجة منه إلى
التجسّد، بل تفضّلاً منه عليها"[21].
فيكون المسيح هو المخلّص الذي شاء "بتحنّنه" أن يتجسّد لكي يعيد للإنسان
صورته البهيّة الأولى التي خلقها الله عليها.


ينتقد الكتّاب
العرب المسيحيّون مَن يرفضون الاعتقاد بتجسّد الكلمة، ويعتبرون موقف أولئك بأنّه
نابع من "بخل الإنسان" الذي يرفض جود الله. فيقول يحيى بن عدي:
"وإذا كان اتّصاله بنا ممكنًا، وكان لنا فيه غاية الشرف وله فيه كمال الجود،
فلا يمنعه إلاّ العجز أو البخل. وهما من صفات النقص، فهو يتعالى عنهما. فيجب
اتّصاله بنا"[22].
ويقول عمّار القول ذاته عندما يتساءل: "لماذا يريد خالقك لك أيّها الإنسان
الشرف والعلوّ وأنت تريد لنفسك السفالة والدناءة؟ ولمَ تبخل له بأن يبلغ بك غاية
جوده وكرامته، وذلك لا ينقص من ملكه وسلطانه كما لم ينقصه ما قدّم لك من كرامته،
كأنّك تريد أن تساويه بنفسك في البخل؟"[23].





3) صلب
السيّد المسيح



يأتي الصليب
في هذا الإطار تتويجًا للجود الإلهيّ. فموضوع الصليب وموت المسيح عليه هو أكثر
المواضيع إثارةً للجدل بين المسلمين والمسيحيّين. ذلك أنّ القرآن ينفي حادثة صلب
المسيح: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ} (سورة النِّسَاء
4، 157)، بينما يقوم الإيمان المسيحيّ على حقيقة موت المسيح على الصليب وقيامته من
أجل خلاص الإنسان. لذلك، فإنّه من الأهمّيّة بمكان أن نعرض
لمقاربة المسيحيّين العرب هذا الموضوع، بخاصّة
أنهم أدرجوا هذا الموضوع ضمن مفهوم الجود الإلهيّ، مستندين إلى النصّ الإنجيليّ
الذي أسّس له: "فإنّ الله أحبّ العالم حتّى أنّه جاد بابنه الوحيد لكي لا
يهلك كلّ مَن يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبديّة" (يوحنّا 3، 16).


يردّ طيموثاوس الجاثُليق على سؤال الخليفة
العبّاسيّ المهدي عن سبب سجود المسيحيّين للصليب قائلاً: "إنّنا نسجد للصليب
لأنّه علّة الحياة". فيتابع الخليفة التساؤل: "إنّ الصليب ليس علّة
الحياة بل علّة الموت". فيجيب الجاثليق: "إنّ الصليب هو علّة الموت، كما
قلتَ. ولكنّ الموت هو علّة القيامة، وهي علّة الحياة وعدم الموت. فإذًا، الصليب هو
علّة الحياة وعدم الموت. فلذلك نقدّم بواسطته السجدة لله تعالى، الذي فتح لنا به
ينبوع الحياة وعدم الموت"[24].
ويوضح طيموثاوس للخليفة في خاتمة كلامه على الصليب: "إنّ المسيح قد ارتضى بأن
يتألّم على خشبة الصليب، حبًّا بخلاص البشر"[25].


كما يؤكّد
طيموثاوس للخليفة أهمّيّة إكرام الصليب، كونه حمل للناس ثمر الحياة: "هو أخرج
لنا من خشبة الصليب ثمار الحياة، وهو أيضًا أشرق لنا بين أغصان الصليب أشعّة
الحياة وعدم الموت (…) نحن نكرّم الصليب ونوقّره، إجلالاً لثمرة الحياة الّتي خرجت
منه"[26].
ويدعو الخليفةَ إلى إكرام الصليب، ذلك أنّ محبّة الله اللامتناهيّة للبشر قد تجلّت
بتنازل كلمته إلى العالم وقبول الصلب حتّى الموت: "فبالصواب يُفترض على الكلّ
أن يُظهروا محبّتهم لله بواسطة الصليب الّذي أظهر به تعالى محبّته نحو
الجميع"[27].


من الواضح
أنّ عمار البصريّ أكثر جدلاً من طيموثاوس وغيره من الكتّاب المسيحيّين العرب
المشهورين، وهو يقول في الموضوع عينه متّهمًا الإنسان الذي ينكر الصلب بالجحود:
"فهذه أيّها الإنسان نعمة الله ومنّته عليك بصلب المسيح الذي استشنعتَ وقلبتَ
ما يجب عليك من شكرها إلى الكفر بها والطعن فيها"[28].


والجدل
يفترض، عند المجادلين، معرفة الطرف الآخر وكتبه جيّدًا. وقد أورد العديد من
الكتّاب المسيحيّين آيات من القرآن الكريم ليناقشوها من منطلق مسيحيّ. فعمّار
البصريّ، مثلاً، ينكر ما ورد في القرآن الكريم {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا
مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَدًا} (الجِنّ 72، 3)، معتبرًا أنّ هذه الآية لا
تعني المسيحيّين لا من بعيد ولا من قريب. فيقول ردًّا على ذلك: "إنّا نبرّ
إلى الله من أن نقول إنّه اتّخذ صاحبة، وإنّ بعضنا ليرفّع نفسه عن ذلك فكيف ينسبه
إلى خالقه، جلّ تعالى عن ذلك علوًّا كبيرًا"[29].
ويشدّد في السياق ذاته على أنّ "الابن لم يزل بغير زمان ولا ابتداء
أوان"[30].





4) صفات
السيّد المسيح



أمّا صفات المسيح وقيمه الإنسانيّة فتظهر عندما
يحكى عن سلوك المسيحيّين وأهمّيّة التمثّل بالمسيح وتعاليمه. فيتمّ التشديد على
فقر المسيح وتواضعه وأعمال المحبّة التي قام بها، والتضحية وبذل النفس والزهد
والتنسّك وإكرام المسكين. فيقول سليمان الغزّيّ، مثلاً، في إحدى قصائده:


إذا كان
إخوانَ المسيح الأصاغرُ ومن ربّهم نال الثوابَ الأكابرُ


فيوشكُ أنّ
الفقر للنفس نافعٌ وأنّ الغنى بالمال للنفس ضاررُ


ألا
فاحفظوا المسكين حفظ كرامة فإكرامُه فعلٌ إلى الله صائرُ


ومَن يمنع
المسكين بخلاً بما له عليه ليبقى مالُه فهو خاسرُ[31]


هنا،
يستلهم الشاعر تعاليم المسيح مستعيدًا الأحداث الإنجيليّة والعجائب، ويصوغها في
قالب شعريّ شعبيّ يستسيغه المثقّف وغير المثقّف. فيقدّم المسيح حبيبًا للمساكين،
مساويًا لهم بحيث أنّ كلّ مبادرة تجاههم هي مبادرة نحو المسيح. والشاعر يريد أن
يؤكّد على أنّ التعامل مع المسيح لا يكون فقط بالتواصل مع شخص المسيح الذي عاش في
حقبة معيّنة من التاريخ، بل هو تعاطٍ مع كلّ إنسان مقهور في كلّ زمان ومكان.
ويركّز الشاعر نفسه على صفتي التواضع والصبر اللتين تحتلاّ مكانًا مميّزًا في
رسالة المسيح، فيقول:


المسيح
الذي بلاهوته كا نَ شفاءً من سائر الأسقام


لا بسيف
ولا برمح أتانا كمُجازٍ أعداهُ بالإنتقامِ


بل أتانا
بالاتّضاع وبالصبْـ ـرِ على الآمال والإنتظامِ[32]


وهو القائل
أيضًا:


وهو الذي
غسل الأقدام متّضعًا لرُسْلِه، كحكيمٍ صالحِ الشَّانِ[33]





5) خاتمة


هذا الفكر
المسيحيّ العربيّ القديم ما زال حيًّا إلى اليوم. والإشكاليّات التي كانت مطروحة
آنذاك هي نفسها التي يتناولها المعاصرون، وإن بأساليب ومقاربات مختلفة. فمسألة
تأنّس كلمة الله في المسيح، مثلاً، التي يعتبرها الكثيرون أنّها أعسر على القبول
من مسألة الإيمان بالثالوث، تجعل المفكّرين المسيحيّين المعاصرين يستعيدون الفكر
القديم للتأكيد على تفوّق عقيدتهم في هذا المجال. فالمطران جورج خضر، متروبوليت
جبل لبنان للروم الأرثوذكس، يقول: "إزاء التوحيد الإبراهيميّ-الموسويّ قالت
المسيحيّة إنّ الإله الذي يتكلّم كلامًا إنّما يكتفي ببعث الرسل لكنّه لا يجيء
بكيانه كلّه. فالكلمات مهما سمت تبقى بين الله والإنسان وسطًا ووسيطًا. إنها ليست
هي الإله... غير أنّ الإنسان يطلب الله نفسه، لا شيئًا منه. يريده بلا وسيط إلاّ
إذا كانت طبيعة الإنسان المكان الذي تتجلّى فيه الطبيعة الإلهيّة"[34]. نستطيع
القول، بدون حرجٍ، إنّ خضر يقصد بصورة غير مباشرة في الاستشهاد الوارد أعلاه
التوحيد القرآنيّ أيضًا. والكاتب يستعيد هنا الفكرة الأساسيّة عند العرب
المسيحيّين القدماء بأنّ الله هو الجوّاد بذاته، لا ببعض منه؛ وأنّ التجسّد أعظم
من أيّ إعلان إلهيّ آخر.


لا شكّ أنّ
السياقات الثقافيّة والحضاريّة والتاريخيّة تلعب دورًا كبيرًا في تطوّر أيّ فكر
دينيّ أو إيديولوجيّ. لذلك، فوجود الإسلام قد أثّر كثيرًا في الفكر العربيّ
المسيحيّ قديمًا وحديثًا. وكلّ فكر منقطع عن سياقه الزمنيّ ولا يأخذ في الاعتبار
المحيط الذي ينشأ فيه هو فكر عقيم. فلولا وجود الإسلام لما استطاع المطران جورج
خضر، مثلاً، أنّ يعتبر إنكار المسلمين لصلب المسيح، وتاليًا قيامته، إنّما هو
إنكار لأسمى ما قام به المسيح، أي "إسلام" المسيح على الصليب، بمعنى
استسلامه التامّ لمشيئة الله. لقد أتمّ المسيح رسالته التي جاء من أجلها بواسطة
هذا "الإسلام" بالذات الذي ميّز سيرة حياته من حين تجسّده إلى صلبه
وقيامته.








[1] عاش في خلال القرن الثاني
عشر، وُلد في مدينة أنطاكية وصار راهبًا ثمّ أسقف مدينة صيدا الأرثوذكسيّ.






[2] Paul Khoury, Paul d’Antioche évêque melkite
de Sidon
, Impremerie Catholique, Beyrouth, 1964, p. 1 (pagination arabe).






[3] المرجع السابق، ص 1.






[4] المرجع السابق، ص 11.






[5] المرجع السابق، ص 22.






[6] كان أسقف مدينة حرّان
الأرثوذكسيّ. كان عالمًا في الفلسفة والمنطق واللاهوت، ويجيد العربيّة والسريانيّة
واليونانيّة. توفّي سنة 825.






[7] الأب أغناطيوس ديك (تحقيق
وتقديم وفهرسة)، ميمر في وجود الخالق والدين القويم لثاوذورس أبي قرّة،
سلسلة التراث العربيّ المسيحيّ، العدد 3، المطبعة البولسيّة، جونيه (لبنان)، 1982،
ص 67.






[8] ميمر في وجود الخالق
والدين القويم
، المرجع السابق، ص 71.






[9] وُلد في قرية من بلاد ما بين
النهرين حوالى عام 728. انتُخب سنة 780 بطريركًا على رأس الكنيسة الأشوريّة
النسطوريّة، وتوفّي سنة 823.






[10] الأب هانس بوتمان اليسوعيّ
(دراسة وتحقيق)، البطريرك طيموثاوس الأوّل أو الكنيسة والإسلام في العصر العبّاسيّ
الأوّل
، دار المشرق، 1975، ص 13.






[11] البطريرك طيموثاوس الأوّل،
المرجع السابق، ص 17.






[12] من كبار فلاسفة القرن العاشر
الميلاديّ. وُلد سنة 893 في مدينة تكريت، تتلمذ على يد أبي نصر الفارابيّ، أستاذ
مسكويه وأبي حيان التوحيديّ. وهو ينتمي إلى الكنيسة السريانيّة، وتوفّي سنة 974.






[13] الأب سمير خليل، "التراث
العربيّ المسيحيّ القديم والإسلام
"، في كتاب المسيحيّة والإسلام مرايا
متقابلة
، منشورات مركز الدراسات المسيحيّة الإسلاميّة في جامعة البلمند، 1996،
ص 84-85.






[14] Paul d’Antioche, op. cit., p. 82.






[15] كاتب مسيحيّ مجهول الهويّة عاش
في خلال القرن التاسع الميلاديّ في مدينة البصرة.






[16] ميشال الحايك (تحقيق وتقديم)، عمّار
البصريّ كتاب البرهان وكتاب المسائل والأجوبة
، دار المشرق، بيروت، 1977، ص
215.






[17] عمّار البصريّ، المرجع
السابق، ص 15.






[18] هو سليمان بن الحسن الغزّيّ،
وُلد في مدينة غزّة الفلسطينيّة، وعاش فيها بين القرنين العاشر والحادي عشر، حيث
انتُخب أسقفًا على الكنيسة الأرثوذكسيّة.






[19] المطران ناوفيطس إدلبي (تحقيق
وتقديم وفهرسة)، سليمان الغزّيّ، الديوان الشعريّ، سلسلة التراث العربيّ
المسيحيّ، العدد 8، المطبعة البولسيّة، جونيه (لبنان)، 1985، ص 248.






[20] وُلد في مدينة بوش في مصر
الوسطى، وصار راهبًا ثمّ انتُخب سنة 1240 أسقفًا على مصر.






[21] الأب سمير خليل اليسوعيّ
(تحقيق ودراسة وفهرسة كاملة)، مقالة في التثليث والتجسّد وصحّة المسيحيّة لبولس
البوشيّ
، سلسلة التراث العربيّ المسيحيّ، العدد 4، المطبعة البولسيّة، جونيه
(لبنان)، 1983، ص 206-207.






[22] التراث العربيّ المسيحيّ
القديم والإسلام
، المرجع المذكور، ص 85.






[23] عمّار البصريّ، المرجع
المذكور، ص 75.






[24] البطريرك طيموثاوس الأوّل،
المرجع المذكور، ص 34.






[25] البطريرك طيموثاوس الأوّل،
المرجع السابق، ص 40.






[26] البطريرك طيموثاوس الأوّل،
المرجع السابق، ص 34-35.






[27] البطريرك طيموثاوس الأوّل،
المرجع السابق، ص 35.






[28] عمّار البصريّ، المرجع
المذكور، ص 81.






[29] عمّار البصريّ، المرجع
السابق، ص 57.






[30] عمّار البصريّ، المرجع
السابق.






[31] سليمان الغزّيّ، المرجع
المذكور، ص 259-263.






[32] سليمان الغزّيّ، المرجع
السابق، ص 248.






[33] سليمان الغزّيّ، المرجع
السابق، ص 33.






[34] "الكلمة
والجسد
"، جريدة النهار، 29 آذار (مارس) 1987
.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى